يعيشان معا في بطن واحد وفي رحم واحد، قد يكونا متشابهين في الصفات او مختلفين
وقد يزيد عددهما عن الاثنين وقد يكونا ذكرا وانثى او ذكرين او انثيين او ما
اشتملت عليه الارحام من الذكور والاناث، فاذا خرجا الى الحياة وكانا من النوع المتطابق او
المتشابه فانهما يلفتا النظر فنقول بكل عفوية ايمانية: (سبحان الله) ما اجمل خلق الله و(سبحان
من يخلق من الشبه ما يشاء وكيف يشاء)، وقد كنت في انجلترا وولد لصديق لي
من الجزائر طفلتان جميلتان توام متطابقان وقد حاول ان يختبر قدرتي في التمييز بينهما فيلبسهما
لباسا متماثلا ويقول: سادخل عليك احداهما لتقول لي اسمها فاذا بي اقول اسم الاخرى وهكذا
افشل في معرفة كل واحدة على حدة فاذا حضرا معا زاد الاشكال عندي، وعندها استسلمت
وقلت: سبحان من لا يعجزه معرفة دقائق الامور ولو اشتبهت الصور وهاانذا اكتب مقالا عنهما
بل عن التوائم كلها فيما يخص تعدد المواليد، وانواع وصور من حياة التوائم والدراسات الحديثة،
عنها وكذا عن لغز التشابه عند التوائم.
تعدد المواليد Multiple birth:
تتميز كثير من الثدييات المشيمية بانها تضع اكثر من مولود في المرة الواحدة، وتعرف هذه
الظاهرة بظاهرة تعدد المواليد، وقد لا تلاحظ في ثدييات اخرى مثل الفيل والحصان والانسان حيث
تضع هذه الثدييات مولودا واحدا فقط في كل مرة، وتعدد المواليد (تعدد الاجنة) مرتبط بتعدد
البويضات التي تفرز من المبيض وبعدد هذه البويضات يكون عدد الاجنة المتكونة حيث يتم اخصاب
كل بويضة بحيوان منوي وتتحرك هذه البويضات المخصبة الى ان تصل الى الرحم حيث انها
تتوزع على جدار الرحم بانتظام وعلى مسافات متساوية عن بعضها، وعندما تضع انثى الانسان اكثر
من جنين (مولود) خلال فترة حمل واحد فان هذه الظاهرة تعرف بالتوائم، وقد وصل اقصى
عدد للمواليد في الانسان اربعة عشر طفلا لامراة في ايطاليا، كما وصل في المملكة العربية
السعودية الى سبعة مواليد في منطقة عسير، وحيث ان الاحصائية الدقيقة لعدد المواليد والتوائم تتباين
من دولة لاخرى وتختلف من عام لاخر فانه يمكن العودة اليها بشيء من التوسع والجداول
البيانية عبر مواقعها الالكترونية والموجودة كمراجع في اخر المقال.
طريقة تكوين التوام غير المتشابه
طريقة تكوين التوام المتشابه
التوائم Twins وهي تشمل:
ا التوائم الاخوية (غير المتشابهة) :Fraternal Twins (Unlike)
هذا النوع من التوائم لا تظهر عليه ظاهرة التشابه التام التي تكون في التوائم المتطابقة،
ويكفي ان يكون القاسم المشترك في التشابه ما هو موجود بين الاخوة بعضهم بعضا، لذلك
تعرف بالتوائم الاخوية، كما انها تعرف ايضا بالتوائم ثنائية البويضة، حيث ان المبيض يفرز بويضتين
فيلقح كل بويضة حيوان منوي واحد، وحيث ان بعض السيدات المصابات بالعقم استخدمن بعض الادوية
الخاصة بتنشيط المبيض مثلا فسبب ذلك لهن افراز اكثر من بويضة خلال الدورة الواحدة فادى
ذلك الى حدوث الحمل باكثر من جنين وفي هذا النوع من التوائم تكون المشيمتان منفصلتين
حيث تكون لكل جنين مشيمة خاصة به.
