اللهجة الجزائرية هي احدى اللهجات العربية وتستعمل في الجزائر، وهي كغيرها من اللهجات العربية سليلة
العربية الفصحى، طرات عليها تغيرات لاسباب مفصلة ادناه. وتختلف من منطقة لاخرى
التنوع اللغوي واللهجات في الجزائر[عدل] دخلت اللغة العربية الجزائر بقدوم الفتح الاسلامي لشمال افريقيا (الذي
قاده عقبة بن نافع). كانت قبلها الامازيغية اللغة السائدة. فلما دخل البربر الاسلام واختلطوا بالناطقين
بالعربية لغة الدين والديوان (الحكم)، نالها شيء من التغيير – كما في لهجات اخرى كثيرة
– لان السنة الامازيغ لم تتعود على الاصوات العربية والنطق بها، كما ان العرب لم
تتعود النطق بالامازيغية، مما ادى الى تاثر اللغة العربية في هذه المنطقة (وفي المناطق الاخرى)
باللغة الاصلية، فتبنت كثيرا من كلماتها وحتى من قواعدها النحوية.
نسبة استحالة (تغير) اللغة العربية في الجزائر تعادل نظيرتها في جميع انحاء الوطن العربي. وتقاس
(في علم اللسانيات) بالابتعاد الزمني عن المورد (اللغة الام) اكثر بكثير مما تقاس بالاحتكاك مع
لغة اخرى· ويقول ابن جني: «اعلم ان العرب تختلف احوالهم في تلقي الواحد منها لغة
غيره، فمنهم من يحف ويسرع فيقول ما يسمع، ومنهم من يستعصم فيقيم على لغته البتة،
ومنهم من اذا طال تكرار لغة غيره عليه الصقت به ووجدت في كلامه»[2] وهذا ما
حدث في لغة الجزائري من تاثير وتاثر بين العرب والبربر.
وقد شهدت الجزائر في عصور ما قبل التاريخ، عدة غزاة، من، الفينيقيين ووندال، وبيزنطيين، وكان
لهذا الاثر على سكان الجزائر، كما شهدت وجود رومان (وخير دليل على ذلك المعالم والاثار
الموجودة الى يومنا هذا، منها تيمقاد – وتعني في الامازيغية القديمة «المدينة»[3] – واوراس). وقد
شكلت اللهجات العربية المختلفة بالاضافة الى اللهجات البربرية (القبائلية صغرى وكبرى والشاوية والترقية والزناتية والميزابية)
جزءا من شخصية الجزائر التى ما تزال تحتفظ بالفاظ ودلالات تعود الى ما قبل الميلاد.
يقول المقدسي الرحالة العربي (توفي 380ه) عندما نزل بالمغرب في القرن الرابع الهجري: «وفي المغرب
الافريقي عامة لغتهم عربية غير انها منغلقة مخالفة لما ذكرنا في الاقاليم. ولهم لسان اخر
يقارب الرومي»[4] يذكر لنا المقدسي لهجة شمال افريقيا والاندلس، انها لغة منغلقة مخالفة لبقية الاقاليم
التي زارها، ونعتها بانها ركيكة وهي تقارب لسان الروم، ولم يفهم لسان البربر.
وبصم الاستعمار الاسباني في سواحل الغرب الجزائري اثرا واضحا في اللهجة الجزائرية، ومن بعده الاستعمار
الفرنسي للجزائر. ورغم الصراع والمقاومة لرد سياسة فرنسا في محو الشخصية من تقاليد ودين ولغة
الا انه نجح على مدى عدة اجيال في جعل الجزائريين يتعاملون في حياتهم اليومية باللغة
الفرنسية، وذلك لاسباب عديدة، منها:
جعل التعليم مقتصرا على الفرنسية وحدها طوال مدة الاستعمار
عدم وجود نهضة حديثة كما حدث في المشرق.
