عندما علم المسلمون بوفاة الرسول اظلمت المدينة واهتزت من هول وقع الخبر على مسامع الصحابة،
وربما لولا ان يسر الله للمسلمين ابا بكر الصديق لما عادوا الى رشدهم، الذي عندما
راى الرسول وهو ميت كشف عن وجهه الشريف وقبله وقال ” بابي انت وامي، طبت
حيا وميتا ” وفي هذه الاثناء كان الصحابة في الخارج بحالة يرثى لها من شدة
وقع المصيبة على قلوبهم، فالنبا عظيم والمصيبة ثقيلة والاعداء يتربصون بالامة، فالرسول لم يكن شخصا
عاديا بل كان هو الصلة ما بين السماء والارض، فوفاة الرسول تعني انه لا يوجد
وحي بعد ذلك، وان وقت العمل قد بدا وان الله قد ختم تنزيل دينه بوفاة
اخر حلقة من حلقاته، وان السماء لن تتدخل بعد الان في ما يحدث على الارض
ولن يكون هناك خوارق فالانبياء والرسل قد انتهى زمانهم وجاء زمان الناس ليعملوا بانفسهم ويجتهدوا
ويحققوا غاية الله تعالى على الارض، فالاختبار الحقيقي قد بدا. كل هذه المعاني ادركها المسلمون
بعد وفاة الرسول ونحن للاسف الشديد لا نزال غير قادرين على ادراكها، لان قصة وفاة
الرسول للاسف الشديد قد تم ابتذالها واختزالها بموقف عمر بن الخطاب – رضي الله عنه
– ومواقف الصحابة الاخرين فقط.
يذكر ان من غسل الرسول الاعظم – صلى الله عليه وسلم – هم: العباس بن
عبد المطلب وعلي بن ابي طالب وابناء العباس الفضل وقثم بالاضافة الى اسامة بن زيد
وشقران حيث غسلوه والثياب عليه. ثم وبعد ذلك قام الصحابة برفع الفراش الذي توفي الرسول
عليه والذي كان في بيت امنا عائشة، حيث قام الصحابي ابو طلحة الانصاري بحفر القبر
تحت هذا الفراش وبدات الصلاة عليه، فلم يصل الناس عليه جملة واحدة، بل صلوا عليه
على دفعات، حيث صلى عليه الرجال اولا ثم صلت النساء عليه ثم الصبيان. اما من
انزل الرسول الاعظم الى قبره فهما علي والعباس والفضل وقثم – رضوان الله عليهم –
وقد تم رفع القبر عن الارض بمقدار الشبر. ودفن الرسول – صلى الله عليه وسلم
– كان قد تم ليلة الاربعاء.