اريك فروم فن الحب pdf

بالصور اريك فروم فن الحب pdf

 

صورة-1

 



الكتاب يريد ان يقنع القارئ بان كل محاولاتة للحب يقضي عليها بالفشل ما لم يحاول محاوله اكثر فعاليه لتطوير شخصيتة الكلية، و هذا لكى يحقق هدفا منتجا، و هذا الاشباع للحب الفردى لا ممكن الحصول علية بدون مقدره علي محبه الجار و بدون التواضع الحق و الشجاعه و الايمان و النظام.

هل الحب فن

اذا حدث لاثنين يكونان غريبين – شاننا جميعا – ان سمحا فجاه للحائط بينهما ان يسقط و شعرا بالقربى، شعرا بانهما اصبحا شخصا و احدا، فان هذة اللحظه الخاصه بالشعور بالواحديه هى من اشد التجارب انبعاثا للبهجه و الاثارة. و هذة التجربه تكون باعثه اكثر للدهشه و الاعجاز بالنسبه للاشخاص المنعزلين المتوحدين الذين بلا حب. و هذة الاعجوبه الخاصه بالحميميه الفجائيه غالبا ما تكون امرا سهلا اذا ما اقترنت او صدرت بجاذبيه و تحقق جنسيين. و علي ايه حال، فان ذلك النمط من الحب لا يدوم بطبيعتة نفسها. فالشخصان يزدادان تعرفا علي بعضهما، و تشرع حميميتهما ففقدان طابعها الاعجازى الي ان يقتل تطاحنهما و خيبات املهما و همهما المشترك ما يتبقي من الاثاره الاولى. و مع ذلك فانهما فالبدايه لا يعرفان جميع هذا: انهما يعتبران شده الافتتان، هذة “الجنة” ببعضهما دليلا علي شده حبهما، بينما لا يبرهن ذلك الا علي درجه و حدتهما السابقة.

الي جانب تعلم النظريه و التطبيق يوجد عامل ثالث ضرورى لكى يكون الانسان استاذا فاى فن – يجب ان تكون مساله السيطره علي اي فن مساله اهتمام قصوى. لا يجب ان يصبح هنالك اي شيء فالعالم اكثر اهميه من الفن. ان الوحده المتحققه فالعمل الانتاجى ليست و حده بين اشخاص، و الوحده المتحققه فالاندماج العربيدى و حده مؤقتة، و الوحده المتحققه عن طريق الامتثال ليست سوي و حده زائفة. و من بعدها فهى ليست سوي حلول جزئيه لمشكله الوجود. و يكمن الحل الكامن فتحقيق الوحده بين الاشخاص، تحقيق الاندماج مع شخص احدث فالحب.

هذة الرغبه للاندماج مع شخص احدث هى اكبر توق لدي الانسان. انها اشد عواطفة جوهرية، انها القوه التي تبقى الجنس البشرى متماسكا و ايضا القبيله و الاسره و المجتمع. و الفشل فتحقيق ذلك الاندماج يعنى الجنون او الدمار – الدمار للذات او الدمار للاخرين. فبدون حب ما كان ممكن للانسانيه ان توجد يوما و احدا.

وفى مقابل الوحده التكافلية، نجد ان الحب الناضج هو الوحده بشرط الحفاظ علي تكامل الانسان، الحفاظ علي تفرديه الانسان. الحب هو قوه فعاله فالانسان، قوه تقتحم الجدران التي تفصل الانسان عن رفاقه، و التي توحدة مع الاخرين. ان الحب يجعلة يتغلب علي الشعور بالانفصال و العزلة. و مع ذلك يسمح له ان يصبح نفسه، ان يحتفظ بتكامله. فالحب يحدث الانفراق: اثنان يصبحان و احدا و مع ذلك يظلان اثنين.

فى الواقع، ذلك الموقف الخاص بالتامل المركز هو اقصي نشاط قائم، نشاط للنفس لا يصبح ممكنا الا فظل الحريه الباطنيه و الاستقلال. فهنالك مفهوم احدث للنشاط يشير الي استعمال القوي المغروسه للانسان بصرف النظر عما اذا كان ربما حدث اي تغير فجائي… ان الانسان و هو يمارس شعورة ايجابيا يصبح حرا، يصبح سيد شعوره. و هو عندما يمارس شعورا سلبيا يصبح مساقا، يصبح مقال الدوافع التي لا يعيها هو نفسه. و من بعدها يصل اسبينوزا الي عبارتة القائله بان الفضيله و القوه شيء و احد و هما الشيء نفسه، ان الحسد و الغيره و الطموح و اي نوع من الشرة هى اهواء، و الحب فعل ممارسه للقوه الانسانيه التي لا ممكن ممارستها الا فالحريه و ليس اطلاقا كنتيجه ارغام.

الحب نشاط، و ليس شعورا سلبيا، انه “الوقوف” و ليس “الوقوع” و باشد الطرق عموميه ممكن و صف الطابع الايجابى للحب بقولنا ان الحب هو العطاء اساسا و ليس التلقي.

ما هو العطاء؟ اكبر سوء فهم علي نطاق متسع، هو هذا الذي يفترض ان العطاء هو “التخلى عن” شيء، هو الحرمان، هو التضحية.

العطاء اكثر ابتعاثا للفرح من التلقي، لا لانة حرمان، و لكن لان ففعل العطاء يكمن التعبير عن اتقادى بالحياة.

ومن يكن قادرا علي ان يعطى من ذاتة فهو غني، و هو يعيش نفسة كانسان يستطيع ان يعطى نفسة للاخرين. ان اهم مجال للاعطاء ليس هو مجال الحاجات المادية، بل هو المجال الذي يكمن فالعالم الانسانى بصفه خاصة. فماذا يعطى الانسان للاخر؟ انه يعطى من نفسه، من اثمن ما يملك، انه يعطى من حياته. و ليس ذلك يعنى بالضروره ان يضحى بحياتة للاخر – بل انه يعنى انه يعطية من هذا الشيء الحى فيه، انه يعطية من فرحه، من شغفه، من فهمه، من علمه، من مرحه، من حزنة – من جميع التعابير و التجليات لذا الشيء الحى الذي فيه. و كذا باعطائة من حياتة انما يثرى الشخص الاخر، انه يعزز شعور الاخر بالحياة و هذا بتعزيزة لشعورة هو بالحياة. انه لا يعطى لكى يتلقى، العطاء هو فذاتة فرح رفيع… العطاء يتضمن جعل الشخص الاخر معطاء ايضا، و الاثنان يشتركان ففرح ما ربما حملاة الي الحياة. ففعل العطاء يولد شيء، و كلا الشخصين يكونان شاكرين للحياة التي تولد لهما كليهما. و يعنى ذلك بالنسبه للحب ان الحب قوه تنتج الحب.

