عملية التنشئة الاجتماعية من أهم العمليات تأثيرا على الأبناء فى مختلف مراحلهم العمرية، لما لها
من دور أساسي في تشكيل شخصياتهم وتكاملها، وهي تعد إحدى عمليات التعلم التي عن طريقها
يكتسب الأبناء العادات والتقاليد والاتجاهات والقيم السائدة فى بيئتهم الاجتماعية التى يعيشون فيها، وعملية التنشثة
الاجتماعية تتم من خلال وسائط متعددة، وتعد الأسرة أهم هذه الوسائط، فالأبناء يتلقون عنها مختلف
المهارات والمعارف الأولية كما أنها تعد بمثابة الرقيب على وسائط التنشئة الاخرى، ويبرز دورها- الأسرة
– فى توجيه وإرشاد الأبناء من خلال عدة أساليب تتبعها فى تنشئة الأبناء، وهذه الأساليب
قد تكون سويه أو غير ذلك وكلا منهما ينعكس على شخصية الأبناء وسلوكهم سواء بالإيجاب
أو السلب .
وإذا كانت الأسرة من خلال دورها، كأهم وسيط من وسائط التنشئة تسهم فى تشكيل سلوك
الأبناء، فأنه لا يمكن انكار دور المناخ الاجتماعى الذى تعيش فيه الأسرة سواء أكان مجتمعا
محليا أومجاورة سكنية وما يتسم به من بعض الصفات والخصائص والثقافة الفرعية التى تميزه عن
غيره من سائر المجتمعات ، والتي يكون لها –فى اعتقاد الباحث – تأثير لا يقل
أهمية عن دور الأسرة على افرادها بمعنى :أن المناخ الاجتماعي يسهم بما لا يدعوا للشك
فى تبنى أساليب معينة فى التنشئة الاجتماعية تختلف من مكان لآخر باختلاف الثقافة الفرعية للمجتمع
إلى جانب المستوى التعليمى وثقافة الوالدين داخل الأسرة .
وعليه فان سكان المناطق العشوائية وان كانوا خليطا غير متجانس الا أنهم يتسمون ببعض الخصائص
التى لا تتواجد فى مجتمعات أخرى، وقد أدى ذلك إلى اتسامها بالعديد من الثقافات،الامر الذى
قد ينتج عنه ظهور العديد من أساليب التنشئة الاجتماعية التى تتبعها الأسرة فى تنشئة الأبناء
فى تلك المناطق، يضاف إلى ذلك أن هذه المناطق تعتبر مناخا جيدا لتنامى البؤر الاجرامية
والانحرافات بمختلف أشكالها، بما يؤثر بطريقة أو بأخرى على سكان تلك المناطق بصفة عامة والنشء
بصفة خاصة، هذا من ناحية، وتبنى الأسر لأساليب تتواءم مع مختلف الثقافات الوافدة إلى تلك
المناطق – فى اعتقاد الباحث-بما يعكس طبيعة أسرهم، مما يؤدى بالبعض من الأبناء إلى الانخراط
فى تلك البؤر الاجرامية كنتيجة لبعض الأساليب الخاطئة فى التنشئة ، ويعد ذلك اهدارا للثروة
البشرية التى يجب استثمارها لتقدم وازدهار المجتمع، وهناك العديد من الدراسات التى تناولت المناطق العشوائية
بالبحث والدراسة، إلا أنه رغم ثراء وغزارة تلك الدراسات التى أجريت حول المناطق العشوائية، فإنها
تخلو من الابحاث التى تتناول أثر أساليب التنشئة الاجتماعية فى تلك المناطق على انحراف الأبناء،
الأمر الذي دفع الباحث لاجراء دراسته فى موضوع “أساليب التنشئة الاجتماعية وعلاقتها بالسلوك الانحرافى فى
المناطق العشوائية” .
يعتبر موضوع التنشئة الاجتماعية من المواضيع الهامة التي تناولها الباحثون في مجال علم النفس والاجتماع
سواء من ناحية المضامين أو الأساليب ، نظرا لأهمية هذا الموضوع في إعداد الأجيال القادمة
التي ستحافظ على استمرارية وجود المجتمع ماديا ومعنويا .
