مواضيع للرجال للنساء

ميزان العدل

بالصور ميزان العدل

بالصور ميزان العدل

المحكمة الجنائية الدولية.. وإشكاليات قانونية لا تنتهي
من رحم تصفية الحسابات الاستعمارية القديمة, ونتائج الحرب العالمية الثانية, ورغبة الفائز في’ معاقبة المهزوم’,
خرجت فكرة’ شريفة’ بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية, التي تعد, من الناحية النظرية من أهم المكاسب
التي حققها الإنسان في العصر الحديث, رغم كونها في الأساس وليدة حسابات الماضي ورهن حسابات
وموازين القوي في الحاضر.
فقد بدأت الفكرة الحقيقية لإنشاء محكمة دولية لمعاقبة مجرمي الحرب الدوليين ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية
منذ محاكمات نورمبرج وطوكيو التي تم إطلاقها لمعاقبة مرتكبي الجرائم الجماعية من الدول التي خسرت
الحرب العالمية الثانية, وقدمت لجنة خاصة بناء علي طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في
مطلع الخمسينيات من القرن الماضي مسودتين لنظام المحكمة الجنائية, لكنهما حفظتا علي الرف تحت وطأة
الحرب الباردة التي جعلت تأسيس المحكمة من الناحية السياسية أمرا غير واقعي.

وفي عام1989, ومع قرب انهيار الشيوعية في روسيا وشرق أوروبا, سعت ترينيداد وتوباجو إلي إحياء
الفكرة, عندما اقترحت إنشاء محكمة دائمة للنظر في تجارة المخدرات, ولكن ظروف الحرب في منطقة
البلقان فرضت الحاجة إلي إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة مرتكبي جرائم حرب البوسنة, وكانت النتيجة تشكيل
محكمة مجرمي الحرب في يوجوسلافيا عام1993, وفرضت الحرب الأهلية في رواندا هي الأخري إنشاء محكمة
مماثلة لمجرمي الحرب في رواندا عام1994, وباتت الحاجة ضرورية بعد ذلك لإنشاء محكمة جنائية دولية
تكون مهمتها محاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم اللا إنسانية في أي مكان آخر.

وفي عام1998, أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بأغلبية120 صوتا
مقابل7 وامتناع21 عن التصويت, والدول السبع التي رفضته هي: الولايات المتحدة وإسرائيل والصين والعراق وقطر
وليبيا واليمن, ثم كان القانون سيتحول إلي معاهدة ملزمة مع توقيع الدولة رقم60 علي اتفاقية
إنشاء المحكمة, ولكن حدث في يوم11 أبريل2002 أن تقدمت عشر دول بقرارات مصادقتها علي القانون
دفعة واحدة, وهو ما رفع عدد الدول المصادقة عليها إلي66, وهو ما حال دون تمتع
دولة واحدة منفردة بشرف تقديمها المصادقة رقم60, وظهرت المحكمة إلي الوجود بصفة قانونية في أول
يوليو2002, ولا يمكنها النظر في الجرائم المرتكبة قبل ذلك, وأصبح تاريخ ميلاد المحكمة الجنائية الدولية,
التي يكتب اسمها بالإنجليزيةInternationalWorldTribunal, أول يوليو من عام2002, وهو اليوم الذي دخل فيه ما يعرف
ب’قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية’ حيز التنفيذ, لتكون بذلك أول محكمة قادرة علي محاكمة الأفراد
المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب, ولتكون أيضا أول هيئة قضائية
دولية لها صفة’ الولاية القانونية العالمية’. وبلغ عدد الدول التي وقعت علي قانون إنشاء المحكمة
الجنائية الدولية105 دول حتي نوفمبر من عام2007, ووقعت41 دولة أخري علي قانون روما بإنشاء المحكمة
ولكنها لم تصدق عليه, ومعروف أن هناك فارقا بين مجرد التوقيع و’التصديق’, وهي محكمة مختصة
بالنظر فقط في القضايا التي حدثت قبل أول يوليو2002, أي أنها لا يمكنها النظر في
قضايا بأثر رجعي, وهذه النقطة تمثل إشكالية كبيرة في حد ذاتها, باعتبار أن الجرائم الإسرائيلية
التي ارتكبت بحق الفلسطينيين وغيرهم منذ عام1948 لا تدخل في الإطار الزمني لعمل المحكمة, بما
في ذلك ما حدث في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وجنين.. إلخ.

