صورة-1
صورة-1
قصه صحابى ..ابو الدحداح رضى الله عنه
ان اكرم ما فالمؤمن امران: اولهما المعدن النقى الصافي، القائم علي الفطره الطاهرة، و الاستعداد الطيب ، و لذا يقول الحق جل جلالة : ” فاقم و جهك للدين حنيفا، فطره الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، هذا الدين القيم، و لكن اكثر الناس لا يعلمون “.
ويقول سيد الخلق محمد – صلي الله علية و سلم – : ” الناس معادن، خيارهم فالجاهليه خيارهم فالاسلام، اذا فقهوا “.
وثاني الامرين هو المبادره الي الخير، و المسارعه بالاستجابه لصوت البر، و لذا يقول القران المجيد : ” يا ايها الذين امنوا استجيبوا للة و للرسول اذا دعاكم لما يحييكم، و اعلموا ان الله يحول بين المرء و قلبه، و انه الية تحشرون “.
ولقد كان من حول رسول الله – صلوات الله و سلامة علية – رجال استعدت نفوسهم للحق، فلما جاءهم فرحوا به، و حرصوا عليه، و استجابوا له ، حتي تحدث عنهم القران المجيد بمثل قولة : ” الذين استجابوا للة و للرسول ، من بعد ما اصابهم القرح، للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم. الذين قال لهم الناس، ان الناس ربما جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم ايمانا، و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل “.
ولقد كانت استجابتهم تخرج فمجالين اكثر من ظهورهما فغيرهما : المجال الاول هو مجال البذل لما فايديهم، تقربا الي الله، و ايثارا لما عنده. و المجال الثاني هو مجال التضحيه بارواحهم، جهادا فسبيل الله، و طمعا فنعمه الشهاده لوجة الله : ” انما المؤمنون الذين امنوا بالله و رسوله، بعدها لم يرتابوا ، و جاهدوا باموالهم و انفسهم فسبيل الله ، اولئك هم الصادقون ” .
وهذا و احد منهم : انه الصحابى الوفى ، الباذل التقى ، المجاهد الزكي، ابوالدحداح ثابت بن الدحداح بن نعيم الانصاري الذي كان جنديا مجهولا، و لذا اختلفوا فاسمة و نسبة اختلافا كثيرا ، حتي قال عنة الامام ابن عبدالبر : ” لا اقف علي اسمه، و لا علي نسبه، غير انه من الانصار حليف لهم ” .
و ربما اسلم ابوالدحداح و حسن اسلامه، و تجلت فية الاستجابه المخلصه لما يامر بة ربه، او يدعو الية رسولة ، و من شواهد هذا ان الله تبارك و تعالي اراد ان يعد امتة المؤمنه لحياة العزه و الكرامه و الحريه ، فدعاهم الي الجهاد، و طالبهم من اجل هذا بحسن الاعداد و الاستعداد، فقال لهم عز من قائل : ” و قاتلوا فسبيل الله، و اعلموا ان الله سميع عليم. من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا، فيضاعفة له اضعافا كثيرة، و الله يقبض و يبسط ، و الية ترجعون “.
و سمع ابوالدحداح لاول مره ذلك التوجية الربانى الكريم، فسارع الي رسول الله – صلي الله علية و سلم – يقول له : يا رسول الله ، ايريد الله تعالي منا القرض ؟
قال : نعم يا ابا الدحداح .
فقال : فداك ابى و امى يا رسول الله، ان الله يستقرضنا و هو غنى عن القرض ؟ فقال النبى : نعم، يريد ان يدخلكم الجنه بة .
قال ابوالدحداح : فانى اريد ان اقرض ربى قرضا يضمن لى بة و لزوجتى و لصبيتى الجنه ؟ قال : نعم. قال : فناولنى يدك يا رسول الله. فناولة يدة ، فقال : ان لى حديقتين ، احداهما بالسافله ، و الاخري بالعالية، و الله لا املك غيرهما، ربما جعلتهما قرضا للة تعالى. فقال له الرسول : اجعل احداهما لله، و الاخري دعها معيشه لك و لعيالك.
قال ابوالدحداح : فاشهدك يا رسول الله، انى ربما جعلت خيرهما للة تعالى، و هو حائط فية ستمائه نخلة.
فقال النبى : اذن يجزيك الله بة الجنة.
