ابن سينا هو ابو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا،
\nاشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما، ولد في قرية (افشنة) الفارسية قرب بخارى (في اوزبكستان حاليا)
\nمن اب من مدينة بلخ (في افغانستان حاليا) و ام قروية سنة 370ه (980م) وتوفي
\nفي همذان سنة 427ه (1037م).<\/p>
ونشا “ابن سينا” تنشئه علمية ودينية فحفظ القران ودرس شيئا علوم عصره، حتى اذا بلغ
\nالعشرين من عمره توفي والده، فرحل الى جرجان، واقام بها مدة، والف كتابه “القانون في
\nالطب”، ولكنه ما لبث ان رحل الى “همذان” فحقق شهرة كبيرة، وصار وزيرا للامير “شمس
\nالدين البويهي”، الا انه لم يطل به المقام بها؛ اذ رحل الى “اصفهان” وحظي برعاية
\nاميرها “علاء الدولة”، وظل بها حتى خرج من الامير علاء الدولة في احدى حملاته الى
\nهمذان؛ حيث وافته المنية هناك.<\/p>
اسهاماته<\/p>
كان ابن سينا عالما وفيلسوفا وطبيبا وشاعرا، ولقب بالشيخ الرئيس والمعلم الثالث بعد ارسطو والفارابي،
\nكما عرف بامير الاطباء وارسطو الاسلام، وكان سابقا لعصره في مجالات فكرية عديدة، ولم يصرفه
\nاشتغاله بالعلم عن المشاركة في الحياة العامة في عصره؛ فقد تعايش مع مشكلات مجتمعه، وتفاعل
\nمع ما يموج به من اتجاهات فكرية، وشارك في صنع نهضته العلمية والحضارية.<\/p>
وكان لابن سينا ريادات في العديد من العلوم والفنون؛ ففي مجال علم الفلك استطاع ابن
\nسينا ان يرصد مرور كوكب الزهرة عبر دائرة قرص الشمس بالعين المجردة في يوم (10
\nجمادى الاخرة 423 ه = 24 من مايو 1032م)، وهو ما اقره الفلكي الانجليزي “جير
\nمياروكس” في القرن السابع عشر. وفي علم طبقات الارض (الجيولوجيا) خاصة في المعادن وتكوين الحجارة
\nوالجبال، فيرى انها تكونت من طين لزج خصب على طول الزمان، وتحجر في مدد لا
\nتضبط، فيشبه ان هذه المعمورة كانت في سالف الايام مغمورة في البحار، وكثيرا ما يوجد
\nفي الاحجار اذا كسرت اجزاء من الحيوانات المائية كالاصداف وغيرها، وكتب عن السحب وكيفية تكونها؛
\nفيذكر انها تولد من الابخرة الرطبة اذا تصعدت الحرارة فوافقت الطبقة الباردة من الهواء، فجوهر
\nالسحاب بخاري متكاثف طاف الهواء، فالبخار مادة السحب والمطر والثلج والطل والجليد والصقيع والبرد وعليه
\nتتراءى الهالة وقوس قزح.<\/p>
واهتم “ابن سينا” بعلم النبات، وله دراسات علمية جادة في مجال النباتات الطبية، وقد اجرى
\nالمقارنات العلمية الرصينة بين جذور النباتات واوراقها وازهارها، ووصفها وصفا علميا دقيقا ودرس اجناسها، وتعرض
\nللتربة وانواعها والعناصر المؤثرة في نمو النبات، كما تحدث عن ظاهرة المساهمة في الاشجار والنخيل،
\nوذلك بان تحمل الشجرة حملا ثقيلا في سنة وحملا خفيفا في سنة اخرى او تحمل
\nسنة ولا تحمل اخرى.<\/p>
اما في مجال الفيزياء فقد كان ابن سينا من اوائل العلماء المسلمين الذين مهدوا لعلم
\nالديناميكا الحديثة بدراستهم في الحركة وموضع الميل القسري والميل المعاون، واليه يرجع الفضل في وضع
\nالقانون الاول للحركة، وقد سبق اسحاق نيوتن باكثر من ستة قرون وجاليليو باكثر من 5
\nقرون وليوناردو دافنشي باكثر من 4 قرون؛ مما يستحق معه ان ينسب اليه ذلك القانون
\nالذي كان له فضل السبق اليه: “قانون ابن سينا للحركة والسكون”.<\/p>
وابتكر ابن سينا الة تشبه الونير Vernier، وهي الة تستعمل لقياس الاطوال بدقة متناهية، واستطاع
\nبدقة ملاحظة ان يفرق بين سرعتي الضوء والصوت، وهو ما توصل اليه اسحاق نيوتن بعد
\nاكثر من 600 سنة، وكانت له نظرياته في (ميكانيكية الحركة)، التي توصل اليها “جان بيردان”
\nفي القرن الرابع عشر، و(سرعة الحركة) التي بنى عليها “البرت اينشتين” نظريته الشهيرة في النسبية.
