خطب طارق سويدان قصص الانبياء

 

صورة-1

 



كان ابراهيم -علية السلام- يحب ان تكون له ذريه صالحه تعبد الله -عز و جل- و تساعدة فالسعى علي مصالحه، فعلمت السيده ساره ما يريدة زوجها، و كانت عاقرا لا تلد فوهبت له خادمتها هاجر ليتزوجها؛ لعلها تنجب له الولد، فلما تزوجها ابراهيم -علية السلام- حملت منه، و انجبت له اسماعيل، و بعد مرور فتره من و لاده اسماعيل امر الله -عز و جل- ابراهيم ان يذهب بزوجتة هاجر و ولدة الي مكة، فاستجاب ابراهيم لامر ربه، و سار بهما حتي و صلوا الي جبال مكه عند موضع بناء الكعبة، و ظل معهما فتره قصيرة، بعدها تركهما فهذا المكان و اراد العوده الي الشام، فلما راتة زوجتة هاجر عائدا اسرعت خلفه، و تعلقت بثيابه، و قالت له: يا ابراهيم، اين تذهب و تتركنا فهذا الوادى الذي ليس فية انيس و لا شيء؟! فلم يرد عليها ابراهيم -علية السلام- و ظل صامتا، فالحت علية زوجتة هاجر، و اخذت تكرر السؤال نفسه، لكن دون فائدة، فقالت له: الله امرك بهذا؟ فقال ابراهيم: نعم،فقالت هاجر: اذن لن يضيعنا، بعدها رجعت.


و سار ابراهيم -علية السلام- و ترك زوجتة و ولده، و ليس معهما من الاكل و الماء الا القليل، و لما ابتعد عنها ابراهيم، رفع يدة داعيا ربة فقال: {ربنا انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاه فاجعل افئده من الناس تهوى اليهم و ارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} [ابراهيم:37] بعدها و اصل السير الي الشام، و ظلت هاجر و حدها، ترضع ابنها اسماعيل، و تشرب من الماء الذي تركة لها ابراهيم حتي نفد ما فالسقاء، فعطشت، و عطش ابنها فتركتة و انطلقت تبحث عن الماء، بعدما بكي الطفل بشدة، و اخذ يتلوى، و يتمرغ امامها من شده العطش.


و اخذت هاجر تمشى حتي و صلت الي جبل الصفا، فصعدت الية بعدها نظرت الي الوادى يمينا و يسارا؛ لعلها تري بئرا او قافله ما ره من الطريق فتسالهم الاكل او الماء، فلم تجد شيئا، فهبطت من الصفا، و سارت فاتجاة جبل المروه فصعدتة و اخذت تنظر بعيدا لتري منقذا ينقذها هى و ابنها مما هما فيه، الا انها لم تجد شيئا كذلك، فنزلت من جبل المروه صاعده جبل الصفا مره اخري لعلها تجد النجاه و ظلت كذا تنتقل من الصفا الي المروة، و من المروه الي الصفا سبع مرات.


و ربما اصبح ذلك السعى شعيره من شعائر الحج، و هذا تخليدا لهذة الذكرى، قال تعالى: {ان الصفا و المروه من شعائر الله فمن حج المنزل او اعتمر فلا جناح علية ان يطوف بهما و من تطوع خيرا فان الله شاكر عليم } [البقرة:158] و بعد ان تعبت هاجر، و احست بالاجهاد و المشقة، عادت الي ابنها دون ان يصبح معها قطره و احده من الماء، و هنا ادركتها رحمه الله -سبحانه- فنزل الملك جبريل -علية السلام- و ضرب الارض، فتفجرت و تدفقت منها بئر زمزم و تفجر منها ماء عذب غزير، فراحت هاجر تغرف بيدها و تشرب و تسقي ابنها، و تملا سقاءها، و شكرت الله -عز و جل- علي نعمته، و علي بئر زمزم التي فجرها لها.


