وقليل من عبادى الشكور

بالصور و قليل من عبادي الشكور

 

صورة-1

 



عن ابراهيم التيمى قال:” قال رجل عند عمر رضى الله عنه: اللهم اجعلنى من القليل، قال: فقال عمر: ما ذلك الذي تدعو به؟ فقال: انى سمعت الله يقول: (وقليل من عبادى الشكور‌)[1]، فأنا ادعو ان يجعلنى من اولئك القليل، قال: فقال عمر: جميع الناس اعلم من عمر”[2].

والقله و الكثره يستخدمان فالأعداد، كما ان العظم و الصغر يستخدمان فالأجسام.

وقد يكني بالقله عن الذلة، و علي هذا قولة تعالى: (واذكر‌وا اذ كنتم قليلا فكثر‌كم ۖ)[3]، و يكني فيها تاره عن العزة، اعتبارا بقوله:( و قليل من عبادى الشكور‌)[4]، و قوله:( و قليل ما هم)[5]، و ذاك ان جميع ما يعز يقل و جوده[6].

وعقد جعفر بن شمس الخلافه فكتاب ( الأدب)، بابا فالفاظ من القرآن جاريه مجري المثل، و ذلك النوع البديعى المسمي بإرسال المثل، و أورد من هذا قولة سبحانه: (كم من فئه قليله غلبت فئه كثير‌ة)[7]، و قوله: (وقليل من عبادى الشكور‌)[8]، و قوله:( و قليل ما هم)[9]، فالفاظ اخر[10].

ولقد اثني الله عز و جل علي القليل، و مدحهم فمواضع من كتابة بقوله: (وما امن معة الا قليل)[11]، و قال تعالى: (فلولا كان من القر‌ون من قبلكم اولو بقيه ينهون عن الفساد فالأر‌ض الا قليلا ممن انجينا منهم)[12]، و قال تعالى:( و لٰكن اكثر‌ الناس لا يعلمون)[13]، و آيات نحوها يذم بها الكثير، و يمدح القليل، و قال النبى صلي الله علية و سلم:” ان الإسلام بدا غريبا و سيعود غريبا فطوبي للغرباء، قيل: و من هم؟ قال: الذين يصلحون اذا فسد الناس”[14]، و عن انس عن النبى صلي الله علية و سلم قال:” من اشراط الساعه ان يخرج الجهل و يقل العلم”[15]، فاخبار نحوها، توجب تصويب الأقل، و تقليل الأكثر، فبطل اعتبار الكثره و القله اذا و قع الخلاف، لأن الحق يجوز ان يصبح مع القليل، بعد ان يكونوا فحد متي اخبرت عن اعتقادها للحق، و ظهرت عدالتها، و قع العلم باشتمال خبرها علي صدق[16].

وأما قولة تعالى:( و لا يأتون البأس الا قليلا) [17]، فيصبح العدد من الذل، لأنهم لكفرهم لا يكثرون عند البأس، فهم خلاف الأنصار الذين قال فيهم:” انكم لتكثرون عند الفزع، و تقلون عند الطمع”[18].

فلا دلاله اذن فالكثره علي الحق، بل غالبا هم اقرب للباطل.

وإن قلت: لم و صف المهديون بالكثره فقولة تعالى: (يضل بة كثير‌ا و يهدى بة كثير‌ا)[19]، و القله صفته؟.

أجابك الزمخشرى فقال:” اهل الهدي كثير فانفسهم، و حين يوصفون بالقله انما يوصفون فيها بالقياس الي اهل الضلال، و أيضا فإن القليل من المهديين كثير فالحقيقه و إن قلوا فالصورة، فسموا ذهابا الي الحقيقه كثيرا:

إن الكرام كثير فالبلاد و إن *** قلوا كما غيرهم قل و إن كثروا[20].

 


وقليل من عبادى الشكور