عرف مرض الدرن منذ قديم الزمن، حيث وجد في بعض مومياءات قدماء المصريين، وقد ذكره
\nالتاريخ عبر العصور ووصفه بالمرض المميت. وتم اكتشاف البكتريا المسببة للمرض عام 1882 بواسطة د.
\nروبرت كوخ الألماني الجنسية، وتوصل الباحثون إلي اكتشاف العلاج المناسب لهذه البكتريا من المضادات الحيوية
\nمنذ أربعين عاما فقط، بعد أن تسبب هذا المرض في وفاة الملايين من الناس.
يحدث مرض الدرن أو السل (tuberculosis,TB)، وهو مرض معد مشترك يصيب الإنسان وبعض الحيوانات وعلى
\nالأخص الأبقار، عند الإصابة بجرثومة الدرن وهي بكتريا عصوية الشكل تحمل خصائص الفطريات (TB.mycobactrium) التي
\nتنتقل من شخص مصاب بالدرن الرئوي إلى آخر عن طريق الرذاذ المتناثر بالهواء من الشخص
\nالمصاب أثناء نوبات العطس أو الكحة أو البصاق أو اللعاب أو الكلام أو اللمس، إلى
\nالأشخاص المحيطين به والمقربين منه لفترة طويلة كأفراد العائلة أو زملاء العمل.
وعند استنشاق الرذاذ المحمل بالعدوى تستقر البكتريا في رئة الشخص السليم، ثم تبدا بالتكاثر.
وعلى الرغم من سهولة التقاط بكتريا الدرن، فإن العدوى الرئوية قد تكون قصيرة العمر لدى
\nالغالبية، لقدرة الجهاز المناعي للشخص السليم على احتوائها. أما في بعض الحالات فيتسبب انتقال العدوى
\nفي حدوث التهاب رئوي شديد يعرف بالدرن الابتدائي المطرد، الذي يحدث بعد فترة قصيرة من
\nالعدوى المبدئية. وقد تنتشر هذه العدوى إلى الغدد اللمفاوية، ثم تنتقل عبر الدم إلى جميع
\nأنحاء الجسم.
وفي جميع الحالات ترقد بعض البكتريا أو تكمن لعدة سنوات في الرئتين، حيث إن الجهاز
\nالمناعي قد احتواها فقط ولم يقض عليها، ثم تنشط البكتريا الكامنة لدى 5 إلى 10%من
\nالمصابين من جديد مسببة التهاب الرئة الذي يعرف بالدرن الثانوي (أو السل النشط من جديد)،
\nوفي بعض الأحيان تنتشر البكتريا إلى أي من أعضاء الجسم.
ومن المعروف أن الدرن الثانوي أكثر انتشارا من الابتدائي، ويحدث عادة للمسنين أو المصابين بأمراض
\nمزمنة، حيث يضعف لديهم جهاز المناعة.
أما في حالة الإصابة بالدرن في أي من أعضاء الجسم الأخرى دون الرئة (الدرن غير
\nالرئوي) فإن احتمال انتقال العدوى ضئيل جدا ويكاد يكون معدوما.
وتتفاوت فترة الحضانة من وقت التقاط العدوى إلى ظهور الأعراض من أربعة أسابيع إلى اثنى
\nعشر أسبوعا، وقد تمتد في بعض الحالات إلى عدة سنوات. وتصيب بكتريا الدرن بصفة عامة
\nالرئة، ولكنها قد تصيب الكلى أو العظام أو المخ أو العقد اللمفاوية أو الغشاء المحيط
\nبالرئة أو غشاء التامور المحيط بالقلب أو الغشاء البريتوني المحيط بالأمعاء أو الجهاز التناسلي أو
\nالغدة الكظرية أو الجلد.
تحدث الإصابة بمرض الدرن أو السل في أي وقت وأي سن، ولكن تشتد خطورة المرض
\nلدى إصابة الأطفال دون الخامسة من العمر ولدى الشباب بين عمر الخامسة عشرة والخامسة والعشرين.