ب التوائم المتشابهة او المتطابقة :Identical Twins (like)
وتعرف هذه التوائم ايضا بالتوائم احادية البويضة حيث ان سبب تكوينها هو انقسام البويضة المخصبة
الى خليتين او في طور متقدم تنقسم الكتلة الخلوية الى جزئين، ثم تواصل كل خلية
نموها الى ان يتكون الجنين الكامل، ولما كانت التوائم هنا تتكون من بويضة واحدة وحيوان
منوي واحد فان هذه التوائم تتشابه من جميع الوجوه حتى على مستوى جنس التوائم فهي
اما ذكورا اواناثا، اما بالنسبة للمشيمة فانها تكون منفصلة عن بعضها اذا كان انفصال الخليتين
عن بعضهما في طور مبكر او قد تكون المشيمتان ملتحمتين ولكنهما في الاصل منفصلتان من
حيث اندماج الدماء، اما اذا كان الانفصال في مرحلة البلاستولا فان التوائم هنا تكون ذات
مشيمة واحدة مشتركة مع احتفاظ كل جنين بغشاء رهل خاص به، وعند حصول الانفصال في
مرحلة متاخرة كالتي تحدث للقرص الجرثومي فان ذلك يؤدي الى تكوين جنينين بغشاء رهل واحد
وكذلك بمشيمة واحدة وفي هذا النوع يمكن ملاحظة تكوين توائم ملتصقة وذلك نتيجة ان الانفصال
لم يكن تاما، او ان جزءا من جنين يكون محمولا بجوار الجنين الاخر وتعرف هذه
التوائم بالتوائم الطفيلية وهي نتيجة عدم اكتمال التكوين في احد التوامين.
ج التوائم (الموصلية) او (السيامية):
ان هذا النوع من التوائم يتبع التوائم المتطابقة الملتصقة وقد سجلت اول حالة لهذا النوع
في هذا العصر لطفلين من (سيام) فعرفت بالتوائم السيامية لكن العجيب تاريخيا ان كتاب (نشوار
المحاضرة) وهو المعروف باسم جامع التواريخ ص 144 146 لمؤلفه القاضي التنوخي المتوفى عام 384ه
(اي قبل اكثر من الف عام) ذكر خبرا وتوثيقا علميا لحالة توامين ملتصقين احضرا من
ارمينيا وعرضا على صاحب الموصل الحمراني.
وتعتبر بالتالي هذه اول حالة لتوامين ملتصقين اشارت اليها المصادر في التاريخ الانساني والتي عرفت
في الكتب الحديثة بحالة التوائم (السيامية) التي هي نفس الوصف للتوائم (الموصلية) والتي لو اتيح
لها الاعلام مبكرا وعلى نطاق عالمي واسع في ذلك الوقت لامكن اليوم معرفتها بالتوائم الموصلية
نسبة الى مدينة الموصل التي سجلت وعرفت فيها هذه الحالة من حالات التوائم كما ذكرت
ذلك الباحثة هناء السلطي في بحثها في المجلة العربية.
توائم اخوية (غير متشابهة) لكل جنين مشيمة مختلفة وغشاء كوريون ورهل مختلف
قبل ان نشرح حالة التوائم الموصلية يجدر بنا الاشارة الى التوائم السيامية حيث ان المقصود
بها اي طفلين متصلين او ملتصقين او ملتحمين ببعضهما في منطقة من جسدهما وقد سميا
كذلك نسبة الى التوامين السياميين بمدينة سيام في جنوب شرق اسيا عام 1811م لابوين صينيين
وكانا ملتصقين من جهة الصدر (القص او عظم الصدر) الى السرة وقد جالا كثيرا من
الاماكن بعد ان كبرا يعرضان نفسيهما في السيرك الى ان استقر بهما القرار في مزرعة
بولاية كارولينا الشمالية وتزوجا من شقيقتين انجليزيتين وانجبا اثنين وعشرين طفلا وقد توفيا عام 1874م
ولم يكن زمن الوفاة بينهما كبيرا حيث توفي احدهما بحوالي ساعتين قبل الاخر عن عمر