والتنشئة الاجتماعية :
هي عملية يكتسب الأطفال من خلالها الحكم الخلقي والضبط الذاتي اللازم لهم حتى يصبحوا أعضاء
راشدين مسئولين في مجتمعهم . ( حسين رشوان ، 1997 ، ص153 ) وهي عملية
تعلم وتعليم وتربية ، تقوم على التفاعل الاجتماعي وتهدف إلى إكساب الفرد (طفلا فمراهقا فراشدا
فشيخا) سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة ، تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي
معها، وتكسبه الطابع الاجتماعي ، وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية .
وتسهم أطراف عديدة في عملية التنشئة الاجتماعية كالأسرة و المدرسة و المسجد والرفاق و غيرها
إلا أن أهمها الأسرة بلا شك كونها المجتمع الإنساني الأول الذي يعيش فيه الطفل ،
والذي تنفرد في تشكيل شخصية الطفل لسنوات عديدة من حياته تعتبر حاسمة في بناء شخصيته
. ( حامد زهران ، 1977 ، ص213 )
التنشئة الاجتماعية هي سيرورة مستمرة ومتغيرة على امتداد الحياة، بحيث إنها تهدف إلى الاندماج الاجتماعي
النسبي والمتوالي من لدن الفرد، وباعتبارها ،من جهة أخرى، بمثابة وسيلة لاكتساب الشخصية من خلا
استيعاب طرائق الحركة والفعل اللازمة( معايير وقيم وتمثلا ت اجتماعية…) من أجل تحقيق درجة من
التوافق النسبي عبر سياق الحياة الشخصية والاجتماعية للفرد داخل تلك الحياة المتغيرة باستمرار.(المصطفى حدية بن
الشيخ ،2006)
ويهدف التنشئة الاجتماعية إلى إكساب الأفراد في مختلف مراحل نموهم(طفولة،مراهقة، رشد، شيخوخة) أساليب سلوكية معينة،تتفق
مع معايير الجماعة وقيم المجتمع،حتى يتحقق لهؤلاء التفاعل والتوافق في الحياة الاجتماعية في المجتمع الذي
يعيشون فيه.وعملية التنشئة الاجتماعية تتم من خلال عمليات التفاعل الاجتماعية، فيتحول الفرد من كائن بيولولوجي
إلى كائن اجتماعي،مكتسبا الكثير من الاتجاهات النفسية والاجتماعية عن طريق التعلم والتقليد،مما يطبع سلوكه بالطابع
الاجتماعي.
ويقوم المجتمع من خلال عملية التنشئة الاجتماعية بدور هام في تشجيع وتقوية بعض الأنماط السلوكية
المرغوب فيها والتي تتوافق مع قيم المجتمع وحضارته…في حين يقاوم ويحبط أنماط أخرى من السلوك
غير المرغوب فيها…(د.خليل ميخائيل عوض،1982).
وغالبا مايتم الخلط بين التنشئة الاجتماعية(socialisation) والتطبيع(conformisation) والإخضاع(soumission) والتثاقف(acculturation)، و لرفع اللبس عن تداخل مفهوم
التنشئة الاجتماعية مع المفاهيم المشار إليها، يمكننا تدقيق تعريف التنشئة الاجتماعية اكثر حسب المقاربات السوسيولوجة
والنفسية والثقافية التالية:
– المقاربة السوسيولوجية:
عرف هذا المفهوم(التنشئة الاجتماعية) عدة مقاربات متفاوتة خلال التطور التاريخي للمجتمعات الغربية،وخصوصا الأوربية؛في مرحلة الستينيات،مرحلة
النمو،حيث كانت التطورية تحتل مكانة متميزة، من خلال التركيز على الفرضية الفيبيرية(نسبة لعالم الاجتماعweber)،التي تقول
إن النمو السياسي والاجتماعي والاقتصادي مرتبط بالتنشئة الاجتماعية،أي،بالقيم والتمثلات المستبطنة من طرف الفرد.وكانت أغلب الدراسات
ذات النزعة الاجتماعية المهتمة بالتنشئة الاجتماعية، تعتمد المقاربة المقارنة؛كما ظهرت بعض التخصصات في هذا المجال
كالتنشئة السياسية التي كانت الموضوع المفضل للدراسات والبحوث.
