صومعة حسان من المباني التاريخية المتميزة بالعاصمة المغربية الرباط،[1] والتي شيدت في عصر دولة الموحدين.
تم تاسيس «جامع حسان» بناء على امر يعقوب المنصور سنة 593 ه (1197-1198 م)[2] اضافت
منظمة اليونسكو للتراث العالمي هذا الموقع لقائمة اولية 1 يوليو 1995 في فئة الثقافة.
لمحة تاريخية[عدل] شيدت من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي، وكان يعد من اكبر المساجد في
عهده. لكن هذا المشروع الطموح توقف بعد وفاته سنة 1199، كما تعرض للاندثار بسبب الزلزال
الذي ضرب الرباط سنة 1755م. وتشهد اثاره على مدى ضخامة البناية الاصلية للمسجد، حيث يصل
طوله 180 مترا وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التي تعد احدى الشقيقات الثلاث لصومعة
الكتبية بمراكش، والخيرالدا باشبيلية على وجود المسجد وضخامته.
ويرى مؤرخون ان اختيار هذا المسجد الذي تتجاوز مساحته 2550م2 بمدينة الرباط ليكون اكبر مساجد
المغرب وليداني اكبر مساجد الشرق مساحة وفخامة، يدل على ان الموحدين كانوا يرغبون في ان
يتخذوا من الرباط مدينة كبيرة تخلف في اهميتها مدينتي فاس ومراكش، وبالرغم من العناية التي
بذلها كل من ابي يعقوب وابي يوسف في انشاء مدينة كبيرة بكل مرافقها لتخلد بذلك
اسم الدولة الموحدية، فان الرباط في الواقع لم تعمر بقدر ما كان يامله منها ابو
يوسف وخلفه. وهذا الامر قد يكون من اهم الاسباب التي اوقفت حركة البناء في هذا
الجامع بالاضافة الى موت ابو يوسف المنصور قبل اكمال بنائه، كما انه كان يستنفذ موارد
الدولة مع المرافق الاخرى للرباط.
في عهد الدولة الموحدية نفسها وفي فترة احتضارها عمد السعيد الموحدي الى اخشاب المسجد وابوابه،
فصنع منها اجفانا سنة 641ه فما لبثت ان احترقت بنهر ام الربيع وبذلك فسح للعامة
مجال النهب والسلب ليسطوا على بقية هذه الاخشاب التي كانت من اشجار الارز. وتوالي السطو
ايام المرينيين ثم السعديين بل حتى ايام العلويين عهد السلطان عبد الله بن اسماعيل حيث
صنع القراصنة من سلا والرباط سفينة من اخشاب الجامع المذكور وسموها بسفينة الكراكجية ثم انتزعها
منهم السلطان محمد بن عبد الله. ولم تكن احداث الطبيعة بارحم من الناس على هذا
الاثر، فقد كان زلزال لشبونة سنة 1169 (1755م) الذي عم اثره بعض انحاء المغرب خاصة
مكناس والرباط، سببا في سقوط عدة اعمدة واطراف من السور والمنار، كما تهدمت عدة منازل
من الرباط ثم تلا هذا الزلزال حريق عظيم اتى على ما بقي من اخشاب المسجد
التي تحولت رمادا، وكان للامطار ورطوبة البحر وتقلبات الجو اثرها ايضا على هذا البناء الاثري
حتى استحال الجانب المطل على نهر ابي رقراق من المنار رماديا كما يبدو ذلك حتى
الان.
موارد البناء[عدل] تتكون مواد البناء من مختلف المواد التي تشكل عادة البناء الاندلسي المغربي، كالحجر
الرملي[4] والاجر والحجر المنحوت والجص الذي كان يحتوي على قدر وافر من الجير ثم الرخام
والخشب. وكانت تحادي سور القبلة عدة ابراج للزينة ولحفظ التوازن في ان واحد.