وليس من الضرورى ان نؤكد ان القدره علي الحب كفعل للعطاء انما تتوقف علي طبيعه تطور الشخص. انها تفترض اجتياز نزوع منتج علي نحو سائد، و فهذا النزوع يصبح الشخص ربما قهر التبعيه و الشموليه النرجسيه و الرغبه فاستغلال الاخرين او كنز المال، و يصبح ربما حصل علي الايمان بقواة الانسانيه و الشجاعه فالاعتماد علي قواة فالحصول علي اهدافه. و هو بقدر ما تكون هذة الصفات ناقصه يصبح خائفا من اعطاء نفسة – و من بعدها يصبح خائفا من الحب.

وبجانب عنصر العطاء، فان الطابع الايجابى للحب يكون جليا من انه يتضمن دائما عناصر رئيسيه معينه شائعه فجميع اشكال الحب. هذة العناصر هي: الرعايه و المسؤوليه و الاحترام و المعرفة.

الحب هو الاهتمام الفعال بحياة و نمو هذا الذي نحبه

المسؤوليه اليوم تعنى فالغالب الاشاره الي الواجب، الاشاره الي شيء مفروض علي الانسان من الخارج. و لكن المسؤوليه فمعناها الحقيقى هى فعل ارادى تماما. انها استجابتى لاحتياجات انسان احدث سواء عبر عنها ام لم يعبر. ان تكون “مسؤولا” يعنى ان تكون قادرا و مستعدا لان “تستجيب”.

ان المسؤوليه ممكن بسهوله ان تتدهور الي الهيمنه و التملك اذا لم تتالف من العنصر الثالث للحب الا و هو الاحترام. ليس الاحترام خوفا و خشية، انه يشير – تمشيا مع جذر الكلمه (Respicere تعنى التطلع الى) – الي القدره علي رؤيه شخص كما هو و ادراك فردانيتة المتفردة. الاحترام يعنى الاهتمام بان الشخص الاخر انما ينمو و يتكشف علي نحو ما هو عليه…

فاذا احببت شخصا احدث فاننى اشعر اننى صرت معة او معها شخصا و احدا، و لكنى صرت معة شخصا و احدا علي نحو ما هو علية لا علي نحو ما انا محتاج الية ليصبح موضوعا لفائدتي. الاحترام لا يصبح ممكنا الا اذا حققت الاستقلال. و الاحترام لا يوجد الا علي اساس الحرية: “الحب هو و ليد الحرية”.

ولا يصبح احترام الشخص ممكنا بدون معرفته… و هى لا تكون ممكنه الا عندما اتجاوز الاهتمام بنفسى و اري الشخص الاخر فاطاره.

الحب هو الطريق الوحيد للمعرفه و الذي يرد علي تساؤلى ففعل الوحدة. ففعل الحب، ففعل اعطاء النفس، ففعل النفاذ الي الشخص الاخر، اجد نفسى اكتشف نفسي، اكتشف كلينا، اكتشف الانسان.

الطريق الوحيد للمعرفه الكامله يكمن ففعل الحب: ان ذلك الفعل يتجاوز الفكر، يتجاوز الكلمات. انه الانغمار الجريء فتجربه الوحدة.

ان تجربه الوحده او الاتحاد بالانسان، او بالله اذا تحدثنا علي نحو اسلامي ليست تجربه لاعقلانية. بل علي العكس، انها علي نحو ما نوة البرت شفايتزر نتيجه العقلانية. انها نتيجتها الجريئه و المتطرفه للغاية. انها قائمه علي معرفه محدوديات معرفتنا الرئيسيه لا العرضية. انها المعرفه باننا لن “نستحوذ” مطلقا علي سر الانسان و الكون، و لكننا مع ذلك نستطيع ان نعرف ففعل الحب. ان علم النفس كعلم له حدوده، و كما ان النتيجه المنطقيه للاهوت هى التصوف فان النتيجه القصوي لعلم النفس هى الحب.

الرعايه و المسؤوليه و الاحترام و المعرفه كلها متشابكه و معتمد جميع منها علي الاخر. انها عرض لانظار نجدها فالشخص الناضج، اي فالشخص الذي ينمى قواة علي نحو مثمر، الشخص الذي لا يريد ان يملك سوي هذا الذي عمل من اجله: الشخص الذي اقلع عن الاحلام النرجسيه الخاصه بالمعرفه بكل شيء و القدره علي جميع شيء، الشخص الذي احتاز علي التواضع القائم علي القوه الباطنيه التي لا يستطيع اعطاءها سوي النشاط المستمر الاصيل.

اطيل الكلام عن الحب بانة قهر الانفصال الانساني، بانة تحقق الاشتياق الي الوحده او الاتحاد. و لكن فوق الحاجه الوجوديه الشامله للوحده تنشا حاجه بيولوجيه اكثر خصوصية: الرغبه فالوحده بين قطبى الذكر و الانثى. فكما ان لدي الرجل و المراه من الناحيه الفسيولوجيه هرمونات الجنس الاخر، فانهما مزدوجا الجنسيه كذلك بالمعني السيكولوجي. انهما يحملان فنفسيهما مبدا التلقى و النفاذ. مبدا الماده و الروح. ان الرجل – و المراه – لا يجدان و حدتيهما داخل نفس جميع منهما الا فو حدتهما الذكريه و الانثوية. و هذة القطبيه هى اساس جميع ابداعية.

ان قطبيه الذكر–الانثي هى كذلك الاساس للابداعيه بين الاشخاص. و يتضح ذلك بيولوجيا فان اتحاد الحيوان المنوى للذكر ببويضه الانثي هى اساس ميلاد الطفل. و لكن فالعالم النفسى المحض الامر ليس مختلفا، ففى الحب بين رجل و امراه تعاد و لادتهما من جديد.

ان مشكله القطبيه الذكرية–الانثويه تفضى الي نقاش احدث عن مقال الحب و الجنس. لقد تكلمت من قبل عن خطا فرويد فانه راي فالحب علي نحو مطلق التعبير اعلاء او تساميا – للغريزه الجنسيه – بدلا من ان يتبين ان الرغبه الجنسيه هى تجل من تجليات الحاجه الي الحب و الاتحاد.

الحب بين الوالدين و الطفل

تكون المشكله عند معظم الاطفال بين سن الثامنه الي العاشره علي نحو يكاد يصبح مطلقا ان يحب – ان يحب لما هو عليه.

عند هذة النقطه فتطور الطفل يدخل عامل جديد فالصورة. شعور جديد بانتاج الحب بسبب نشاط الفرد… لاول مره فحياة الطفل تتحول فكره الحب من كونة محبوبا الي كونة محبا: تتحول الي خلق الحب.

ويحدث للطفل – الذي ممكن الان ان يصبح يافعا – ان يتغلب علي تمركزة حول ذاته، لا يعود الشخص الاخر و سيله اساسا لاشباع حاجته. ان احتياجات الشخص الاخر تكون مهمه بقدر اهميه احتياجاتة هو – و فالواقع انها تصبح اكثر اهمية. الاعطاء ربما اصبح اكثر ابتعاثا للاشباع و الفرح من التلقي. انه و هو يحب يصبح ربما ترك خليه سجن الوحدة، هذا السجن الذي انشاتة حاله النرجسيه و التمركز الذاتي.