وفي سنوات السبعينيات،كان اهتمام البحوث منصبا حول منظور جديد يعتبر عملية التنشئة الاجتماعية”كمفتاح” للمحافظة والصيانة
والاستمرارية،من خلال أجيال الطبقات المتعاقبة،وبصفة خاصة من خلال الفوارق الاجتماعية.ولذلك انصبت المقارنات والدراسات حول الجماعات
الاجتماعية(الطبقات الاجتماعية،الأنماط السوسيو مهنية، الجنس…).
بعد ذلك،في الأعمال الجديدة حول التنشئة الاجتماعية،كان هناك توجها لتقطيع مجالات تحليلها إلى عدة مجموعات
صغرى(sous-groupe) مثل الأسرة،المدرسة، السكن،فضاء اللعب…حيث تم دراسة تأثيرات التنشئة الاجتماعية حسب خصوصيات الأمكنة أو الأمكنة
المؤسساتية،ومن خلال مصطلحات الإدماج والتثاقف،وترسيخ التمثلات الذهنية والضوابط والمعايير الاجتماعية.
– المقاربة النفسية:
التنشئة هي عملية تعلم الحياة الاجتماعية،أي هي الوسيلة التي بواسطتها يكتسب الفرد المعايير والمعارف ونماذج
السلوك والقيم التي تجعل منه فاعلا في مجتمع محدد.كما تعمل التنشئة على إدماج النظام الاجتماعي
من طرف الفرد وجعله كجزء من شخصيته والتعبير عن هويته.
المقاربة الثقافية:
يذهب التيار الثقافي إلى ان بنية الشخصية تخضع للثقافة التي تميز مجتمعا بأكمله.والثقافة تعني بصفة
خاصة نسق/منظومة قيم المجتمع.فالبنسبة لكاردينر(Kardiner)،كل نسق سوسيو- ثقافي تقابله شخصية قاعدية ما(personnalité de base).وعموما،بالنسبة للثقافيين،التنشئة
الاجتماعية هي العملية التي بواسطتها ينقل كل مجتمع قيمه للأجيال اللاحقة، ويفترضون أن القيم وباقي
عناصر النسق الثقافي تستدمج من طرف الفرد،وتشكل نوعا من البرمجة التي تضبط بطريقة ميكانيكية سلوكه.(Haddiya
El moustafa, 1988 )
أساسيات التنشئة الاجتماعية:
ثمة مقومات لا بد منها لعمليات تنشئة اجتماعية على النحو المرغوب فيه. أولها، التفاعل الاجتماعي
بين المرء والمحيطين به، والمحرك الأول لهذا التفاعل هو حاجات الإنسان. فالوليد البشري يكون عاجزا
عن إشباع حاجته إلى الطعام والراحة والنوم؛ فهو مضطر إلى التفاعل مع الآخر لإشباعها. وكلما
حقق الإنسان درجة أعلى من النمو، تعددت حاجاته وتشعبت، فازداد اضطرارا إلى التفاعل الاجتماعي. فإذا
كانت حاجات الوليد الأساسية حاجات فسيولوجية فإنها ستتحول، كلما كبر، إلى حاجات اجتماعية، تتمثل في
التواد والتعاطف، ثم اللعب والتعلم، ثم الزواج وتكوين الأسرة، ثم ممارسة دور سياسي في المجتمع.
إن الإنسان، بصفته كائنا اجتماعيا، لا بد من حكم تفاعله مع الآخرين درجة واضحة من
الاتساق، الذي لا يتأتى إلا بالتزام عدد من المحكات المسيرة للسلوك.
