مواضيع للرجال للنساء

سفيان الثوري ومرض البعد عن الله

سفيان الثوري ومرض البعد عن الله 20160817 5196 1

سفيان الثوري ومرض البعد عن الله 20160817 5196

العالم الرباني سفيان الثوري
زينوا العلم بانفسكم ولا تزينوا بالعلم

ولد سفيان بن سعيد الثوري في خلافة سليمان بن عبد الملك عام 97 للهجرة, وهو
من قبيلة ثور المنشقة من قبيلة مضر ومن اسرة تعنى في العلم, فوالده كان محدثا
صادقا ومعروفا بين اوساط العلماء, واعتنى به ووجهه الى العلم وهو لا زال حدثا, وقد
نبغ في وقت مبكر, وما ذاك الا لما وهبه الله من العقل المتفتح الذي اهله
لان يكون حاد الذكاء سريع الحفظ والبديهية, لدرجة انه كان يحفظ كل ما يسمع, وامه
كانت تحثه على تلقي العلم, حيث ذات يوم قالت له: يا بني اطلب العلم وانا
اكفيك بمغزلي هذا (كانت تعمل بالغزل لتؤمن له نفقة دراسته) وقالت ذات مرة: يا بني
! اذا كتبت عشرة احرف ولم ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك فاعلم
انها تضرك ولا تنفعك.

تنشئة طيبة
من هذا البيت الصالح خرج سفيان رحمه الله, من اب محدث صادق وام تدفعه الى
العلم دفعا, هذا عدا عن انه تلقى علومه وتتلمذه على يد اكثر من 500 شيخ
فقيه.
يقول سفيان رحمه الله: عندما اردت طلب العمل قلت يا رب! رلابد لي من معيشة,
وعندما وجدت العلم يندثر, قلت: لا بد من احياؤه, وسالت الله الكفاية, وكان يقول اعمل
لدنياك على قدر بقاءك فيها, واعمل لاخرتك على قدر بقاءك فيها, فالانسان يجب ان يكره
ولده على طلب الحديث , فانه مسئول عنه, ورغم العلم الزاخر الذ نهله الا انه
كان شديد التواضع, وكان يقول: لا اوال اتعلم العلم ما وجدت من يعلني, ولو لم
ياتني اصحاب الحديث ليتعلموا, لاتينهم في بيوتهم.

من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

كان اماما لامعا من ائمة المسلمين المعدودين في ذلك الزمان, وكان علما من اعلام الدين
المشهود لهم بالورع والتقوى والصلاح, مع الاتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد, وكان يستفتي الناس
قبل ان يبلغ الحلم, لا عجب في ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من
يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.

حاد الذكاء وسريع البديهية
رزقه الله عقلا يستوعب ما يسمعه من الوهلة الاولى, فقد كان فطنا حاد الذكاء, وفي
ذلك يقول: ما استودعت قلبي شيئا قط فخانني…
والعقل اذا اتصل مع القلب وصل صاحبه الى ما يريد, ذلك ان العقل والقلب يشكلان
خشية وخشوعا في صاحبه, وكانت هذه النظرية واضحة عليه من خلال ورده اليومي, حيث كان
يقسم ليله الى جزئين: جزء لقراءة القران وتدبر اياته وقيام الليل, والجزء الثاني لقراءة الحديث
وحفظه, لاجل ذلك كان اكثر معاصريه حفظا لاحاديث النبي صلى اله عليه وسلم.

تقواه وزهده وورعه

التقوى والورع والزهد نعم عظيمة من نعم الله تعالى, وما بلغ عمر بن الخطاب رضي
الله عنه درجة النبوة وبشهادة النبي صلى الله عليه وسلم , الا من خلال توفر
هذه الخصال الحميدة فيه رضي الله عنه, لاجل ذلك نجد الذين قلوهم معلقة بالاخرة يحذون
حذو اولياء الصالحين الذين اقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم عن قرب, وسفيان واحدا من
هؤلاء الذين اقتدوا بالامام العادل عمر رضي الله عنه, ولشدة خشيته من الله عزوجل كان
يقول: ما بلغني حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا عملت به ولو
مرة واحدة.. وكان يخشى ان يقابل الله فيساله عن كل حديث حفظه , هل عمل
به ام لا……
وقوله في الزهد: ليس الزهد باكل الغليظ من الطعام ولا بلبس الخشن من الثياب, وانما
هو في قصر الامل وترقب الموت… وكان كثيرا ما يقول: اني لارى الشيء الموجب لي
بان اتكلم فيه فلا استطيع تغييره , فابول دما (حزنا).. وكان رحمه يبتعد ما امكنه
عن ابواب الامراء والسلاطين.

