( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر
من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين) (يونس: 61).
لم يكن معروفا للاقدمين لفظ الذرة الحقيقي، فقد اعتبروها الهباءة او النملة الحمراء الصغيرة جدا
قال القرطبي (من مثقال ذرة): اي وزن وذرة، اي نميلة حمراء صغيرة، ولم يفطنوا الى
ان القران قد ذكر ان الذرة موجودة في السموات والارض، ومن ثم فان تفسيرهم للذرة
النملة الحمراء الدقيقة غير دقيق، ومن بعد الاقدمين جاء اللاحقون يفسرون الذرة على انها الجوهر
الذي لا ينقسم، ومن ثم فهي اصغر وحدة في الوجود، وحديثا اكتشف العلماء الذرة ومكوناتها،
وثبت وجود ما هو اصغر من الذرة.
بعدما دخلوا الى قلب الذرة واكتشفوا اجساما اصغر من الذرة مثل الالكترون والبروتون والنيوترون، وجدوا
ان الجسيمات مثل النيوترون والبروتون تتالف من كواركات اصغر منها، ثم دخلوا الى هذه الكواركات
فاقترحوا انها تتالف من اوتار صغيرة جدا اسموها الاوتار الفائقة (من حيث الصغر والدقة).
هنا يتجلى الاعجاز القراني في الاشارة الى انقسام الذرة، ويصبح مفهوم الذرة الحديث صحيحا عند
عرضه على ايات القران التي وردت فيها كلمة الذرة، وبالتالي لم يعد هناك تعارض بين
الذرة في النص القراني والنص العلمي الصحيح، وهنا علمنا نبا القران عن الذرة بعد حين
من نزول النص القراني؛ حيث يذكر القران ان للذرة مثقالا، وانه يوجد ما هو اصغر
من الذرة، وفي هذه الاية لم يقل ربنا سبحانه وتعالى: (من ذرة)، بل قال: (من
مثقال ذرة )، وقد وردت كلمة (ذرة) في القران ست مرات وتسبقها دائما كلمة (مثقال)،
ليؤكد لنا الله تعالى على ان للذرة ثقلا او وزنا، وان كل ذرة انما تحدد
بهذا الثقل، او ما يسمى حديثا بالوزن الذري.
ونحن اليوم اذا فتحنا اي مرجع علمي في علم الذرة نجد ان العلماء دائما يكتبون
اسم الذرة والى جانبها وزنها الذري، وهذا ما فعله القران في جميع الايات التي تحدثت
عن الذرة حيث ارتبطت كلمة (مثقال)بكلمة (ذرة) دائما.
ويتجلى وجه الاعجاز في هذه الاية انها اشارت الى ما هو اصغر من الذرة، في
زمن لم يكن احد يعلم شيئا عن الذرة. بل قبل زمن ليس بالبعيد كان الاعتقاد
السائد ان الذرة هي اصغر شيء في الكون، ثم تبين انه يوجد ما هو اصغر
منها، وهو ما تحدثت عنه الاية بدقة