التوحيد في اللغة: مشتق من وحد الشيء اذا جعله واحدا، فهو مصدر وحد يوحد، اي:
جعل الشيء واحدا.
وفي الشرع: افراد الله – سبحانه – بما يختص به من الربوبية والالوهية والاسماء والصفات
(7)
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ليس التوحيد مجرد اقرار العبد بانه: لا خالق الا
الله، وان الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عباد الاصنام مقرين بذلك وهم مشركون،
بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل له، وكمال الانقياد لطاعته، واخلاص العبادة
له، وارادة وجهه الاعلى بجميع الاقوال والاعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، ما يحول بين صاحبه
وبين الاسباب الداعية الى المعاصي والاصرار عليها، ومن عرف هذا عرف قول النبي صلى الله
عليه وسلم: ((ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك
وجه الله)) (1) … وما جاء من هذا الضرب من الاحاديث، التي اشكلت على كثير
من الناس، حتى ظنها بعضهم منسوخة! وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الاوامر والنواهي واستقرار الشرع،
وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، واول بعضهم الدخول بالخلود وقال: المعنى لا يدخلها خالدا،
ونحو ذلك من التاويلات المستكرهة. فان الشارع صلوات الله وسلامه عليه لم يجعل ذلك حاصلا
بمجرد قول اللسان فقط، فان هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الاسلام، لان المنافقين يقولونها
بالسنتهم، وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الاسفل من النار.
بل لا بد من قول القلب، وقول اللسان.
وقول القلب: يتضمن من معرفتها والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والاثبات، ومعرفة
حقيقة الالهية المنفية عن غير الله، المختصة به، التي يستحيل ثبوتها لغيره، وقيام هذا المعنى
بالقلب علما ومعرفة ويقينا وحالا: ما يوجب تحريم قائلها على النار.
وتامل حديث البطاقة (2) التي توضع في كفة، ويقابلها تسعة وتسعون سجلا، كل سجل منها
مد البصر، فتثقل البطاقة وتطيش السجلات، فلا يعذب صاحبها ومعلوم ان كل موحد له مثل
هذه البطاقة،… ولكن السر الذي ثقل بطاقة ذلك الرجل هو انه حصل له ما لم
يحصل لغيره من ارباب البطاقات.
وتامل ايضا ما قام بقلب قاتل المائة (3) من حقائق الايمان التي لم تشغله عند
السياق – الموت – عن السير الى القرية فجعل ينوء بصدره، ويعالج سكرات الموت، لان
ذلك كان امرا اخر، وايمانا اخر ولذلك الحق باهل القرية الصالحة. وقريب من هذا ما
قام بقلب البغي (4) التي رات ذلك الكلب وقد اشتد به العطش، ياكل الثرى فقام
بقلبها ذلك الوقت مع عدم الالة، وعدم المعين، وعدم من ترائيه بعملها ما حملها على
ان غررت بنفسها في نزول البئر وملء الماء في خفها، ولم تعبا بتعرضها للتلف وحملها
خفها بفيها وهو ملان حتى امكنها الرقي من البئر، ثم تواضعها لهذا المخلوق الذي جرت
عادة الناس بضربه، فامسكت له الخف بيدها حتى شرب من غير ان ترجو منه جزاء
ولا شكورا. فاحرقت انوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البغاء فغفر لها
(5) .
وقد ورد في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم ((من قال: لا اله الا
الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله))
- الرياء لغة واصطلاحا
- ما معنى التوحيد لغة واصطلاحا؟