وليس معروفا تماما الطريقة التي اعتمد عليها الموحدون لامداد الجامع بالماء، بصرف النظر عن الابار،
ولكن من الثابت ان عين اغبولة (بالدشيرة) كانت المورد الرئيسي لامداد المدينة كلها بالماء، بل
ولامداد سلا ايضا عن طريق اقنية تمتد على القنطرة الكبيرة التي بناها ابو يوسف المنصور
بين العدوتين، وهي قنطرة كان يعبرها الجيش وعموم الناس وكانت مبنية بناء محكما حسبما نقله
صاحب كتاب “المغرب ومدنه الاثرية”.
صومعة المسجد[عدل]
صورة سفلية للصومعة.
الصومعة مربعة الشكل ويصل علوها 44 مترا، ولها مطلع داخلي ملتو، يؤدي الى اعلى الصومعة
ويمر على ست غرف تشكل طبقات. وقد زينت واجهاتها الاربع بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر
المنحوت وذلك على النمط الاندلسي المغربي من القرن الثاني عشر.
يبلغ عرض جدار المنار مترين ونصف، ومن شان العرض ان يحفظ توازنه، كما يبلغ عرض
الصور مترا ونصف، وعلوه تسعة امتار. وكان يقابل المحراب في خط مستقيم بخلاف اكثر المنارات
في المساجد المغربية الاخرى التي تنزوي عادة في احد الركنين من الجدار المقابل لجدار المحراب.
ومن شان هذا التصميم ان يضفي على الجامع طابعا هندسيا مميزا. يبلغ كل جانب من
المنار 16 مترا عرضا. اما ارتفاعه. فيبلغ 65 مترا ولكنه لو تم لبلغ علوه تقدير
بعض الخبراء 80 مترا. واهم المميزات المعمارية في هذا المنار بناؤه من حجر صلد نضدت
اجزاؤه بعناية بالغة، وليس من المستبعد ان تكون احجار المنار قد اقتطعت من محاجر تقع
بالرباط نفسها.
تم اختيار موقع الصومعة في امتن البقاع واقدرها تحملا لثقل هذا البناء المميز. اضف الى
هذه المميزات ان الصومعة سهلة الارتقاء بفضل الدرجات المنبسطة التي كانت ترقاها الدواب حاملة ادوات
البناء من حجر وطين وغيره. ولولا هذه المتانة التي تميز بناء المنار لتداعى على اثر
الزلزال سنة 1755 م. ويكاد يستحيل ان يتم اخذ نظرة حقيقية عن الفن الزخرفي المعقد
الذي تتميز به الصومعة، ولعل اهم مايميزها هو التصميم الزخرفي المختلف لكل وجه من اوجهها
الاربع. فالعقود المتجاوزة التي نحتت على كل من جدران المنار تزينها المقرنصات التي يرجع اتخاذها
بالمغرب الى عهد المرابطين، ولكنها تطورت بعدهم مع تعاقب الدول حتى اتخذت اشكالا مختلفة. اما
المعينات المقرصنة بدورها فتمثل بداية لدخول هذا الشكل الهندسي في مختلف العناصر الزخرفية في فن
البناء وغيره منذ عصر المرينيين، كما يستدل على ذلك من بوابات المدارس ونوافذ بيوت الطلبة
والمصنوعات الجلدية.
