صورة-1
حديث: امك بعدها امك بعدها امك بعدها ابوك | |
|
|
الحديث
عن ابى هريره رضى الله عنة قال : “جاء رجل الي رسول الله -صلي الله علية و سلم- فقال : يا رسول الله، من احق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (امك) ، قال: بعدها من؟ قال: (امك) ، قال: بعدها من؟ قال: (امك) ، قال: بعدها من؟ قال: (ابوك) متفق علية . وزاد فمسلم : (ثم ادناك ادناك) . معانى المفردات حسن صحابتي: الصحابه هنا بمعني الصحبة تفاصيل الموقف “اني للانسان ان يكابد الحياة و يبحر فغمارها بغير صديق يقف معة فمحنته، و يعينة فشدته، و يشاركة همومه، و يشاطرة افراحه، و لولا الصحبه و الصداقه لفقدت الحياة قدرا كبيرا من لذتها”. كانت العبارات السابقه تعبيرا عن القناعه التي تجسدت فقلب احد الصحابه الكرام الذين كانوا يعيشون مع النبى –صلي الله علية و سلم- فالمدينة، و من منطلق هذة القناعه قام بتكوين علاقات شخصيه و روابط اخويه مع العديد ممن كانوا حوله، علي تفاوت بين تلك الصلات قوه و تماسكا و عمقا. واذا كان الناس يختلفون فصفاتهم و طباعهم، و اخلاقهم و شمائلهم، و اقوالهم و افعالهم، فمن هو الذي يستحق منهم اوثق الصلات، و امتن العرى، و اقوي الوشائج، ليطهر المشاعر، و يسمو بالاحساس؟ هذا هو السؤال الكبير الذي ظل يطرق ذهن الصحابى الكريم بالحاح دون ان يهدا، و سؤال بمثل ذلك الحجم لا جواب له الا عند من ادبة ربة و علمه، و اوحي الية و فهمه، حتي صار ادري من مشي علي الارض باحوال الخلق و معادن الناس. وهنا اقبل يحث الخطي نحو الحبيب –صلي الله علية و سلم- ليسالة عما يدور فذهنة من تساؤلات، فوجدة و اقفا بين كوكبه من اصحابه، فمضي الية بعدها و قف امامة و قال : ” يا رسول الله من احق الناس بحسن صحابتي؟”. خرجت العبارات من فم الصحابى الكريم و هو يمعن النظر فو جة النبى –صلي الله علية و سلم- ينتظر جوابه، و جميع ظنة ان الاجابه ستكون بيانا لصفات معينه اذا اجتمعت فامريء كانت دليلا علي خيريتة و احقيتة بالصحبة، اوربما كان بها تحديدا لاسماء افراد ممن اشتهروا بدماثه الخلق و رجاحه العقل. لكن الجواب الذي جاء بة النبى –صلي الله علية و سلم- لم يكن علي النحو المتوقع، فلقد قال علية الصلاه و السلام : (امك) ، نعم! هى احق الناس بالصحبه و المودة، و يستزيد الصحابى النبى علية الصلاه و السلام ليسالة عن صاحب المرتبه الثانية، فيعود له الجواب كالمره الاولي : (امك) ، و بعد الثالثه يشير –علية الصلاه و السلام- الي الاب، بعدها الاقرب فالاقرب. ولا ريب فاستحقاق الام لمثل هذة المرتبه العظيمه و العنايه الكبيرة، فهى المربيه المشفقه الحانيه علي اولادها، و كم كابدت من الالام و تحملت من الصعاب فسبيلهم، حملت كرها و وضعت كرها، قاست عند الولاده ما لا يطيقة الرجال الشداد، بعدها تنسي هذا كلة برؤيه و ليدها، لتشغل ليلها و نهارها ترعاة و تطعمه، تتعب لراحته، و تبكى لالمه، و تميط الاذي عنة و هى راضية، و تصبر علي تربيتة سنينا طوالا فرحمه و شفقه لا نظير لهما، ف لذا كانت الوصيه بصحبتها مكافاه لها علي ما بذلتة و قدمته، و هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ اضاءات حول الموقف ركز الموقف الذي بين يدينا علي حقوق الاقارب من الصله و المودة، خصوصا و انهم مظنه التقصير و النسيان، و تفضيل الاصحاب و الاحباب عليهم، فجاء التنبية عليهم و التذكير ببرهم اكثر من غيرهم. واولي الناس بالبر –كما هو مقتضي الحديث- الوالدان، لما لهما من نعمه الايلاد و التربية، و لذا قرن الله حقة بحقهما، و شكرة بشكرهما، قال الله تعالي : { و قضي ربك الا تعبدوا الا اياة و بالوالدين احسانا } (الاسراء:23)، و قال تعالي : { ان اشكر لى و لوالديك الى المصير } (لقمان:14)، كما جعل رضاة سبحانة و تعالي من رضاهما، و سخطة من سخطهما، قال النبى –صلي الله علية و سلم- ( رضا الرب فرضا الوالدين، و سخطة فسخطهما ) رواة الطبرانى . وبر الوالدين اجل الطاعات، و انفس الاعمال الصالحات، بة تجاب الدعوة، و تتنزل الرحمة، و تدفع البلية، و يزيد العمر، و تحل البركة، و ينشرح الصدر، و تطيب الحياة، و يرافق صاحبة التوفيق اينما حل. وتكون الصحبه بالطاعه و التوقير، و الاكبار و الاجلال، و حسن الحديث برائع الكلام و لطيف العبارة، و خفض الجناح ذلا و رحمه ، قال الله تعالي : { و اخفض لهما جناح الذل من الرحمه و قل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا } (الاسراء:24)، فاذا تقدما فالسن فوهن العظم و خارت القوي كان البر اوجب، و الاحسان اكد، قولا و عملا، قال تعالى:{ اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما } (الاسراء:23)، فجاء الامر بالقول الكريم، و النهى عن التافف و التضجر، و الدعوه الي المعامله الرحيمه كمعامله الخادم لسيده. ومن تمام الصحبه و عظيم البر الدعاء لهما بعد موتهما، حتي لا ينقطع عنهما مجري الحسنات، قال النبى –صلي الله علية و سلم- : ( اذا ما ت الانسان انقطع عملة الا من ثلاث :-وذكر منهم- و لد صالح يدعو له ) رواة مسلم . وليس المقصود هنا استيفاء كل النصوص الوارده فحق الوالدين و فضل برهما؛ و لا ذكر ما يتعلق بصله الرحم و وجوبها، فان المقام بنا يطول، و حسبنا ان نعلم ان الرساله التي جاء فيها الحديث تدعو الي بناء اسره متماسكه من اثناء توثيق الصلاه بين افرادها، و الاسره نواه المجتمع و قاعدتة الصلبة، و بصلاحها تصلح المجتمعات و تثبت دعائمها، و تعمق جذورها، فتتمكن من اداء رسالتها فالارض علي اكمل و جه. |