و مرت ايام قليلة، و جاءت قافله من قبيله جرهم -وهى قبيله عربيه يمنية- فرات طيرا يحوم فوق مكان هاجر و ابنها، فعلموا ان فذلك المكان ما ء، فاقبلوا نحو المكان الذي يطير فوقة الطير، فوجدوا بئر زمزم فتعجبوا من و جودها فهذة المكان، و وجدوا ام اسماعيل تجلس بجواره، فذهبوا اليها، و عرفوا قصتها فاستاذنوها فالاقامه بجوار هذة البئر، فاذنت لهم، و عاشت معهم هى و ابنها و تعلم منهم اسماعيل اللغه العربية، و اخذت هاجر تربى ابنها اسماعيل تربيه حسنه و تغرس فية الخصال الطيبه و الفضائل الحميدة، حتي كبر قليلا، و صار يسعي فمصالحة لمساعده امه.


و كان ابراهيم -علية السلام- يزور هاجر و ولدة اسماعيل من حين لاخر لكى يطمئن عليهما، و ذات يوم راي ابراهيم فمنامة انه يذبح ابنة اسماعيل الذي جاء بعد شوق طويل، فلما قام من نومه، علم ان ما راة ما هو الا امر من الله؛ لان رؤيا الانبياء حق، فذهب ابراهيم الي ابنه، و قال له: {يا بنى انى ارى فالمنام انى اذبحك فانظر ما ذا ترى} [الصافات:102] فقال اسماعيل: {يا ابت افعل ما تؤمر ستجدنى ان شاء الله من الصابرين} [الصافات:102].


و اخذ ابراهيم ابنة اسماعيل و ذهب بة الي مني بعدها القاة علي و جهة كى لا يري و جهة عند الذبح، فيتاثر بعاطفه الابوة، و استسلم اسماعيل لامر الله و وضع ابراهيم السكين علي رقبه ابنة اسماعيل ليذبحه، و قبل ان يمر السكين سمع ابراهيم نداء الله تعالي يقول له: {يا ابراهيم ربما صدقت الرؤيا ان ايضا نجزى المحسنين ان ذلك لهو البلاء المبين} [الصافات:104-106] و بعد لحظات من النداء الالهى راي ابراهيم الملك جبريل -علية السلام- و معة كبش عظيم، فاخذة ابراهيم و ذبحة بدلا من ابنة اسماعيل.


لقد اراد الله -عز و جل- ان يختبر ابراهيم فالتضحيه بابنة اسماعيل، فلما و جدة ربما امتثل لامرة دون كسل و اعتراض كشف الله ذلك البلاء، و فدي اسماعيل بكبش عظيم، و ربما اصبح يوم فداء اسماعيل و انقاذة من الذبح عيدا للمسلمين يسمى بعيد الاضحى، يذبح فية المسلمون الذبائح تقربا الي الله و تخليدا لهذة الذكرى الطيبة، و عاد ابراهيم بولدة الي المنزل، ففرحت الام بنجاه و لدها فرحا شديدا، و كبر اسماعيل حتي اصبح شابا قويا، و تزوج امراه من احدي القبائل التي استقرت حول بئر زمزم.


و ذات يوم زار ابراهيم -علية السلام- ابنة اسماعيل، فلم يجدة فبيته، و وجد زوجتة و كانت لا تعرفه، فسالها ابراهيم عن زوجها اسماعيل، فقالت: خرج يبتغى لنا رزقا، فسالها عن عيشهم، فقالت: اننا نعيش فضيق و شدة، فقال ابراهيم : اذا جاء زوجك مرية ان يغير عتبه بابه، فلما عاد اسماعيل سال زوجته: هل زارنا احد اليوم؟ قالت له: نعم، زارنا شيخ صفتة هكذا و كذا، فقال اسماعيل: هل قال لك شيئا؟قالت: سالنى عنك و عن حالتنا و عيشتنا، فقال لها: و ما ذا قلت له؟ قالت: قلت له: اننا نعيش فضيق و شدة، فقال اسماعيل: و هل اوصاك بشيء؟ قالت: قال لي: قولى لزوجك عندما يعود ان يغير عتبه بابه، فقال اسماعيل: ذاك ابى و ربما امرنى ان افارقك، فالحقى باهلك فطلقها اسماعيل، و تزوج بغيرها.