أما المقوم الثاني، فهو الدافعية؛ إذ إن حاجات المرء المستثارة، تولد لديه توترا، يسعى إلى
التخلص منه؛ فيعمد إلى بعض الأداءات، التي تبلغه هدفا معينا، يخفض توتره. والسلوك الذي يحقق
ارتياحا، يميل الشخص إلى تكراره، بينما يرغب في تجنب السلوك، الذي يؤدي إلى إيلامه وإيذائه؛
ويتحقق الارتياح، إذا أشبع حاجاته، التي تحركه وتوجهه.
ويمثل الإرشاد والتوجيه المقوم الثالث للتنشئة. فتوجيه الصغار إلى أساليب التعامل الاجتماعي السليم، وتوجيه المراهقين
والراشدين إلى كيفية تحقيق التفاعل العام الناجح، يسهم في عملية التنشئة الاجتماعية. ومصداق ذلك أطفال
الشوارع، الذين فقدوا الإرشاد والتوجيه؛ ما تترتب عليه آثار أخلاقية واجتماعية سيئة. ومما يدعم أهمية
التوجيه والإرشاد، أن الشخص يولد، وهو خلو من الهاديات، التي تحدد كيفية تعامله مع الأشخاص
والأشياء والمواقف؛ ومن ثم، تكون التنشئة هي الوسيلة، التي تزوده بتلك الهاديات.
تعد مطاوعة السلوك ومرونته هما الأساس الرابع للتنشئة؛ إذ إن السلوك قابل للتشكيل والتعديل، حتى
يتكيف مع المواقف وما يمر به الإنسان من خبرات. وتقترن مرونة السلوك بقدرة الجهاز العصبي
على التعديل، الذي يجعل من الممكن تعلم الخبرات الجديدة وتسجيلها؛ استنادا إلى تينك المرونة والمطاوعة.
إلا أن المرء يولد بعدد من الإمكانات: البدنية والعقلية، لا ترى النور، ولا تمارس بالفعل،
إلا من خلال المرور بخبرات معينة من طريق التنشئة.
أهداف التنشئة الاجتماعية :
غرس عوامل ضبط داخلية للسلوك وتلك التي يحتويها الضمير و تصبح جزءا أساسيا ، لذا
فإن مكونات الضمير إذا كانت من الأنواع الإيجابية فإن هذا الضمير يوصف بأنه حي ،
وأفضل أسلوب لإقامة نسق الضمير في ذات الطفل أن يكون الأبوين قدوة لأبنائهما حيث ينبغي
ألا يأتي أحدهما أو كلاهما بنمط سلوكي مخالف للقيم الدينية و الآداب الاجتماعية .
توفير الجو الاجتماعي السليم الصالح و اللازم لعملية التنشئة الاجتماعية حيث يتوفر الجو الاجتماعي للطفل
من وجوده في أسرة مكتملة تضم الأب والأم والأخوة حيث يلعب كل منهما دورا في
حياة الطفل .
تحقيق النضج النفسي حيث لا يكفي لكي تكون الأسرة سليمة متمتعة بالصحة النفسية أن تكون
العلاقات السائدة بين هذه العناصر متزنة سليمة و إلا تعثر الطفل في نموه النفسي ،
والواقع أن الأسرة تنجح في تحقيق النضج النفسي للطفل إذا ما نجحت في توفير العناصر
التالية :
تفهم الوالدين وإدراكهما الحقيقي في معاملة الطفل وإدراك الوالدين ووعيهما بحاجات الطفل السيكولوجية والعاطفية المرتبطة
بنموه وتطور نمو فكرته عن نفسه وعن علاقته بغيره من الناس وإدراك الوالدين لرغبات الطفل
ودوافعه التي تكون وراء سلوكه وقد يعجز عن التعبير عنها . (إقبال بشير وآخرون ،1997
: ص63 )
تعليم الطفل المهارات التي تمكنه من الاندماج في المجتمع ، والتعاون مع أعضاءه والاشتراك في
نواحي النشاط المختلفة وتعليمه أدواره ، ما له وما عليه ، وطريقة التنسيق بينهما وبين
تصرفاته في مختلف المواقف ، وتعليمه كيف يكون عضوا نافعا في المجتمع وتقويم وضبط سلوكه
.