<\/p>
مؤلفاته<\/p>
اسهم ابن سينا بالعديد من المؤلفات في الطب والفلسفة والموسيقى منها : في الطب كتاب
\n“القانون” الذي ترجم وطبع عدة مرات والذي ظل يدرس في جامعات اوروبا حتى اواخر القرن
\nالتاسع عشر، وكتاب “الادوية القلبية”، وكتاب “دفع المضار الكلية عن الابدان الانسانية”، وكتاب “القولنج” و”رسالة
\nفي سياسة البدن وفضائل الشراب”، و”رسالة في تشريح الاعضاء” و” رسالة في الفصد” و”رسالة في
\nالاغذية والادوية” و”اراجيز طبية” و”ارجوزة في التشريح” و”ارجوزة المجربات في الطب” و”الالفية الطبية” المشهورة التي
\nترجمت وطبعت.<\/p>
واشتغل ابن سينا بالرصد، وتعمق في علم الهيئة، ووضع في خلل الرصد الات لم يسبق
\nاليها، وله في ذلك عدد من المؤلفات القيمة، مثل: كتاب الارصاد الكلية، ورسالة الالة الرصدية،
\nوكتاب الاجرام السماوية، وكتاب في كيفية الرصد ومطابقته للعلم الطبيعي، ومقالة في هيئة الارض من
\nالسماء وكونها في الوسط، كتاب ابطال احكام النجوم.<\/p>
فكره<\/p>
تميزت اراء ونظريات “ابن سينا” بالمسحة العقلية، وانعكس ذلك على افكاره ومؤلفاته، فلم يكن ابن
\nسينا يتقيد بكل ما وصل اليه ممن سبقوه من نظريات، وانما كان ينظر اليها ناقدا
\nومحللا، ويعرضها على مراة عقله وتفكيره، فما وافق تفكيره وقبله عقله اخذه وزاد عليه ما
\nتوصل اليه واكتسبه بابحاثه وخبراته ومشاهداته، وكان يقول: “ان الفلاسفة يخطئون ويصيبون كسائر الناس، وهم
\nليسوا معصومين عن الخطا”، ولذلك حارب التنجيم وبعض الافكار السائدة في عصره في بعض نواحي
\nالكيمياء، وخالف معاصريه ومن تقدموا عليه، الذين قالوا بامكان تحويل بعض الفلزات الخسيسة الى الذهب
\nوالفضة، فنفى امكان حدوث ذلك التحويل في جوهر الفلزات، وانما هو تغيير ظاهري في شكل
\nالفلز وصورته، وفسر ذلك بان لكل عنصر منها تركيبه الخاص الذي لا يمكن تغييره بطرق
\nالتحويل المعروفة.<\/p>
ابن سينا الطبيب<\/p>
كان لابن سينا معرفة جيدة بالادوية وفعاليتها، وقد صنف الادوية في ست مجموعات، وكانت الادوية
\nالمفردة والمركبة (الاقرباذين) التي ذكرها في مصنفاته وبخاصة كتاب القانون لها اثر عظيم وقيمة علمية
\nكبيرة بين علماء الطب والصيدلة، وبلغ عدد الادوية التي وصفها في كتابه نحو 760 عقارا
\nرتبها الفبائيا.<\/p>
ولقب “ابن سينا” بامير الاطباء، فكان يعالج مرضاه بالمجان، بل انه كثيرا ما كان يقدم
\nلهم الدواء الذي يعده بنفسه، وفي كتابه “القانون” في الطب استطاع ان يقدم للانسانية اعظم
\nالخدمات بما توصل اليه من اكتشافات، فكان اول من كشف عن العديد من الامراض التي
\nما زالت منتشرة حتى الان، فهو اول من كشف عن طفيل “الانكلستوما” وسماها الدودة المستديرة،
\nوهو بذلك قد سبق الايطالي “دوبيني” بنحو 900 سنة، وهو اول من وصف الالتهاب السحائي،
\nواول من فرق بين الشلل الناجم عن سبب داخلي في الدماغ والشلل الناتج عن سبب
