دعوة المظلوم (( يقول الله :وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين))وقال صلى الله عليه وسلم:
(اتقوا دعوه المظلوم وان كان كافرا فانه ليس دونها حجاب)
فان ظاهرة انتشرت في بعض الناس ذكرها القران الكريم والسنة النبوبة المطهرة، اما على سبيل
الذم، او على سبيل بيان سوء عاقبة من فعلها.
انها ظاهرة الظلم، وما ادراك ما الظلم، الذي حرمه الله سبحانه وتعالى على نفسه وحرمه
على الناس، فقال سبحانه وتعالى فيما رواه رسول الله في الحديث القدسي: { يا عبادي
اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا } [رواه مسلم].
وعن جابر ان رسول الله قال: { اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا
الشح فان الشح اهلك من كان قبلكم، حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم }
[رواه مسلم].
اعلموا ان دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، فانه مهما كان ذليلا ضعيفا
، او مهانا وضيعا ، فان الله ناصره على
من ظلمه ، ومؤيده على من اعتدى عليه ، فالله تبارك وتعالى يرفع دعوة المظلوم
اليه فوق الغمام ويقول لها ( وعزتي
وجلالي ، لانصرنك ولو بعد حين ) ،
والمظلوم لا ترد دعوته ، ولو كان كافرا او فاجرا ، فان كفره او فجوره
انما هو على نفسه ، فعن ابي هريرة رضي الله
تعالى عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا ترد
دعوتهم الصائم حتى يفطر ، والامام العادل ، ودعوة
المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها ابواب السماء ، ويقول الرب : وعزتي لانصرنك
ولو بعد حين ) وعن ابي
هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دعوة
المظلوم مستجابة وان كان فاجرا ، ففجوره
على نفسه ) وعن انس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم( اتقوا دعوة المظلوم وان
كان كافرا ، فانه ليس دونها حجاب)
وهذا تحذير شديد ، وانذار ووعيد ، موجه من المصطفى صلى الله عليه وسلم للظالمين
، حيث يقول {( ان الله عز وجل
يملي للظالم فاذا اخذه لم يفلته ) ثم قرا ( وكذلك اخذ ربك اذا اخذ
القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد)[ هود 102 ] }
ويقول ابو الدرداء رضي الله تعالى عنه ( اياك ودعوات المظلوم ، فانهن يصعدن الى
الله كانهن شرارات من نار)
الظلم نار فلا تحقر صغيرته ******* لعل جذوة نار احرقت بلدا
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ( ان الله يقيم الدولة العادلة وان كانت
كافرة ، ولا يقيم الدولة الظالمة وان كانت
مؤمنة )
ايها المظلوم صبرا لا تهن ******* ان عين الله يقظى لا تنام
نم قرير العين واهنا خاطرا ******* فعدل الله دائم بين الانام
وان امهل الله يوما ظالما ******* فان اخذه شديد ذي انتقام
ايها الظالم :
اعلم ان الظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له دواوين ثلاثة :
ديوان لا يغفر الله منه شيئا وهو الشرك به ، فان الله لا يغفر ان
يشرك به . يقول عز وجل ( ان الله لا يغفر ان يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما ) [
النساء 48 ] ويقول سبحانه وتعالى ( واذ قال
لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان
13 ]
وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئا ، وهو ظلم العباد بعضهم بعضا ، فان
الله تعالى يستوفيه كله ، فعن ابي هريرة رضي
الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من كانت عنده
مظلمة لاخيه فليتحلله منها فانه ليس ثم دينار ولا
درهم من قبل ان يؤخذ لاخيه من حسناته فان لم يكن له حسنات اخذ من
سيئات اخيه فطرحت عليه)
وديوان لا يعبا الله به ، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز وجل
، فان هذا الديوان اخف الدواوين ، واسرعها محوا ،
فانه يمحى بالتوبة ، والاستغفار ، والحسنات الماحية ، والمصائب المكفرة ، ونحو ذلك فعن
انس بن مالك قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( قال الله تبارك وتعالى يا ابن ادم
انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان
فيك ولا ابالي يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك
ولا ابالي يا ابن ادم انك لو اتيتني بقراب
الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة ) بخلاف ديوان الشرك
فانه لا يمحى الا بالتوحيد ،
وديوان المظالم ، لا يمحى الا بالخروج منها الى اربابها ، واستحلالهم منها ، ولما
كان الشرك اعظم الدواوين الثلاثة عند
الله عز وجل ، حرم الجنة على اهله ، فلا تدخل الجنة نفس مشركة ،
وانما يدخلها اهل التوحيد ، فان التوحيد هو مفتاح
بابها ، فمن لم يكن معه مفتاح ، لم يفتح له بابها .
ايها الظالم : علمت مما سبق ، ان الظلم مرتعه وخيم ، وعاقبته اليمة ،
واثاره سيئة ، وقد
بين الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز ، الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه عاقبة الظلمة فالله الله في نفسك
التي بين جنبيك احفظها في الدنيا من الافات الخطيرة ومنها الظلم لتسعد في الاخرة وتنعم
، وترتاح في الدنيا وتغنم .