<\/p>
الهجرة من مكة الى المدينة المشرفة<\/p>
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا،
\nمن يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لا اله
\nالا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له، ولا ضد ولا ند له، سبحانك
\nاللهم انا نوحدك ولا نحدك. ونؤمن بك ولا نكيفك. ونعبدك ولا نشبهك. ونعتقد ان من
\nشبهك بخلقك ما عرفك. واشهد ان سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة اعيننا محمدا عبده ورسوله
\nوصفيه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول ارسله.<\/p>
اما بعد عباد الله فاني اوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم القائل في محكم التنزيل:
\n[الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار
\nاذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم
\nتروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم] {التوبة:40}<\/p>
اخوة الايمان:<\/p>
لما اشتد اذى المشركين في مكة المكرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه،
\nوحين ظهر الاسلام وانتشر في المدينة المنورة، شكا اصحاب رسول الله ما وجدوه من الاذى،
\nواستاذنوه في الهجرة الى المدينة، فاذن، فهاجر اليها كل من يحافظ على دينه، فخرجوا افواجا،
\nفاواهم الانصار وواسوهم، ولم يبق بمكة الا المصطفى رسول الله، والصديق ابو بكر، والمرتضى علي
\nاو محبوس او مريض.<\/p>
ولما رات قريش خروج من اسلم الى المدينة، خافت خروج المصطفى، وعلمت انه قد صار
\nللمسلمين منعة وقوة، فاجتمعوا في دار الندوة للتشاور في امره، وحضرهم ابليس في صورة شيخ
\nنجدي، فاشار كل براي، وابليس يرده، الى ان قال ابو جهل: ناخذ من كل قبيلة
\nمن قريش غلاما بسيف فيضربونه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل فلا يقدر بنو
\nعبد مناف على حرب الكل، فقال النجدي: هذا هو الراي، فتفرقوا عليه، واخبر جبريل النبي
\nبذلك، فلم ينم في مضجعه تلك الليلة، فلما كانت عتمة من الليل، اجتمع المشركون على
\nبابه يرصدونه حتى ينام، فيثبون عليه، فقال لعلي: نم على فراشي وتسج ببردي فلن يخلص
\nاليك شيء تكرهه، واخذ حفنة تراب وخرج عليهم، فلم يروه، فجعل ينثر ذلك التراب على
\nرءوسهم، وهو يتلو سورة يس الى قوله تعالى: [وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم
\nسدا فاغشيناهم فهم لا يبصرون] {يس:9}.<\/p>
وجاء المصطفى الى بيت الصديق ظهرا فقال: ان الله اذن لي في الهجرة، فقال: الصحبة،
\nفتجهزا، قالت عائشة: وصنعنا لهما سفرة ( طعام المسافر) في جراب (وعاء من جلد)، فقطعت
\nاسماء بنت ابي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات
\nالنطاقين (النطاق: ثوب تشد بها المراة وسطها)، فخرجا ليلا، فترافقا الى غار في جبل ثور،
\nفدخلاه، وخيم العنكبوت على بابه وباضت حمامتان، وطلبت قريش المصطفى اشد الطلب، وجعلت لمن دل
\nعليه مائة ناقة، واتوا الى الغار فوجدوه كذلك، حتى قال ابو بكر: لو ان احدهم
\nنظر تحت قدميه لابصرنا، فقال رسول الله: ما ظنك يا ابا بكر باثنين الله ثالثهما.
