احتل الخمر المكانة الاكبر من حيث ذكر الطعام والشراب في القران الكريم، و قد جاء
تحريمه على مراحل، لان العرب كانوا معتادين على شربه، ولم يكن تركه بالامر السهل بالنسبة
اليهم، وقد تم تحريم الخمر على اربعة مراحل:
المرحلة الاولى:
وتسمى المرحلة الاولى من مراحل تحريم الخمر ب (مرحلة المنة والعتاب)، حيث وردت الاية التي
تتعلق بهذه المرحلة في سورة النحل، وقال الله تعالى: (ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه
سكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لاية لقوم يعلمون)، وقد اجمع المفسرون على ان هذه
الاية هي الاولى التي نزلت في تحريم الخمر.
المرحلة الثانية:
تسمى ب مرحلة (السؤال والاجابة)، فالله سبحانه وتعالى في هذه المرحلة، اتخذ طريقة السؤال والجواب،
لكي يلفت انظار العرب ويوقظ شعورهم ويهيا نفوسهم لتقبل الحكم في تحريم الخمر، وقد قال
الله تعالى: (يسالونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من
نفعهما)، والمعنى المراد بالاثم في سياق هذه الاية هي كل ما ينقص من دين المسلم
عند شرب الخمر، ولما لها تاثير على النفس البشرية، حيث تلهي عن ذكر الله تعالى.
اما عن المعنى المراد بكلمة النفع: فهي ما يستعين به المسلم للوصول الى الخيرات، اما
عن المنفعة التي تتواجد في الخمر، هي كسب الارباح من وراء التجارة فيها، وهي مظهر
من مظاهر الكرم فهي تقدم في المناسبات.
المرحلة الثالثة:
وتسمى ب (النهي عن قرب الصلاة في حالة السكر)، فالمسلم الذي يشرب الخمر لا يجوز
له اداء الصلاة، لان عقله يكون غائبا ولا يعلم ما يقول، لذلك يامر الله المسلمين
الذين يشربون الخمر بعدم الاقتراب من الصلاة، حتى يتخلصوا من حالة السكر التي اصابتهم، وبعدها
يتوضؤون ويقيمون الصلاة، وان الاثم يقع على كل شارب خمر يؤدي الصلاة وهو سكران، وقد
قال الله تعالى: (يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما
تقولون) والمستفاد من هذه الاية امران وهما: الامر الاول: لا تسكروا في اوقات تادية الصلاة
الامر الثاني: لا تقيموا الصلاة بينما انتم في حالة من السكر، حيث قيل ان بعد
نزول هذه الاية، امتنع المسلمون عن شرب الخمر في النهار، وقد كانوا يشربوه بعد صلاة
العشاء وبعد صلاة الفجر؛ لان الوقت كان طويلا بين هذه الصلوات والصلوات التي تتبعها.
المرحلة الرابعة:
وتسمى ب (الامر بالاجتناب) بعد ان مهد الله تعالى للامر الالهي بما يتعلق بالخمر، وكان
قد علق امر الخمر بين الحلال والحرام، فانه انزل هذه الاية ليكون شرب الخمر محرما
قطعا، ولا مجال بالتراجع عن هذا الامر الرباني، وقد قال الله تعالى: (يا ايها الذين
امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون انما يريد
الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة
فهل انتم منتهون)
وتدل الاية الكريمة على ان شرب الخمر كالرجس، والرجس اي القذارة والنتانة ويعد ايضا الذنب.
وبعد هذه المراحل تم تحريم الخمر نهائيا، لما فيه من ذهاب للعقول وتشوش الفكر، وقد
يقدم شارب الخمر على اداء المنكرات والموبقات لان عقله يكون مذهبا، اي لا يستطيع ان
يفكر، ولطالما كان لله حكمة في تحريم او السماح بفعل اي شيء.