صورة-1
اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلفا :
ايها الاخوه المؤمنون ؛ فرياض الصالحين، و فباب الوصيه بالنساء حديث شريف:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
[الترمذى و قال حديث حسن صحيح عن ابى هريره رضى الله عنه] و الحقيقه ان ذلك الحديث يعد من اصول الدين، فاكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا، و النبى علية الصلاه و السلام يقول فحديث اخر:
(( ان رسول الله صلي الله علية و سلم مر بمجلسين فمسجدة فقال: كلاهما علي خير، و احدهما اروع من صاحبة اما هؤلاء فيدعون الله، و يرغبون الية فان شاء اعطاهم، و ان شاء منعهم، و اما هؤلاء فيتعلمون الفقة او العلم، و يعلمون الجاهل فهم افضل، و انما بعثت معلما قال بعدها جلس فيهم ))
[الدارمى عن عبدالله بن عمرو رضى الله عنه] (( و انما بعثت معلما ))
[رواة ابن ما جة عن عبدالله بن عمرو] (( انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ))
[ مسند البزار عن ابى هريرة] فمكارم الاخلاق تحتل اكبر مساحه من الدين، بل ان الدين كلة خلق، فاذا انتفي الخلق ذهب الدين، و الله سبحانة و تعالي يقول:
﴿ ارايت الذي يكذب بالدين (1) فذلك الذي يدع اليتيم (2) ﴾
( سوره الماعون )
(( ما خطبنا نبى الله صلي اللهم علية و سلم الا قال: لا ايمان لمن لا امانه له و لا دين لمن لا عهد له ))
[ احمد و عن انس بن ما لك رضى الله عنه] و سيدنا جعفر عندما قابل النجاشى قال عن رسول الله صلي الله علية و سلم و عن حقيقه الدين:
(( امرنا بصدق الحديث و اداء الامانه و صله الرحم و حسن الجوار و الكف عن المحارم و الدماء ))
[احمد عن ام سلمه رضى الله عنها] فيكاد يصبح الدين كلة مكارم اخلاق.
الخلق مقياس الايمان عند الانسان:
و ما دام النبى علية الصلاه و السلام يقول:
(( و انما بعثت معلما ))
[رواة ابن ما جة عن عبدالله بن عمرو] (( انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ))
[ مسند البزار عن ابى هريرة] من هنا قال علية الصلاه و السلام فحديث ابى هريرة:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
[الترمذى عن ابى هريره رضى الله عنه] فاذا اردت مقياسا لايمانك فهو خلقك، و حينما تمثل اصحاب النبى علية الصلاه و السلام بالاخلاق الفاضله رفرفت راياتهم فالمشرقين، و حينما فهم المسلمون الدين صوما، و صلاة، و حجا، و زكاه ليس غير، تراجعوا و غزوا فعقر دارهم.
درجات الايمان:
الشيء المهم هو ان النبى علية الصلاه و السلام يقول:
(( اكمل المؤمنين ايمانا ))
فيوجد ايمان كامل، و ايمان اكمل، و يوجد ايمان ناقص، و الايمان درجات، و الدليل قول الله عز و جل:
﴿ يا ايها الذين امنوا امنوا بالله﴾
(سوره النساء)
يا ايها المؤمن امن، اي استكمل ايمانك، و الايمان له درجات، و قبل الايمان هنالك الاسلام، قال تعالى:
﴿ قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا اسلمنا و لما يدخل الايمان فقلوبكم و ان تطيعوا الله و رسولة لا يلتكم من اعمالكم شيئا ان الله غفور رحيم (14)﴾
( سوره الحجرات )
و بعد الايمان التقوى.
﴿ يا ايها الذين امنوا اتقوا الله و لتنظر نفس ما قدمت لغد﴾
( سوره الحشر )
و التقوي درجات، قال تعالى:
﴿ يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاتة و لا تموتن الا و انتم مسلمون (102)﴾
( سوره ال عمران )
تفاوت المؤمنين فيما بينهم بحسن خلقهم:
فمن قول النبى علية الصلاه و السلام:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
فاذا تفاوت الايمان فانما يتفاوت بحسن الخلق، و المؤمنون جميعا يصلون، و جميعا يحجون بالتاكيد المستطيع و جميعا يزكون، و جميعا ياكلون ما لهم حلالا، و جميعا ينفقون ما لهم فالوجوة الصحيحة، فهذا كلة متوافر، و لكن اين يختلفون ؟ فالخلق، من هنا قال علية الصلاه و السلام:
(( اذا خطب اليكم من ترضون دينة و خلقة فزوجوة الا تفعلوا تكن فتنه فالارض و فساد عريض ))
[الترمذى عن ابى هريره رضى الله عنه] اخى يصلي، و يصوم، و تجارتة مشروعة، و من بيتة الي محله، ذلك لا يكفي، فكيف اخلاقة ؟ هل هو سموح ؟ حليم ؟ كريم ؟ عطوف ؟ رحيم ؟ و دود ؟ اذا حينما قال علية الصلاه و السلام:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
فقد جعل الاخلاق مشعرا فالتفاوت بين المؤمنين، لان الفرائض كلها تؤدي من قبل كل المسلمين و المؤمنين، فكيف يتفاوتون فيما بينهم بحسن خلقهم ؟
و ربما جمعت لكم بعض الاحاديث المتعلقه بحسن الخلق، فوجدت احاديث هامه و كثيرة، منها حديث جابر بن سمرة:
(( قال: كنت فمجلس فية النبى صلي اللهم علية و سلم قال و ابى سمره جالس امامى فقال رسول الله صلي الله علية و سلم: ان الفحش و التفحش ليسا من الاسلام و ان اقوى الناس اسلاما احسنهم خلقا ))
[احمد عن جابر بن سمره رضى الله عنه] حتي فالاسلام تتفاوت مراتب المسلمين فيما بينهم باخلاقهم، و ان اكملهم ايمانا احسنهم خلقا، تتفاوت مراتب الاسلام فيما بينها بحسن الخلق.
