وكلمة الأيوبي جاءت نسبتها إلى نجم الدين أيوب -كما أن كلمة أسد الدين شيركوه :هي
\nكلمة فارسية تتكون من لفظتين شير=ومعناها أسد وكوه=ومعناها جبل فالكلمة في جملتها تعني أسد الجبل
<\/p>
أقطع السلطان مسعود بن ملكشاه بهروز ولاية تكريت بصفة التمليك فأناب بهروز صديقه شادي في
\nأمور المقاطعة لما كان بينهما من ود وصداقة
وحينما توفي شادي ودفن في تكريت جعل بهروز نجم الدين أيوب مستحفظا لقلعة تكريت لأنه
\nأبر سنا والأرجح عقلا وبذلك أصبح نجم الدين أيوب حكما لقلعة تكريت قبيل سنة525هجري 1130ميلادي
\nوقد أحسن التصرف بها<\/p>
بالرغم مما في ذلك من تحد للخليفة وتعرض للخطر إن تلك المساعدات التي قدمها نجم
\nالدين أيوب وأخوه أسد الدين إلى عماد الدين زنكي
ونجا بجيشه وعاد سالما إلى الموصل أغضبت بهروز واعتبرها عصيانا على الخلافة في بغداد وقد
\nصادف أن قام أسد الدين شيركوه بقتل أحد قادة القلعة وذلك من أجل إمرأةجاءت تشكو
\nمن أحد القادة الذي اذاها في شرفها واعتدى عليها فما كان من أسد الدين إلى
\nأن إنتصر للشرف والمروءة وقتل ذلك القائدوهنا إزداد غضب بهروز وخاصة حين علم أن المدينة
\nثائرة على الحاكم وأخيه فأرسل إلى نجم الدين يأمره بتسليم القلعة إلى عامل اخر والخروج مع
\nأهله من تكريت<\/p>
تبشره بأنها قد وضعت غلاما اسمته (كما اتفقنا):يوسف فتشاءم الرجل وتطير بالوليد الصغير ثم مالبث
\nأن التقفت إلى أخيه وقال له :إني خارج منذ الآن متسترا بجنح الظلام كي لا
\nأشمت بي الناس في وضح النهار .ونهض فنهض أخوه وسار فتبعه وما هي إلى ساعة
\nحتى كنا خارج القلعة مع نسائهما وأولادهما وشيخ نصراني من بغداد كان يكتب لهما وأخذوا
\nيضربون على غير هدى في جوف الليل
ظلت القلعة القافلة الصغيرة تتابع السرى في ليلة داجية من شتاء سنة 532هجري\/1137ملادي وفي برية
\nمقفرة ليس فيها أي أسر لإنسان أو حيوان أو نبات
وقد بلغت هذه القافلة بقعة من الأرض لايميزها وسط تلك القفار سوى عدد من أشجارالنخيل
\nوكان الصبح يوشك أن يطلع وأخذت الأشياء تتميز عن بعضها فوقف نجم الدين يفكر وإلى
\nجانبه أخوه وإذا بالوليد ينفجر باكيا على يدي أمه فازداد نجم الدين حنقا وتطيرا وهم
\nفي ثورة غضب أن يبطش به ليريح نفسه من عبئه ويريحه من حياة ليس من
\nيدري أين تقضي بها هذه البداية المخيفة فصرخت الأم باكية متوسلة وهرع نحوه أخوه مهدئا
\nمن روعه وأمسك كاتبه النصراني بيده وهو يقول له بصوت متضرع شفيق
يا مولاي قد رأيت ما حدث عندك من الطيرة والتشاؤم بهذا الصبي واي شيىء له
\nمن الذنب؟ وبم استحق ذلك منه؟وهو لاينفع ولايضر ولا يغني شيئا وهذا الذي جرى عليك
\nقضاء من الله سبحانه وقدر ما يدريك أن هذا الطفل يكون ملكا عظيم الصيت جليل
\nالمقدار ولعل الله جاعل له شأنا فاستبقه فهو طفل ليس له ذنب ولا يعرف ما
\nأنت فيه من الكدر والغم
وبينما نجم الدين أيوب حائرا لايدري بأي إتجاه يسير : إلى اليمين أو الى اليسار
\nأو يتجه نحو الشمال أو يضرب في البادية نحو الجنوب وإذا بشعاع أمل أضاء ظلمة
\nحيرته وبدد يأسه فقال في نفسه:لماذا لانذهب إلى عماد الدين زنكي؟ وقد جائنا هذا الرجل
\nمنذ مدة في ليلة تشبه هذه اليلة بجوها العاصف وظلمتها الداجية وفي حالة تشبه حالتنا
\nالآن بقلقها العنيف وحيرتها الطاغية وكان قد سار بجيشه لمظاهرة السلطان مسعود على الخليفة العباسي
\nالمسترشد بالله فانهزم في المعركة التي خاضها وارتد راجعا إلى الموصل مارا بتكريت حيث فتحنا
\nله أبواب القلعة وقدمنا له القوارب لينجو هو وجيشه من بطش جيش الخليفة الذي حاصره
\nقرب القلعة ولا ر يب أن عماد الدين يذكر تلك اليد التي أعانته ويعرف تلك
\nالصنيعة وهكذا اتجهت تلك القافلة نحو الموصل<\/p>
وقد صدق ظن نجم الدين ايوب فما كان يبلغ وأخوه الموصل حتى رحب بهما عماد
\nالدين زنكي ترحيبا عظيما وأكرم وفادتهما وأجرى عليهما المنح والعطايا وكافأهما على ما فعلا معه
