عن الامام زين العابدين عليه السلام: “ان ارضاكم عند الله اسبغكم على عياله”
اداب التعامل بين الزوجين
ان اداء الحق الزوجي لوحده غير كاف للوصول الى ارقى مستويات العلاقة الوطيدة بين الطرفين
طالما لم يتحل كل منهما بالاداب الاسلامية البيتية، والعلة في ذلك ان القيام بالاداب يلعب
دورا هاما في تنمية عوامل المودة والاستمرار ويثمر في شتى مجالات الحياة الزوجية ليبلغ بها
اجمل صورة ممكن ان تكون عليها، وقد اعد الله تعالى على تلك الاداب ثوابا جزيلا
وحث على الالتزام بها ونتعرف اولا على اداب الزوجة مع زوجها.
اداب تعامل الزوجة مع الزوج
اولا: خدمة زوجها
جاء عن النبي صلى الله عليه واله:
“ايما امراة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع الى موضع تريد به صلاحا الا
نظر الله اليها ومن نظر الله اليه. لم يعذبه”1.
وعن الباقر عليه السلام:
“ايما امراة خدمت زوجها سبعة ايام اغلق الله عنها سبعة ابواب النار وفتح لها ثمانية
ابواب الجنة تدخل من ايها شاءت”2.
وعن الكاظم عليه السلام:
“جهاد المراة حسن التبعل”3.
وفي الحديث:
“ما من امراة تسقي زوجها شربة من ماء الا كان خيرا لها من عبادة سنة
صيام نهارها وقيام ليلها”4
ثانيا: الصبر على اذيته
عن رسول الله صلى الله عليه واله:
“من صبرت على سوء خلق زوجها اعطاها مثل ثواب اسيا بنت مزاحم”5.
وعن الباقر عليه السلام:
“ان الله عز وجل كتب على الرجال الجهاد وعلى النساء الجهاد، فجهاد الرجل ان يبذل
ماله ودمه حتى يقتل في سبيل الله وجهاد المراة ان تصبر على ما ترى من
اذى زوجها وغيرته”6
ثالثا: اظهار المودة له في اقوالها وافعالها
في الحديث عن الصادق عليه السلام انه قال:
“جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه واله فقال: ان لي زوجة اذا دخلت
تلقتني، واذا خرجت شيعتني واذا راتني مهموما قالت: ما يهمك؟ ان كنت تهتم لرزقك فقد
تكفل به غيرك، وان كنت تهتم بامر اخرتك فزادك الله هما فقال رسول الله صلى
الله عليه واله: بشرها بالجنة وقل لها: انك عاملة من عمال الله ولك في كل
يوم اجر سبعين شهيدا”7
رابعا: معاونته في الدين والعبادة
في الحديث عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله:
“ايما امراة اعانت زوجها على الحج والجهاد او طلب العلم اعطاها الله من الثواب ما
يعطي امراة ايوب عليه السلام8.
خامسا: التجمل له، واظهار الهيئة الحسنة لها في عينه والابتعاد عما ينفره ولا يوافق ذوقه
مع معرفتها لما يرغب فيه وما يرغب عنه.
وفيما ورد:
“… لا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال وهن: صيانة
نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته9 ليكون ذلك
عاطفا عليها عند زلة تكون منها، واظهار العشق له بالخلابة10. والهيئة الحسنة لها في عينه”11.
اداب تعامل الزوج مع الزوجة
اولا: اطعامها بيده
عن النبي صلى الله عليه واله:
“ان الرجل ليؤجر في رفع اللقمة الى في امراته”12.
ثانيا: الجلوس معها.
عن النبي صلى الله عليه واله:
“جلوس المرء عند عياله احب الى الله تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا”13.
ثالثا: خدمة البيت معها.
ويكفيك شاهدا ما جرى في بيت علي وفاطمة حيث روي عن علي عليه السلام قوله:
“دخل علينا رسول الله صلى الله عليه واله وفاطمة عليها السلام جالسة عند القدر وانا
انقي العدس، قال: يا ابا الحسن، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: اسمع، وما اقول
الا ما امر ربي، ما من رجل يعين امراته في بيتها الا كان له بكل
شعرة على بدنه، عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، واعطاه الله من الثواب ما اعطاه
الله الصابرين، وداود النبي ويعقوب وعيسى عليهم السلام، يا علي من كان في خدمة عياله
في البيت ولم يانف، كتب الله اسمه في ديوان الشهداء، وكتب الله له بكل يوم
وليلة ثواب الف شهيد، وكتب له بكل قدم ثواب حجة وعمرة، واعطاه الله تعالى بكل
عرق في جسده مدينة في الجنة. يا علي، ساعة في خدمة البيت، خير من عبادة
الف سنة، والف حج، والف عمرة، وخير من عتق الف رقبة، والف غزوة، والف مريض
عاده، والف جمعة، والف جنازة، والف جائع يشبعهم، والف عار يكسوهم، والف فرس يوجهه في
سبيل الله، وخير له من الف دينار يتصدق على المساكين، وخير له من ان يقرا
التوراة والانجيل والزبور والفرقان، ومن الف اسير اشتراها فاعتقها، وخير له من الف بدنة يعطي
للمساكين، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة. يا علي، من لم يانف
من خدمة العيال دخل الجنة بغير حساب، يا علي خدمة العيال كفارة للكبائر، ويطفىء غضب
الرب، ومهور حور العين، ويزيد في الحسنات والدرجات، يا علي، لا يخدم العيال الا صديق
او شهيد او رجل يريد الله به خير الدنيا والاخرة”14.