\nخارجي، ووصف السكتة الدماغية الناتجة عن كثرة الدم، مخالفا بذلك ما استقر عليه اساطين الطب
\nاليوناني القديم.<\/p>
وكشف لاول مرة عن طرق العدوى لبعض الامراض المعدية كالجدري والحصبة، وكان ابن سينا سابقا
\nلعصره في كثير من ملاحظاته الطبية الدقيقة، فقد درس الاضطرابات العصبية والعوامل النفسية والعقلية كالخوف
\nوالحزن والقلق والفرح وغيرها، واشار الى ان لها تاثيرا كبيرا في اعضاء الجسم ووظائفها، كما
\nاستطاع معرفة بعض الحقائق النفسية والمرضية عن طريق التحليل النفسي، وكان يلجا في بعض الاحيان
\nالى الاساليب النفسية في معاجلة مرضاه.<\/p>
وفي علم الجراحة كان “ابن سينا” رائدا، فقد اتبع في فحص مرضاه وتشخيص المرض وتحديد
\nالعلاج الطريقة الحديثة المتبعة الان، وذلك عن طريق جس النبض والقرع باصبعه فوق جسم المريض،
\nوهي الطريقة المتبعه حاليا في تشخيص الامراض الباطنية، والتي نسبت الى “ليوبولد اينبرجر” في القرن
\nالثامن عشر، وكذلك من خلال الاستدلال بالبول والبراز، واظهر “ابن سينا” مقدرة فائقة في علم
\nالجراحة، فقد ذكر عدة طرق لايقاف النزيف، سواء بالربط او ادخال الفتائل او بالكي بالنار
\nاو بدواء كاو، او بضغط اللحم فوق العرق.<\/p>
وكان ابن سينا جراحا بارعا، فقد قام بعمليات جراحية ودقيقة للغاية مثل استئصال الاورام السرطانية
\nفي مراحلها الاولى وشق الحنجرة والقصبة الهوائية، واستئصال الخراج من الغشاء البلوري بالرئة، وعالج البواسير
\nبطريقة الربط، ووصف بدقة حالات النواسير البولية كما توصل الى طريقة مبتكرة لعلاج الناسور الشرجي
\nلا تزال تستخدم حتى الان، وتعرض لحصاة الكلى وشرح كيفية استخراجها والمحاذير التي يجب مراعاتها،
\nكما ذكر حالات استعمال القسطرة، وكذلك الحالات التي يحذر استعمالها فيها.<\/p>
وفي مجال الامراض التناسلية كان له باع كبير، فوصف بدقة بعض امراض النساء، مثل: الانسداد
\nالمهبلي والاسقاط، والاورام الليفية، وتحدث عن الامراض التي يمكن ان تصيب النفساء، مثل: النزيف، واحتباس
\nالدم، وما قد يسببه من اورام وحميات حادة، واشار الى ان تعفن الرحم قد ينشا
\nمن عسر الولادة او موت الجنين، وهو ما لم يكن معروفا من قبل، وتعرض ايضا
\nللذكورة والانوثة في الجنين وعزاها الى الرجل دون المراة، وهو الامر الذي اكده مؤخرا العلم
\nالحديث.<\/p>
مرجع الغرب<\/p>
حظي كتاب “القانون” في الطب بشهرة واسعة في اوربا، حتى قال عنه “وليم اوسلر”: “انه
\nكان الانجيل الطبي لاطول فترة من الزمن”، وترجمه الى اللاتينية “جيرارد اوف كريمونا”، وطبع نحو
\n15 مرة في اوربا ما بين عامي 878ه= 1473م، و906 ه = 1500م، ثم اعيد
\nطبعه نحو عشرين مرة في القرن السادس عشر، وظل هذا الكتاب المرجع الاساسي للطب في
\nاوربا طوال القرنين الخامس والسادس عشر، حتى بلغت طبعاته في اوربا وحدها اكثر من 40