” ان من احب العباد احب اسم تفضيل، اي اكثر الناس الذين يحبهم الله عز و جل الي الله احسنهم، و ان من اقرب المؤمنين مجلسا من رسول الله صلي الله علية و سلم يوم القيامه احسنهم خلقا، و ان خير ما اعطى الانسان خلق حسن ”
ذلك كلام النبى صلي الله علية و سلم هل انت مصدق له ؟
الغني يوم القيامه غني العمل الصالح:
و قال احدهم:
(( اتيت النبى صلي الله علية و سلم و اصحابة عندة كانما علي رءوسهم الطير قال: فسلمت علية و قعدت، قال: فجاءت الاعراب فسالوه، فقالوا ” يا رسول الله نتداوى؟ قال: نعم تداووا، فان الله لم يضع داء الا و ضع له دواء غير داء و احد الهرم، قال: و كان اسامه حين كبر يقول هل ترون لى من دواء الان ؟ قال: و سالوة عن حاجات هل علينا حرج فكذا و هكذا ؟ قال: عباد الله و ضع الله الحرج الا امرا اقتضي امرا مسلما ظلما فذلك حرج و هلك، قالوا: ما خير ما اعطى الناس يا رسول الله ؟ قال: خلق حسن ))
[احمد عن اسامه بن شريك رضى الله عنه] فيعطي الانسان الدنيا و ما فيها، و ربما يعطي القوة، و ربما يعطي المال، و الذكاء، و الجمال، هؤلاء العلماء الكبار الذين يقبعون فمخابرهم ليصنعوا الاسلحه الكيميائية، او الاسلحه الجرثومية، اليسوا اذكياء ؟ و الله قمم فالذكاء، و لكنهم يصنعون سلاحا يجعل حياة الانسان جحيما، ربما يعطي الانسان ذكاء، و ما لا، و قوة، و وسامة، و جمالا، و ربما يعطية حظا فالدنيا، لكن النبى صلي الله علية و سلم يبين ان خير ما اعطى الانسان خلق حسن، من كان له اخلاق حسنه طيبه فهو اغني الاغنياء، لان الغني يوم القيامه غني العمل الصالح:
(( ما من شيء اثقل فالميزان من خلق حسن ))
[ابو داود عن ابى الدرداء رضى الله عنه] (( ان المؤمن ليدرك بحسن خلقة درجه الصائم القائم ))
[ابو داود عن عائشه رضى الله عنها] فصاحب الاخلاق الفاضله فمستوي الصائم القائم، بصيام و قيام مستمرين، بل ان العبد كما قال علية الصلاه و السلام:
(( ان العبد ليبلغ بحسن خلقة عظيم درجات الاخره و شرف المنازل و انه لضعيف فالعباده ))
[الطبرانى عن انس رضى الله عنه] هذة كلها احاديث شريفه تبين ان الخلق الحسن هو جميع شيء فالدين، بل يكاد يصبح الدين خلقا حسنا.
اعظم راسمال فالعمل الخلق و الحسن و الخلق الحسن مؤاده ان يثق الناس بك:
حينما فهم اصحاب النبى علية الصلاه و السلام الدين ذلك الفهم رفعهم الله و اكرمهم، فكن صادقا، و لا تقل: ان البيع و الشراء يحتاجان الي كذب، بل كن صادقا فالبيع و الشراء، و تحدي الكاذبين، و الله سبحانة و تعالي يوفقك، فلا تقل: الحياة تحتاج هذا، فان الحياة تحتاج الي استقامه تامة، و لا تضع تغطيه فلسفيه للانحراف، اخى اذا لم نغش لا نربح، ذلك كلام فارغ، و ذلك كلام الشيطان، و كلام الغافل الجاهل.
فكل عمل تجاري، و صناعي، و زراعي، و وظيفي، و مهني، فكل حقل فالحياة الخلق الحسن اعظم راسمال فالعمل، و بعد فتره تكسب شيئا لا يقدر بثمن، هو ثقه الناس بك، فالخلق الحسن مؤداة ان يثق الناس بك، فاذا و ثق الناس بك فهذا اعظم راسمال تتحرك به، قال علية الصلاه و السلام:
(( الامانه غني ))
[الجامع الصغير عن انس ] الامين غنى و الله يغنية لان الناس يثقون به، و هذة احاديث دقيقه جدا.
(( و ان العبد ليبلغ بحسن خلقة عظيم درجات الاخرة، و الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، و الخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ))
[الطبرانى فالكبير عن ابن عباس رضى الله عنه] الموقف الاخلاقى للانسان يكسبة سعاده لا توصف:
شيء احدث ؛ اذا و قفت موقفا اخلاقيا، او كنت كريما فموطن الكرم، او شجاعا فموطن الشجاعة، او سخيا فموطن السخاء، او حليما فموطن الحلم، او مضحيا فموطن التضحية، او و دودا فموطن الود، ان موقفك الاخلاقى ذلك يكسبك سعاده لا توصف، تشعر انك انسان، و فيما سوي هذة الاخلاق يشعر الانسان انه حيوان، فلو تخلي الانسان عن اخلاقة لشعر بحيوانيته، كبهيمه تبحث عن طعامها، و شرابها، و لذتها فقط، فتاخذ طعامها، و شرابها، و لذتها من اي سبيل، و باى ثمن، فلا تشعر انك انسان، و انك المخلوق الاول المكرم الا بالخلق الحسن، لذا فمواقف الحلم اكثر اسعادا للنفس من مواقف الانتقام، و مواقف التواضع اعظم اسعادا للنفس من مواقف الكبر، و مواقف البذل اعظم من مواقف المنع، لذا لو ان الانسان عرف ما يجنية من خلقة الحسن لكان همة الاول ان يصبح ذا خلق حسن.
جميع انسان ما مور بالعدل و الاحسان:
نعود للحديث الشريف:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
قال تعالى:
﴿ و عباد الرحمن الذين يمشون علي الارض هونا و اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما (63)﴾
( سوره الفرقان )
تامل قبل ان تقول هذة الكلمة، قبل ان تقول له: انت لا تفهم، قبل ان تغضب، و قبل ان تنتقم، و تؤذي، و تتجاهل طلب الاخرين، و قبل ان تقف ذلك الموقف الذي لا ترضي عنة فكر مليا، بماذا يامرك الله ؟
﴿ ان الله يامر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذى القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغى يعظكم لعلكم تذكرون (90)﴾
( سوره النحل )
كما انك ما مور بالعدل فانت ما مور بالاحسان.
