مواضيع للرجال للنساء

يوم يكشف عن ساق

يوم يكشف عن ساق 20160821 188 1

( يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون ( 42 ) )

( خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون الى السجود وهم سالمون ( 43 )
فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ( 44 ) واملي لهم
ان كيدي متين ( 45 ) ام تسالهم اجرا فهم من مغرم مثقلون ( 46
) ام عندهم الغيب فهم يكتبون ( 47 ) )

لما ذكر تعالى ان للمتقين عنده جنات النعيم ، بين متى ذلك كائن وواقع ،
فقال : ( يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون ) يعني :
يوم القيامة وما يكون فيه من الاهوال والزلازل والبلاء والامتحان والامور العظام . وقد قال
البخاري ها هنا :

حدثنا ادم ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن ابي
هلال ، عن زيد بن اسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابي سعيد
الخدري قال : سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : ” يكشف
ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في
الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ” .

وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وفي غيرهما من طرق وله الفاظ ، وهو حديث طويل
مشهور .

وقد قال عبد الله بن المبارك ، عن اسامة بن زيد ، عن عكرمة ،
عن ابن عباس : ( يوم يكشف عن ساق ) [ ص: 199 ] قال
: هو يوم كرب وشدة . رواه ابن جرير ثم قال :

حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن المغيرة ، عن ابراهيم
، عن ابن مسعود ، – او ابن عباس الشك من ابن جرير – :
( يوم يكشف عن ساق ) قال : عن امر عظيم ، كقول الشاعر :

وقامت الحرب بنا عن ساق
وقال ابن ابي نجيح ، عن مجاهد : ( يوم يكشف عن ساق ) قال
: شدة الامر

وقال ابن عباس : هي اول ساعة تكون في يوم القيامة .

وقال ابن جريج ، عن مجاهد : ( يوم يكشف عن ساق ) قال :
شدة الامر وجده .

وقال علي بن ابي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( يوم يكشف عن
ساق ) هو الامر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) يقول
: حين يكشف الامر وتبدو الاعمال . وكشفه دخول الاخرة ، وكشف الامر عنه .
وكذا روى الضحاك ، وغيره ، عن ابن عباس . اورد ذلك كله ابو جعفر
بن جرير ثم قال :

حدثني ابو زيد عمر بن شبة ، حدثنا هارون بن عمر المخزومي ، حدثنا الوليد
بن مسلم ، حدثنا ابو سعيد روح بن جناح ، عن مولى لعمر بن عبد
العزيز ، عن ابي بردة بن ابي موسى ، عن ابيه ، عن النبي –
صلى الله عليه وسلم – قال : ( يوم يكشف عن ساق ) قال :
” عن نور عظيم ، يخرون له سجدا ” .

ورواه ابو يعلى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الوليد بن مسلم به ،
وفيه رجل مبهم ، والله اعلم .

[ ص: 200 ]

وقوله : ( خاشعة ابصارهم ترهقهم ذلة ) اي : في الدار الاخرة باجرامهم ،
وتكبرهم في الدنيا ، فعوقبوا بنقيض ما كانوا عليه . ولما دعوا الى السجود في
الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم ، وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الاخرة ،
اذا تجلى الرب عز وجل ، فيسجد له المؤمنون ، لا يستطيع احد من الكافرين
ولا المنافقين ان يسجد ، بل يعود ظهر احدهم طبقا واحدا ، كلما اراد احدهم
ان يسجد خر لقفاه ، عكس السجود ، كما كانوا في الدنيا ، بخلاف ما
عليه المؤمنون .

ثم قال تعالى : ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث ) يعني : القران .
وهذا تهديد شديد ، اي : دعني واياه مني ومنه ، انا اعلم به كيف
استدرجه ، وامده في غيه وانظر ، ثم اخذه اخذ عزيز مقتدر ؛ ولهذا قال
: ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) اي : وهم لا يشعرون ، بل
يعتقدون ان ذلك من الله كرامة ، وهو في نفس الامر اهانة ، كما قال
: ( ايحسبون انما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا
يشعرون ) [ المؤمنون : 55 ، 56 ] ، وقال : ( فلما نسوا
ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة
فاذا هم مبلسون ) [ الانعام : 44 ] . ولهذا قال ها هنا :
( واملي لهم ان كيدي متين ) اي : واؤخرهم ، وانظرهم ، وامدهم ،
وذلك من كيدي ومكري بهم ; ولهذا قال تعالى : ( ان كيدي متين )
اي : عظيم لمن خالف امري ، وكذب رسلي ، واجترا على معصيتي .

وفي الصحيحين عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – انه قال : ”
ان الله تعالى ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته ” . ثم قرا :
( وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد ) [
هود : 102 ] .

وقوله : ( ام تسالهم اجرا فهم من مغرم مثقلون ام عندهم الغيب فهم يكتبون
) تقدم تفسيرهما في سورة ” الطور ” ، والمعنى في ذلك : انك يا
محمد تدعوهم الى الله ، عز وجل ، بلا اجر تاخذه منهم ، بل ترجو
ثواب ذلك عند الله ، عز وجل ، وهم يكذبون بما جئتهم به ، بمجرد
الجهل والكفر والعناد .

 

يوم يكشف عن ساق 20160821 188

السابق
جيتا 2024
التالي
دورة بدون الم