مواضيع للرجال للنساء

نظرية الخلق

بالصور نظرية الخلق

بالصور نظرية الخلق

كنا نحسب ان المسالة قد حسمت اذ مني اصحاب “علم الخلق” بالهزيمة تلو الاخرى امام
المحاكم العادية وفي النهاية امام المحكمة العليا في الولايات المتحدة الامريكية. وهكذا، ففي باب اصل
الانسان لم يعد مفروضا على اساتذة البيولوجيا في المدارس العمومية تدريس نص سفر التكوين الى
جانب نظرية التطور. لقد تم الغاء اخر قانون ضد نظرية التطور سنة 1987. وكان يبدو
ان ستيفن جاي غولد والاتحاد الامريكي للحريات المدنية قد كسبا المعركة.

كان ذلك دون الاخذ في الحسبان فعالية حزب الشاي شديد الشعبوية والمتموقع على يمين الحزب
الجمهوري، والذي ازدهر اثر حملة حاقدة ضد الرئيس اوباما. رفضت كريستين اودونال، وهي من رائدات
الحزب والاكثر تشددا من صديقتها سارة بالين، كل فكرة التطور حتى وان كان الله هو
الذي يقوده! وتشن هجوما على كل من يعتبر التطور حقيقة. فما فكرة التطور سوى نظرية،
هكذا تردد بعد “انصار الخلق العلميين” في ثمانينات القرن المنصرم. وتستعيد اطروحاتهم وحججهم : خلق
الرب الارض منذ 6000 سنة! يخطئ كل الذين يحسبون بملايين السنين. وكل طرقهم في تعيين
التواريخ خاطئة (و خصوصا كربون 14). واول البشر كانوا معاصرين للديناصورات…
تطعن اودونال حتى في نسخة الخلقويين الجدد الاكثر تدقيقا الا وهم اصحاب نظرية التصميم الذكي.
لنترك الجدل العقيم حول فرضية وجود ذكاء اسمى هو الذي يقود التطور خفية! ودون شك،
فان تعقد الكائنات الحية وجودة تكيف وظائفها العالية..كل هذا لا يمكن ان يكون نتيجة ضرورة
او لعبة حظ عمياء. وهذا امر في وسع اي كان تبيانه. ولكن الاخطر من ذلك
هو انها تقول بان التطور خرافة. وتصل في اندفاعها الى التساؤل: لماذا يوجد بيننا الى
حد اليوم قرود اذا كانت القردة قد تحولت الى بشر؟ سؤال لم يجرؤ على طرحه
حتى جورج بوش المساند المتحمس لفكرة التصميم الذكي..

ينضوي حزب الشاي تحت تقليد “محاكمة القرد” الشهيرة التي تمت سنة 1925، وينضم الى برهنة
التركي هارون يحيا الذي وزع الجزء الاول من كتابه الضخم “الخلق” بشكل واسع ومجاني على
المنظومة التربوي الفرنسية سنة2006. وفيه قدم صور بعض حفريات كدليل على عدم صحة فكرة التطور
وجعل من الداروينية شرا مطلقا، ففي نظره هي مصدر للستالينية بقدر ما هي مصدر للهتلرية
والارهاب الاسلاموي!
كل الاصوليين – يهودا او مسيحيين او مسلمين– الذين يعتمدون سفر التكوين اساسا للحقائق العلمية
يزرعون البلبلة في العقول. لا علاقة للايمان بالمعرفة، فالمعرفة حركة تدرجية يحركها الشك.

في ملتقى حول “تدريس نظرية التطور” نظم في شهر نوفمبر من سنة 2008 تحت اشراف
وزارة التربية الوطنية والكوليج دو فرانس، اشتكى كثير من اساتذة علوم الارض وعلوم الحياة من
مواجهة تلاميذ ينتمون الى الديانات التوحيدية يرفضون سماع اي شيء متعلق بداروين! ويقول الاساتذة انه
يحدث ان يعيد هؤلاء اوراق الامتحان ملاحظين كتابة انهم لا يؤمنون بشيء مما كتبوا. وجاء
التقرير الاخير للمجلس الاعلى للاندماج ليؤكد ان الامر بعيد عن كونه احداثا معزولة. اذ يعزز
هذه الحركة التجمع الاثني في المدارس التي تتواجد بها نسبة كبيرة من ابناء المغتربين. نخشى
ان ينطبق علينا ما حذر منه بروس البيرتسن عميد كلية العلوم في الولايات المتحدة الذي
حذر علنا : “يوجد احد دعائم العلم اليوم مهملا بل مقصيا من دروس العلم”. نجد
في موقف التلاميذ من التمرد بقدر ما نجد من خضوع. على الاساتذة ان يقنعوهم انهم
ليسوا في موقف خيار بين روايتين متنافستين. التوراة رواية منذورة للاجابة على تساؤلات كل واحد
منا حول هويته ومصيره، اما نظرية التطور فهي ليست حكاية وانما هي قلب البيولوجيا المعاصرة
التي تنتج كل يوم معارف وتطبيقات جديدة.

المصدر:
Le Nouvel Observateur، Hors-série، Janvier-Février 2024

الكاتب: دومينيك لوكورDominique Lecourt فيلسوف. استاذ في جامعة باريس السابعة وفيها يدير مركز جورج كانغيلهام.
هو صاحب كتاب “امريكا بين التوراة وداروين” 2007.

بالصور نظرية الخلق

السابق
اريد اتعلم المكياج
التالي
اشجار الحديقة المنزلية