الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه اما
بعد: فان اشكر السائل على دعواته لاخوانه المشايخ, واسال الله ان يستجيب دعاءه, وان يوفق
الجميع لما يرضيه, كما اشكره على حبه لي في الله, واقول احبه الله الذي احبني
لاجله. اما السؤال الايتان ليستا منسوختين بل هما محكمتان, وقوله- جل وعلا-: الا ما شاء
ربك اختلف اهل العلم في بيان معنى ذلك مع اجماعهم بان نعيم اهل الجنة دائم
ابدا لا ينقضي ولا يزول ولا يخرجون منها, ولهذا قال بعدها سبحانه: عطاء غير مجذوذ
لازالة ما قد يتوهم بعض الناس من ان هناك خروجا, فهم خالدون فيها ابدا, وهذا
العطاء غير مجذوذ يعني غير مقطوع, ولهذا في الايات الاخرى الله يبين هذا المعنى فقول-سبحانه-:
ان المتقين في جنات وعيون * ادخلوها بسلام امنين يعني امنين من الموت, وامنين من
الخروج, وامنين من الامراض والاحزان وكل شجر ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على
سرر متقابلين * لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين, فهم فيها دائمون لا
يخرجون, وقال-عز وجل-: ان المتقين في مقام امين * في جنات وعيون * يلبسون من
سندس واستبرق متقابلين * كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهة امنين *
لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى ووقاهم عذاب الجحيم * فضلا من ربك ذلك
هو الفوز العظيم, فاخبر-سبحانه-ان اهل الجنة في مقام امين لا يعتريه خراب ولا زوال, وانهم
امنون ايضا فلا خطر عليهم من موت, ولا مرض, ولا خروج, ولا حزن, ولا غير
ذلك وانهم لا يموتون ابدا, فعلم بهذا ان اهل الجنة مخلدون فقوله: الا ما شاء
ربك, قال بعض اهل العلم معناه مدة بقاؤهم في القبور هذا ليسوا في الجنة, وان
كان المؤمنون في روضة من رياض جنات النعيم لكن ذلك ليس هو الجنة وانما هو
شيء من الجنة, فانه يفتح للمؤمن في قبره باب الى الجنة ياتيه من ريحها, وطيبها,
ونعيمها, ولكنه ليس محل الجنة بل ينقل الى ابعد ذلك الى الجنة فوق السماوات في
اعلى شيء, وقال بعضهم معنى الا ما شاء ربك يعني مدة مقامهم في موقف القيامة
للحساب والجزاء هذا مستثنى بعد خروجهم من القبور فانهم بعد ذلك ينتقلوا الى الجنة, وقال
بعضهم مجموع الامرين مدة بقاؤهم في القبور ومدة بقاؤهم في الموقف ومرورهم على الصراط كل
هذه الاوقات كلها زائدة ليسوا في الجنة لكن ينقلون منها الى الجنة, فقوله: الا ما
شاء ربك الا وقت مقامهم في القبور, والا وقت مقامهم في الموقف, والا وقت مرورهم
على الصراط فهم في هذه الحالة ليسوا في الجنة ولكنهم منقولون اليها وسائرون اليها, وبهذا
يعلم ان المقام مقام واضح ليس فيه شبهة ولا شك ولا ريب, فاهل الجنة منعمون
فيها وخالدون ابد الاباد لا موت, ولا مرض, ولا خروج, ولا كدر ولا حزن, ولا
حيض ولا نفاس, ولا شيئا من الكدر ابدا, بل في نعيم دائم وخير دائم, وهكذا
اهل النار مخلدون فيها ابد الاباد لا يخرجون منها ولا تخرب هي بل تبقى وهم
باقون فيها, وقوله: الا ما شاء ربك قيل فيه مدة بقاؤهم في المقابر, او مدة
مقامهم في الموقف مثلما تقدم في اهل الجنة, وهم بعد ذلك يساقون الى النار ويخلدون
فيها ابد الاباد نسال الله العافية, كما قال -عز وجل- في سورة البقرة: كذلك يريهم
الله اعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار, وقال- عز وجل- في سورة المائدة
في حق الكفرة: يريدون ان يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم,
قال بعض السلف ان النار لها امد ولها نهاية بعد ما يمضي عليها الاف السنين
والاحقاب الكثيرة انها تنتهي وانهم يموتون, او يخرجون, وهذا قول ليس بشيء عند اهل السنة
والجماعة قول ضعيف, والذي عليه عموم اهل السنة والجماعة وجمهور اهل السنة والجماعة انها باقية
ابد الاباد, وانهم لا يخرجون منها, وانها لا تخرب ايضا بل هي باقية ابد الاباد,
لظاهر القران الكريم, وظاهر السنة عن النبي- عليه الصلاة والسلام- نسال الله العافية والسلامة. جزاكم
الله خيرا ، ذلكم التفسير سماحة الشيخ الذي تفضلتم بعرضه وقلتم انه قول لكثير من
العلماء هل له مستند من الاحاديث او من القران الكريم بالنسبة للفظ المشيئة في الايتين؟
هذا مجمل هذا من المشتبه الا ما شاء ربك هذا من المشتبه, ولهذا اختلف تفسيرهم
له, ولكنهم يقينا انهم قبل دخولهم الجنة, هذا المستثنى قبل دخولهم الجنة, فاما ان يراد
به مقامهم في القبور, او مقامهم في موقف الحساب, واما بعد دخولهم الجنة فلا يخرجون
منها ابد الاباد باجماع المسلمين. بارك الله فيكم
- مامعنى اسم ريان