فسادت بذلك اللهجات المحلية مع الفرنسية كلغة مشتركة وكانت هذه سياسة فرنسا اللغوية. ولذلك استمت
اللهجة الجزائرية بالدخيل الفرنسي، واستعمال كلمات اجنبية من بقايا الفرنسية التي ما زالت حية في
الدارجة. وشملت عملية التاثر اللغة الفرنسية ايضا وكثيرا من اللغات العالمية التي تاثرت بالسامية، فقد
قدم « بيار جيرو »[5] قائمة طويلة من كلمات عربية دخلت الفرنسية في عصور مختلفة.
مع اقامة الدليل العلمي في المعاجم الفرنسية. كما ان للتجاور المكاني دوره في التبادل الثقافي
بين الشعوب المتجاورة، وما يتركه ذلك من اثار في لغاتهم فلا تلبث ان تصبح ظواهر
لغوية تميز اقليما تمييزا لغويا عن غيره، وتاخذ دور الاقتراض اللغوي[6] الذي يتجاوز الالفاظ الى
الصيغ والتراكيب. وبهذا وصف سوسير اللهجة الواحدة بالتميز والتفرد حيث يقول: “ولكل لغة لهجاتها وليس
لواحدة منها السيادة على الاخرىات.(وهي في العادة متفرقة مختلفة.
المستوى اللغوي في اللهجة الجزائرية[عدل] ان الظواهر اللهجية وعلاقته بالفصحى، وبالدخيل الفرنسي او الاسباني او
التركي وغيره باعتبار ان العامية هي لغة قائمة بذاتها؛ بنظامها الصوتي، والصرفي والتركيبي والدلالي وقدرتها
على التعبير.
ا – المستوى الصوتي[عدل] الابدال[عدل] يتجلى الابدال في الاختلافات التي تبدو من تغير الاصوات، فتختلف
بنية الكلمة ومعناها. والابدال «وهو جعل حرف مكان حرف اخر مع ابقاء سائر احرف الكلمة»
[7]، ويشترط فيه ان يتقارب الصوتان مخرجا او صفة[8] اي في المخرج او يتحد في
الصفة ماعدا الاطباق (سراط – صراط) وهو ظاهرة تكشف عن اوجه التشابه والاختلاف بين اللغات.
الابدال بين السين والصاد والزاي والصاد، وبين القاف والكاف والجيم غير المعطشة. اما الجيم المعطشة
فهي تنطق من وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك[9]. وهناك جيم بين الشدة والرخاوة، والجيم
الخالصة الرخاوة وهي المعطشة وكلاهما من وسط الحلق وهي كثيرة الاستعمال لهجة في الفرنسي (J).
ابدال الهمزة ياء، ويسمى في اللغة ب«الهمز والهت والضغط والنبر»[10]. وابدال الهمزة عينا والعين همزة،
وهي ما تسمى بالعثعنة؛ عندما تبدل الهمزة عينا: قران يقال في عاميتنا “قرعان”؛ اذان –
عذان. وحرف العين هو حرف حلقي، متوسط بين الشدة والرخاوة عند سيبويه، وهو صوت حلقي
احتكاكي مجهور عند المحدثين[11]. كما تنطق العين الهمزة خاصة في الالقاب تماثلا مع اللغة الفرنسية.
ابدال الهمزة واوا او فاء والميمباء، والذال والظاء والضاد دالا: ومثال على ذلك: هذا –
هدا، بيض – بيد، ظلمة – دلمة. وقع الابدال بينهما من الناحية الصوتية؛ فالدال صوت
سني انفجاري، والذال تنطق بين الثنايا، وهو احتكاكي مجهور، ويشتركان في الانفجار[11]. كما ان الظاء
تخرج من الثنايا وهو حرف اطباق؛ اي تقعر اللسان الى اسفل في مقابل الحنك الاعلى
فيحدث رنين او تفخيم[11]، والضاد اطباقي ايضا، وتكاد الذال لا تنطق في عاميتنا مع الظاء
والضاد، فكاننا ننطق الدال مفخمة في ضرب وضوء.