الموقف الاخلاقى هو اهم عامل لدخول الناس فدين الله افواجا:
اذا اردت ان يتهافت الناس علي الاسلام و يدخلوا فدين الله افواجا كما دخلوا فعهد النبى علية الصلاه و السلام عليك بالمواقف الاخلاقية، و اذا اردت ان تنفر الناس فبالغ فالعبادات الشعائرية، و افعل ما تشاء مع الناس من ايذاء، و شتم، فهذا الذي جاء يوم القيامه بصيام، و صلاة، و حج، و زكاة، ما ذا كان مصيرة ؟
(( اتدرون ما المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له و لا متاع فقال ان المفلس من امتى ياتى يوم القيامه بصلاه و صيام و زكاه و ياتى ربما شتم ذلك و قذف ذلك و طعام ما ل ذلك و سفك دم ذلك و ضرب ذلك فيعطي ذلك من حسناتة و ذلك من حسناتة فان فنيت حسناتة قبل ان يقضي ما علية اخذ من خطاياهم فطرحت علية بعدها طرح فالنار ))
[مسلم عن ابى هريره رضى الله عنه] و عندئذ يبكى النبى علية الصلاه و السلام و يقول: ان ذلك لموقف عصيب.
الخلق الحسن هو عامل الترجيح بين اي انسان و اخر:
حضر مجلس علم، و صلي اربع ركعات، و دفع زكاه ما له، و انتهي الامر ؟ لا لم ينتة شيء، ذلك الدين جاء ليتمم مكارم الاخلاق، لا يوجد حديث اوضح من ذلك الحديث:
(( بعثت لاتمم حسن الاخلاق ))
[مالك فالموطا] مع زوجتك، و اولادك، و جيرانك، و زبائنك، و اصحابك، و القاصي، و الداني، مع اي انسان و مخلوق، و حيوان، كن ذا خلق حسن، اطعمه، و ترفق به، و الذي يؤكدة القران الكريم:
﴿ ارايت الذي يكذب بالدين (1) فذلك الذي يدع اليتيم (2)﴾
( سوره الماعون )
هو نفسه، قال تعالى:
﴿ فان لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون اهواءهم و من اضل ممن اتبع هواة بغير هدي من الله ان الله لا يهدى القوم الظالمين (50)﴾
( سوره القصص )
فالنبى علية الصلاه و السلام قال:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
الف مؤمن صنفهم فدرجات، عامل التصنيف الخلق الحسن، كلهم يصلون، و عامل الترجيح فشكل ادق هو الخلق الحسن، و النبى علية الصلاه و السلام كان خلقة القران، و قال:
(( ادبنى ربى فاقوى تاديبى ))
[السيوطى فالجامع الصغير عن ابن مسعود ] فقد احبة اصحابة حبا جما كما قال ابو سفيان:
(( ما رايت احدا يحب احدا كحب اصحاب محمد محمدا ))
[السيره النبويه لابن هشام] قال علية الصلاه و السلام:
(( و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
[الترمذى و قال حديث حسن صحيح عن ابى هريره رضى الله عنه] فالقول الشهير: الزواج رق فلينظر احدكم اين يضع كريمته…:
(( اذا خطب اليكم من ترضون دينة و خلقة فزوجوة الا تفعلوا تكن فتنه فالارض و فساد عريض ))
[ الترمذى عن ابى هريرة] القران الكريم كتاب موجز:
ربنا سبحانة و تعالي يقول متحدثا عن سيدنا ادم و زوجتة فقال:
﴿ فقلنا يا ادم ان ذلك عدو لك و لزوجك فلا يظهرنكما من الجنه فتشقي (117)﴾
( سوره طة )
كان ينبغى ان يقول: فتشقيا، لا يظهرنكما، اثنان، من الجنه فتشقيا، و لكن ربنا سبحانة و تعالي قال: فتشقى، بالمفرد، فاستنبط علماء التفسير من هذة الايه ان: شقاء الرجل هو شقاء للمراة، فاذا شقى الرجل شقيت معة امراته، و القران الكريم موجز.
دقه القران الكريم و اعجازه:
هنالك لفتات فاللغه دقيقه ؛ مثلا يقول لك: انا لا اكنز الذهب و الفضة، و ربنا سبحانة و تعالي يقول:
﴿ يا ايها الذين امنوا ان كثيرا من الاحبار و الرهبان لياكلون اموال الناس بالباطل و يصدون عن سبيل الله و الذين يكنزون الذهب و الفضه و لا ينفقونها فسبيل الله فبشرهم بعذاب اليم (34)﴾
( سوره التوبه )
فهذة الايه من القران الكريم نصت علي الذهب و الفضه حصرا، و الذي يكنز العملات الورقيه يا تري هل له علاقه بهذا المقال ؟ بنص هذة الايه ليس له علاقة، و لكن القران ما ذا قال ؟ الذهب و الفضه و لا ينفقونها، كان من الممكن ان يقول: و لا ينفقونهما، اي الذهب و الفضه فلما قال: و لا ينفقونها بالجمع، كان ذلك من قبيل اعجاز القران، ليشمل اي شيء فالمستقبل، لان فعهد النبى علية الصلاه و السلام كان المال المتداول هو الذهب و الفضة، و فالعصور اللاحقه اي شيء اتخذ نقدا فحكمة حكم الذهب و الفضة، فربنا عز و جل اشار الي ذلك بضمير الجمع
﴿ و الذين يكنزون الذهب و الفضه و لا ينفقونها ﴾
و ليس: و لا ينفقونهما، فالعملات النقديه و الورقيه داخله مع الذهب و الفضة، لذا قال العلماء: لو ان الناس اتفقوا علي ان النحاس نقدا لحرم كنزه، و لو اتخذ الناس الجلد نقدا لحرم كنزه.
فالقران الكريم دقيق جدا جدا ؛ فكلمة
﴿ فلا يظهرنكما من الجنه فتشقي ﴾
تعنى ان شقاء الرجل هو شقاء للمراة.
