خمس سنوات وهو يعمل لتحقيق فكرته العبقرية التي وصفها البعض بانها مجنونة وغريبة، وفي تحد
لكل من توقع فشل مشروعه اعلن طالب هندسة الالكترونيات انه قادر على تنفيذ مشروعه الذي
ينتظر يمثل بحق انقلابا في ميدان البرمجة، ليجيب اسئلة دارت في خلده قبل بداية عمله
في المشروع وهي: لماذا يقع الاعتماد دائما على لغات برمجية لكي نطور برامج معلوماتية، وهو
ما يحد من انتشار تعلم البرمجيات وتطويرها؟ لماذا لا تقع البرمجة من غير الاعتماد على
لغة برمجية، وانما بالاعتماد فقط على بيئة تطوير؟، وكان نتاج هذا العمل هو المشروع الطموح
“البرمجة بدون كود”.
دوافع كبيرة دفع محمود سمير فايد (22 عام) للتضحية بخمس سنوات من حياته لكي يظهر
هذا المشروع العبقري الى النور، اهمها ما لخصه في معادلته (البرمجة بدون كود = امبراطورية
يصنعها مبرمج واحد في ايام)، ويفرق فايد بين البرمجة بكود والبرمجة المبتكرة في ان الاخيرة
هي التطور الطبيعي للاولى وذلك في علاقة تشبه علاقة ال(dos) وال(windows)، فالبرمجة بالكود تعتمد على
المواجهة الخطية وكتابة الكود، بينما البرمجة بدون كود تعتمد على الواجهة الرسومية وتقديم خيارات تغني
عن اللجوء للكود او الاحتكاك به اصلا.
بدا فايد في التفكير والعمل في المشروع في بداية ديسمبر عام 2005، وكان الهدف من
المشروع في الاساس هو بناء بيئة تطوير للبرمجيات تتيح عمل برمجيات متكاملة 100% ودون الحاجة
الى كتابة اي اكواد (شفرات مصدرية) على الاطلاق، وشاركه في اخراج العمل الى النور مبرمج
ايطالي يدعى اركانجيلو مالينارو ساهم في ترجمة المشروع الى اللغة الايطالية، واكتشاف بعض العثرات والاخطاء
من خلال الاختبارات.
والمشروع اعتمد على اكثر من عشرين فكرة عبقرية مختلفة تم مزجها معا للوصول الى المشروع
في صورته النهائية، احدها هو ملاحظة التطور الذي حدث في نظام التشغيل من المواجهة القديم
(dos) الى نظام النوافذ (windows) الذي يعتمد على المواجهة الرسومية مما ادى الى طفرة في
سهولة استخدام الحاسب، ليتاح استخدامه لمختلف المستويات التعليمية، وبتدريب بسيط، ومن هنا تساءل فايد لماذا
لا تكون هناك طفرة بقدر مماثل في عالم البرمجة –بلا شك- تطورت لغات البرمجة كثيرا
في الاونة الاخيرة، واصبحت تشتمل على العديد من برامج التصميم مثل ال(Report) ومصمم التقارير ال(Form
Designer)، ومصمم قواعد البيانات Designer)).
ولكن مازالت كل البرامج المشار اليها تعتمد على كتابة الكود (wizards) من المعالجات لاداء مختلف
المهام، ومن هنا تركز العمل في المشروع الجديد على الغاء كتابة الاكواد نهائيا، وايجاد بديل
مكافئ له تماما بحيث لا توجد قيود او عوائق على التطبيقات التي يتم انتاجها، بل
بالعكس ستكون هناك فوائدة عديدة لتطبيق هذا المشروع، اولها سهولة تعلم البرمجة واستخدامها وعدم حصرها
في المتخصصين فقط.
مراحل عمل المشروع اشار اليها محمود فايد في كتابه “اعمق اسرار البرمجة” هي بناء نمط
برمجة جديد بديلا لبرمجة الكائنات ياخذ في الاعتبار البرمجة بدون كود، وبناء محيط التطوير الذى
يقدم بيئة متكاملة للبرمجة بدون كود، واخيرا بناء لغة برمجة تفاعلية بدون كود تعتمد على
محيط التطوير، ويؤكد المهندس العبقري ان البرمجة بدون كود ستظل تحمل اسم (برمجة) على الرغم
من عدم اعتمادها للاكواد التقليدية، لانها تهدف في الاساس الى تسهيل عملية البرمجة، فهي لا
تفرض قيودا على مستخدمها، ويفترض قبل استخدامها ان يكون ملما بفكر المبرمجين وقواعد البرمجة الاساسية.