ابدال الثاء تاء، والقاف همزة؛ والكاف شينا وتسمى بالشنشنة حيث جعل الكاف شينا او الهاء
شينا، وهنا يتعلق الامر بالوظيفة النحوية في تركيب جملة النفي وهي كثيرة في اللهجة الخليجية
وتستعمل للتفريق بين المذكر والمؤنث فتبدل الكاف شينا؛ كما تقلب الواو ياء او العكس وهو
تعاقب الواو مع الياء وتسمى بالمعاقبة او الضمة مع الكسرة بالنسبة للصوائت. كما تبدل لام
التعريف ميما وتسمى بالطمطانية (امبارح اي البارحة)، وتبدل الشين سينا.
الصوائت الصوامت[عدل] اصوات اللغة العربية نوعان، صامتة وصائتة وهي تختلف نطقا وسمعا وهي غالبا ما
يصيب التغيير كلا النوعين. اما الصامت فتتغير باحلال صوت محل صوت اخر يشبهه في المخرج،
كنطق الذال دالا في لهجتنا، وكثير من اللهجات العربية. واما الصوائت فتتغير بتحويل الصائت القصير
الى صائت طويل او العكس او ابدال الفتحة بكسرة وهذا يندرج ضمن الامالة.
الصوائت:
ان نطق الصوائت يقوم على شكل ممر الهواء المفتوح فيما فوق الحنجرة، فالصائت هو صوت
مجهور لا يسمع له انفجار او احتكاك[11]، والصوائت هي الكسر والضم والفتح وهي قصيرة، والواو
والياء والالف وهي طويلة وهي اصوات مد ولين ايضا، الكسر والضم؛ كسر حرف المضارعة. وفي
المقاطع الممدودة في بعض الافعال عند التصريف.
ب- المستوى الصرفي[عدل] الافعال: في الفعل الثلاثي المجرد: يكتب – يشرب، بالكسر والفتح، وبالضم في
الامر والماضي «رحت» – «روح» هذا بالنسبة للمبني للمعلوم، اما صيغة المبني للمجهول فتاتي على
وزني «انفعل» – «ينفعل» او «اتفعل» – «يتفعل». في التصريف لا توجد صيغة المثنى، كما
ان الضمير “انتما” يستعمل مع الفعل كالاتي: انتما اكتبوا وليس “اكتبا” للمثنى والجمع المذكر والمؤنث.
ج – المستوى النحوي[عدل] المتتبع للمستوى النحوي في اللهجات يجد صعوبة وذلك لوجود اختلافات بينها،
ولكنها اختلافات قليلة وخاصة في بناء الجملة، ولهذا لا يمكن ان نطلق كلمة نحو على
هذه اللهجة او اخرى، الا ما ورد من ابواب النحو المعروفة بصورة عامة. ان اغلب
ما ورد في اللهجة الجزائرية لا يخرج عن الكون العام للقاعدة النحوية العربية، فليس ثمة
خصائص للهجة واضحة، ونلمس في تراكيب لهجتنا في غرب الجزائر انها تشترك مع معظم مناطق
الجزائر، وحتى بعض لهجات العربية.
د – المستوى الدلالي[عدل] يتصل هذا المستوى بالالفاظ ودلالاتها، وتنوع معانيها من منطقة لاخرى، بل
حتى في المنطقة الواحدة، وقد نشا عن هذا التنوع المشترك والمتضاد والترادف وعرف ذلك قديما
في لغات القبائل، كما تتصف بعض الالفاظ بالانتقال او المجاز في معناها تخصيصا او اتساعا.
ومن الفاظ العامية الجزائرية ما نجد اصوله عربية فصحى، او من الدخيل اسباني او فرنسي
او تركي، او غيرها من اللغات. وقد حصرنا بعض من هذه الالفاظ بين اسماء وافعال
وصفات والتي شاعت على لسان الجزائري في منطقة الغرب خاصة وقد تكون مشتركة في كل
مناطق الجزائر وهناك عدد لا حصر له من الدخيل في لهجتنا الى درجة ان اهل
المشرق يعتبرون لهجتنا فرنسية اكثر منها عربية لشدة ورود هذه الكلمات في تكلمات العامية. فلهجتنا
جزء من الفصحى وان دخلت عليها اصول لهجية ولغوية قديمة او حديثة، فهي تشكل جانبا
جديرا بالنظر والدراسة.