بالمناسبه فالمبلغ مهما كان كبيرا اذا دفعت زكاتة فليس بكنز، و المبلغ مهما كان صغيرا ان لم تؤد زكاتة فهو كنز، فتعريف الكنز: هو المال الذي لا تؤدي زكاته، و انت ليس لك حق ان تتهم انسانا بالبخل اذا ادي زكاه ما له، و لذا قال علية الصلاه و السلام:
(( من اكثر من ذكر الله فقد برئ من النفاق ))
[ ابن شاهين فالترغيب فالذكر عن ابى هريره ] (( من حمل سلعتة فقد برئ من الكبر ))
[ كنز العمال عن ابى امامة] (( برئ من الشح من ادي زكاه ما له ))
[اخرجة الطبرانى عن جابر بن عبدالله ] لفتات لغويه من القران الكريم:
و هنالك لفتات لغويه اخرى، يقول الله تعالى:
﴿ يحلفون بالله لكم ليرضوكم و الله و رسولة احق ان يرضوة ان كانوا مؤمنين (62)﴾
( سوره التوبه )
ان يرضوه، بضمير المفرد الغائب، و كان ينبغى ان يقول: و الله و رسولة احق ان يرضوهما، و لا يظهرنكم من الجنه فتشقيا، و الذين يكنزون الذهب و الفضه و لا ينفقونهما فسبيل الله، هناك قال: فتشقى، و هنالك قال: ينفقونها، و هنا قال: و الله و رسولة احق ان يرضوه، و منة استنبط النبى علية الصلاه و السلام ان: ارضاء رسول الله هو عين ارضاء الله، و ان ارضاء الله عز و جل هو عين ارضاء رسول الله، لذا قال: ” احبوا الله لما يغدوكم بة من نعمة و احبونى لحب الله “.
انه تطابق كامل، و الحقيقه ان النبى علية الصلاه و السلام ليس له مطلب شخصى ابدا، بل مطلبة ان يهتدى الخلق الي ربهم، و ليس له توجية خاص من عنده، فهو رسول لا ينطق عن الهوى، فمحبتة هى محبه للة عز و جل.
الخلق الحسن و الاحسان الي الزوجه عاملان مرجحان لتفاوت المؤمنين:
اذا:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
[الترمذى و قال حديث حسن صحيح عن ابى هريره رضى الله عنه] و ثمه احاديث كثيره و ردت فاكرام النساء، فكان النبى علية الصلاه و السلام جعل عاملين مرجحين لتفاوت المؤمنين ؛ العامل المرجح الاول الخلق الحسن، و العامل المرجح الثاني الاحسان الي الزوجة، و خياركم خياركم لنسائهم، لان الاسره هى اللبنه الاولي فالمجتمع، فاذا صلحت صلح المجتمع، و اذا فسدت فسد المجتمع، و هى الخليه الاولى، لذا اعتني الاسلام فيها عنايه كبرى، حتي كانت احكام الطلاق تشغل حيزا كبيرا فالقران، و لان احكام الطلاق، و الزواج، و غض البصر، و اداب الدخول و الاستئذان، و الخروج، و الخلوه ، و حد الزاني، و حد القاتل، كلها متعلقه بالاسرة، و كلها صونا للاسرة.
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
[الترمذى و قال حديث حسن صحيح عن ابى هريره رضى الله عنه] الدين الذي جاء بة النبى علية الصلاه و السلام هو عبادات و معاملات و اخلاق معا:
هنالك شيء نتج عن بعض التقسيمات التي قسمها الفقهاء، فقالوا: اوامر الله عز و جل بعضها عبادات، و بعضها معاملات، و بعضها اخلاق، عبادات، و معاملات، و اخلاق، فالعبادات هى هذة الاوامر الشعائريه ؛ فالصلاه ان تقف، و تكبر تكبيره الاحرام، و تقرا الفاتحه و سورة، و تركع، و تسجد، و الصيام ان تمتنع عن الطعام، و الشراب، و سائر المفطرات، من طلوع الفجر الصادق الي غروب الشمس بنية، و الحج كما تعلمون له مناسك، و الزكاه لها نصاب، و لها مصارف، و ما الي ذلك، فهذة العبادات بعضها بدني، و بعضها ما لي، و بعضها بدنى و ما لي، و بعضها مكاني، و بعضها زمانى كالحج، فالفقهاء فصلوا الاوامر الشعائريه التعبديه فسموها عبادات، و الاوامر الاجتماعيه فقولة تعالى:
﴿ يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان ياكل لحم اخية ميتا فكرهتموة و اتقوا الله ان الله تواب رحيم (12)﴾
( سوره الحجرات )
﴿ يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسي ان يكونوا خيرا منهم و لا نساء من نساء عسي ان يكن خيرا منهن و لا تلمزوا انفسكم و لا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان و من لم يتب فاولئك هم الظالمون (11)﴾
( سوره الحجرات )
فالنهى عن الكذب، و الغيبة، و النميمة، و الافك، و الكبر، و الاستعلاء، و الايقاع بين الناس، و التفريق، هذة الاوامر الاجتماعيه هى الاخلاق، و المعاملات من احكام البيوع و الطلاق، و الزواج، و العدة، و النفقة، و اللقطة، و العارية، و الهبة، و الايجار، هذة كلها احكام، فلما قسم الفقهاء الاوامر الي عبادات، و معاملات، و اخلاق، سبق فظن الناس او توهموا ان الدين هو العبادات، مع ان الدين الذي جاء بة النبى علية الصلاه و السلام هو عبادات، و معاملات، و اخلاق، و ان الذي يقوم ببعضها و يدع بعضها الاخر فهو كبنى اسرائيل.