و مرت فتره من الزمن، بعدها عاد ابراهيم لزياره ابنة اسماعيل، و لم يجدة ايضا، و وجد زوجته، و كانت هى كذلك لا تعرفه، فسالها اين زوجك اسماعيل؟ قالت له: خرج يبتغى لنا رزقا، فقال ابراهيم: و كيف انتم؟ قالت: نحن بخير و سعة، ففرح ابراهيم بهذة الزوجة، و اطمان لحالها، فقال لها: اذا جاء زوجك فاقرئى له منى السلام و مرية ان يثبت عتبه بابه، فلما جاء اسماعيل اخبرتة زوجتة بما حدث، و اثنت علي ابراهيم، فقال اسماعيل: ذاك ابى و امرنى ان امسكك. [البخاري].


و عاد ابراهيم الي فلسطين، و ظل فيها لمدة طويله يعبد الله -عز و جل- بعدها ذهب لزياره اسماعيل، فوجدة يبرى نبلا له قرب بئر زمزم، فلما راة اسماعيل قام الية و احتضنة و استقبلة اقوى استقبال، بعدها قال ابراهيم لابنه: يا اسماعيل ان الله امرنى بامر. فقال اسماعيل: اصنع ما امرك بة ربك، فقال ابراهيم: و تعيننى عليه؟ قال اسماعيل: و اعينك عليه، فقال ابراهيم: ان الله امرنى ان ابنى هنا بيتا، كى يعبدة الناس فيه، فوافق اسماعيل اباه، و بدا ينقل معة الحجاره اللازمه لبناء ذلك المنزل، و كان ابراهيم يبني، و اسماعيل يعينه، حتي اذا ما ارتفع البناء و اكتمل جاء جبريل بحجر من الجنة، و اعطاة لابراهيم، ليضعة فالكعبة، و هو ما يسمي بالحجر الاسود.


و بعد ان انتهي ابراهيم و اسماعيل -عليهما السلام- من بناء الكعبه و قفا يدعوان ربهما: {ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم . ربنا و اجعلنا مسلمين لك و من ذريتنا امه مسلمه لك و ارنا مناسكنا و تب علينا انك انت التواب الرحيم} [البقرة:127-128] و ربما اثني الله علي نبية اسماعيل -علية السلام- و وصفة بالحلم و الصبر و صدق الوعد، و المحافظه علي الصلاة، و انه كان يامر اهلة بادائها، قال تعالى: {واذكر فالكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد و كان رسولا نبيا و كان يامر اهلة بالصلاه و الزكاه و كان عند ربة مرضيا} [مريم:54-55].


و كان اسماعيل رسولا الي القبائل التي سكنت و استقرت حول بئر زمزم، و اوحي الله اليه، قال تعالى: {قولوا امنا بالله و ما انزل الينا و ما انزل الي ابراهيم و اسماعيل و اسحاق و يعقوب و الاسباط و ما اوتى موسي و عيسي و النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم و نحن له مسلمون} [البقرة:163] و قال تعالى: {انا اوحينا اليك كما اوحينا الي نوح و النبيين من بعدة و اوحينا الي ابراهيم و اسماعيل و اسحاق و يعقوب و الاسباط} [النساء:163] و كان اسماعيل -علية السلام- اول من رمي بسهم، فقد كان النبى -صلي الله علية و سلم- يشجع الشباب علي الرمى بقوله: (ارموا بنى اسماعيل فان اباكم كان راميا) [البخاري].


و اسماعيل -علية السلام- هو جد النبى -صلي الله علية و سلم- و ابو العرب، قال صلي الله علية و سلم: (ان الله اصطفي كنانه من و لد اسماعيل، و اصطفي قريشا من كنانة، و اصطفي من قريش بنى هاشم، و اصطفانى من بنى هاشم) [مسلم].

  • طارق السويدان قصة تاريخ العرب بئر زمزم


خطب طارق سويدان قصص الانبياء