البيئة هي كل ما خلقه الله من السماء والارض وما فيهما، البحار والمحيطات والانهار والبحيرات
والاودية والعيون، والجبال والتلال والهضاب والمنحدرات، النبات والتربة، وعناصر المناخ الامطار والرياح والحرارة والضغط.
وقد خلق الله الكون في ادق واحسن نظام، “صنع الله الذي اتقن كل شيء”، فكل
شيء في هذا الكون موزون، كمية الامطار ودرجة الحرارة وحجم مياه المحيطات، وتعاقب الفصول الاربعة،
وتوالي الليل والنهار، ونظام النبات تنفسه وعملياته الضوئية، كل ما في الكون محكم دقيق صالح
للبشرية، يسير وفق وتيرة معينة تتصف بالاتزان التام.
وكل ما في الكون يبقى على اتزانه ما لم تتدخل ظروف خارجية تؤثر على هذا
الاتزان، فعندما قطع الانسان اشجار الغابات ليستفيد من خشبها هو بذلك استفاد من الناحية الصناعية
لكنه اخل في نظام البيئة، وذلك بنقصان عدد الاشجار يعني نقصان كمية الاكسجين من الهواء.
وكثرة هذه التدخلات في كافة جوانب البيئة يؤدي الى خلل كبير وصدع في نظام التوازن،
لذلك يعرف تلوث البيئة على انه خلل في النظام الايكولوجي للبيئة.
يقاس تلوث البيئة ويقسم حسب خطورته لثلاثة اقسام وهي كالتالي:
التلوث المقبول: وهو حدوث بعض الخلل الذي لا يؤثر كثيرا على النظام العام للبيئة، ويكون
في البيئة البسيطة التي لا يكون فيها تدخل كبير للانسان، ولا تخلو مدينة او قرية
من هذا الشكل من التلوث فهو موجود لكن لا يؤثر على توازن البيئة.
التلوث الخطر: عندما تتجمع مجموعة من التلوث المقبول هذا يعني وجود الكثير من التدخلات البشرية
والتجاوزات التي تحدث في البيئة وتؤثر على توازنها، ويظهر هذا النوع بشكل جلي في الدول
الصناعية، حيث تتدمر الغابات لاقامة المصانع مثلا؛ فتقل كمية الاكسجين ويزيد ثاني اكسيد الكربون من
دخان المصانع، فالخلل هنا مزدوج وخطر، وفي هذه الحالة يحاول النظام البيئي ان يعطي بقدر
اكبر ليحافظ على التوازن، وقد يستطيع ان كان هناك اهتمام من الانسان، وقيامه ببعض الاعمال
التي تحافظ على البيئة.
التلوث المدمر: وهذه المرحلة ممكن ان تكون مرحلة متقدمة للتلوث الخطر، حيث مهما حاولت البيئة
ان تعطي اكثر لتعيد التوازن لنظامها، فانها لا تستطيع، وتحتاج لعشرات السنين لارجاع نظام الكون،
هذا ان توقفت اعمال الانسان.
اشكال التلوث:
تلوث الهواء (التلوث الهوائي): ان وجود جسيمات عضوية وغير عضوية في الهواء غير التركيبة الطبيعية
له هي التي تشكل تلوث الهواء. ومسببات تلوث الهواء كثيرة، وهي الاكثر انتشارا، ولعل ابرزها
عوادم المصانع والسيارات والاشعاعات الذرية الطبيعية والصناعية، الاشعاعات والموجات الناتجة عن الاجهزة الالكترونية. وتلوث الهواء
يعني الضرر بالمرتبة الاولى للنبات وصحة الانسان، وان ارتفاع درجة الحرارة وظاهرة الانحباس الحراري هي
دليل على هذا التلوث، والامطار الحمضية هي دليل على مكافحة البيئة بقدر ما تستطيع لدفع
الملوثات عنها.
تلوث الماء (التلوث المائي): لا يخفى على احد اهمية الماء للانسان ولكل الكون، ولا يغفل
احد عن الحيز الكبير الذي يشغله الماء من الكرة الارضية، حيث يشكل نسبة 71% من
الارض، و70% من جسم الانسان، وقد اثبتت دراسات ان الخلية الصغيرة تعتمد في بناءها على
الماء، فاذا تلوث الماء هذا يعني انه اخطر انواع التلوث على كافة المستويات. وتتمثل اسباب
تلوث الماء في تلوث مياه البحار والابار من وصول النفايات والمواد الضارة اليها، وتلوث مياه
الامطار؛ فالمطر قبل نزوله للارض يسير بالسحاب في الهواء واذا كان الهواء ملوث فهذا يعني
تلوث الماء الذي في الهواء قبل ان ينزل على شكل امطار، وللمفاعلات النووية اضرار على
صعيد الماء، وكذلك مياه المجاري التي تصل للابار، وعوادم المصانع والمبيدات الحشرية. ويصل التلوث لجسم
الانسان عن طريق تناوله للنبات واللحوم التي وصل اليها التلوث من الحشرات، وهو كسم بطيء
للانسان، هذا اذا لم تصل المياه الملوثة الى المزارع والنبات فسيكون كل ما يؤكل سام.
تلوث التربة (التلوث الارضي): وهو وصول الملوثات للتربة، وتاثرها بالاسمدة الكيميائية والعضوية والغير عضوية، وان
للزحف العمراني للمناطق الزراعية هدر للتربة الخصبة الصالحة، ما ادى الى ظهور ظاهرة التصحر كدليل
للتلوث.
ان مشكلة التلوث البيئي مشكلة عالمية، ويسعى كل العالم للبحث عن حلول فعالة للحد من
هذا التلوث، بالمقابل الا تتوقف الانشطة البشرية الصناعية وغيرها.
وقد ظهرت عدة منظمات عالمية كاصدقاء البيئة، ومنظمات نحو بيئة خضراء لاعادة الحياة للتربة والنبات،
ومنظمات لدعم اعادة تدوير النفايات التي ترمى في المياه وتدفن في التربة ولا تتحلل فتلوثها.
كثيرة هي الجهود التي تحاول ان تنقذ الكون قبل ان يزداد التلوث المدمر، فطبقة الاوزون
في اتساع ودرجة الحرارة في ارتفاع، فهل ستستطيع البيئة ان تعطي المزيد لتنقذ نفسها ومن
عليها؟!
- مقدمة عن التلوث البيئي