1- السيدة حليمة السعدية
( ام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة
رضى الله عنها )
هى حليمة بنت عبدالله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن
سعد بن بكر بن هوازن وقيل ان اسم ابيها الحارث بن عبدالله بن شجنة ويكنى
ابوها عبدالله بابى ذؤيب .
قدمت السيدة حليمة رضى الله عنها الى مكة مع بعض نساء بنى سعد من المرضعات
لتحظى بطفل ترضعه نظير اجر تتقاضاه كما هى العادة فى ذلك فى بعض السنين التى
فيها شدة وقحط وكانت النساء تبحثن عن الاطفال الذين يدفع اباؤهم للمرضع ما يناسبه من
المعروف او الاجر فلما وجدن هذا الطفل اليتيم ” سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
” يعرض عليهن اعرضن عنه فلم تاخذه واحدة من المرضعات وكن يقلن :
ما داعى ان تصنع الينا امه ؟
انما نرجو المعروف من اب الولد ..
واقبلت المرضعات على الاطفال الاخرين واخذت كل واحدة منهن طفلا رضيعا ما عدا السيدة حليمة
رضى الله عنها فلم تجد لها طفلا تاخذه لترضعه غير هذا اليتيم فتحدثت مع زوجها
” عبدالله او الحارث ” وقالت له :
والله انى لاكره ان ارجع من بين صواحبى ليس معى رضيع وقالت :
لانطلقن غلى هذا الطفل اليتيم فللاخذنه فوافقها زوجها على ما رات فاخذته صلى الله عليه
وسلم وقد حدثت ارهاصات تبشر بان هذا الطفل مبارك فقد كان مع السيدة حليمة ابنها
من زوجها وكان طفلا لا يكف عن البكاء من الجوع لان لبنها كان قليلا فلم
يكن فى ثدييها ما يكفيه فلما اخذت المصطفى عليه الصلاة والسلام در اللبن الغزير فى
ثدييها بحيث رضع عليه الصلاة والسلام حتى شبع ورضع طفلها من زوجها كذلك حتى روى
ولم ينفذ لبنها .
وكان مع زوج السيدة حليمة ناقة مسنة لا لبن فيها ( شارف ) فاذا بها
تدر اللبن وضرعها حافل فحلب زوجها وشرب وشربت السيدة حليمة رضى الله عنها حتى رويت
وكان مع السيدة حليمة وزوجها ايضا اتان ” انثى الحمار ” قمراء ( اى بيضاء
فى كدرة ) وكانت ضعيفة هزيلة سبقتها ركائب النسوة
اللاتى كن معها بحيث وصلن قبلها واخذن الاطفال قبلها ولم تتمكن السيدة حليمة رضى الله
عنها من اللحاق بهن ووصلت بعد وصولهن مكة من بلادها فى ديار بنى سعد ولم
تجد باقيا من الاطفال غير هذا اليتيم صلى الله عليه وسلم وحينما عادت به دبت
روح القوة والنشاط فى الاتان والناقة وقويتا على السير وتمكنت بذلك السيدة حليمة رضى الله
عنها وزوجها من سبق صائر المراضع فى حال العودة والرواح كل هذا لفت نظر زوجها
فقال لها :
يا حليمة والله انى لاراك اخذت نسمة مباركة
والدليل هو ما يلحظ من هذه البركات التى حدثت لها ولركوبتها ولطفلها الذى نام بعد
ان شبع من الغذاء بلبنها وما حدث لها وزوجها من البركات والخير وكان وجوده صلى
الله عليه وسلم معها مصدر كثرة الخير والرزق والسعادة وقيل كانت المراعى فى اراضى بنى
سعد مجدبة فى هذا الوقت فامرع مرعى السيدة حليمة رضى الله عنها ووجدت غنمها وزوجها
ما كفاها من الطعام والشراب وكانت تذهب الى المراعى خماصا وتعود بطانا الى غير ذلك
من البركات والادلة على النعم الكثيرة التى عمت هذه الاسرة ببركة رسول الله صلى الله
عليه وسلم .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كبره يرعى امه من الرضاعة ويجلها بما
لها عليه من حق الارضاع والعناية به فعن ابى الطفيل رضى الله عنه قال :
ان النبى صلى الله عليه وسلم كان بالجعرانة يقسم لحما فاقبلت امراة بدوية فلما دنت
من النبى صلى الله عليه وسلم بسط لها رداءه فجلست عليه فقلت :
من هذه ؟
قالوا :
امه التى ارضعته .
وكانت السيدة حليمة رضى الله عنها من اشرف العرب وكرائمهم وتعد مختارة من الله تعالى
لارضاع اشرف الخلق صلى الله عليه وسلم رحمها الله ورضى عنها .
السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
هى اكبر بناته صلى الله عليه وسلم ولدت وله ثلاثون سنة وامها السيدة خديجة بنت
خويلد بن اسلم رضى الله عنها تزوجها فى حياة امها بن خالتها ابو العاص بن
الربيع ( ابن اخت ام المؤمنين السيدة خديجة رضى الله عنها امه هالة بنت خويلد
) .