مكونات المسجد[عدل] يبلغ طول المسجد 183م و 139م عرضا. كما تبلغ مساحة قاعة الصلاة وحدها
ازيد من 1932 مترا مربعا (اي 139 × 139) وهي مساحة غير معهودة في قاعات
الصلاة بالمساجد الاخرى. وليس للمسجد صحن واحد كباقي المساجد المغربية بل له صحن كبير قرب
المنار وصحنان جانبيان ووسطه كله تثفله الاعمدة التي تتفاوت علوا من 25 ر 3م الى
50 ر 6م، وتتميز البلاطات المقاربة للاسوار بعلو اعمدتها المستديرة الشكل. على ان استدارة الاعمدة
كلها امر غير عادي في عامة مساجد المغرب. ولضمان متانة السقوف، فقد اختيرت الاعمدة من
الحجر والرخام الذي لا يعرف بالضبط مصدره ولكنه مجلوب من خارج الرباط. كما ان كل
عمود يتكون من عدة قطع كثير منها غير منسجم انسجاما تاما ولكن لا يبعد ان
تكون نية المصمم قد اتجهت الى تلبيس او زخرفة هذه الاعمدة فيما بعد، وان كان
من المعتاد لدى الموحدين وسابقيهم المرابطين الاهتمام بعنصر الضخامة والبساطة اكثر من الاهتمام بعنصر الزخرفة.
وككل مساجد المغرب تقريبا فان عقود جامع حسان كانت على ما يحتمل تتجه نحو القبلة.
بيت الصلاة[عدل] ويشكل بيت الصلاة تصميما على شكل T ولكن الغريب ان اكثر الاساكيب الكبرى
هي التي تحادي الصحن المجاور للمنار. ويبلغ مجموع اساكيب بيت الصلاة 18 منها ثلاثة في
الجنوب وسبعة في الشمال تحتوي على تسع عشرة بلاطة. اما الاساكيب الوسطى التي يجاورها صحنان
صغيران فتشتمل على احدى عشرة بلاطة وهذا بقطع النظر عن الاروقة الجانبية.
وفي داخل بيت الصلاة يمكن مشاهدة اعمدة صغيرة بين الاعمدة الاساسية، وهي من الاجر ويرتفع
علوها الى 40 سنتمترا تقريبا. وكان الغرض من هذه الاعمدة الصغيرة حفظ القوالب التي شيدت
عليها العقود والتي ضاع اثرها. ويوجد جنوب الصحنين الصغيرين ثلاث بلاطات صغيرة وثلاث اكاسيب يفصلها
عن باقي بيت الصلاة اعمدة صغيرة.
اعمدة المسجد[عدل] تبلغ اعمدته حوالي اربعمائة، كما كان عدد ابوابه 16، ستة منها في الجانب
الغربي واربعة في الجانب الشرقي واثنان جنوبا واربعة في الجانب الشمالي. على ان تساقط اعمدة
الجامع سنة 1755م ثم اعادة وضعها في عهد الحماية الفرنسية قد يثير بعض الشك في
التصميم الاصلي لاعمدة المسجد. ولعل هذا هو السبب في عدم تناسق قطعيا تناسقا تاما.
محراب المسجد[عدل] اما محراب المسجد فيبلغ ثلاثة امتار عرضا وثلاثة طولا. ولكن لم يبق الا
مكانة تهدم اعلاه. ويحيط بالمسجد سور عظيم يبدو من جهة المحراب مزدوجا، بدليل ان بعض
اجزاء هذه الجهة قد سقط منها السور الداخلي، وبقي السور الخارجي مائلا. وقد عمل في
هذا المسجد سبعمائة اسير من اسارى الافرنج مثل كثير من المساجد الاخرى بالمغرب. وقد وصفه
صاحب الروض المعطار بانه من اعظم مساجد الاسلام واحسنها شكلا وافسحها مجالا وانزهها منظرا. ويلاحظ
ان المحراب الذي يقع في اقصى البلاطة المركزية لا يتجه نحو الجنوب الشرقي، فجدار القبلة
ينحرف كثيرا نحو الشرق، وهو مربع الشكل بخلاف باقي المساجد المغربية. ويتجه الصحنان الجانبيان عبر
ثمانية اساكيب وثلاث بلاطات ويحيط بهما اعمدة ترتفع عليها عقود.