ان الحب الطفولى يسير علي مبدا “اننى احب لاننى محبوب” اما الحب النرجسى فانة يسير علي مبدا “اننى احبك لاننى احتاج اليك” ام الحب الناضج فيقول: “اننى احتاج اليك لاننى احبك”.

تكون الام و الطفل شيئا و احدا، بالرغم من انهما اثنان. ان الميلاد يغير الموقف فبعض النواحي، فالطفل و هو الان يعيش خارج الرحم، لا يزال يعتمد اعتمادا كليا علي الام. و لكنة يكون بمرور الايام اكثر استقلالا: انه يتعلم المشى و الكلام و اكتشاف العالم بنفسه، و تفقد العلاقه بالام بعضا من دلالتها الحيويه و بدلا من ذلك نجد ان العلاقه بالاب تزداد اهمية.

علي حين ان الاب لا يمثل العالم الطبيعى فانة يمثل القطب الاخر للوجود الانساني، عالم الفكر، عالم الحاجات التي من صنع الانسان، عالم القانون و النظام، عالم الانتظام، عالم السفر و المغامرة…

ان العلاقه بالاب مختلفه تماما، الام هى المنزل الذي اتينا منه، انها الطبيعة. ان الطفل يحتاج الي حب الام المطلق و رعايتها الفسيولوجيه و السيكولوجيه علي حد سواء. و يبدا الطفل بعد السادسه يحتاج الي حب الاب و سلطتة و ارشاده. ان للام و ظيفه جعلة امنا فالحياة، و للاب و ظيفه تعليمة و ارشادة لكى يواجة تلك المشكلات التي يواجة فيها المجتمع الخاص الطفل. و فهذا التطور من التعلق الممركز حول الام الي التعلق الممركز حول الاب و المركب الذي يتكون منهما يكمن اساس الصحه العقلية، و تحقيق النضج. و ففشل ذلك التطور يكمن الاسباب =الرئيسى للعصاب. ممكن لاحد سبب التطور العصابى ان يكمن فان للطفل اما محبة، و لكن مغرمه فالحب، او مهيمنه عليه، و ابا محبا و لكنة ضعيف و غير مهتم. و فهذة الحاله ممكن ان يظل الطفل مثبتا فمرحله مبكره من التعلق بالام، و يتطور الي شخص يعتمد علي الام و يشعر بالعجز و له حالات التوق المميزه للشخص المتلقى اي التلقى لكى يحصل علي الحمايه و الرعايه و الذي تنقصة الصفات الابوية: النظام، الاستقلال، و قدرتة علي السيطره علي الحياة. و ربما يحاول ان يجد “امهات” فكل شخص.

والشيء المميز لكل هذة التطورات العصابيه هو ان احد المبداين الابوى او الامومى يفشل فالتطور او – و هذة هى الحاله فالتطور العصابى الشديد – ان يختلط دورا الام و الاب معا بالنسبه للاشخاص فالخارج و بالنسبه لدوريهما فداخل الشخص. و ربما يكشف الفحص الادق ان بعض انماط العصاب كالعصاب الحصرى تتطور اكثر علي اساس تعلق ابوى احادى الجانب علي حين ان الانماط الاخري كالهستيريا و الادمان و العجز عن تاكيد الذات و مجاراه الحياة و اشكال الاكتئاب تنتج من التمركز حول الام.

موضوعات الحب

ليس الحب اساسا علاقه بشخص معين، ان الحب موقف، اتجاة للشخصيه يحدد علاقه شخص بالعالم ككل، لا “نحو موضوع” و احد للحب.

اذا كنت احب شخصا و احدا حبا حقيقيا، فاننى احب الاشخاص جميعا، احب العالم، احب الحياة. اذا استطعت ان اقول لشخص احدث “اننى احبك” فيجب ان اكون قادرا علي ان اقول: “اننى احب فيك جميع شخص، احب من خلالك العالم، احب فيك نفسى ايضا”.

ان القول بان الحب نزوع يشير الي الكل و ليس الي و احد لا يتضمن علي ايه حال الفكره التي تذهب الي انه لا توجد فروق بين الانواع المختلفه للحب التي تعتمد علي نوع المقال الذي يحب.

ا – الحب الاخوي:

اشد نوعيات الحب اساسيه الذي يتضمن كل نوعيات الحب هو الحب الاخوى و اقصد بهذا الشعور بالمسؤوليه و الرعايه و الاحترام و المعرفه ازاء اي كائن انسانى اخر، و الرغبه فتطوير حياته… الحب الاخوى هو حب لكل البشر الاخرين، و ذلك الحب يتصف بانة حب من الاستثناء. فاذا طورت مقدرتى علي الحب فهذا يعنى اننى لا املك سوي حب اخوتي. فالحب الاخوى توجد تجربه الاتحاد بكل الناس، توجد تجربه التضامن الانساني. يقوم الحب الاخوى علي تجربه اننا جميعا و احد.

ب – الحب الامومي

ارض الميعاد (الارض دائما هى رمز للام) توصف بانها “تتدفق لبنا و عسلا”. اللبن هو رمز الجانب الاول للحب: هذا الجانب الخاص بالرعايه و التاكيد. و العسل يرمز الي حلاوه الحياة و محبتها و السعاده فان الانسان حي. معظم الامهات قادرات علي اعطاء “اللبن” لكن قله منهن قادرات علي اعطاء “العسل” ايضا.

ان حب الام للحياة معد بقدر ما ان قلقها معد. كلا الموقفين لهما تاثير عميق علي الشخصيه الكليه للطفل: و ممكن للانسان فالحقيقه ان يفرق داخل الاطفال – و اليافعين – بين اولئك الذين ليس لديهم سوي “اللبن”، و اولئك الذين ربما حصلوا علي “اللبن و العسل”.

ولكن مهما يكن ثقل ذلك العامل الغريزى فان هنالك كذلك عوامل سيكولوجيه انسانيه خاصه مسؤوله عن ذلك النوع من الحب الامومي. يمكننا ان نجد عاملا منها فالعنصر النرجسى فالحب الامومي. فبقدر ما ان الطفل لا يزال يشعر انه جزء منها، فان حبها و افتتانها ربما يعدان اشباعا لنرجسيتها. و ممكن ان نجد دافعا احدث فرغبه الام فالقوه او التملك.

فى الحب الشبقى نجد ان اثنين منفصلين يصبحان و احدا. و فالحب الامومى نجد ان اثنين هما شخص و احد يصبحان منفصلين.

ج – الحب الشبقى او الجنسي

اذا احببت اخي، فاننى احب كل اخوتي، و اذا احببت طفلى فاننى احب كل اطفالى بل اننى احب كل الاطفال. و علي عكس نمطى الحب هذين يصبح الحب الجنسي، انه سعى للاندماج الكامل، للاتحاد مع شخص اخر. و هو بطبيعتة قاصر علي شخص و ليس مطلقا، و قد كان ذلك الحب اشد نوعيات الحب خداعا.

