مواضيع للرجال للنساء

امك ثم امك ثم امك ثم ابوك

امك ثم امك ثم امك ثم ابوك 20160817 5273 1

امك ثم امك ثم امك ثم ابوك 20160817 5273

حديث: امك ثم امك ثم امك ثم ابوك

الحديث

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : “جاء رجل الى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- فقال : يا رسول الله، من احق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (امك) ،
قال: ثم من؟ قال: (امك) ، قال: ثم من؟ قال: (امك) ، قال: ثم من؟
قال: (ابوك) متفق عليه .

وزاد في مسلم : (ثم ادناك ادناك) .

معاني المفردات

حسن صحابتي: الصحابة هنا بمعنى الصحبة

تفاصيل الموقف

“انى للانسان ان يكابد الحياة ويبحر في غمارها بغير صديق يقف معه في محنته، ويعينه
في شدته، ويشاركه همومه، ويشاطره افراحه، ولولا الصحبة والصداقة لفقدت الحياة قدرا كبيرا من لذتها”.

كانت الكلمات السابقة تعبيرا عن القناعة التي تجسدت في قلب احد الصحابة الكرام الذين كانوا
يعيشون مع النبي –صلى الله عليه وسلم- في المدينة، ومن منطلق هذه القناعة قام بتكوين
علاقات شخصية وروابط اخوية مع الكثير ممن كانوا حوله، على تفاوت بين تلك الصلات قوة
وتماسكا وعمقا.

واذا كان الناس يختلفون في صفاتهم وطباعهم، واخلاقهم وشمائلهم، واقوالهم وافعالهم، فمن هو الذي يستحق
منهم اوثق الصلات، وامتن العرى، واقوى الوشائج، ليطهر المشاعر، ويسمو بالاحساس؟

هذا هو السؤال الكبير الذي ظل يطرق ذهن الصحابي الكريم بالحاح دون ان يهدا، وسؤال
بمثل هذا الحجم لا جواب له الا عند من ادبه ربه وعلمه، واوحى اليه وفهمه،
حتى صار ادرى من مشى على الارض باحوال الخلق ومعادن الناس.

وهنا اقبل يحث الخطى نحو الحبيب –صلى الله عليه وسلم- ليساله عما يدور في ذهنه
من تساؤلات، فوجده واقفا بين كوكبة من اصحابه، فمضى اليه ثم وقف امامه وقال :
” يا رسول الله من احق الناس بحسن صحابتي؟”.

خرجت الكلمات من فم الصحابي الكريم وهو يمعن النظر في وجه النبي –صلى الله عليه
وسلم- ينتظر جوابه، وكل ظنه ان الاجابة ستكون بيانا لصفات معينة اذا اجتمعت في امريء
كانت دليلا على خيريته واحقيته بالصحبة، اوربما كان فيها تحديدا لاسماء افراد ممن اشتهروا بدماثة
الخلق ورجاحة العقل.

لكن الجواب الذي جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يكن على النحو المتوقع،
فلقد قال عليه الصلاة والسلام : (امك) ، نعم! هي احق الناس بالصحبة والمودة، ويستزيد
الصحابي النبي عليه الصلاة والسلام ليساله عن صاحب المرتبة الثانية، فيعود له الجواب كالمرة الاولى
: (امك) ، وبعد الثالثة يشير –عليه الصلاة والسلام- الى الاب، ثم الاقرب فالاقرب.

ولا ريب في استحقاق الام لمثل هذه المرتبة العظيمة والعناية الكبيرة، فهي المربية المشفقة الحانية
على اولادها، وكم كابدت من الالام وتحملت من الصعاب في سبيلهم، حملت كرها ووضعت كرها،
قاست عند الولادة ما لا يطيقه الرجال الشداد، ثم تنسى ذلك كله برؤية وليدها، لتشغل
ليلها ونهارها ترعاه وتطعمه، تتعب لراحته، وتبكي لالمه، وتميط الاذى عنه وهي راضية، وتصبر على
تربيته سنينا طوالا في رحمة وشفقة لا نظير لهما، فلذلك كانت الوصية بصحبتها مكافاة لها
على ما بذلته وقدمته، وهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟

اضاءات حول الموقف

ركز الموقف الذي بين يدينا على حقوق الاقارب من الصلة والمودة، خصوصا وانهم مظنة التقصير
والنسيان، وتفضيل الاصحاب والاحباب عليهم، فجاء التنبيه عليهم والتذكير ببرهم اكثر من غيرهم.

واولى الناس بالبر –كما هو مقتضى الحديث- الوالدان، لما لهما من نعمة الايلاد والتربية، ولذلك
قرن الله حقه بحقهما، وشكره بشكرهما، قال الله تعالى : { وقضى ربك الا تعبدوا
الا اياه وبالوالدين احسانا } (الاسراء:23)، وقال تعالى : { ان اشكر لي ولوالديك الي
المصير } (لقمان:14)، كما جعل رضاه سبحانه وتعالى من رضاهما، وسخطه من سخطهما، قال النبي
–صلى الله عليه وسلم- ( رضا الرب في رضا الوالدين، و سخطه في سخطهما )
رواه الطبراني .

وبر الوالدين اجل الطاعات، وانفس الاعمال الصالحات، به تجاب الدعوة، وتتنزل الرحمة، وتدفع البلية، ويزيد
العمر، وتحل البركة، وينشرح الصدر، وتطيب الحياة، ويرافق صاحبه التوفيق اينما حل.

وتكون الصحبة بالطاعة والتوقير، والاكبار والاجلال، وحسن الحديث بجميل الكلام ولطيف العبارة، وخفض الجناح ذلا
ورحمة ، قال الله تعالى : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب
ارحمهما كما ربياني صغيرا } (الاسراء:24)، فاذا تقدما في السن فوهن العظم وخارت القوى كان
البر اوجب، والاحسان اكد، قولا وعملا، قال تعالى:{ اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما
فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما } (الاسراء:23)، فجاء الامر بالقول
الكريم، والنهي عن التافف والتضجر، والدعوة الى المعاملة الرحيمة كمعاملة الخادم لسيده.

ومن تمام الصحبة وعظيم البر الدعاء لهما بعد موتهما، حتى لا ينقطع عنهما مجرى الحسنات،
قال النبي –صلى الله عليه وسلم- : ( اذا مات الانسان انقطع عمله الا من
ثلاث :-وذكر منهم- ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم .

وليس المقصود هنا استيفاء جميع النصوص الواردة في حق الوالدين وفضل برهما؛ ولا ذكر ما
يتعلق بصلة الرحم ووجوبها، فان المقام بنا يطول، وحسبنا ان نعلم ان الرسالة التي جاء
بها الحديث تدعو الى بناء اسرة متماسكة من خلال توثيق الصلاة بين افرادها، والاسرة نواة
المجتمع وقاعدته الصلبة، وبصلاحها تصلح المجتمعات وتثبت دعائمها، وتعمق جذورها، فتتمكن من اداء رسالتها في
الارض على اكمل وجه.

السابق
موسوعة اعلام الدول مع الشرح لكل علم دولة بالتفصل
التالي
رجيم لاصحاب الضغط المرتفع