مرض البعد عن الله
جاء رجل الى سفيان الثورى وقال له: انى اشكو من مرض البعد عن الله فما
العلاج؟
فقال له سفيان رحمه الله: يا هذا عليك بعروق الاخلاص وورق الصبر وعصير التواضع ،
ضع هذا كله فى اناء التقوى وصب عليه ماء الخشية واوقد عليه بنار الحزن وصفه
بمصفاة المراقبة ، وتناوله بكف الصدق واشربه من كاس الاستغفار وتمضمض بالورع وابعد عن الحرص
والطمع ، تشف من مرضك باذن الله.
حلمه رحمه الله
كان يستفتي الناس مذ كان حدثا وقبل ان يبلغ الحلم, وقد اكتسب هذه الموهبة من
تعمقه في الفقه والعلم وتتلمذه على ايدي علماء وفقهاء كثر, وكان لا يتسرع في الفتوى
ابدا, بل يعطيها حقها ووقتها حتى لا يفتي فتوى يتحمل وزرها ووزر من عمل بها
الى يوم القيامة.

عبادته رحمه الله
كان يقسم الليل الى جزئين: جزء لقراءة القران وقيام الليل, والجزء الثاني لقراءة الحديث وحفظه…
كان يكثر من قيام الليل لدرجة انه كان يرفع ساقيه على الجدار بعد كل قيامالليل
حتى يعود الدم الى راسه.
كان كثير السجود طويله, لدرجة انه كان يسجد السجدة من بعد صلاة المغرب ولا يرفع
راسه منها الا لصلاة العشاء.

خشيته رحمه الله
كانتخشيته ابلغ من ان توصف, حتى انه قيل عنه انه كان يبول دما من شدة
خوفه من الاخرة, وكان يخشى ان ينتزع الايمان منه قبل الموت.

البكاء
كان شديد البكاء كثيره, وكان يخشى الله عزوجل في علمه وعمله, وكان شدسد الخوف من
ان يسلب الايمان منه قبل الموت, لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من
قول: اللهم ثبت قلبي على دينك دين الحق الاسلام.

مواعظه رحمه الله
* اعمل لدنياك بقدر بقاءك فيها واعمل لاخرتك بقدر بقاءك فيها.
* لو لم ياتني اصحاب الحديث لتعلموا لاتينهم بيوتهم.
* يجب ان يكره (يجبر) ولده على طلب الحديث, فانه مسئول عنه.
* زينوا العلم بانفسكم ولا تزينوا بالعلم.
* احذر سخط الله في ثلاث: ان تقصر فيما امرك… ان يراك الناس وانت لست
راض بما قسم الله لك… وان تطلب شسئا من الدنيا فلا تجده فتسخط على ربك.

* ثلاثة من الصبر: لا تحدث بمصيبتك.. ولا بوجعك.. ولا تزك نفسك (ابتعد عن ال
انا)
* لا تخاف في الله لومة لائم… وهذا هو شعاره رحمه الله.

ماذا قال عنه معاصروه؟

· الامام عبد الله بن المبارك: كنت اقعد الى سفيان الثوري فيحدث, فاقول ما بقي
شيء من علمه الا وقد سمعته, ثم اقعد عنده مجلسا اخرا فاقول: ما سمعت من
علمه شيئا, وكتبت عن الف ومائة شيخ, وما كتبت عن افضل من سفيان.
· الامام ابن عيية: ما رايت رجلا اعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري, واصحاب الحديث
ثلاثة: الشعبي في زمانه, والثوري في زمانه, وابن عباس في زمانه.
· الامام ابن مهدي: ما رات عيناي افضل من اربعة: ما رايت احفظ للحديث من
سفيان..ولا اشد تقشفا من شعبة…ولا اعقل من مالك… ولا انصح للامة من ابن المبارك.
· الامام شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم, انه امير المؤمنين في الحديث.
· الامام احمد بن حنبل: اتدرون من الامام؟ الامام سفيان الثوري’ لا ىيتقدمه احد في
قلبي.
· الامام المثنى بن الصباح: سفيان علم الامة وعابدها.
· بشر الحافي: سفيان في زمانه كابي وعمر في زمانهما.
· الامام الذهبي: كلن سفيان راسا في الزهد والخوف, راسا في العلم والمعرفة والفقه, ولا
يخلف في الله لومة لائم.
· وقال الامام الاوزاعي: لو قيل لي اختر لهذه الامة رجلا يقوم بكتاب الله وسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم لاخترت سفيان الثوري.. رحمهم الله اجمعين وجمعنا بهم انشاء الله
في مستقر رحمته.

وفاته رحمه الله
ولاخر يوم من عمره بقي صادق الوعد والعهد مع الله عابدا, متعلما, عبادة وخشية, وورعا
وتقوى حتى وافاه الاجل في البصرة عن عمر يناهز ال 64 من العمر المبارك انشاء
الله في السنة ال 161 للهجرة النبوية المباركة.

والله فوق كل ذي علم عليم

 

السابق
كريمة تونسية
التالي
ما حكم الزنا في الاسلام