الاسلام بناء شامخ كبير و قواعدة خمس:
قال تعالى:
﴿ بعدها انتم هؤلاء تقتلون انفسكم و تظهرون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم و العدوان و ان ياتوكم اساري تفادوهم و هو محرم عليكم اخراجهم افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل هذا منكم الا خزى فالحياة الدنيا و يوم القيامه يردون الي اشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون (85)﴾
( سوره البقره )
يصلى حاضرا و يغتاب الناس ؟! فوجد تناقض، فالذى يصلى لا يغتاب، اما ان يصلى و يكذب فالبيع و الشراء:
(( يطبع المؤمن علي الاثناء كلها الا الخيانة و الكذب ))
[احمد عن ابى امامه رضى الله عنه] فصلاه و كذب، و صلاه و خيانة، و صلاه و قسوه فالمعاملة، صلاه و كبر لا تجتمع معا، فلما ضيق الناس مفهوم الدين الي اربع عبادات خسروا و ضاعوا، مع ان النبى علية الصلاه و السلام قال:
(( بنى الاسلام علي خمس شهاده ان لا الة الا الله و ان محمدا رسول الله و اقام الصلاه و ايتاء الزكاه و الحج و صوم رمضان ))
[البخارى عن ابن عمر رضى الله عنه] ان الاسلام بناء شامخ كبير، و قواعدة خمس، الشهادتان و الصوم و الصلاه و الحج و الزكاة، و هى دعائم و ليست البناء، فاذا توهمنا انها هى البناء، فنحن فو هم كبير، لهذا نصف علية الصلاه و السلام فالاحاديث الذي قراتها علي اسماعكم و فهذا الحديث الذي هو مقال ذلك الدرس علي ذلك الامر:
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
[الترمذى و قال حديث حسن صحيح عن ابى هريره رضى الله عنه] طريقة اكتساب الاخلاق الحسنة:
يوجد سؤال ثان ؛ يا تري هذة الاخلاق الحسنه كيف تكتسب ؟ عندنا اخلاق حسنه تقليدا، و اخلاق حسنه اصيلة، فالنبى علية الصلاه و السلام يقول:
(( انما العلم بالتعلم، و انما الحلم بالتحلم، و من يتحر الخير يعطه، و من يتق الشر يوقة ))
[الجامع الصغير للسيوطى عن ابى الدرداء ] اي اكظم غيظك، فانت من الداخل متاجج، و تغلى غليانا، و لكنك مؤمن، فاضبط اعصابك و اسكت، و اذا غضبت فاسكت، و توضا، او اغتسل، او اخرج من المنزل، فهذا صار حلما، و لكن التحلم تصنع حلم قسري، و الثمن ان تكون حليما اصيلا، و ان تكون متحلما، فاول مرحله بان تتحلم، و انما الكرم بالتكرم، ان تصطنع الكرم، فانت متكرم، و لكن اذا تكرمت و عاكست هوي نفسك، و وقفت موقفا مناهضا لرغبتك، فهذة هى البطولة.
ان المؤمن و قاف عند كتاب الله، و هذة الحاله الداخليه ؛ الغليان الداخلى مع الانضباط الخارجي، ذلك اسمة تحلم، فاذا فعلت ذلك شعرت انك جاهدت فسبيل الله، كما قال علية الصلاه و السلام:
(( قدمتم خير مقدم، و قدمتم من الجهاد الاصغر الي الجهاد الاكبر: مجاهده العبد هواة ))
[الجامع الصغير عن جابر رضى الله عنه] انه عمل بطولى ان تجاهد نفسك و هواك، و ذلك التحلم يعينك علي ان تقبل علي الله فصلاتك، يا رب انا كظمت غيظى من اجلك، و ارضاء لك، كظمت غيظى و انا استطيع ان افعل بة الافاعيل خوفا منك، و بامكانى ان ادمرة فكظمت طلبا لرضاك، و بامكانى ان اسحقه، لكنى كظمت من اجل ان ترضي عني، انظر الي ذلك التحلم، فاذا تحلمت و وقفت بين يدى الله عز و جل شعرت ان الله راض عنك، عندئذ اذا تجلي الله عليك بانوارة اصبحت ذا حلم اصيل، و المرحله الثانية: اذا استفزك انسان شعرت بهدوء داخلي، و شعرت ان ذلك مسكين بعيد عن الحق، ذلك انسان جاهل ارعن، هل تحبون ان تعرفون حقيقه الحلم ؟ لو كنت طبيبا و جاءك مريض مصاب بمرض جلدى خطير، هل تغتاظ منة ؟ لا، بل تشفق عليه، و ترثى بحالة و تتالم له، فكلما ارتقي مستوي المسلم بدل ان يغضب من الناس يغضب علي عملهم، و بدل ان يحقد عليهم يرثى حالهم، و بدل ان يغلى تشفيا منهم يبكى حزنا علي جهلهم، و علي بعدهم عن الله عز و جل، فالنبى علية الصلاه و السلام يقول: انما الحلم بالتحلم، تتحلم، و ذلك يحتاج الي اراده قوية، تقبل علي الله عز و جل، فيلقى الله فقلبك بعضا من مكارم الاخلاق، لذا فان مكارم الاخلاق مخزونه عند الله عز و جل، فاذا احب الله عبدا منحة خلقا حسنا، و ان الحليم موصول، و الكريم موصول، و السخى موصول، و الودود موصول، و الرحيم موصول، و ان القاسى مقطوع، و الغضوب مقطوع، و البخيل مقطوع، و الجبان مقطوع، فمكارم الاخلاق اثار الصلة، و مساوئ الاخلاق اعراض الاعراض، و الاعراض له اعراض، و اعراض الاعراض البخل، و القسوة، و حب الذات، و الانانية، و الاستعلاء، و التشفي، و الحقد، فهذة كلها اعراض الاعراض، و ثمار الاقبال مكارم الاخلاق.
الصبغه و الفطرة:
لذا ربنا عز و جل مره قال:
﴿ فاقم و جهك للدين حنيفا فطره الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله هذا الدين القيم و لكن اكثر الناس لا يعلمون (30)﴾
( سوره الروم )
و مرة:
﴿ صبغه الله و من اقوى من الله صبغه و نحن له عابدون (138)﴾
( سوره البقره )
هل هنالك من فرق بين فطره الله و صبغه الله ؟ بالتاكيد الفرق كبير، فالفطره هى التي فطر عليها اي انسان، و الانسان فطر علي حب الكمال، و ليس علي الكمال، بل يحب الكمال، و ثمه فرق كبير بين ان تكون كاملا و بين ان تحب الكمال، فالسارق يحب العدالة، فاذا و زع الاموال المسروقه بين اخوانة و زعها بالعدل، فهذة بالحرام كلها، و يقول لزميله: لا تغش، و ضع هذة الحاجة.
هذة فطرة، و الفطره شيء، و الصبغه شيء اخر، فالانسان اذا كانت له صله بالله عز و جل، و القي فقلبة انوار الحق، عندئذ صار رحيما، و هذة رحمه اصلية، فلو ان انسانا شاهد جريحا امامة بحادث دهس، و امامة جمهور من الناس، و كلهم يعرفونة من الجيران، فبدافع من الحفاظ علي سمعتة يبادر، و ياخذ ذلك الجريح الي المستشفى، و ذلك موقف اجتماعى ذكى ليس فية رحمة، اما المؤمن فوضعة اخر، فلو كان الجريح و حده، فبدافع من حبه، و رحمتة التي تملا قبلة يبادر لانقاذ ذلك الانسان، و العملان من حيث الشكل متساويان، و لكن شتان بين ذلك و ذاك، فبينهما مسافه كبيرة، فهذا يفعل عملا ظاهرة الرحمه و باطنة السمعة، و ذلك يفعل عملا ظاهرة الرحمه و باطنة الرحمة، فالعمل الاول عمل مزور، اما العمل الثاني فعمل صحيح، و ممكن للقاضى ان يحكم بالعدل، و يطمع ان يصل ذلك الحكم الي جهات عليه ، و يقدروا نزاهتة فيرفعوة درجة، فهذا القاضى حكمة عدل، و لكنة ليس بعادل، اما حينما يصبح العدل جاريا فدم القاضي، فانة يحكم بة دون ان يفكر بالثمرة، او بالجزاء، او بالترقية.