\nمن الجميل عند تكريت واقطعهما أرضا ليعيشا عنده معززين مكرمين
عاش نجم الدين وأخوه ومعهما المولود صلاح الدين في رعاية عماد الدين بأحسن مظاهر العز
\nوالأكرام وأسند إليهما أعمال الجيش فخدما عماد الدين وأخلصا له الخدمة وأحرز إنتصارات عديدة زادت
\nفي حبه لهما وتقديره إياهما فلما سقطت بعلبك في يده سنة 534هجري\/1139ملادي عهد بإدارتهما إلى
\nنجم الدين ولا شك أن هذا الاختيار
هو برهان قاطع على ثقة عماد الدين بنجم الدين أيوب وحسن الأعتماد عليه
لقد كان عمر صلاح الدين سنتين عندما تولى والده حكم بعلبك حيث قضى فيها أجمل سنين
\nطفولته وأسعدها ومكث فيها مع أسرته حتى سن التاسعة حيث قتل عماد الدين زكي سنة 541هجري\/1146ميلادي
\nوتولى إبنه نور الدين الحكم مكانه وعلى أثر ذلك أرسل حاكم دمشق مجير الدين أبقى
\nإلى نجم الدين أيوب يطلب منه تسليم بعلبك وهنا أدرك نجم الدين أن هذه المدينة
\nلابد أن تسقط في أيدي الدمشقيين لضعف حاميتها فسلمهم إياها مقابل تعهدهم بإقطاعه عشر قرى
\nفي جوار دمشق وانتقل مع أسرته إلى دمشق تاركا بعلبك والتحق بخدمة أيبك أكبر أولاد
\nتوغتكين ومازال هذا بقربه منه ويجازيه على خدماته حتى جعله قائد قادة الشام<\/p>
أما أسد الدين شيركوه فقد إتصل بخدمة صاحب حلب نور الدين محمود زنكي واصبح من
\nأخص أصحابه ومقدما على سائر أمرائه لما عرف عن شهامته وشجاعته ولم يزل حاله يكبر
\nعنده إلى أن أقطعه مدينتي حمص والرحبة وأسند إليه قيادة الجند
وهكذا أصبح كل من نجم الدين أيوب قائدا معززا مكرما على الأمراء في دمشق كما
\nأصبح أسد الدين قائدا على الأمراء في حلب
ولما توفي معين الدين أنر القيم القيم بتدبير مملكة دمشق سنة 544هجري\/1149ميلادي أصبح نجم الدين
\nأيوب صاحب الكلمة فيها لأن حاكمها مجيرالدين أبق كان ضعيفا
قبل النفوز يستنجد حينا بالصليبيين وحينا أخر يطمعهم في الاستلاء عليها فخاف نور الدين من
\nسقوط دمشق في أيدي الصليبيين فوجه إليه في أواخر سنة 549هجري\/1154ميلادي جيشا بقيادة أسد الدين
\nشيركوه وحاصرها
ويقول الأستاذ قلعجي (ص121):ووقف أخوه نجم الدين أيوب على رأس جيش توغتكين مدافعا عنها وحار
\nالأخوان فيما يصنعان وكانت تساور نجم الدين عواطف قوية متضاربة فهو لايريد أن يحارب أخاه
\nويخشى أن يصيبه من هذه الحرب سوء ثم إن الجيش الذي يقوده أخوه هو جيش
\nنورالدين بن عماد الدين زنكي الذي أحسن إليه لما هاجر من تكريت وأكرم مثواه وهو
\nإلى ذلك على يقين من أن جيش دمشق أضعف من أن يثبت في وجه المهاجم
\nإلى النهاية
مالبث أن عمد إلى مفاوضة أخيه على إبلرام الصلح بينهما واستمرت هذه المفاوضات ستة أيام
\nانتهت بتسليم دمشق وانتقالها إلى يد أقوى أمير في سوريا انذاك وذلك سنة549هجري\/1154ميلادي
فما كان من نور الدين زنكي إلا أن كافا نجم الدين على هذا المسعى الحسن
\nوعينه حاكما على دمشق وقربه من مجلسه حتى أصبح من أخص المقربين إليه ونال عنده
\nما لم ينله أي شخص اخر
<\/p>
ظهور شخصية صلاح الدين
*************************************************
أما صلاح الدين فقد قضى في دمشق فترة تعد من أفضل أيام حياته حيث ظهرت
\nشخصيته الفذة فكان محل إحترام وتقدير ومكانة رفيعة وقد ظهر أمام الجميع بمظهر الشاب الهادىء
\nالمهذب المتدين المتقد غيرة الإسلام والمسلمين بما طبع في نفسه من أخلاق والده وشيم نور
\nالدين
أتاكم سمي النبي الكريم يوسف رب الحجا والجمال
فذاك يقطع ايدي النساء وهذا يقطع أيدي الرجال…>>ه
وقد نشا صلاح الدين في السنين الأولى من طفولته وفي العقد الثاني والثالث من شبابه
\nعلي الفضائل الكريمة والخصال الحميدة واكتسب من مجالسته لأمراء
ومن مصاحبته للقادة العادات الأصيلة والمهارة الحربية والغير إسلامية والشجاعة المادية والأدبية
وبما أنه قد قضى طفولته الأولى في بعلبك كما مر معنا فقد كان من الطبيعي
\nأن يتردد على مكاتب العلم والمعرفة ليتعلم منها مهارة القراءة والكتابة والصرف والنحو ويحفظ القران