عند معظم الناس الحميميه تقوم اساسا من اثناء العلاقه الجنسية. و لما كانوا يعيشون انفصال الشخص الاخر اساسا كانفصال جسماني، فان الاتحاد الجسمانى يعنى قهر الانفصال. و لكن جميع هذة الانواع من القربي تميل الي النقصان اكثر بمرور الزمن. و النتيجه هى ان يبحث الواحد عن الحب مع شخص جديد، مع غريب جديد. و مره اخري يتحول الغريب الي شخص “حميم”، مره اخري تشتد و تتضاعف تجربه الوقوع فالحب، و مره اخري تقل الشده علي نحو بطيء، و تنتهى بالرغبه فانتصار جديد، حب جديد – و دائما مع و جود الوهم ان الحب الجديد سيصبح مختلفا عن حالات الحب السابقة. و يساعد علي هذة الاوهام طابع الرغبه الجنسيه الخادع.

ولما كانت الرغبه الجنسيه – و هى التي تهدف الي الاندماج – فعقول معظم الناس مقترنه بفكره الحب، فهم يخطئون عندما يتوصلون الي انهم يحبون بعضا عندما يشتهون بعضهم جسمانيا. ممكن للحب ان يلهم الرغبه فالوحده الجنسية… فاذا لم يكن الحب هو الذي يبعث الرغبه فالاتحاد الجسماني، و اذا لم يكن الحب الجنسى كذلك حبا اخويا فان هذة الرغبه لا تفضى اطلاقا الا الي و حده لا تزيد عن الشعور العربيدى المؤقت العابر. ليست الرقه بايه حال – كما يعتقد فرويد – تساميا بالغريزه الجنسية، و انما هى المحصله المباشره للحب الاخوي.

الحب الجنسى استثناء، لكنة يحب فالشخص الثاني البشريه جمعاء و جميع ما هو حي. انه ليس استثناء الا بمعني اننى استطيع ان ادمج نفسى علي نحو كامل و شديد بشخص و احد فقط. الحب الجنسى لا يستبعد الحب للاخرين الا بمعني الاندماج الجنسي، الالتزام الكامل لجميع جوانب الحياة – و لكن ليس بمعني الحب الاخوى العميق.

الحب الجنسي، لو كان حبا، له مقدمه و احدة، اننى احب من جوهر و جودى و اعيش الشخص الاخر فجوهر و جودة او و جودها. و من الناحيه الجوهريه نجد ان جميع البشر متماثلون. اننا جميعا جزء من الواحد، اننا الواحد، و كذا يجب ان يصبح الحب جوهريا فعلا للارادة، للقرار الخاص بالزام حياتى تماما لحياة ذلك الشخص.

فاذا تم الزواج، فيجب علي فعل الاراده ان يضمن استمرار الحب.

د – حب الذات

حب الذات عند فرويد هو نفسة النرجسية، تحول الليبيدو الي النفس. و النرجسيه هى اقدم مرحله فالتطور الانساني، و الشخص الذي تتحول فحياتة المتاخره الي هذة المرحله من النرجسيه عاجز عن الحب.

الشخص الانانى ليس مهتما الا بنفسة و يريد جميع شيء لنفسه، و لا يشعر بايه لذه فالعطاء، بل يشعر فيها فالاخذ. انه يفتقد الاهتمام باشياء الاخرين. انه لا يستطيع ان يري سوي نفسه، انه يحكم علي جميع فرد و جميع شيء من زاويه النفع بالنسبه له، انه – اساسا – عاجز عن الحب… الشخص الانانى لا يحب نفسة كثيرا بل يحبها قليلا جدا، انه فالواقع يكرة نفسه. و ذلك الافتقاد للاعجاب و الرعايه لنفسة يتركة خاويا و محبطا… لقد ذهب فرويد الي ان الشخص الانانى نرجسى كما لو كان ربما سحب حبة من الاخرين و حولة الي شخصه.

واسهل علينا ان نفهم الانانيه بمقارنتها بالاهتمام الشرة بالاخرين كما نجدها مثلا فالام المفرطه فتعلقها. فعلي حين انها تعتقد – بوعى – انها مغرمه بصفه خاصه بطفلها، فانها فالواقع تملك عداوه مكبوته عميقه نحو مقال اهتمامها. انها مفرطه فالاهتمام لا لانها تحب الطفل كثيرا جدا، بل لان عليها ان تعوض افتقادها للقدره علي حبة اصلا.

يقول ايكهارت: “اذا احببت نفسك فقد احببت جميع شخص احدث كما تفعل ازاء نفسك. و طالما انك تحب شخصا احدث اقل مما تحب نفسك، فلن تنجح حقا فحبك نفسك، و لكن اذا انت احببت الجميع علي السواء بما فذلك نفسك فسوف تحبهم كشخص و احد و ذلك الشخص هو كلا الله و الانسان و من بعدها سيصبح شخصا عظيما و علي حق هذا الذي هو يحب نفسة يحب كل الاخرين علي حد سواء”.

ة – حب الله

فى المرحله الاموميه تكون الام هى الكائن الاسمى. انها الالهة. و هى كذلك السلطه فالاسره و المجتمع. ان حب الام مطلق، انه شامل الحماية، انه مستحوذ محيط. و لما كانت الام تحب اطفالها لانهم اطفالها، و ليس لانهم مطيعون او “طيبون” او يحققون رغباتها و اوامرها، فان حب الام قائم علي المساواة. جميع الناس متساوون لانهم جميعا اطفال ام، لانهم جميعا اطفال الارض الام.

المرحله الاتيه هى المرحله الابوية. و فهذة المرحله تخلع الام عن عرش مكانتها السامية، و يكون الاب هو الكائن الاعلي فالدين و المجتمع علي السواء.

وطبيعه الحب الابوى هى انه يضع مطالب و يؤسس مبادئ و قوانين و ان حبة لابنة متوقف علي طاعه الاخير لهذة المطالب. و يسير تطور المجتمع الابوى مع تطور الملكيه الخاصة. و نتيجه لهذا، المجتمع الابوى مجتمع هرمي، فالمساواه بين الاخوه تتراجع امام المنافسه و النزاع المتبادل. ان الجانب الابوى يجعلنى احب الله كابن، اننى افترض انه عادل و صارم، و انه يعاقب و يكافئ، و انه سيحدث ان يختارنى كابنة المحبوب.

وفى الجانب الامومى للدين احب الله كام تحتضن الجميع. ان لدى ايمانا بحبها انها سوف تحبني، انها لن تفضل احدا احدث من اولادها علي، و مهما يحدث لى سوف تنقذنى و سوف تسامحني.

يكون الله بالنسبه للشخص المتدين حقا رمزا فية يعبر الانسان فمرحله مبكره من تطورة عن الشموليه التي يسعي اليها الانسان، مملكه العالم الروحي، مملكه الحب و العدل و الحق.

من و جهات النظر الهنديه و الصينيه و الصوفيه لا تكون المهمه الدينيه للانسان هى التفكير الحق، بل السلوك الحق، او ان يتحد المرء مع الواحد ففعل التامل المركز.