\nمعناه: ثالثهما بالنصر والمعونة والحفظ والتسديد.<\/p>
وبعد ثلاث ليال ارتحلا، فمرا على خيمة ام معبد، فراى النبي عندها شاة، قال: هل
\nبها من لبن، قالت: هي اجهد من ذلك، فمسح النبي ظهرها وضرعها، وسمى ودعا، فحلب
\nفي اناء فملاه وسقى من معه، ثم حلب فيه ثانيا، وتركه عندها مملوءا، وسافر بعد
\nان بايعها على الاسلام، واستمرت تلك البركة فيها.<\/p>
اخوة الايمان:<\/p>
كان المهاجرون والانصار يفدون الى قباء، وهو موضع بئر على ثلاثة اميال من المدينة، ينتظرون
\nقدوم رسول الله، فلما كان يوم قدومه، نزلها بالسعد والهناء في يوم الاثنين لثنتي عشرة
\nليلة خلت من شهر ربيع الاول، وجاء المسلمون يسلمون عليه.<\/p>
واقام المصطفى في قباء مدة، واسس فيها المسجد الذي قال الله فيه: [لمسجد اسس على
\nالتقوى]{التوبة:108}، ولحقه علي بن ابي طالب، وكان تاخر ثلاث ليال، لرد الودائع التي كانت عند
\nالمصطفى صلى الله عليه وسلم لاهلها، ثم طلع رسول الله من بين اظهرهم، فركب راحلته
\nومشوا حولها، فادركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها، ثم ارتحل المصطفى قاصدا المدينة،
\nفاتاه بعضهم فاخذوا خطام ناقته، فقال: “خلوا سبيلها فانها مامورة” فخلوها حتى دانت دار بني
\nمالك بن النجار، فبركت ناقته المامورة، اي التي امرها الله تعالى ان تبرك بموضع مسجده
\nعليه السلام، فلما بركت وهو عليها لم ينزل، وثبت، فسارت غير بعيد، والمصطفى واضع لها
\nزمامها لا يثنيها به، ثم التفتت خلفها، فرجعت الى مبركها الاول فبركت به، ثم تحلحلت
\nووضعت جرانها، فنزل عنها، وذلك في وقت الظهيرة، فاحتمل ابو ايوب من بني النجار رحله،
\nوادخل ناقته داره، ونزل عنده لكونه من اخوال عبد المطلب، فاقام بدار ابي ايوب حتى
\nابتنى مسجده الواسع بعد شرائه ارضه، ثم بنى حوله مساكن لاهله، وبنى اصحابه من المهاجرين
\nوالانصار مساكنهم حواليه في كنفه.<\/p>
عباد الله:<\/p>
لما هاجر المصطفى، طابت به طيبة، بعدما كانت ردية، واضاء كل ما كان منها اسود،
\nمنذ دخلها، وسرى السرور الى القلوب بحلوله بها، وكانت من اوبا الاراضي، فزال عنها وباؤها
\nببركة هذا النبي العظيم الجاه، ودعا الله قائلا: اللهم حبب الينا المدينة كما حببت مكة
\nاو اشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وحول حماها الى الجحفة. وقال: اللهم بارك
\nلنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا، واجعل مع البركة بركتين. وقال: على
\nانقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال.<\/p>
اخوة الايمان:<\/p>
لم تكن هجرة النبي طلبا للراحة ولا هربا من المشركين ولا تخليا عن الدعوة الى
\nالله ولكن تنفيذا لامر الله تعالى.<\/p>
نسال الله تعالى ان يعيد علينا هذه الذكرى بالامن والامان.<\/p>
<\/p><\/body><\/html>\n","protected":false},"excerpt":{"rendered":"
الهجرة من مكة الى المدينة المشرفةان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له، ولا ضد ولا ند له، سبحانك اللهم انا نوحدك ولا نحدك. […]<\/p>\n","protected":false},"author":3,"featured_media":33073,"comment_status":"closed","ping_status":"open","sticky":false,"template":"","format":"standard","meta":{"footnotes":""},"categories":[1],"tags":[],"class_list":["post-33072","post","type-post","status-publish","format-standard","has-post-thumbnail","hentry","category-___"],"_links":{"self":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/33072"}],"collection":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts"}],"about":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/types\/post"}],"author":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/users\/3"}],"replies":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/comments?post=33072"}],"version-history":[{"count":0,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/33072\/revisions"}],"wp:featuredmedia":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media\/33073"}],"wp:attachment":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media?parent=33072"}],"wp:term":[{"taxonomy":"category","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/categories?post=33072"},{"taxonomy":"post_tag","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/tags?post=33072"}],"curies":[{"name":"wp","href":"https:\/\/api.w.org\/{rel}","templated":true}]}}