ابواب المسجد[عدل]
بقايا السور المحيط بالجامع، ويظهر افراد من الحرس الملكي المغربي على البوابة
ونظرا لارتفاع البناء فان بعض ابواب المسجد كان يصعد اليها بدرجات لم يبق منها الان
الا سافلها يحيط بها جدران من الجص وكانت سبعة من هذه الابواب تشرف على الصحن.
وكانت الابواب في غاية الضخامة حسب تقدير بعض الخبراء. فقد كان ارتفاعها يتجاوز ارتفاع الجدار
نفسه اي 10 امتار، كما كان عرضها يداني عشرة امتار ونصفا. اما تيجان الاعمدة فتختلف
زخرفته، فبعضها يشبه تيجان باب الرواح وبعضها يشبه تيجان اعمدة مسجد قرطبة.
صحن المسجد[عدل] ويمتد الصحن الكبير على مسافة 139 × 139م. ويشمل على ابار تغطيها عدة
عقود. وتقع الابار في وسط الصحن المذكور ويبلغ طولها 69 مترا وعرضها 28 مترا ونصفا
بينما يتجاوز عمقها سبعة امتار. وتحادي الصحن الكبير اروقة تمتد على جانب سور الجامع من
الشرق الى الغرب، كما يمتد رواق مزدوج جهة الجنوب.
الفن الزخرفي لهذا المسجد[عدل] ويستمد جامع حسان فنه بالجملة من مساجد الاندلس والقيروان والشرق الاسلامي.
وهكذا ياخذ الجامع شكله العام من هندسة الجوامع الاندلسية، ومن بين مؤثراته الشرقية السدفتان المواجهتان
لجدار القبلة، ومن مؤثرات القيروان عقود المنار المتجاوزة، وكذلك عدم تساوي الاعمدة ولو انها كانت
عن قصد في جامع حسان، ربما لترفع فوق صغارها قباب تتساوى في ارتفاعها مع السقف
المنصوب فوق الاعمدة الكبيرة، ولكي لا يضفي تساوي العقود على المسجد طابعا رتيبا.
قنوات الماء[عدل] يحتوي المسجد على ابار داخلية لحفظ المياه وتصريفها وبالتالي للاستعانة بها بالاضافة الى
مياه القنوات الخارجية التي لا يبدو لها مع ذلك اثر، كما لا نشاهد اثرا لفسقيات
الوضوء التي يبدو من تصميم الجامع انه لم يكن لها مكان في وسطه الذي كان
معدا للتسقيف كمعظم مساحة الجامع.
ولقنوات الماء منافذ متباعدة تسدها بلاطات حجرية. وتمتد قناة اسفل ارض كل صحن على عمق
ثلاثة امتار وقد بنيت كلها من الجص الا في بعض الاماكن حيث تتشكل اقواسها من
الاجر. وعلى مسافة من اركان الابار في الحاجز الشمالي تمتد قنوات اخرى محاذية لجوانب الصومعة.
وهذه القنوات اسفل الارض كسابقتها.
تقع صومعة حسان في الجانب الشمالي من المسجد بالرباط, الذي بدا بناؤه على يد يعقوب
المنصور الموحدي سنة 1195 م و توقف بوفاته سنة 1199م. عرض كل جانب منها 16.20
مترا. اما ارتفاعها فيصل الى 67.50 مترا, و عرض جدرانها 2.50 م. يصعد اليها بواسطة
غقبات صغيرة الى حد ما يبلغ عرضها 2 م تقريبا وهي اهم اثر ظل قائما
في هذا الجامع. الواجهات الخارجية للصومعة المشهورة مبنية بالحجر . وتوجد بها فتحات تضيء الدرج
. وهي مزينة بمجموعة كبيرة من الزخارف و النقوش التي يختلف شكلها في كل واجهة.
- وصف معلمة تاريخية
- وصف معلمة
- معلمة من المعلمات الحضارية المشهورة بالمغرب
- زيارة الى معلمة تاريخية
- في الضخامة فخامة
- معلمة تاريخية
- معلمة تاريخية للمرينيون