يبدا الطفل بالتعلق بامة باعتبارها “اساس الوجود كله”. انه يشعر بالعجز و هو يحتاج الي حب الام المحيط الشامل. بعدها حينئذ يستدير الي الاب باعتبارة المركز الجديد: باعتبارة المبدا المرشد للعدو و العمل. و فهذة المرحله يمتلئ بدافع الحاجه الي اكتساب ثناء الاب و اجتناب ضرره. و فمرحله النضج الكامل يحرر نفسة من شخص الام و شخص الاب باعتبارهما قوتى الحمايه و الامر. انه يصبح ربما انشا مبداى الامومه و الابوه فنفسه. لقد اصبح هو اباة و امه. انه الاب و الام. و فتاريخ الجنس البشرى نري – و يمكننا ان نتنبا ب – التطور نفسه: فالبدايه يصبح حب الله كالتعلق العاجز بالربه الام. و من اثناء التعلق المطيع للالة الاب، ينتقل الي مرحله ناضجه يكف بها الله عن ان يصبح قوه خارجية، حيث يصبح الانسان ربما جسد مبداى الحب و العدل فنفسه، حيث اصبح متحدا مع الله الي درجه لا يتحدث بها عن الله الا بشكل شعرى رمزي.

ومن هذة الاعتبارات يترتب ان حب الله لا ممكن ان ينفصل عن حب الانسان لوالديه. فاذا لم يظهر الانسان من التعلق الشديد بالام و القبيله و الامة، اذا تمسك بالاعتماد الطفولى علي الاب المعاقب و المثيب او ايه سلطه اخري فانة لا يستطيع ان ينمى حبا اكثر نضجا لله، و عندئذ يصبح دينة هو تلك المرحله المبكره من الدين التي يعاش بها الله كام شامله الحمايه او كاب يعاقب و يثيب.

يحتفظ جميع انسان فداخله، فلاشعوره، كما اوضح فرويد، بجميع المراحل ابتداء من الطفل العاجز الي ما بعد ذلك. و المساله هى الي اي حد ربما شب. هنالك شيء و احد مؤكد: ان طبيعه حبة للة تتفق مع طبيعه حبة للانسان، و زياده علي ذلك، ان الصفه الحقيقيه لحبة للة و الانسان غالبا ما تكون لاشعوريه مغطاه و معقلنه بفكره اكثر نضجا عما هو حبه. زياده علي ذلك، ان حبة للانسان و هو يتجسد مباشره فعلاقاتة باسرتة هو – فالتحليل الاخير – انما يتجدد ببناء المجتمع الذي يعيش فيه.

الحب و تفككة فالمجتمع الغربى المعاصر

يمكن صياغه المشكله الانسانيه للراسماليه الجديدة بهذة الطريقة: تحتاج الراسماليه الجديدة الي الناس الذين يتعاونون بشكل هادئ و باعداد كبيرة، الناس الذين يريدون ان ينفقوا اكثر و اكثر، و الذين تصبح اذواقهم متساويه و فق معيار محدد، و الذين ممكن التاثير عليهم و توجيههم بسهولة. انها تحتاج الي اناس يشعرون بانهم احرار و مستقلون، و ليسوا خاضعين الي ايه سلطه او اي مبدا او اي ضمير – و مع ذلك يكونون راغبين فان ياتمروا و يفعلوا ما هو متوقع منهم و ان يتلاءموا فالاله الاجتماعيه دون اختلاف، و الذين ممكن توجيههم بدون قوة، و ممكن ان يقادوا بدون قاده و ان ينتشروا بدون هدف – فيما عدا هدف و احد هو عمل الخير، و ان يكونوا فالتيار و ان يعملوا و يستمروا.

ان الانسان الحديث يتغذي جيدا، يكتسى جيدا، يشبع رغباتة الجنسية، و فكاهتة تكمن فاشعاع استهلاك السلع و ”اخذها”، و ايضا الاكل و المشروبات و السجائر و الناس و المحاضرات و الكتب و السينما – كلها تستهلك و تبتلع. العالم هو مقال كبير لشهيتنا. ان شخصيتنا ربما جهزت للمقايضه و التلقي، للمسامره و الاستهلاك، و جميع شيء. الحاجات الروحيه و ايضا الحاجات الماديه تصبح مقال مقايضه و استهلاك.

ليس الحب نتيجه الاشباع الجنسي، بل ان السعاده الجنسية، حتي معرفه ما يسمي بالتقنيه الجنسية، هى نتيجه الحب.

تجعل اشكال الكف او الكبت الحب مستحيلا. ان الخوف او الكراهيه للجنس الاخر قائم فجذر تلك الصعوبات التي تحول بين الشخص و ان يعطى نفسة كاملا، تحول بينة و التصرف تلقائيا، تحول بينة و الثقه فالشريك الجنسي، فمباشره و ملاصقه القربي الجسمانية. فاذا انتقل الشخص المكبوت جنسيا من الخوف او الكراهية، و من بعدها اصبح قادرا علي الحب، فان مشكلاتة تكون ربما حلت.

لا يصلح الاشباع الكامل لجميع الاحتياجات الغريزيه فقط كاساس للسعادة، بل لا يتضمن حتي الصحه العقلية. فالذين يكرسون حياتهم لاشباع جنسى غير محدود لا يحصلون علي سعادة، بل يعانون فالاغلب من الصراعات او الاعراض المرضيه العصابيه الشديدة. غير ان فكره فرويد ما كان لها ان تصبح علي هذة الدرجه من الشعبيه ففتره ما بعد الحرب العالميه الثانيه الا بسبب التغيرات التي حدثت فروح الراسماليه من التاكيد علي التوفير الي التاكيد علي الانفاق، من احباط الذات كوسيله للنجاح الاقتصادى الي الاستهلاك كاساس لسوق اخذ فالاتساع و كاشباع رئيسى لفرد قلق تمكنن.

الشرط الرئيسى للحب العصابى يكمن فان احد المحبين او ان كليهما يظلان متعلقين بشخص الاب، و يحول، او يحولان، المشاعر و التوقعات و المخاوف التي سبق ان تملكتة تجاة الاب او الام الي الشخص المحبوب فحياة اليفاعة. ان هؤلاء الاشخاص لم يظهروا اطلاقا من انموذج التعلق الطفولي، و هم يبحثون عن ذلك الانموذج فالمطالب العاطفيه فحياة اليفاعة. و فهذة الحالات، يظل الشخص – من الناحيه العاطفيه – طفل اثنين او خمسه او اثنى عشر عاما علي حين انه من الناحيه العقليه و الاجتماعيه علي مستوي عصرة الذي يتتابع تاريخيا. و فالحالات الاشد، عدم النضج العاطفى ذلك يؤدى الي اضطرابات فتاثراتة الاجتماعية. و فالحالات الاقل حده يصبح الصراع محدودا علي مجال العلاقات الحميمية.