يناهز ثلاثة وستين عاما. اما التوائم الموصلية فقد جاء ذكرها كما ذكرنا في الجزء الرابع
من الكتاب السالف الذكر وننقل هنا نقلا عن الباحثة هناء بدر حيث تقول في الكتاب:
نقلا عن ابن الجوزي اخبرنا محمد عبدالباقي البزاز المعروف بابن ابي طاهر (المتوفى عام 535ه
وهو من اساتذة ابي الفرج الجوزي) عن غيره قال: حدثنا جماعة كثيرة العدد من اهل
الموصل وغيرهم ممن كنا نثق بهم، ويقع لنا العلم بصحة ما حدثوا به لكثرته وظهوره
وتواتره انهم شاهدوا بالموصل سنة نيف واربعين وثلاثمائة، رجلين انفذهما صاحب ارمينية الى ناصر الدولة
الحسن بن ابي الهيجاء عبدالله بن حمدان وهو اخو سيف الدولة، ومن ملوك الدولة الحمدانية
بالموصل (المتوفى 358ه) للاعجوبة فيهما وكان عمرهما نحوا من ثلاثين سنة، وهما ملتزقان من جانب
واحد، ومن حد فويق الحقو (الخصر) الى دوين الابط (اي ان الالتصاق يبدا من فوق
الخصر بقليل الى ما دون الابط بقليل)، وكان معهما ابوهما، فذكر انهما ولدا كذلك. وكنا
نراهما يلبسان قميصين او سروالين، كل واحد منهما لباسه مفرد الا انه لم يكن يمكنهما
لالتزاق كتفيهما وايديهما المشي لضيق ذلك عليهما، فيجعل كل واحد منهما يده التي تلي اخاه
من جانب الالتزاق، خلف ظهر اخيه، ويمشيان كذلك، وانهما يركبان دابة واحدة. ولا يمكن احدهما
التصرف الا اذا تصرف الاخر معه وان لم يكن محتاجا. وان اباهما حدثهم انه لما
ولدا، اراد ان يفرق بينهما، فقيل له: انهما يتلفان لان التزاقهما من جانب الخاصرة، وانه
لا يجوز ان يفصلا فتركهما.
وقد اجازهما (اي منحهما جائزة مناسبة) ناصر الدولة، وخلع عليهما وكان الناس بالموصل يصيرون اليهما
فيتعجبون منهما ويهبون لهما واخبرني جماعة: انهما خرجا الى بلدهما، فاعتل احدهما ومات، وبقي اياما
حتى انتن. واخوه حي لا يمكنه التصرف، ولا يمكن ابدا دفن الميت، الى ان لحقت
الحي علة من الغم والرائحة، فمات ايضا فدفنا معا. وكان ناصر الدولة قد جمع لهما
الاطباء، وقال: هل من حيلة في الفصل بينهما؟ فسالهما الاطباء عن الجوع: هل تجوعان في
وقت واحد. فقالا: اذا جاع الواحد منا تبعه جوع الاخر بشيء يسير من الزمان، وان
شرب احدنا دواء مسهلا، انحل طبع الاخر بعد ساعة، وقد يلحق احدنا الغائط ولا يلحق
الاخر، ثم يلحقه بعد ساعة.
فنظروا فاذا لهما جوف واحد وسرة واحدة، ومعدة واحدة، وكبد واحد، وطحال واحد، وليس في
موضع الالتصاق اضلاع، فعلموا ان فصلهما تلفا. ووجدوا لهما ذكرين، واربع بيضات.
ولنا هنا ملاحظة ومداخلة فنقول الباحثة: ولعل ما طلبه ناصر الدولة الحمداني من جماعة الاطباء،
لفحص هذه الحالة المرضية الشاذة والغريبة (فحصا سريريا) بمصطلح هذه الايام الطبي هو الدليل الواضح
على ان الاطباء العرب المسلمين ومنذ الف عام تقريبا كانوا يقومون باجراء التشريح على الجثث
ويهدفون من ذلك الى الاطلاع على الحالات الشاذة عند الانسان بخلاف ما يتهمهم به الغربيون
من عدم القيام بالتشريح. وتضيف رواية التنوخي الى حكاية توامي الموصل قائلة: وذكر ابوهما كذلك
انه ربما كان وقع بينهما خلاف وتشاجرا، فتخاصما اعظم خصومة حتى ربما حلف احدهما لا
يكلم الاخر اياما، ثم يصطلحان.