وتتميز المحكمة بأنها هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة من حيث التمويل والعاملين فيها, ويوجد اتفاق
موقع بين المنظمتين: الأمم المتحدة والمحكمة الدولية, يحدد اختصاصات كل منهما وطرق تعاونهما مع بعضها
البعض من الناحية القانونية, ولا ينبغي هنا الخلط بين هذه المحكمة وبين محكمة العدل الدولية
التي قد يطلق عليها اختصارا في بعض الأحيان’ المحكمة الدولية’, والأخيرة تعد ذراعا تابعة للأمم
المتحدة هدفها حل النزاعات بين الدول فقط, وليس محاكمة الأفراد, وهو الاختلاف الرئيسي بينهما, ولكل
منهما نظام قضائي وتأسيسي مختلف, ويوجد المقر الرئيسي للمحكمة الجنائية الدولية في هولندا.

وتختص المحكمة بالنظر في جرائم مثل: الإبادة الجماعية, والجرائم ضد الإنسانية, وجرائم الحرب, وجرائم الاعتداء,
وكل نوع من أنواع هذه الجرائم لها توصيفها القانوني باستثناء النوع الأخير وهي جريمة الاعتداء,
فالإبادة الجماعية يقصد بها أي فعل من الأفعال المحددة في قانون روما مثل القتل أو
الأذي الذي يتم ارتكابه بهدف إهلاك جماعة قومية أو عرقية أو دينية كلا أو جزءا,
بينما الجرائم ضد الإنسانية هي الجرائم التي ترتكب ضد السكان المدنيين عمدا مثل القتل والاغتصاب
والعبودية الجنسية والإبعاد القسري للسكان والتفرقة العنصرية, سواء ارتكبت هذه الأفعال في وقت الحرب أو
وقت السلم, أما جرائم الحرب, فهي انتهاكات قانون جنيف الصادر عام1949 التي يتم ارتكابها في
إطار النزاعات الدولية أو الأهلية المسلحة. وبرغم كل هذه الحسابات والإشكاليات التي تشوب عمل المحكمة
الجنائية الدولية, فإن مصر تعد من الدول العربية القليلة التي’ وقعت’ علي الانضمام للمحكمة, إيمانا
منها بأهمية توفير العدالة الدولية وتطبيق القانون الدولي علي ما يستحق, وأيضا للاستفادة من الميزات
الدولية الكبيرة التي يوفرها الانضمام إلي هذه الهيئة الدولية المهمة مثل الانضمام إلي مجموعة الدول
التي يحق لها ترشيح وانتخاب قضاة والترشح لمنصب المدعي العام للمحكمة وغيرهم من الموظفين والمحققين
الذين يشكلون الجهاز الإداري للمحكمة.

والطريف في الأمر أن بعض المعلقين العرب سارعوا بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير
ضد الرئيس السوداني عمر البشير بتوجيه الاتهام إلي المحكمة باعتبارها منظمة تخضع لسيطرة وهيمنة الولايات
المتحدة, ونسي هؤلاء أن عدم تصديق الولايات المتحدة علي اتفاقية روما حتي الآن يعطي ميزة
للمحكمة الجنائية الدولية قد لا تتوافر لأي منظمة دولية أخري وهي قدرتها علي اتخاذ قراراتها
وأحاكمها بصورة مستقلة إلي حد كبير بعيدا عن الضغوط الأمريكية, فالولايات المتحدة دولة موقعة علي
الاتفاقية منذ عهد الرئيس السابق بيل كلينتون, ولكنها ليست مصدقة عليها, ولكن البعض الآخر لا
ينكر أن الولايات المتحدة ربما استخدمت المحكمة من وراء الستار كوسيلة إضافية لهاإطار قانوني للضغط
علي القادة السودانيين إلي جانب مجلس الأمن الدولي بطبيعة الحال, رغم أن حقيقة الأمر تشير
إلي أن السودان ليس عضوا في المحكمة الدولية وهو بالتالي غير ملزم بتنفيذ قراراتها. سيريا
كورت

  • صور محكمة وميزان
  • صور ميزان العدل
  • صورة الميزان العدل
  • صورة ميزان العدل
  • صورة ميزان المحكمة السودانية
  • ميزان العدالة في العراق القديم
  • ميزان العدالة وكتب قانون
  • ميزان العدل
السابق
علاج حروق الفلفل الحار
التالي
اغاني الفنان فضل شاكر