نجد علاقه الحب العصابى كثيرا اليوم، و هى تتناول الناس الذين ظلوا فتطورهم العاطفى مثبتين فتعلقهم الطفلى بالام. هؤلاء رجال لم يفطموا بعد من امهم. هؤلاء الناس لا يزالون يشعرون كالاطفال انهم بحاجه الي حمايه الام و حبها و دفئها و رعايتها و اعجابها، انهم يريدون حب الام المطلق، و هو حب يعطي لا لسبب سوي انهم يحتاجون اليه، و انهم اطفال الام و انهم عاجزون… اذا ما حاولوا ان يغروا امراه لكى تحبهم، و حتي بعد ان ينجحوا فهذا، تبقي علاقتهم بالمراه (مثل علاقتهم بكل الاخرين فالواقع) طفيليه و غير مسؤولة. ان هدفهم هو ان يحبوا لا ان يحبوا. و عاده ما يصبح هنالك قدر كبير من العبث لدي ذلك النوع من الرجال، و افكار بالعظمه خفيه بشكل او باخر، فاذا و جدوا المراه المناسبه فانهم يشعرون بالامان، و بانهم علي قمه العالم. و هم يستطيعون اظهار قدر كبير من الحب و السحر، و ذلك هو الاسباب =الذي يجعلهم مخادعين فالاغلب. و لكن، عندما لا تستمر المراه – بعد لمدة – فان تعيش و فق توقعاتهم الخياليه الناشطة، تبدا الصراعات و الاستياء. خصوصا اذا لم تكن المراه تعجب بهم دوما، و اذا ابدت مطالب للحياة خاصه بها، و اذا ارادت ان تحب و ان تحمى نفسها.

لا يزال هنالك شكل اكثر حده من المرض هو التثبيت و التعلق بالام، و هو مرض اكثر عمقا و اكثر لاعقلانية. و علي هذ المستوي ليست الرغبه – اذا ما تحدثنا رمزيا – هى العوده الي ذراعى الام الدافئين، و لا العوده الي صدرها المغذي، بل الي رحمها المتلقى الشامل – و المدمر الشامل. فاذا كانت طبيعه الصحه العقليه هى النمو من الرحم الي العالم، فان طبيعه المرض العقلى الشديد هو الانجذاب الي الرحم، الدخول فية من جديد – و ذلك يعنى الانسحاب من الحياة. ذلك النوع من التثبيت يحدث عاده فالعلاقه بالامهات اللواتى يربطن انفسهن باطفالهن. فهذة الكيفية الملتهمه المدمرة، و احيانا باسم الحب، و احيانا باسم الواجب، يردن ان يبقين الطفل و اليافع و الرجل داخلهن، فهو لا يجب ان يصبح قادرا علي التنفس الا من خلالهن، غير قادر علي الحب الا علي مستوي جنسى زائف مع الحط من شان كل النساء الاخريات، يجب الا يصبح قادرا علي ان يصبح حرا و مستقلا و الا يكون سوي مشلول ابدى او مجرم ابدي.

هذا الجانب للام، الجانب التدميرى المبتلع، هو الجانب السلبى لشخص الام. تستطيع الام ان تعطى الحياة، و تستطيع ان تاخذ الحياة. انها الشخص الذي يحب، و هى الشخص الذي يدمر. تستطيع ان تاتى باعاجيب الحب، و ما من مخلوق يستطيع ان يؤذى اكثر منها. و فالصور الدينيه (مثل كالى الربه الهندوسية)، و فرمزيه الحلم ممكن للجانبين المتقابلين للام ان يوجدا فاغلب الاحيان، و هنالك خطا متكرر و هو الوهم القائل بان الحب يعنى بالضروره غيبه الصراع، غير ان الاسباب =لهذا يكمن فان “صراعات” معظم الناس هى بالفعل محاولات لتجنب الصراعات الحقيقية. ان هذة الصراعات هى عدم اتفاقات حول المسائل الثانويه او التافهه و هى بطبيعتها لا تؤدى الي و ضوح او الي حل، اما الصراعات الحقيقيه بين شخصين: الصراعات التي تفيد، و التي تعاش علي المستوي العميق للواقع الباطنى الذي تنتمى اليه، هى صراعات غير مدمرة، انها تفضى الي جلاء المسالة، تنتج تطهيرا منة ينبثق الشخصان و لديهم مزيد من المعرفه و مزيد من القوة.

لا يصبح الحب ممكنا الا اذا تواصل شخصان معا من مركز و جودهما، و من بعدها اذا عاش جميع منهما بنفسة من مركز و جوده. فهذة “الاعاشه المركزية” تكمن الحقيقه الانسانية، هنا فقط تكمن الحياة، هنا فقط يوجد اساس الحب. و الحب معاشا علي ذلك النحو، هو تحد دائم. انه ليس مستقرا للراحة، بل هو تحرك و نمو و عمل مشترك. حتي اذا كان هنالك تناغم او كان هنالك صراع، اذا كان هنالك فرح او كان هنالك حزن،… ان شخصين يعيشان نفسيهما من ما هيه و جودهما، جميع منهما و احد بالنسبه للاخر، عن طريق ان يصبحا و احدا مع نفسيهما بدلا من الهرب من نفسيهما.

هنالك دليل و احد علي حضور الحب هو عمق العلاقه و الحيوية، و القوه فكل شخص منهما، هذة هى الثمره التي يدرك فيها الحب.

تنفصل الحياة اليوميه علي نحو صارم عن ايه قيم اسلامية. انها مكرسه للسعى من اجل الراحه الماديه و النجاح فسوق الشخصية.

لقد حول الانسان الحديث نفسة الي سلعة، انه يعيش طاقه حياتة كاستثمار علية ان يجنى مقابلة اكبر ربح، و هو يقدر و ضعة و موقفة فسوق الشخصية. انه مغترب عن نفسه، و عن رفاقه، و عن الطبيعة.

ممارسه الحب

الحب تجربه شخصيه لا ممكن ان تكون لدي جميع انسان الا بنفسة و لنفسة اولا و قبل جميع شيء. تتطلب ممارسه الفن النظام. لن افلح فاى شيء اذا لم افعلة بكيفية منظمة. ان اي شيء لا افعلة الا “بمزاج” ربما يصبح هوايه رائعة او مسلية، لكننى لن اصبح اطلاقا سيدا فذلك الفن، و علي ايه حال فان الحياة بدون كهذا النظام تصبح مبعثره فحاله فوضى، و تفتقد التركيز.

هذا التركيز هو شرط ضرورى للسيطره علي الفن و لا يحتاج ذلك الي دليل. فالتدخين علامه من علامات ذلك النقص فالتركيز، انه يشغل اليد و الفم و العين و الانف.

وهنالك عامل ثالث هو الصبر. فاى شخص يحاول ان يسيطر علي فن من الفنون يعرف ان الصبر ضرورى اذا كان يريد تحقيق شيء. و هنالك شرط لتعلم اي فن هو الاهتمام الاقصي لاحراز السياده فهذا الفن.

بالنسبه لفن الحب يعنى ذلك ان اي شخص يامل ان يكون استاذا فهذا الفن يجب ان يبدا بممارسه النظام و التركيز و الصبر طوال جميع حقبه من حقب حياته.