لقد كان الدرن مرضا لا شفاء منه على مر الأزمنة، لكن في الخمسينات ظهرت مضادات
\nحيوية فعالة وانخفض معدل الإصابة بالمرض بنسبة 75 في المائة. غير أن سير الأحداث تغير
\nبشكل غير متوقع، فارتفع من جديد معدل الإصابة بالمرض في عام 1985 بسبب انتشار وباء
\nالإيدز (مرض نقص المناعة) وارتفاع معدل الإصابة به، مما مكن من عودة الدرن وظهور سلالات
\nمقاومة للعلاج، حيث إن المصابين بمرض نقص المناعة معرضون بنسبة كبيرة جدا للإصابة بالسل ونقله
\nبسهولة للآخرين حتى إلى من يتمتعون بجهاز مناعة سليم.
وبزيادة جهود منظمة الصحة العالمية، تم خفض عدد حالات الإصابة بالسل من جديد، غير أنه
\nفي الدول النامية ما زالت المشكلة قائمة بسبب انتشار الإيدز.
العوامل المساعدة في انتشار المرض:
– سوء التغذية.
– الازدحام الشديد.
– ضعف جهاز المناعة، خصوصا لدى المسنين والمرضى الذين يتناولون الكورتيزون، ومرضى الإيدز، والمصابين بأمراض
\nمزمنة.
– المساكن غير الصحية، وانعدام التهوية.
– المشردون ومدمنو الكحول.
– العاملون في المراكز الصحية دون أخذ سبل الوقاية.
– عدم اتخاذ المرضى المصابين، الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار العدوى، كغسل اليدين وتغطية الأنف والفم
\nعند العطس والسعال.
أعراض المرض
هناك أعراض عامة لمرض السل وتشمل: ارتفاع درجة الحرارة والتعرق الليلي والرعشة، وفقدان الشهية مع
\nفقدان الوزن، ضعف عام في الجسم مع عسر الهضم، والشعور بالتعب والوهن عند بذل أي
\nمجهود مع آلام متفرقة في أنحاء الجسم.
وتشمل أعراض الدرن الرئوي، السعال المستمر يصحبه بعد فترة بلغم مخاطي الذي يتحول إلى صديدي
\nوبعد فترة إلى دموي، وضيق في التنفس وآلام في الصدر. ويشتد الوهن والتعب واللهاث عند
\nمحاولة بذل أقل مجهود، ويصبح مريض الدرن الرئوي أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والالتهاب الرئوي.
أما أعراض الدرن غير الرئوي، فإلى جانب الأعراض العامة للمرض، تظهر أعراض العضو المصاب حسب
\nالمكان. فعلى سبيل المثال عند إصابة العقد اللمفاوية بالدرن، يعاني المريض من تضخم العقد اللمفاوية
\nمع آلام شديدة. أما سل العظام فيسبب الآلام في العظام مع تورمات في المفاصل. أما
\nعند إصابة المخ أو السحايا فيشكو المريض من الصداع وتصلب عضلات العنق يصحبه قيء أو
\nحتى نوبات من الصرع.
يتم تشخيص المرض اعتمادا على:
أولا: التاريخ المرضي والأعراض المصاحبة.
ثانيا: الفحص السريري وملاحظة علامات المرض.
ثالثا: الاختبارات والفحوصات الطبية والتي تشمل:
– الفحص المجهرى للبلغم ثلاث مرات متتابعة على الأقل، فإذا كانت إيجابية بوجود البكتريا، مما
\nيعني أن المصاب مريض وفي حالة نشطة وناقل للعدوى.
– في حال عدم إيجابية الفحص المجهري، يتم عمل مزرعة للبكتريا، التي تبين نمو أو
\nعدم نمو البكتريا، ومدى حساسيتها أو مقاومتها للمضادات الحيوية.
– الأشعة السينية (أشعة إكس) للرئتين، التي تبين وجود تجاويف أو ندبات في الرئة أو
\nالعقد اللمفاوية، وتظهر هذه التغيرات عند الإصابة بمرض السل الرئوي في الماضي. أو علامات وجود
\nالتهاب نشط.