\nالكريم
يقول صاحب كتاب طبقات الشافعية:ه
والذي أجمع عليه المؤرخون أن العلماء كانوا يفدون إلى دمشق أيام نور الدين من الشرق
\nوالغرب من سمرقند ومن قرطبة ليعلموا ويتعلموا في مساجدها ومدارسها وقد إستمع صلاح الدين إلى
\nأكثرهم وكان يحضرمجالس الأدب والشعر والظرف وحلقات جامع الأموي يستمع إلى المحاضرات (عبدالله بن أبي
\nعصرون)الذي أحضره نور الدين وابتنى له مدارس في دمشق وأمهات مدن الشام ليدرس فيها وينشر
\nالعلم في البلاد وقد بلغ هذا العالم من المكانة والمنزلة أنه وصل إلى مركز القاضي
\nقضاة الجزيرة وقد تحدثت التاريخ عن إخلاص صلاح الدين لهذا الشيخ بأن قربه من مجلسه
\nعندما فقد بصره وجعله من أخص خواصه
كان صلاح الدين يهوى التغني بالطبيعة فتراه في مغاني فيحاء بساتينها بين بعلبك ودمشق متمتعا
\nبرغد العيش قاصدا فلواتها وسهولها الممتدة حتى تخوم البادية العربية حيث مرن على ركوب الخير
\nولعب الكرة فقد تعلم الفروسية وأحسن الرمي وبرع في الصيد وتدرب على الأعمال الحربية وأتقن
\nالفنون العسكرية حتى اكتملت له تلك الشخصية الفذة وثبتت رجولته وتوافرت فيه الصفات العربية الفاضلة
\n:من شجاعة وشهامة ونبل ومروءة وتسامح وفداء وإقدام وحزم وتمسك بالرسالة الأسلامية والسعي لنشرها…ه
وعرف عنه أنه عشق دمشق عشقا شديدا، وتلقى علومه فيها، وبرع في دراساته، حتى قال
\nعنه بعض معاصريه أنه كان عالما بالهندسة الإقليدية والرياضيات المجسطية وعلوم الحساب والشريعة الإسلامية، وتنص
\nبعض المصادر أن صلاح الدين كان أكثر شغفا بالعلوم الدينية والفقه الإسلامي من العلوم العسكرية
\nخلال أيام دراسته. وبالإضافة إلى ذلك، كان صلاح الدين ملما بعلم الأنساب والسير الذاتية وتاريخ
\nالعرب والشعر، حيث حفظ ديوان الحماسة لأبي تمام عن ظهر قلب، أيضا أحب الخيول العربية
\nالمطهمة، وعرف أنقى سلالاتها دما.
<\/p><\/div><\/body><\/html>\n","protected":false},"excerpt":{"rendered":"
مولد صلاح الدين ونشأنهوكلمة الأيوبي جاءت نسبتها إلى نجم الدين أيوب -كما أن كلمة أسد الدين شيركوه :هي كلمة فارسية تتكون من لفظتين شير=ومعناها أسد وكوه=ومعناها جبل فالكلمة في جملتها تعني أسد الجبلأقطع السلطان مسعود بن ملكشاه بهروز ولاية تكريت بصفة التمليك فأناب بهروز صديقه شادي في أمور المقاطعة لما كان بينهما من ود وصداقةوحينما […]<\/p>\n","protected":false},"author":35,"featured_media":8145,"comment_status":"closed","ping_status":"open","sticky":false,"template":"","format":"standard","meta":{"footnotes":""},"categories":[1],"tags":[],"class_list":["post-8146","post","type-post","status-publish","format-standard","has-post-thumbnail","hentry","category-___"],"_links":{"self":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/8146"}],"collection":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts"}],"about":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/types\/post"}],"author":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/users\/35"}],"replies":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/comments?post=8146"}],"version-history":[{"count":0,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/8146\/revisions"}],"wp:featuredmedia":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media\/8145"}],"wp:attachment":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media?parent=8146"}],"wp:term":[{"taxonomy":"category","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/categories?post=8146"},{"taxonomy":"post_tag","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/tags?post=8146"}],"curies":[{"name":"wp","href":"https:\/\/api.w.org\/{rel}","templated":true}]}}