كيف ممكن للانسان ان يمارس النظام؟

من الجوهرى الا يمارس النظام كقاعده مفروضه علي الانسان من الخارج بل يمارس كتعبير عن اراده الانسان، و كممارسه رائعة يشعر بها. الانسان الذي يعود نفسة ببطء علي نوع من السلوك سيفتقدة اذا ما توقف عن ممارسته. من الجوانب السيئه فالمفهوم الغربى عن النظام (كما هو بالنسبه لكل فضيلة) ان ممارستة تفترض الالم، و عندما تكون الممارسه مؤلمه فانها و حدها “خير” للانسان. لقد ادرك الشرق منذ امد طويل ان ما هو خير للانسان – لجسمة و لنفسة – يجب ان يصبح كذلك مستحسنا، حتي لو كانت هنالك بعض المقاومه فالبدايه فيجب التغلب عليها.

كانت و صيه الاجداد هى الاستيقاظ مبكرا فالصباح و عدم الانغماس فو سائل الترف غير الضرورية، و العمل الشاق… و كمقابل و توازن للكيفية الروتينيه للحياة المفروضه علينا اثناء ثمانى ساعات عمل هناك: الاستيقاظ فساعه محددة، و تخصيص قدر معين من الوقت اثناء النهار لانشطه كالتامل و القراءه و الاستماع الي الموسيقي و عدم الانغمار فاوجة النشاط الهروبيه كالقصص و الافلام البوليسيه و عدم الافراط فالطعام و الشرب؛ هذة قواعد اولية.

اهم خطوه فتعلم التركيز هى تعلم كيف يصبح الانسان و حيدا مع نفسة بدون اطلاع، بدون استماع للراديو، بدون تدخين، بدون شرب. و الحقيقه ان القدره علي التركيز تعنى القدره علي الوحده مع النفس. و هذة القدره هى شرط دقيق للقدره علي الحب. اذا تعلقت بشخص احدث لاننى لا استطيع ان اقف علي قدمى و حدى فقد يصبح ذلك الشخص منقذا لحياتي، لكن العلاقه حينئذ لا تكون علاقه حب، و علي نحو متناقض فان القدره علي الوحده هى شرط القدره علي الحب.

من المفيد ممارسه تمرينات بسيطه قليله جدا، علي سبيل المثال، الجلوس فو ضع استرخائى (لا الكسل المطبق و لا التصلب المشدد) و اغماض العينين، و محاوله رؤيه شاشه بيضاء امام البصر، و محاوله محو جميع الصور و الافكار المتداخلة، بعدها محاوله متابعه التنفس، لا التفكير فية و لا ارغامة بل متابعته، و بهذا ممكن الشعور به، و زياده علي هذا محاوله تملك الشعور ب”الانا”، الانا: نفسي، كمركز لقواي، كخالق لعالمي. علي الاقل، ممكن للانسان ان يفعل – علي الاقل – كهذا التمرين للتركيز جميع صباح لعشرين دقيقه (واذا امكن لمدة اطول) و جميع مساء قبل النوم.

بجانب كهذة التمرينات، علي الانسان ان يتعلم كيف يركز فكل شيء يفعله، فالانصات الي الموسيقى، فقراءه الكتاب، فالتحدث الي شخص، فرؤيه منظر. النشاط فهذة اللحظه الخالصه يجب ان يصبح الشيء الوحيد الذي يهم، و الذي يكرس له الانسان نفسة تماما.

وتعلم التركيز يقتضى اجتناب الحديث التافة بقدر الامكان، اي الحديث الذي لا اصاله له، اي عندما لا يصبح القلب فيما يقول.

يعنى التركيز، بالنسبه للاخرين، اساسا القدره علي الانصات

اى نشاط، اذا جري بشكل مركز، يجعل الانسان اكثر تيقظا. التركيز يعنى العيش تماما فالحاضر، فالهنا و الان، و عدم التفكير فالشيء الاتي الذي يجب ان يفعل بينما انا افعل شيئا حقا الان. يجب ان يمارس التركيز من قبل اناس يحبون بعضهم. عليهم تعلم ان يكونوا لصيقين ببعضهم دون التشتت فعده طرق…

لا يستطيع الانسان ان يركز بدون ان يكون حساسا لنفسه. و ذلك يعنى ان يصبح العقل فحاله تيقظ استرخائي، مستعد لكل التغيرات الفجائيه فالموقف الذي يركز فيه.

واذا نظرنا الي موقف الحساسيه من شخص اخر، نجد ان اوضح مثال علي الحساسيه و الاستجابه هو موقف الام من رضيعها. انها تلاحظ بعض التغيرات المعنيه فجسمه، تلاحظ مطالبه، اشكال قلقه، قبل ان يجرى التعبير عنها بوضوح. انها تستيقظ بسبب صراخ طفلها، حيث ان صوتا احدث اعلي لا ممكن ان يوقظها. جميع ذلك يعنى انها حساسه لمظاهر حياة الطفل. هى ليست قلقه او مضطربة، بل هى فحاله هدوء يقظ، مستجيبه لاى تواصل ذى دلاله يصدر اليها من الطفل. بالكيفية عينها ممكن للانسان ان يصبح حساسا بالنسبه لنفسه… و الشيء نفسة يحدث عندما نلاحظ متي يصبح الشخص مثارا او غاضبا، او ميالا الي احلام اليقظة، او اوجة النشاط الهروبيه الاخرى. فكل من هذة الامثلة، الشيء المهم هو ان يعيها الانسان، لا ان يتعقلها بالف كيفية و كيفية ممكن ان تحدث بها. زياده علي ذلك، يجب ان نتفتح لصوتنا الباطنى الذي سيخبرنا بشكل اكثر مباشره لماذا نحن قلقون و يائسون و مثارون.

الشرط الرئيسى لتحقيق الحب هو قهر ما لدي الانسان من نرجسية. ان النزوع النرجسى هو نزوع لا يعيش فية الانسان كشيء حقيقى سوي ما يوجد فنفسه، علي حين ان الظواهر فالعالم الخارجى ليس لها و اقع فحد ذاتها، بل لا تعاش الا من و جهه نظر انها مفيده او خطره علي الانسان.

القطب المضاد للنرجسيه هو الموضوعية. انها الملكه التي نري فيها الناس و الحاجات كما هم موضوعيا، و التي نتمكن فيها من فصل هذة الصوره الموضوعيه عن صوره رسمتها رغبات الانسان و مخاوفه. ان كل اشكال الذهان تبين العجز عن الموضوعيه الي درجه كبيرة. عند الشخص المجنون، الواقع الوحيد الموجود هو الواقع الذي فداخله، و اقع مخاوفة و رغباته. انه يري العالم الخارجى علي انه رموز لعالمة الباطني، لما يختلقة هو.

الشخص المجنون او الشخص الحالم يفشل تماما فان تكون له نظره موضوعيه للعالم الخارجي. غير اننا جميعا مجانين بشكل او باخر، كلنا نائمون بشكل او باخر، جميع منا لدية نظره غير موضوعيه للعالم. و ملكه التفكير الموضوعى هى العقل، و النظره العاطفيه و راء العقل هى نظره التواضع. لا يصبح استعمال العقل و الموضوعيه ممكنا الا اذا احرز الانسان نظره التواضع.