انجب منها ولده على بن ابى العاص وامامة
قيل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اردف على بن ابى العاص وراءه يوم
الفتح وامامة كان يحملها النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاته وهى صغيرة – ورد
فى البخارى ومسلم وابو داوود والنسائى – ونص مسلم :
عن ابى قتادة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل امامة
بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت ابى العاص بن الربيع فاذا
قام حملها واذا سجد وضعها .
واهديت اليه صلى الله عليه وسلم قلادة من الخرز اليمانى فقال :
لادفعنها الى احب اهلى الى وهى امامة بنت زينب – فعلقها فى عنقها
اسلمت زينب وهاجرت بعد غزوة بدر قبل اسلام زوجها بست سنين وقد وقع زوجها اسيرا
فى غزوة بدر وهو مشرك فبعثت زينب مع اخيه عمرو قلادتها – التى ادخلتها بها
امها السيدة خديجة وكانت من جزع ظفار – لتفتدى بها زوجها فلما راى رسول الله
صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها ورق لها وقال :
ان رايتم ان تطلقوا لها اسيرها فعلتم قالوا :
نعم
واطلقوه فاخذ عليه النبى صلى الله عليه وسلم العهد ان يخلى سبيل زينب وكانت من
المستضعفين من النساء واستكتمه النبى صلى الله عليه وسلم ذلك وبعث زيد بن حارثة ورجلا
من الانصار ليصحباها بعد ان يطلق سراحها وذلك بعد بدر بشهر فلما قدم ابو العاص
مكة امرها باللحوق بابيها فتجهزت وخرجت مع اخيه كنانة سرا وسلمها الى زيد وصاحبه فعادا
بها الى المدينة وقد اثنى النبى صلى الله عليه وسلم ابى العاص زوجها حين قال
:
حدثنى فصدقنى ووعدنى فوفى لى
فلما كان قبل الفتح خرج ابو العاص تاجرا الى الشام بماله ومال كثير لقريش فلما
رجع لقيته سرية فى سبعين ومائة راكب عليها زيد بن حارثة فلقوا العير فى سنة
ست فاخذوها واسروا اناسا منهم ابو العاص فدخل ابو العاص على السيدة زينب سرا فاجارته
فلما كان النبى صلى الله عليه وسلم والناس فى صلاة الصبح صرخت زينب ايها الناس
قد اجرت ابو العاص بن الربيع وبعث النبى صلى الله عليه وسلم الى السرية التى
اصابت ماله فقال :
ان هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد اصبتم له مالا فان تحسنوا وتردوه فانا
نحب ذلك وان ابيتم فهو فئ الله فانتم احق به
قالوا :
بل نرده
فردوه كله ثم ذهب الى مكة فادى الى كل ذى مال ماله ثم قال :
يا معشر قريش هل بقى لاحدكم منكم عندى شيئ ؟
قالوا :
لا فجزاك الله خيرا
قال :
فانى اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله والله ما منعنى من
الاسلام عنده الا خوف ان تظنوا انى اردت اكل اموالكم .
ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما مهاجرا فى المحرم سنة سبع
فرد عليه النبى صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الاول لم يحدث شيئا صداقا
ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم فرق بينهما وقيل ان النبى صلى الله عليه
وسلم رد ابنته على ابى العاص بنكاح ومهر جديد
وتوفيت السيدة زينب رضى الله عنها بالمدينة سنة ثمان من الهجرة وامر الرسول صلوات الله
عليه النسوة ان يغسلنها وغسلتها ام عطية وقال صلى الله عليه وسلم :
اغسلنها وترا ثلاثا او خمسا واجعلن فى الاخيرة كافورا او سيئا من كافور فاذا غسلتنها
فاعلمننى فلما غسلنها اعطاهن حقوة – ازاره – فقال :
اشعرنها اياه اى اجعلنه شعارا – وهو الثوب الذى يلى الجسد – نزل رسول الله
صلى الله عليه وسلم قبرها وهو مهموم ومحزون قلما خرج سرى عنه وقال :
كنت ذكرت زينب وضعفها فسالت الله تعالى ان يخفف عنها ضيق القبر وغمه ففعل وهون
عليها
وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحبها ويثنى عليها رضى الله عنها .. عاشت نحو
ثلاثين سنة ومات ابو العاص زوجها فى شهر ذى الحجة سنة اثنى عشرة فى خلافة
الصديق .
وتزوج امامة على بن ابى طالب كرم الله وجهه بعد فاطمة فى خلافة عمر رضى
الله عنه وبقيت عنده مدة وجاءته الاولاد منها وعاشت بعده حتى تزوج بها المغيرة بن
نوفل بن الحارث فتوفيت عنده بعد ان ولدت له يحيى وماتت فى دولة معاوية بن
ابى سفيان رضى الله عنهما .
- نساء الخير