جميع انسان فالارض مفطور علي حب الكمال و المصبوغ فالكمال موصول بالله تعالى:
ان تحب الكمال شيء، و ان تكون كاملا شيء اخر، ان تكون كاملا ذلك صبغة، و ان تحب الكمال فهذا فطرة، فكل انسان فالارض مفطور علي حب الكمال، اما المصبوغ فالكمال فهذا الموصول بالله عز و جل، و اي انسان يحب الكمال، حتي الكافر.
(( يا داود ذكر عبادى باحسانى اليهم فان النفوس جبلت علي حب من اقوى اليها و بغض من اساء اليها. ))
[ حديث قدسى رواة البيهقى عن عمير بن و هب ] فهذا حديث دقيق.
(( اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم خلقا ))
[الترمذى و قال حديث حسن صحيح عن ابى هريره رضى الله عنه] انا اتصور اذا كانت اخلاق الانسان شرسة، و ليس مستقيما علي امر الله فكسب المال، و فانفاقه، و علاقاتة الاجتماعيه و لاسيما مع النساء غير منضبطة، فهذا صلاته، و صيامه، و حجه، و زكاته، اعمال غير مجدية، لان الصلاة، و الصيام، و الحج، و الزكاة، ثمار الاستقامة، او اسباب الاستقامة، اما اذا انفصل الدين عن الخلق كانت الطامه الكبرى، و ذلك ما حدث، فالف مليون مسلم اين و عد الله عز و جل لهم بالنصر ؟ قال تعالى:
﴿ و عد الله الذين امنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم فالارض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا و من كفر بعد هذا فاولئك هم الفاسقون (55)﴾
( سوره النور )
القسوه من اثار البعد عن الله و الرحمه من اثار الصله بالله:
و العباده كما تكلمت عنها فالخطب الماضيه تعنى غايه فالخضوع، مع غايه فالحب، و طاعه طوعيه ممزوجه بمحبه قلبية، اساسها معرفه يقينية، تفضى الي سعاده ابدية، و غايه الخضوع مع غايه المحبة، هذة هى العبادة، قال تعالى:
﴿يعبدونني﴾
فاذا اخللتم فيما عليكم فانا فحل من و عودى الثلاث، ف لذا ذلك الحديث هدفة ان يرقي الانسان بنفسة مرتين ؛ مره بتصنع الاخلاق الفاضله بضبط نفسه، و الاخلاق المصطنعه ثمن الاخلاق الاصيلة، و ذلك ما خوذ من قول النبى علية الصلاه و السلام:
(( انما الحلم بالتحلم، و انما الكرم بالتكرم ))
عندك صانع كسر اله غالية، ممكن ان تضربة ضربا مبرحا، و ممكن ان تسب اجداد اجداده، فساعه غضب، و ممكن ان تسكت ايضا، لقد انكسرت الاله من غير قصد، فاذا سكت يمضى عمر بكاملة و انت متمتع بهذا الموقف الاخلاقي، يمضى علي هذة الحادثه شهر و شهران، و سنه و سنتان او اربعون سنة، و انت تشعر بسعاده كبيرة، لانك كنت حليما، و ما رويت غليلك منه، لذا احد الصالحين اسمة عصرون باشا و ضع و قفا فية جميع نوعيات الاواني، لكل طفل، او صانع، او اجير، او زوجة، كسر انيه من الاوانى ياتى الي ذلك المكان و يستبدلها بواحده جديدة.
و يقولون: ان هنالك رجلا شديدا، الي درجه غير معقوله فعلاقتة مع زوجته، و هذة القصه قديمه ياتى الساعه الثانيه عشرة، يجب ان تكون الزوجه و اقفه و راء الباب معها البشكير و القبقاب، يدخل و يجرى تفتيشا، و يحضر محرمه بيضاء، و يصعد الي الخزانه و يمسح، فاذا تغير لونها اقام عليها النكير، و كذا معاملتة لها، و له كوب شهير كريستال يشرب بها، فمره و قع ذلك الكاس من يد الزوجه من اول الدرج لاخرة فتوقعت انها طالق، فالله عز و جل رحمها، و الكاس لم يكسر، فهذة الزوجه لشده فرحها بنجاه ذلك الكاس من الكسر شكرت ربها شكرا لا حدود له، جاء زوجها مساء و قال لها: اريد كاسا من الماء، فوقعت من يدة علي السجاده فكسرت، فابتسمت، فقال لها: لماذا ابتسمت ؟ تكلمي، فقال لها: انت سهلت كسرها اذا !!!
هذة القسوه من اثار البعد عن الله، و الرحمه من اثار الصلة، فكان لعصرون باشا و قف فية من كل نوعيات الاواني، فاى طفل، زوجه زوجها ظالم، او صانع كسر انيه و خاف من سيدة يعطية قطعه من هذة الانية، فيعطية الانيه بكاملها، فكل انسان احضر له قطعه من ابريق، او كاسا يعطية بدلا منه، حتي يوفر علي الناس المشكلات.