أهمية التنشئة الاجتماعية:
أ. اكتساب المرء إنسانيته:
من طريق التنشئة، يتعلم الإنسان اللغة والعادات والتقاليد والقيم السائدة في جماعته، ويتعايش مع ثقافة
مجتمعه. أما إذا ربي شخص في الغابات، فإن سلوكه وطباعه، سيكون لها شأن آخر؛ فلقد
عثر العلماء على حالات لأطفال ربتهم الحيوانات (كالقردة) في الغابات، فشابه سلوكهم سلوكها؛ فلم يتسموا
بأي من مظاهر التواد نحو الإنسان، ولا الابتسام، ولا الخجل من العري، ولا الخوف من
الطلق الناري؛ كما كانوا يتناولون الطعام كالحيوانات. ولكن، بعد أن تعهد العلماء قلة منهم بالتربية
في وسط إنساني، استطاعوا ارتداء الملابس بأنفسهم، والتمييز بين الحار والبارد، والناعم والخشن. كما نمت
لديهم انفعالات جديدة، كالود نحو الممرضة القائمة على رعايتهم؛ حتى إن أحدهم كان يبكي، ويصدر
أصواتا، تدل على الحزن، عند غيابها. وبدأو يتعلمون اللغة والحديث.
ب. اكتساب المجتمع صفات خاصة:
يتولى رجال إحدى القبائل مسؤوليات أسرية، تشبه الدور الاجتماعي للنساء في المجتمع العربي: إعداد الطعام،
ورعاية الصغار. وتضطلع نساؤها بمسؤوليات، تشبه الدور الاجتماعي للرجال في مجتمعنا، مثل: الصيد والدفاع عن
الأسرة. وينطبق المبدا نفسه على المجتمعات الشرقية، قياسا بالمجتمعات الغربية؛ فلكل منها خصائصه، التي تميزه
عن غيره. وتكون التنشئة الاجتماعية مسؤولة عن رسوخها، والمحافظة عليها، ونقلها من جيل إلى آخر.
ج. تساعد التنشئة الاجتماعية على توافق الشخص ومجتمعه:
يسهم تعلم المرء لغة قومه وثقافتهم في اقترانه بعلاقات طيبة بأبناء مجتمعه وموافقته إياهم. فلقد
بينت إحدى الدراسات، أن جماعة معينة، داخل المجتمع الأمريكي، عزلت نفسها عنه، ودربت أبناءها على
أعمال العصابات والسطو؛ ما جعلهم عاجزين عن موافقة المجتمع.
د. توجد التنشئة الاجتماعية بعض أوجه التشابه بين المجتمعات المختلفة:
(1) تتداخل عدة جماعات فرعية، لتنتظم في مجتمع إنساني، يقترن فيه بعضها ببعض بعلاقات مختلفة،
وبدرجات متفاوتة.
(2) تسعى المجتمعات الإنسانية إلى تحقيق بعض الأهداف العامة، مثل المحافظة على كيانها واستقرارها وتماسكها.
(3) تنظم الجماعات أنشطة أبنائها، لتحقيق أهدافها العامة، وأهدافهم الخاصة.
(4) يتولى الراشدون تدريب الصغار على الأدوار الملائمة لمجتمعهم.
(5) تستهدف التنشئة، أساسا، خلق الشخصية المنوالية للمجتمع، أي الشخصية التي تجسد ثقافته؛ إذ توجد
إطارا مشتركا يحدد ملامحه المتميزة.