\nطبعة، واستمر يدرس في جامعات ايطاليا وفرنسا وبلجيكا حتى اواسط القرن السابع عشر، ظل خلالها
\nهو المرجع العلمي الاول بها.<\/p>
لا تزال صورة ابن سينا تزين كبرى قاعات كلية الطب بجامعة “باريس” حتى الان؛ تقديرا
\nلعلمه واعترافا بفضله وسبقه، وعلى مر العصور حظي ابن سينا بتقدير واحترام العلماء والباحثين، وقال
\nعنه “جورج ساتون”: “ان ابن سينا ظاهرة فكرية عظيمة ربما لا نجد من يساويه في
\nذكائه او نشاطه الانتاجي .. ان فكر ابن سينا يمثل المثل الاعلى للفلسفة في القرون
\nالوسطى”، ويقول دي بور: “كان تاثير ابن سينا في الفلسفة المسيحية في العصور الوسطى عظيم
\nالشان، واعتبر في المقام كارسطو”، ويقول “اوبرفيل”: “ان ابن سينا اشتهر في العصور الوسطى، وتردد
\nاسمه على كل شفة ولسان، ولقد كانت قيمته قيمة مفكر ملا عصره.. وكان من كبار
\nعظماء الانسانية على الاطلاق”.<\/p><\/body><\/html>\n
ابن سينا هو ابو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما، ولد في قرية (افشنة) الفارسية قرب بخارى (في اوزبكستان حاليا) من اب من مدينة بلخ (في افغانستان حاليا) و ام قروية سنة 370ه (980م) وتوفي في همذان سنة 427ه (1037م).ونشا “ابن سينا” تنشئه علمية ودينية […]<\/p>\n","protected":false},"author":9,"featured_media":25566,"comment_status":"closed","ping_status":"open","sticky":false,"template":"","format":"standard","meta":{"footnotes":""},"categories":[1],"tags":[],"class_list":["post-25565","post","type-post","status-publish","format-standard","has-post-thumbnail","hentry","category-___"],"_links":{"self":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/25565"}],"collection":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts"}],"about":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/types\/post"}],"author":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/users\/9"}],"replies":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/comments?post=25565"}],"version-history":[{"count":0,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/25565\/revisions"}],"wp:featuredmedia":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media\/25566"}],"wp:attachment":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media?parent=25565"}],"wp:term":[{"taxonomy":"category","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/categories?post=25565"},{"taxonomy":"post_tag","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/tags?post=25565"}],"curies":[{"name":"wp","href":"https:\/\/api.w.org\/{rel}","templated":true}]}}