***
مناسك الحج:
ساعات الامتحان:
تعليق علي مناسك الحج، و كما قلت قبل قليل: العبادات منها الصوم، و الصلاة، و الحج، و الزكاة، فهذة العبادات اما ان تكون مناسبه لسعاده الانسان فيها، و اما ان تكون عبئا عليه، فاذا سبقها استقامه و التزام، و سبقها طاعه للة فكل الاوامر ؛ فطعامه، و شرابه، و علاقتة بزوجته، و اولاده، و كسبة للمال، و انفاقة له، و زواجه، و طلاقه، فاذا سبق هذة العبادات استقامه تامه تصبح هذة العبادات مناسبه للاتصال بالله عز و جل، و ربما خطر فبالى قبل ان اتى الي هنا ساعات الامتحان، هذة الساعات اما ان تكون امتع ساعات الطالب، او اصعب ساعاته، فاذا كان الامتحان ثلاث ساعات فالثانويه او الجامعة، و ربما سبقها دراسه جيدة، و حفظ جيد، و عدم هدر للوقت سابقا، و هذة الكتب قرات سابقا، و لخصت، و حفظت، و نوقشت، و حلت مسائلها، فحينما يري ان الاسئله كلها و اضحه يشعر الطالب بسعاده لا توصف، و هو فهذة الساعات الثلاث و اذا سبق ذلك الامتحان اهمال، و تقصير، و عدم مطالعة، و انحراف اخلاقي، تصبح هذة الساعات الثلاث عبئا علي الطالب، فالصلاه من دون استقامه صعبة، بل هى عبء، و ثقيلة، فربنا عز و جل و صف المنافقين، فقال تعالى:
﴿ ان المنافقين يخادعون الله و هو خادعهم و اذا قاموا الي الصلاه قاموا كسالي يراءون الناس و لا يذكرون الله الا قليلا (142)﴾
( سوره النساء )
بين ان تقول: ارحنا بها، او ارحنا منها، و بين ان تري شهر رمضان شهر الغفران، و المحبة، و العبادة، و بين ان تري ذلك الشهر عبئا، فتريد ان تسافر خارج القطر، فتكون حسب الشرع مسافرا، و هنالك اناس يربطون سفرهم برمضان، حتي يتخلصوا من الصيام، و يصومونة فالشتاء، حيث اليوم قصير، فهذة العبادات و منها الحج، و الصيام، و الصلاة، ان سبقتها طاعه للة عز و جل كالامتحان تماما، تري نفسك طليقا و سعيدا فو جة متالق، و العينان زئبقيتان، و عليهما بريق، و اذا لم يدرس الطالب تصفن، و تضايق، و ضجر، و يري الوقت ثقيلا عليه.
العبادات لن تكون مرجوه النتائج كما اراد الله تعالي الا اذا سبقت بطاعه الله:
هذة العبادات اذا سبقتها طاعات للة عز و جل فكل الاوامر تصبح مناسبات للاقبال علي الله عز و جل، لذلك: ارحنا فيها يا بلال، كان النبى علية الصلاه و السلام كما تقول السيده عائشة: ” يحدثنا و نحدثة فاذا حضرت الصلاه فكانة لا يعرفنا و لا نعرفة “.
و سيدنا سعد بن معاذ يقول: ” ثلاثه انا فيهن رجل، و فيما سوي هذا فانا و احد من الناس ؛ ما صليت صلاه فشغلت نفسى بغيرها حتي اقضيها، و لا سمعت حديثا من رسول الله صلي الله علية و سلم الا علمت انه حق من الله تعالى، و لا سرت فجنازه الا فحدثت نفسى بغير ما تقول حتي انصرف منها “.
فالانسان قبل ان يحج يجب ان يهيئ نفسة للحج ؛ بان يستقيم علي امر الله، و قبل ان يصلى يجب ان يصبح مع الله فغض بصره، و فكسب ما له، و فكل اعماله، لذا لا تكون هذة العبادات مرجوه النتائج كما اراد الله عز و جل الا فحاله و احده ؛ اذا سبقتها طاعه لله، لذلك: قم فصل فانك لم تصل، و كم من صائم ليس له من صيامة الا الجوع و العطش، و كم من قائم ليس له من قيامة الا التعب و السهر، و من لم تنهة صلاتة عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله الا بعدا، فهذة حاجات اساسيه فالدين، و ان الاوان ان يطبقها الانسان.
***
سيره النبى صلي الله علية و سلم:
الحكمه من يتم النبى الكريم:
بقيت كلمه عن سيره النبى علية الصلاه و السلام، و اخترت لكم فهذا اليوم ذلك السؤال لماذا كان علية الصلاه و السلام يتيما ؟ و الغريب ان النبى علية الصلاه و السلام و لد يتيما، و بلغ من العمر ست سنوات، و توفيت امه، فالحقيقه ان اليتم مضاعف.
اناس كثيرون يموت اباؤهم اما قبل الولادة، او بعدها، و تبقي الام، و الام شيء ثمين، اما ان يولد يتيما علية الصلاه و السلام و ان تموت امة بعد ست سنوات، و له جد سيد قريش، عبدالمطلب احبة حبا لا حدود له، و كان ذلك الجد مكان ابية و امه، و فالسنه الثامنه توفى جدة عبدالمطلب، فما هذة الحكمه ؟ جدة سيد قريش، و ابوة من انجب اولاد جده، و كان عبدالله الجوهره الوسطي فالعقد، و امة امنه من بنى النجار، و العلماء يقولون: من حكمه الله عز و جل ان كان النبى علية الصلاه و السلام يتيما، و هو القائل:
(( ادبنى ربى فاقوى تاديبى ))
[السيوطى فالجامع الصغير عن ابن مسعود ] فكل عوامل التوجيه، و الرعاية، و التلقين، و التعليم، و العناية عطلت كلها، فاذا نبغ فاخلاقه، و فعلمه، فهذا دليل ان الله سبحانة و تعالي و حدة الذي تولي تربيته، لذا مره سمعت كلمه اقشعر لها جلدي، قال رجل لاخر: اذا لم يكن له اب فليس له رب، فالرب هو جميع شيء.
الله عز و جل افقد النبى الكريم الاب و الام و الجد و لكن و فر له من يرعي امره:
نلاحظ النبى علية الصلاه و السلام مع انه لا يعرف اباه، و فقد امة فسن مبكرة، و فقد جدة فالسنه الثامنه من عمره، و مع هذا قال:
(( ادبنى ربى فاقوى تاديبى ))
، و لكن الله عز و جل كما يقول العوام يبلى و يعين.
هنالك فتاه حبشيه اسمها “بركة”، سميت فيما بعد بام ايمن، كانت جاريه عند ابيه، هذة حضنتة و رعتة اقوى الرعاية، و كانها امه، ام ايمن او بركه و عبد المطلب جدة كذلك باسباب عديده عطف علية عطفا يفوق عطف الاباء علي الابناء، فلان عبدالله و الد سيدنا محمد صلي الله علية و سلم كان احب الابناء الي عبدالمطلب، لذا احبة حبا كثيرا، و احب ابنة محمدا علي حب ابيه، فكان هنالك حب علي حب، و هذة ام ايمن، بركة، الجاريه عطفت علية عطفا كثيرا فكانت له كالام، فربنا عز و جل افقدة الاب و الام، و افقدة الجد، و لكن و فر له من يرعي امره.
