روى اسحاق بن عمار عن ابي عبد الله [1] ( عليه السلام ) انه قال
:
” كان ملك في بني اسرائيل و كان له قاض و للقاضي اخ و كان
رجل صدق و له امراة قد ولدتها الانبياء ، فاراد الملك ان يبعث رجلا في
حاجة فقال للقاضي :
ابغني رجلا ثقة .
فقال : ما اعلم احدا اوثق من اخي .
فدعاه ليبعثه فكره ذلك الرجل ، و قال لاخيه اني اكره ان اضيع امراتي ،
فعزم عليه فلم يجد بدا من الخروج .
فقال لاخيه : يا اخي اني لست اخلف شيئا اهم علي من امراتي فاخلفني فيها
و تول قضاء حاجتها .
قال : نعم .
فخرج الرجل ، و قد كانت المراة كارهة لخروجه ، فكان القاضي ياتيها و يسالها
عن حوائجها و يقوم لها ، فاعجبته فدعاها الى نفسه ، فابت عليه ، فحلف
عليها لئن لم تفعلي لنخبرن الملك انك قد فجرت .
فقالت : اصنع ما بدا لك ، لست اجيبك الى شيء مما طلبت .
فاتى الملك فقال : ان امراة اخي قد فجرت و قد حق ذلك عندي .
فقال له الملك : طهرها .
فجاء اليها فقال : ان الملك قد امرني برجمك فما تقولين ؟ تجيبني و الا
رجمتك .
فقالت : لست اجيبك فاصنع ما بدا لك .
فاخرجها فحفر لها فرجمها و معه الناس .
فلما ظن انها قد ماتت تركها و انصرف ، و جن بها الليل و كان
بها رمق فتحركت و خرجت من الحفيرة .
ثم مشت على وجهها حتى خرجت من المدينة فانتهت الى دير فيه ديراني فباتت على
باب الدير .
فلما اصبح الديراني فتح الباب و راها ، فسالها عن قصتها فخبرته ، فرحمها و
ادخلها الدير ، و كان له ابن صغير لم يكن له ابن غيره ، و
كان حسن الحال ، فداواها حتى برات من علتها و اندملت .
ثم دفع اليها ابنه فكانت تربيه .
و كان للديراني قهرمان [2] يقوم بامره فاعجبته فدعاها الى نفسه فابت ، فجهد بها
فابت .
فقال : لئن لم تفعلي لاجهدن في قتلك .
فقالت : اصنع ما بدا لك .
فعمد الى الصبي فدق عنقه [3] و اتى الديراني فقال له : عمدت الى فاجرة
قد فجرت فدفعت اليها ابنك فقتلته .
فجاء الديراني فلما راه ، قال لها : ما هذا ؟ فقد تعلمين صنيعي بك
، فاخبرته بالقصة .
فقال لها : ليس تطيب نفسي ان تكوني عندي فاخرجي ، فاخرجها ليلا ، و
دفع اليها عشرين درهما و قال لها تزودي هذه ، الله حسبك .
فخرجت ليلا ، فاصبحت في قرية فاذا فيها مصلوب على خشبة و هو حي ،
فسالت عن قصته ، فقالوا عليه دين عشرون درهما ، و من كان عليه دين
عندنا لصاحبه صلب حتى يؤدي الى صاحبه .
فاخرجت العشرين درهما و دفعتها الى غريمه ، و قالت لا تقتلوه ، فانزلوه عن
الخشبة .
فقال لها : ما احد اعظم علي منة منك نجيتني من الصلب و من الموت
، فانا معك حيث ما ذهبت ، فمضى معها و مضت حتى انتهيا الى ساحل
البحر ، فراى جماعة و سفنا ، فقال لها اجلسي حتى اذهب انا اعمل لهم
و استطعم و اتيك به .
فاتاهم فقال لهم : ما في سفينتكم هذه ؟
قالوا : في هذه تجارات و جوهر و عنبر و اشياء من التجارة ، و
اما هذه فنحن فيها .
قال : و كم يبلغ ما في سفينتكم ؟
قالوا : كثير لا نحصيه .