رابعا: الصبر على سوء خلقها.
في الحديث:
“من صبر على سوء خلق امراته واحتسبه اعطاه الله تعالى بكل يوم وليلة يصبر عليها
من الثواب ما اعطى ايوب عليه السلام على بلائه وكان عليها من الوزر في كل
يوم وليلة مثل رمل عالج”15.
خامسا: ان يوسع عليها في النفقة ما دام قادرا لكن لا يبلغ حد الاسراف.
يقول زين العابدين عليه السلام:
“ان ارضاكم عند الله اسبغكم على عياله”16.
سادسا: التجاوز عن عثراتها.
من الممكن ان تخطىء المراة كما الرجل فلا يكون ذلك مدعاة للعنف معها والحاق الاذية
بها بل على العكس تماما فليكن لما هو اقرب للتقوى من العفو والرحمة واقالة العثرة
فقد تقدم في بعض الاحاديث قوله عليه السلام:
“وان جهلت غفر لها”.
والا فان الوقوف عند كل صغيرة لا يمكن ان تستمر معه الحياة الزوجية وتستقر به
العشرة.
خصوصا مع التوصية الواردة في حقها حيث قال رسول الله صلى الله عليه واله:
“اوصاني جبرئيل عليه السلام بالمراة حتى ظننت انه لا ينبغي طلاقها الا من فاحشة بينة”17.
سابعا: استمالة قلبها
وهي تتم بامور:
اولا: التجمل لها وابداء الهيئة الحسنة في عينها حيث يؤكد الاسلام على التنظيف والاناقة وتزين
الزوج لزوجته بما يتناسب معها وترضاه كما ان عليها ذلك في قباله.
عن الحسن بن جهم انه قال: رايت ابا الحسن عليه السلام اختضب فقلت: جعلت فداك
اختضبت؟ فقال عليه السلام:
“نعم ان التهيئة مما يزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفة بترك ازواجهن التهيئة
ثم قال: ايسرك ان تراها على ما تراك عليه اذا كنت على غير تهيئة؟ قلت:
لا قال: فهو ذاك”18.
ثانيا: التوسعة عليها بالنفقة.
ثالثا: المعاشرة الجميلة.
جاء عن الصادق عليه السلام قوله:
“لا غنى بالزوج عن ثلاثة اشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها
ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها”19.
والحديث جامع للامور الثلاثة.
رابعا: خطاب المودة
حيث يقول النبي صلى الله عليه واله:
“قول الرجل للمراة اني احبك لا يذهب من قلبها ابدا”20.
وبالامكان في ختام تعداد هذه الحقوق ان نضع ميزانا توزن به الشخصية المؤمنة عبر ادائها
للحقوق المفروضة او التقصير بها وبالخصوص مع الالتفات الى قول رسول الله صلى الله عليه
واله:
“الا خيركم خيركم لنسائه وانا خيركم لنسائي”21.
وفي رواية اخرى: “الا خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي”22.
*الحياة الزوجية، اعداد ونشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية، ط1، شباط 2003م، ص57-71.
1- ميزان الحكمة، ج2، ص186.
2- ميزان الحكمة، ج2، ص186.
3- الكافي، ج5، ص507.
4- وسائل الشيعة، ج14، ص123.
5- ميزان الحكمة، ج2، ص1187.
6- مكارم الاخلاق، ص215.
7- مكارم الاخلاق، ص215.
8- م.ن. ص201.
9- حاطه حياطة: حفظه وتعهده.
10- اي بالقول الطيب.
11- بحار الانوار، ج75، ص237.
12- المحجة البيضاء، 70 3.
13- تنبيه الخواطر، 122 2.
14- مستدرك الوسائل، ج13، ص42.
15- ميزان الحكمة، حديث 7891.
16- م.ن. حديث 7909.
17- الوسائل، ج7، ص121.
18- الكافي، ج5، ص567.
19- البحار، ج70 237 78.
20- ميزان الحكمة، حديث 7873.
21- وسائل الشيعة، ج7، ص122.
22- م.ن. ومكارم الاخلاق، ص116