اعجاب عبدالمطلب بالنبى الكريم و تعلقة الشديد به:
كان هنالك عادات فالجاهلية، و من عاده عبدالمطلب بن هاشم ان يتخذ له مجلسا فالكعبة، يتحدث فية الي الرجال، و يتحدثون اليه، فكان يفرش له فراشا فظل الكعبة، و كان بنوة يجلسون حول فراشة هذا حتي يظهر اليهم، فلا يجلس علية احد منهم اجلالا له، و يعين له مكان ابناء جدة عبدالمطلب، فكانوا يجلسون حول ذلك الفراش، و لا يجرؤ احد ان يجلس علية الا النبى علية الصلاه و السلام، فكان ياتى و هو غلام جفر و معني جفر اي فية صحه و نمو و يجلس علي فراش جده، فياتى اعمامة ليؤخروة عنه، فكان عبدالمطلب يمنعهم اذا راهم، و يقول: دعوا ابنى انه ليؤنس ملكا اي يشم منة رائحه الملك بعدها يجلسة علي فراشة و يمسح ظهرة بيده، و يسرة بما يراة منة و كان يقربة منه، و يدنيه، و يدخلة علية اذا خلا و اذا نام، و يرق له رقه لم يرق لها و الد علي و لده، و كان لا ياكل طعاما الا اذا قال اين محمد ؟ على بابني، و كان يسمية ابنه، فعبد المطلب جدة كان معجبا بة اعجابا شديدا، و متعلقا بة تعلقا كبيرا، لما يراة من ايات السمو، انه طفل صغير علية علائم النجابة، و علائم السمو، فكان يعزف عن اللهو الباطل، و كان اذا دعى الي اللهو صلي الله علية و سلم يقول: ” لم اخلق لهذا “.
نحن الكبار يا تري هل لنا حرص علي و قتنا ؟ هل تقول اذا دعيت الي جلسه باطلة: لم اخلق لهذا، او سهره لا يوجد منها فوائد مع اناس متكبرين، فهل تقول من حين الي اخر: لم اخلق لهذا، هل تعرف انت لماذا خلقت ؟ هل الهدف من خلقك و اضح امامك، فالنبى علية الصلاه و السلام حينما كان طفلا صغيرا كان يقول اذا دعى الي لهو الاطفال: “لم اخلق لهذا “، فكان عبدالمطلب يعجب بة اشد العجب، فكان يعجب من كمال ادبه، و من سمو خلقه، و من عزوف نفسة عن اللهو الباطل، و عن تنزهة عن التدنى فيما يتدني بة الاطفال عادة، من تهافت علي الاكل و الشراب، او تطلع الي ما يجلبة الاباء و الابناء، جميع هذة الصفات المشتركه بين الاطفال كان علية الصلاه و السلام مترفعا عنها.
لقد كان لكم فرسول الله اسوه حسنة:
شيء احدث ؛ النبى علية الصلاه و السلام كما قال الله عز و جل:
﴿ لقد كان لكم فرسول الله اسوه حسنه لمن كان يرجو الله و اليوم الاخر و ذكر الله كثيرا (21)﴾
( سوره الاحزاب )
لقد جعلة يتيما، و ذلك فخر لكل يتيم، و كما سمعت ان دار الايتام فالميدان علي مدخلها لوحه كبيره بها صوره لمقام النبى علية الصلاه و السلام و كتب عليها ” سيد الايتام محمد علية الصلاه و السلام”، فاذا فقد الانسان امة او اباه، و ما تلقي عنايه كافية، فلا ينسي ان له ربا يرعاة خير رعاية.
يقول الرواة: ” ان حليمه قدمت مكة، و النبى علية الصلاه و السلام ابن خمس سنين فاضلها فالناس ضاع منها فالتمستة فلم تجده، فاتت عبدالمطلب فاخبرته، فالتمسة عبدالمطلب فلم يجده، فقام عند الكعبه يدعو و يقول: لا هم اي اللهم، اد راكبى محمدا، ادة الي، و اصطنع عندى يده، فانت الذي جعلتة لى عضدا، و انت الذي سميتة محمدا “.
فكان هنالك حرص بالغ علية من قبل جده، و من قبل مربيته، و لما ما ت عبدالمطلب احس النبى علية الصلاه و السلام بالم الفاجعة، و ادرك عظم المصيبة، و عرف انه فقد القلب الكبير، و هو فالثامنه من عمره، لذا قالت ام ايمن: رايت رسول الله صلي الله علية و سلم يبكى خلف سرير عبدالمطلب.
و سئل النبى علية الصلاه و السلام: اتذكر يا رسول الله موت عبدالمطلب ؟ قال: نعم و انا يومئذ ابن ثمانى سنين.
المقاصد المتوخاه من السيره الشريفة:
هذة اللقطه من السيره لى منها مقصدان ؛ اول مقصد؛ هل يوجد لاحدنا هدف، و لماذا انت علي و جة الارض ؟ لماذا انت هنا فالدنيا ؟ هل الهدف و اضح تماما، و النبى قال: ” لم اخلق لهذا”، و انت امام المواقف المتعدده تقول: لم اخلق لهذا، ام تقول: خلقت لهذا، فيجب ان تعرف لماذا انت هنا ؟
و الشيء الثاني: اذا كان الانسان يتيما، فربما تلقي عنايه بشكل غير مباشر تفوق حد الخيال، و ربما يصبح اليتيم اسعد الناس، فمقال اليتم، و كونة نشا فقيرا، او بعيدا عن و الديه، او فبيت مفكك، هذة كلها لا تقدم و لا تؤخر.
و للة در من قال:
و اذا العنايه لاحظتك جفونها نم فالمخاوف كلهن امان
- مقال عن الاخلاق
- إنما بعث لأتمم
- إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق اجمل صور
- إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق رياض الصالحين
- انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق حديث صحيح
- قال سيدنا عيسى سيأتي نبي بعدي أسمه أحمد يكمل مكارم الأخلاق كيف أصبح أسمه محمد