– اختبارات الجلد: اختبار مانتو أو تيوبركلين، وفيه يتم حقن بروتين منقي ومشتق من بكتريا
\nالسل تحت الجلد، ثم يقاس حجم أو مساحة التفاعل الناجم والذي يظهر على شكل احمرار
\nبعد 48 و 72 ساعة مما يعني إيجابية الاختبار. والإيجابية تعني وجود إصابة سابقة بالدرن
\nأو أن الشخص سبق وتناول اللقاح الواقي من المرض.
– إذا لم يتم تشخيص المرض بالفحوصات السابقة، وما زال هناك شك في وجود المرض،
\nيلجا الطبيب إلى المنظار الرئوي لأخذ خزعة دقيقة من النسيج الرئوي لزراعتها وتحليلها.
– في حالات الدرن غير الرئوي، يتم أخذ عينة من العضو المصاب للفحص.
العلاج والوقاية
يتم علاج أغلب الحالات مع تماثلها إلى الشفاء الكامل، بتناول خليط من أربعة من المضادات
\nالحيوية يوميا لمدة شهرين، ثم يتم فحص البلغم فإذا ثبت تحسن واستجابة الحالة يتم إنقاص
\nعدد الأدوية إلى نوعين لمدة أربعة أشهر، فتبلغ الفترة اللازمة للعلاج في المجموع ستة أشهر
\nقد تزيد في بعض الحالات. يترتب على عدم انتظام المريض في تناول العلاج أو إيقافه
\nمن دون إتمام فترة العلاج، عواقب كثيرة منها:
أولا: زيادة فرص تكرار الإصابة بالمرض وحصول انتكاسات.
ثانيا: ظهور بكتريا مقاومة للعقاقير المضادة للمرض، وعندها يصبح المضاد الحيوي للبكتريا غير قادر على
\nالقضاء عليها وقتلها.
أما سبل الوقاية من المرض فتشمل:
– التهوية الجيدة للمنازل وأماكن العمل والتعرض إلى الشمس.
– التغذية الصحية السليمة.
– ممارسة الرياضة.
– البعد عن المرضى المصابين واجتناب الاختلاط بهم.
– الإقلاع عن التدخين والمشروبات الكحولية.
– الالتزام بالعلاج وعدم التهاون به لتقليل ظهور وانتشار البكتريا المقاومة للعلاج.
– تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال.
– النظافة الشخصية ونظافة المسكن تقي من الإصابة بالعدوى.
– الحرص على تلقيح الأطفال ضد السل الذي يتمم لهم الوقاية وعدم الإصابة بالمرض<\/div>
<\/p>
<\/div><\/body><\/html>\n","protected":false},"excerpt":{"rendered":"
عرف مرض الدرن منذ قديم الزمن، حيث وجد في بعض مومياءات قدماء المصريين، وقد ذكره التاريخ عبر العصور ووصفه بالمرض المميت. وتم اكتشاف البكتريا المسببة للمرض عام 1882 بواسطة د. روبرت كوخ الألماني الجنسية، وتوصل الباحثون إلي اكتشاف العلاج المناسب لهذه البكتريا من المضادات الحيوية منذ أربعين عاما فقط، بعد أن تسبب هذا المرض في […]<\/p>\n","protected":false},"author":34,"featured_media":10639,"comment_status":"closed","ping_status":"open","sticky":false,"template":"","format":"standard","meta":{"footnotes":""},"categories":[1],"tags":[],"class_list":["post-10640","post","type-post","status-publish","format-standard","has-post-thumbnail","hentry","category-___"],"_links":{"self":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/10640"}],"collection":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts"}],"about":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/types\/post"}],"author":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/users\/34"}],"replies":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/comments?post=10640"}],"version-history":[{"count":0,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/posts\/10640\/revisions"}],"wp:featuredmedia":[{"embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media\/10639"}],"wp:attachment":[{"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/media?parent=10640"}],"wp:term":[{"taxonomy":"category","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/categories?post=10640"},{"taxonomy":"post_tag","embeddable":true,"href":"https:\/\/cute1.cc\/wp-json\/wp\/v2\/tags?post=10640"}],"curies":[{"name":"wp","href":"https:\/\/api.w.org\/{rel}","templated":true}]}}