ومعنى ذلك ان المشروع الجديد لا يعتمد ان يكون المتعامل معه مبرمجا محترفا، والبرمجة المبتكرة
على مستويات اولها المستوى المنخفض، والمستوى الثاني هو المستوى المتوسط، واخيرا المستوى العالي، والمشروع المبتكر
يتيح للشخص العادي عمل بنك اكواد خاصة، وعمل ادارة لبنك الاكواد، كما تتيح له عمل
واجهة رسومية للاكواد تعزل الشخص عن الحاجة الى الاكواد في البرمجة.
ويشير المهندس محمود فايد الى ان هناك طريقتين عمليتين لاستخدام المشروع وهما استخدامه كبيئة عمل
مستقلة لتطوير البرمجيات بدون كود وحينها ينبغي الانتباه الى ان اللغات التى يرتكز عليها المشروع
هي المصدر، وهذه اللغات مجانية ومفتوحة (xHarbour و C/C++)، ولكن مستخدم البرمجة بدون كود ليس
بحاجة الى ان يتعلم تلك اللغات لكي يستخدم المشروع – لانه اساسا سوف يكون معزول
تماما عن هذه اللغات – وهذا طبيعي لان البرمجة تتم بدون كود.
اما الطريقة الثانية فهي استخدام المشروع كبيئة مساعدة للغات البرمجة الاخرى (اداة اضافية) في هذه
الحالة يتم استخدام المشروع في دعم لغات البرمجة او اي لغة برمجة نريد C# او
Java الاخرى مثل Components وذلك يتم على مرحلتين الاولى بناء مكونات تتيح دعم تلك اللغات،
ويؤكد المهندس محمود فايد ان هذه المهمة سهلة جدا ومتاحة بصورة مباشرة وبسيطة من خلال
محيط التطوير، والمرحلة الثانية هي استخدام هذه المكونات.
بدا المشروع مجرد فكرة تم الاعلان عنها في صفحة المشروع، وبعد فترة تلقى رسالة من
احد اساتذة جامعة في اليابان والذي اهتم بدوره بالمشروع واخبر محمود فايد بانهم في الجامعة
يخططون ان يكون احد مشاريعهم القادمة عن البرمجة بدون كود، وساله عن الافكار التي استند
اليها, وكيف ستكون البرمجة بدون كود، ولكن محمود فضل الا يدلي باية اسهابات بخصوص فكرته،
وخاصة انه كان في مراحل تنفيذها الاولى.
ومنذ ديسمبر عام ٢٠٠٥ تطور المشروع حيث كان الهدف هو ايجاد بيئة تطوير لا تشكل
قيودا على نوعية التطبيقات التي يتم انتاجها، بحيث تكون اداة مثمرة تزيد من الانتاجية وتبسط
امور البرمجة، وكان هدف فايد الاساسي هو تنمية مهاراته من مجرد مبرمج كمبيوتر، الى باحث
مبدع والمساهمة في محاولة تغير الوضع من مجرد مستقبلين للتكنولوجيا الى مصنعين لها، وفى النصف
الاول من عام ٢٠٠٦ – تمكن من وضع اساس علمي للفكرة من خلال ابتكار نمط
برمجة جديد بحيث يدعم هذا النمط فكرة ومبدا ال”Programming Paradigm”، بما يلغي اي قيود او
عوامل سلبية تقلل من كفاءة استخدامها ويسمح بالاعتماد على البرمجة بدون كود بصفة كاملة، اما
في النصف الثاني من عام ٢٠٠٦ تم تحويل هذا النمط من مجرد بحث علمي وتصميم
نظري – الى كيان عملي قابل للاستخدام.
وفى النصف الاول من عام ٢٠٠٧ تم بناء محيط تطوير “الخادم الممتاز”، وفى النصف الثاني
من عام ٢٠٠٧ تم اضافة تكنولوجيا البرمجة بدون كود الى محيط التطوير بحيث تكون تلك
البيئة، قابلة للتقدم والامتداد، اما في عام ٢٠٠٨ تم قبول التكنولوجيا الجديدة من الناحية المنطقية
والتطبيقية من قبل كل من يطلع عليها من المتخصصين، واصبحت الفكرة التى كانت في يوم
من الايام مجرد حلم او فكرة، الى تكنولوجيا جديدة، بل وفرع جديد متكامل من علم
البرمجة، يستحق ان يدرس في الجامعات، وان تتبناه الشركات العملاقة، وقام المهندس المبتكر بتاليف كتاب
للمشروع في شكله النهائي باللغتين العربية والانجليزية يتضمن شرحا وافيا لمشروعه.