على ان احاول ان اتبين الفرق بين تصورى انا عن الشخص و سلوكه، و بين صورتة المشوهه نرجسيا او و اقع الشخص كما يوجد بصرف النظر عن اهتماماتى و احتياجاتى و مخاوفي. حيازه القدره علي الموضوعيه و العقل هما نص الطريق الي تحقيق فن الحب، لكن يجب تحقيق هذا بالنسبه لكل شخص يتصل بة الانسان.

تتوقف القابليه للحب علي قدره الانسان علي الخروج من النرجسيه و من التثبيت التحريمي و التعلق بالام و القبيلة، انها تتوقف علي القدره علي النمو و تطوير نزوع ابداعى مخصب فعلاقتنا بالعالم و بانفسنا. و هذة العمليه الخاصه بالخروج، بالميلاد، بالاستيقاظ، تتطلب صفه كشرط اساسى هى الايمان. تقتضى ممارسه فن الحب ممارسه الايمان.

فى مجال العلاقات الانسانية، الايمان صفه لا تنفصل عن اي صداقه هامه او حب. “ان يصبح لديك الايمان” بشخص احدث يعنى انك متاكد من و ثوقيه و ثباتيه صفاتة الرئيسية، متاكد من جوهر شخصيته، من حبه.

وبهذا المعني نفسة يصبح لدينا ايمان بانفسنا. اننا ندرك و جود نفس، و جود جوهر فشخصيتنا لا يتغير، و هو الذي يقاوم طوال حياتنا برغم تغير الظروف و بصرف النظر عن تغيرات معينه فالاراء و المشاعر. ذلك الجوهر هو الحقيقه و راء كلمه “انا”، و الذي علية تقوم قناعتنا بذاتيتنا. و ما لم يكن لدينا ايمان باصرار بنفسنا، فان شعورنا بالذاتيه يتعرض للخطر، و نصبح معتمدين علي الاخرين الذين يكون استحسانهم حينئذ هو اساس شعورنا بالذاتية. الشخص الذي لدية ايمان بنفسة هو و حدة القادر علي ان تكون لدية ثقه بالاخرين… ما يهم فعلاقه الحب هو الايمان بحب الانسان، بقدرتة علي اثمار الحب فالاخرين، و الوثوقيه به.

هنالك معني احدث للايمان بشخص يشير الي الايمان الذي لدينا بامكانيات الاخرين. الشكل الشائع الذي يوجد فية ذلك الايمان هو الايمان الذي لدي الام نحو رضيعها الوليد. انه سوف يحيا و ينمو و يمشى و يتكلم. ان الايمان بالاخرين يصل الذروه فالايمان بالبشرية. شان ذلك الايمان بالبشريه شان الايمان بالطفل قائم علي فكره ان امكانيات الانسان التي تهيا لها الظروف الملائمه ستكون قادره علي بناء نظام اجتماعى تحكمة مبادئ المساواه و العدالة، و الي ان الانسان لم يحقق بعد بناء كهذا النظام. و من بعدها فان القناعه التي تجعلة قادرا علي ان يفعل ذلك تقتضى الايمان. غير ان ذلك الايمان شان جميع ايمان عقلى ايضا، فهو قائم علي ادله الانجازات الماضيه للجنس البشرى و التجربه الباطنيه لكل فرد، علي معايشتة للعقل و الحب. علي حين ان الايمان اللاعقلانى مغروس فالخضوع لقوه يشعر فيها علي انها شيء محيط بكل شيء قادر علي جميع شيء علي نحو قوى شامل و فالحط من قدره الانسان و قوته، فان الايمان العقلانى قائم علي التجربه المضادة. ان لدينا ايمانا بالعقل لانة نتيجه ملاحظتنا و تفكيرنا. ان لدينا ايمانا بامكانيات الاخرين و انفسنا و البشريه لاننا نعيش نمو امكانياتنا و حقيقه النمو فانفسنا و قدره قوه عقلنا و حبنا. ان الايمان تنبؤ بالمستقبل قائم فحسب علي الحاضر الجلي.

الايمان يقتضى الشجاعة، القدره علي المخاطرة، الاستعداد حتي لتقبل الالم و خيبه الامل… و من يتعلق داخل نظام دفاعى فية المسافه و الملكيه و سيلتان للامن يجعل من نفسة سجينا… ان شجاعه الياس هى لكسب شجاعه الحب تماما كما ان الايمان بالقوه عكس الايمان بالحياة. ان اخذ المصاعب و المخاطر و الماسى كتحد يقتضى قهرها يجعلنا اقوى. ان الانسان يخاف و اعيا من الا يحب، اما الخوف الحقيقي، و ان كان لاشعوريا، فهو الخوف من ان يحب. ان يحب الانسان يعنى الزام نفسة بدون ضمان. ان يعطى نفسة كليه بامل. ان ينتج حبنا حبا فالشخص المحبوب. الحب هو فعل من افعال الايمان.

يمكن لاى شخص مهتم حقا ان يتعلم ان يصبح لدية ايمان كما يتعلم الطفل المشي.

وهنالك و جهه نظر لا تنفصل عن ممارسه فن الحب، و هى النشاط. و المقصود بالنشاط “فعل شيء”، لكن المقصود هنا هو النشاط الباطني، الاستعمال المثمر لقوي الانسان. الحب نشاط. اذا احببت، فاننى فحاله دائمه من الاهتمام – النشاط، بالشخص المحبوب،… هذا اننى ساصبح عاجزا عن ربط نفسى بشكل فعال بالشخص المحبوب اذا كنت كسولا، اذا لم اكن فحاله دائمه من الوعى و التيقظ و النشاط. النوم هو الموقف الملائم الوحيد للكف عن النشاط، و حاله اليقظه هى الحاله التي لا يجب ان يصبح للكسل منها مكان.

القدره علي الحب تتطلب حاله من التوتر و اليقظه و الحيويه الدائمة، و هى مسائل لا ممكن ان تكون الا نتيجه نزوع مثمر و فعال فالمجالات الاخري العديده للحياة. اذا لم يكن الانسان مثمرا فالمجالات الاخري فانة لا يصبح مثمرا كذلك فالحب.

ان تحب يعنى ان يصبح لك موقف محب نحو جميع شخص. ان علاقاتنا فالواقع محدده فاروع احوالها بمبدا النزاهة. تعنى النزاهه عدم اللجوء الي الغش و الخداع فتبادل السلع و الخدمات، و فتبادل المشاعر: “اعطيك بقدر ما تعطيني” فالسلع الماديه و فالحب علي السواء. هذة هى القاعده الاخلاقيه السائده فالمجتمع الراسمالي. ان اخلاق النزاهه تختلط باخلاق القاعده الذهبية. ان شعار “افعل للاخرين ما تود ان يفعلوة لك” ممكن تفسيرة “كن نزيها فمعاملتك مع الاخرين

  • كلام عن الاهتمام والحبpdf


اريك فروم فن الحب pdf