على الرغم من ظهور الاسلام وحرصه الشديد منذ البداية على حفظه لكرامة المراة وحقوقها، ودعوته
لعدم ايذائها، الا ان قضية ( الزوجة المعلقة ) تجعلنا نحس اننا عدنا الى العصر
الجاهلي ؛ العصر الذي كانت فيه المراة لا كرامة لها ويتركها الزوج معلقة بالشهور بل
بالسنين .
ولقد اصبح مرتكب هذه الجريمة ينظر الى ذلك نظرة مستحبة، فهو يجد في ذلك احيانا
تسلية ولذة، وينسى انه يرتكب جرما عظيما، وان في القران ايات تناولت هذه القضية، وافواه
الائمة ترددها دائما، بل يرددها هو احيانا، ولكن القسوة جعلته لا يستشعر معانيها ولا يتدبر
دلالاتها.
قال تعالى : ” واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف ولا
تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا ايات الله هزوا واذكروا
نعمت الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا ان
الله بكل شيء عليم. سورة البقرة، الاية231.
ولقد نص القران صراحة على مصطلح الزوجة المعلقة فقال عز من قائل : ” ولن
تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وان تصلحوا
وتتقوا فان الله كان غفورا رحيما. سورة النساء، الاية 129..
والمراة المعلقة هي المراة التي لا هي زوجة ولا هي مطلقة .
وهناك انواع واشكال لهذا التعليق منه :
1- ان المراة تطلب الطلاق من زوجها او الاختلاع منه فيرفض الزوج طلاقها، فيتركها معلقة،
اما انه يريدها ولكن ترفضه بشدة لسوء معاملته لها، او انتقاما منها.
2- ان يكون للزوج امراتان فيميل الى احداهن، ويترك الاخرى دون نفقة عليها هي واولادها،
مع الغياب عنها طويلا.
3- ان يكون الزوج ممن يتعاطى المخدرات، فيهجر الزوجة واولادها، فتعيش في فقر شديد فيتركها
ويعيش مع نزواته ورغباته.
4- ان تكون للزوج عشيقة او امراة اخرى يريد الزواج منها فترفض زوجته هذه العلاقة
فيتركها معلقة انتقاما منها .
5- ان يكون الزوج بخيلا وحينما تطالبه الزوجة بحقها وحق اولادها في النفقة الشرعية يتركها
معلقة .
والزوجة المعلقة تواجه في حياتها متاعب ومشاكل كثيرة منها :
1- رفضها من قبل اهلها او رفض اولادها، فيقبل بعض الاهل بناتهم لكن بشرط ان
ترمي فلذات كبدها لزوجها الظالم, وذلك اما لعدم قدرة اهلها على الانفاق على الاطفال، او
لعدم انتسابهم اليهم. 2- تعييرها بحالتها من قبل المجتمع كالجارات والصديقات.
3- حاجتها للمال كي تنفق على نفسها وعلى اولادها في حالة تخلي الزوج والاهل عنها
وعدم وجود مورد مالي خاص بها.
4- رغبتها الجنسية وحاجتها الى الاشباع الجنسي.
5- رغبة بالانتقام من الزوج الظالم، ولو عن طريق تدنيس جسدها بعلاقة جنسية محرمة.
6- رغبة بالانتقام من المجتمع الظالم الذي يرى القشة في عين المراة، ولا يرى الجمل
في عين الرجل.
لذا فقد جاءت الشريعة الغراء بتحريم مسالة تعليق المراة، ووضعت مبدا : ان لم يكن
وفاق فطلاق , قال تعالى: ” الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان . سورة
البقرة الاية 229.
عن ابي رزين ، ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
سمعت الله تعالى يقول : {الطلاق مرتان} قال : اين الثالثة ؟ قال : فامساك
بمعروف ، او تسريح باحسان.البوصيري :اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة 4/153.
وعن عمر قال : ايما امراة طلقها زوجها تطليقة او تطليقتين ثم تركها حتى تحل
وتنكح زوجا غيره ، فيموت عنها او يطلقها ، ثم تنكح زوجها الاول فانها تكون
عنده على ما بقى من طلاقها .اخرجه البيهقى (7 /364 ، رقم 14912) .
قال ابن كثير في تفسيره: ”هذا امر من الله عز وجل للرجال، اذا طلق احدهم
المراة طلاقا له عليها فيه رجعة ان يحسن في امرها اذا انقضت عدتها ولم يبقى
منها الا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها، فاما ان يمسكها، اي يرتجعها الى عصمة نكاحه
بمعروف، وهو ان يشهد على رجعتها وينوي عشرتها بالمعروف، او يسرحها، اي يتركها حتى تنقضي
عدتها ويخرجها من منزله بالتي هي احسن، من غير شقاق، ولا مخاصمة، ولا تقابح”. تفسير
ابن كثير 1/629.
ولكي تحل هذه المشكلة لا بد من التدخل الايجابي من الاهل وان لا يقفوا موقفا
سلبيا من خلافات الزوجين كما نرى الان , بل يحملوه حملا على عدم تركها هكذا
, فقد قال تعالى:” وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها
ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا. سورة النساء، الاية35.
فعلي الحكمين ان يعيداهما ويصلحا بينهما – مع وجود الرغبة بينهما – فاذا لم يكن
هناك رغبة بينهم الاثنين او احدهما، فالفراق خير لهما، وذلك باحسان، دون مشاكل او الوقوع
في الحرام، فالفراق خير من الشقاق والخلاف، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى : وان يتفرقا
يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما . سورة النساء 130 .
ولقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه امر ثابت بن قيس الانصاري
رضي الله عنه بمفارقة زوجته لما لم تستطع البقاء معه لعدم محبتها له، وسمحت بان
تدفع اليه الحديقة ملكها لها، عن عكرمة عن ابن عباس: ان امراة ثابت بن قيس
اتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ثابت بن قيس اما انى
ما اعيب عليه فى خلق ولا دين ولكنى اكره الكفر فى الاسلام. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم اتردين عليه حديقته قالت نعم. قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. اخرجه البخاري 7/60(5273).
فعلى كل زوج ان يتق الله في زوجته ولا يتركها معلقة فيبوء باثمه واثمها ويعرض
نفسه للسؤال يوم يسال المرء عن كل ما فعل وينظر ما قدمت يداه .
- لا تذروها كالمعلقة
- الاية ولا تدروها كالمعلقة
- اية ولاتذروها كالمعلقة في المنام
- ما معنى لا تذروها كالمعلقة
- ولا تذروها كالمعلقة
- ولاتذروها كالمعلقة