قال : فان معي شيئا هو خير مما في سفينتكم .
قالوا : و ما معك ؟
قال : جارية لم تروا مثلها قط .
قالوا : فبعناها .
قال : نعم على شرط ان يذهب بعضكم فينظر اليها ، ثم يجيئني فيشتريها و
لا يعلمها و يدفع الي الثمن و لا يعلمها حتى امضي انا .
فقالوا : ذلك لك .
فبعثوا من نظر اليها ، فقال ما رايت مثلها قط ، فاشتروها منه بعشرة الاف
درهم ، و دفعوا اليه الدراهم ، فمضى بها ، فلما امعن اتوها .
فقالوا لها : قومي و ادخلي السفينة .
قالت : و لم ؟
قالوا : قد اشتريناك من مولاك .
قالت : ما هو بمولاي .
قالوا : لتقومين او لنحملنك ؟
فقامت و مضت معهم ، فلما انتهوا الى الساحل لم يامن بعضهم بعضا عليها ،
فجعلوها في السفينة التي فيها الجوهر و التجارة و ركبوا هم في السفينة الاخرى فدفعوها
.
فبعث الله عز و جل عليهم رياحا فغرقتهم و سفينتهم و نجت السفينة التي كانت
فيها حتى انتهت الى جزيرة من جزائر البحر ، و ربطت السفينة ثم دارت في
الجزيرة فاذا فيها ماء و شجر فيه ثمرة .
فقالت : هذا ماء اشرب منه و ثمر اكل منه ، اعبد الله في هذا
الموضع .
فاوحى الله عز و جل الى نبي من انبياء بني اسرائيل ان ياتي ذلك الملك
فيقول ان في جزيرة من جزائر البحر خلقا من خلقي فاخرج انت و من في
مملكتك حتى تاتوا خلقي هذه ، و تقروا له بذنوبكم ، ثم تسالوا ذلك الخلق
ان يغفر لكم ، فان يغفر لكم غفرت لكم .
فخرج الملك باهل مملكته الى تلك الجزيرة فراوا امراة .
فتقدم اليها الملك فقال لها : ان قاضي هذا اتاني فخبرني ان امراة اخيه فجرت
فامرته برجمها و لم يقم عندي البينة فاخاف ان اكون قد تقدمت على ما لا
يحل لي فاحب ان تستغفري لي .
فقالت : غفر الله لك اجلس .
ثم اتى زوجها و لا يعرفها ، فقال : انه كان لي امراة و كان
من فضلها و صلاحها و اني خرجت عنها و هي كارهة لذلك ، فاستخلفت اخي
عليها فلما رجعت سالت عنها فاخبرني اخي انها فجرت فرجمها ، و انا اخاف ان
اكون قد ضيعتها ، فاستغفري لي .
فقالت : غفر الله لك اجلس ، فاجلسته الى جنب الملك .
ثم اتى القاضي فقال : انه كان لاخي امراة و انها اعجبتني فدعوتها الى الفجور
فابت ، فاعلمت الملك انها قد فجرت و امرني برجمها فرجمتها ، و انا كاذب
عليها ، فاستغفري لي .
قالت : غفر الله لك ، ثم اقبلت على زوجها فقالت اسمع .
ثم تقدم الديراني و قص قصته و قال اخرجتها بالليل و انا اخاف ان يكون
قد لقيها سبع فقتلها .
فقالت : غفر الله لك اجلس .
ثم تقدم القهرمان فقص قصته .
فقالت للديراني : اسمع غفر الله لك .
ثم تقدم المصلوب فقص قصته .
فقالت : لا غفر الله لك .
قال : ثم اقبلت على زوجها فقالت انا امراتك و كل ما سمعت فانما هو
قصتي و ليست لي حاجة في الرجال ، و انا احب ان تاخذ هذه السفينة
و ما فيها و تخلي سبيلي فاعبد الله عز و جل في هذه الجزيرة ،
فقد ترى ما لقيت من الرجال ، ففعل و اخذ السفينة و ما فيها فخلى
سبيلها و انصرف الملك و اهل مملكته “
- صور شر ممن أحسنت إليه