وظائف التنشئة الاجتماعية:
الوظيفة الأساسية للتنشئة الاجتماعية هي نمو الفرد اجتماعيا بحيث يتكيف مع المجتمع ويتشرب عاداته وسلوكياته
ويصبح عضوا منتميا إليه مواليا له. وتتحقق هذه الوظيفة من خلال النقاط التالية:
1. اكساب الفرد ثقافة المجتمع:
من وظائف التنشئة اكساب الفرد اللغة، العادات، التقاليد، أنماط السلوك السائدة، القيم الخاصة بالمجتمع وبذلك
تتحدد هويته الاجتماعية ويتحول إلى كائن اجتماعي حاملا لثقافة المجتمع… قادرا على نقلها بعد ذلك
للأجيال الأخرى كما نقلت إليه… ثم يقوم أفراد المجتمع بتطوير هذه الثقافة والإضافة إليها أو
الحذف منها لتساير التقدم الانساني في كل عصر….
2. اشباع حاجات الفرد:
فما تحويه الثقافة (عادات – سلوكيات – أفكار…) يجب أن يشبع حاجات الفرد وطموحه ورغباته
حتى يكون منسجما مع نفسه وأفراد مجتمعه. وإذا لم تلبي التنشئة حاجات الفرد المعرفية والوجدانية
والمهارية في ظل الثقافة السائدة في المجتمع تظهر هناك فجوة بين الفرد وبين مجتمعه، حيث
يميل بعض الأفراد إلى العزلة والاغتراب والانطواء وحتى الهجرة….
3. التكيف مع الوسط الاجتماعي:
وهى عملية تكيف الفرد مع الوسط المحيط به سواء أكانت الأسرة أو مكان العمل أو
جماعة الرفاق (الشلل – التقليعات …)
4. تحقيق عملية التطبيع الاجتماعي:
ترتبط عملية التطبيع الاجتماعي بالدور الوظيفي الذي يلعبه الفرد في المجتمع أو بالوظيفة التي يشغلها.
فكل وظيفة أو منصب يكون هناك قيم وسلوكيات وعادات أقرها المجتمع تحكم هذه الوظيفة وعلى
كل من يشغل هذه الوظيفة أن يكتسبها (المدرس – الطبيب – الممرضة – الجندي …).
وبذلك فإن التطبيع الاجتماعي يرتبط بنمط السلوك المرغوب والمتوقع من أى فرد يشغل وظيفة معينة.
آليات التنشئة الاجتماعية :
تستخدم الأسرة آليات متعددة لتحقيق وظائفها في التنشئة الاجتماعية ، وهذه الآليات تدور حول مفهوم
التعلم الاجتماعي الذي يعتبر الآلية المركزية للتنشئة الاجتماعية في كل المجتمعات مهما اختلفت نظرياتها وأساليبها
في التنشئة ، ومهما تعددت وتنوعت مضامينها في التربية .
و للتنشئة خمس آليات هي :
* التقليد /
فالطفل يقلد والديه ومعلميه وبعض الشخصيات الإعلامية أو بعض رفاقه .
* الملاحظة /
يتم التعلم فيها من خلال الملاحظة لنموذج سلوكي وتقليده حرفيا .
* التوحد /
يقصد به التقليد اللاشعوري وغير المقصود لسلوك النموذج .
* الضبط /
تنظيم سلوك الفرد بما يتفق ويتوافق مع ثقافة المجتمع ومعاييره .
* الثواب والعقاب /
استخدام الثواب في تعلم السلوك المرغوب ، والعقاب لكف السلوك غير المرغوب .( خلدون النقيب
، 1985 : ص62 )
أشكال التعلم المؤثرة في التنشئة الاجتماعية:
ومنها،التعلم المؤثر:
حيث النمط السلوكي المتعلم يكون متبوعا بتدعيم،ليكون موافقا للمعايير والقيم المرغوب فيها.
التعلم المباشر:
وهو عبارة عن توجيه مخطط ومقصود للسلوك وممارسة
التدعيم؛التعلم العرضي:
وهو نتيجة لتعلم و تدعيم غير مباشرين و مقصودين؛ آثار العقاب: استعمال العنف لتلافي أنماط
السلوك غير المرغوب فيها؛
التعلم من النماذج:
وهو عبارة عن تقليد ومحاكاة لأنماط ونماذج سلوكية معينة؛ التقمص:وهو تقليد لأنماط سلوكية وأدوار اجتماعية
معينة .