و انطلق ابوالدحداح الي زوجته، و هى مع صبيانها فالحديقه ، تدور حول النخل، فبشرها و انشد يقول:
هداك ربى و اهب الرشاد
الي سبيل الخير و السداد
بينى من الحائط بالوداد
فقد مضي قرضا الي التناد
اقرضتة الله علي اعتمادي
بالطوع لا من و لا ارتداد
و البر لا شك فخير زاد
فارتحلى بالنفس و بالاولاد
ففرحت ام الدحداح ، و قالت : ربح بيعك ، بارك الله لك فيما اشتريت، بعدها انشات تجاوبة بقولها:
بشرك الله بخير و فرح
مثلك ادي ما علية و نصح
فقد متع الله عيالى و منح
بالعجوه السوداء، و الزهو البلح
و العبد يسعى، و له ما ربما كدح
طول الليالي، و علية ما اجترح
و اقبلت ام الدحداح علي صبيانها تظهر ما فافواههم، و تنفض ما فاكمامهم حتي اقضت الي الحائط الاخر، فقد اصبح هذا ملكا لله، لا حق لهم فشيء منه.
و يروي ان النبى – صلي الله علية و سلم – قال عند هذا : ” كم من غدق رداح، و دار فياح ، لابى الدحداح ” .
والغدق النخلة، و رداح : ثقيله . و الفياح : الواسعة. كما روى انه قال : ” كم من غدق ملعق – اي مدلي او مذلل – فالجنه لابى الدحداح” .
و يروي ان الرسول – علية الصلاه و السلام – قال : ” من تصدق بصدقه ، فلة مثلاها فالجنه “.
فقال ابوالدحداح : يا رسول الله، ان لى حديقتين ، ان تصدقت باحداهما فان لى مثليها فالجنه ؟
قال : نعم .
قال : و ام الدحداح معى .
قال : نعم.
قال : و البنوته معى ؟
قال : نعم .
فتصدق باحدي حديقتيه، و رجع فنادي علي زوجتة قائلا : يا ام الدحداح. قالت : لبيك يا ابا الدحداح.
قال : انى جعلت حديقتى هذة صدقه ، و اشتريت مثليها فالجنه ، و انت معي، و البنوته معي.
قالت : بارك الله لك فيما شريت و فيما اشتريت .
و مضي ابوالدحداح فطريق الاسلام، يستجيب له و يعتز به، و يقدم من اجلة جميع ما يستطيع، و اختار الله له ارفع الدرجات، و اصدق القربات، و هو بذل النفس فسبيل بارئها، و خالقها، فقد خرج ابوالدحداح مجاهدا يوم احد، بعدها راي الناس حينئذ و ربما انتشروا و تبعثروا بسبب اشتداد الهول، و شراسه القتال و هول المفاجاة، و اشيع بينهم ان الرسول قتل، فلم يفقدة جميع هذا صوابة او ثباته، بل اقبل نحو الاعداء، و هو يهتف بين اخوتة فالله و زملائة فالجهاد، و يقول : يا معشر الانصار، الى الى انا ثابت بن الدحداح، ان كان محمد ربما قتل فان الله حى لا يموت فقاتلوا عن دينكم، فان الله مظهركم و ناصركم.
وكان ابا الدحداح بهذة العبارات ربما جعلة القدر صدي لهدي الرحمن و صوت القران الذي اقبل بعد هذا يقول: ” و ما محمد الا رسول ربما خلت من قبلة الرسل، افان ما ت او قتل انقلبتم علي اعقابكم ؟ و من ينقلب علي عقبية فلن يضر الله شيئا، و سيجزى الله الشاكرين. و ما كان لنفس ان تموت الا باذن الله كتابا مؤجلا، و من يرد ثواب الدنيا نؤتة منها، و من يرد ثواب الاخره نؤتة منها و سنجزى الشاكرين ” .
وتجمع حول ابى الدحداح عدد من الانصار، فجعل يهجم و يحمل معهم علي الكافرين، بعدها حملت عليهم كتيبه كثيره السلاح، بها عمالقه المشركين يومئذ ، و اصابت ابا الدحداح طعنه قاتلة، سقط بسببها صريعا شهيدا، و قتل معة عدد من المهاجرين ، و كانوا احدث من استشهد فذلك اليوم العصيب. و اقبل رسول الله – علية الصلاه و السلام – فصلي علي ابى الدحداح و دعا له، بعدها قال : ” كم من غدق (نخلة) ملعق – او مدلي – فالجنه لابى الدحداح
واذا كان هنالك من اهل الجهل او الغفله من ظن ان اباالدحداح ربما فقد الحياة، فان هذا باطل من القول و زور، و الله اصدق القائلين هو الذي يقرر الحق حين يقول : ” و لا تقولوا لمن يقتل فسبيل الله اموات، بل احياء، و لكن لا تشعرون “