لم ينزل القران الكريم – كلام الله عز وجل – على الرسول محمد ابن عبدالله
صلى الله عليه وعلى اله وسلم دفعة واحدة ، بل نزل متفرقا على دفعات يطول
ويقصر الزمان فيما بينها ، ويكبر ويقل عدد وطول اياتها ، وكثيرا ما اقترنت هذه
الايات باسباب للنزول وبمناسبات تختص بها ، والفترة الزمنية ما بين اول اية واخر اية
تلقاها الرسول من القران عبر الوحي هي ثلاثة وعشرين عاما .
وقد كانت اول ثلاثة عشر عام تنزل فيها القران على النبي في الفترة التي اقام
بها الرسول في مكة المكرمة ، ولهذا السبب سميت هذه السور بالسور المكية ، وقد
امتازت بانها ايات تدعو لتوحيد الله وهجر الاصنام والحض على مكارم الاخلاق ، فبذلك يكون
اسلوبها تربويا واخلاقيا بحتا ، اما فترة العشرة اعوام اللاحقة فقد كانت خلال الفترة التي
قضاها الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة ، وقد امتازت سورها بانها كانت لتبيان
اسس وتفاصيل الدين والشريعة والمعاملات والعبادات وتفاصيل اساليب الحياة كما ارادها الله عز وجل لنا
.
وقد مرت اوقات كان الوحي والتنزيل فيها غزيرا على الرسول ، وعلى الصعيد المقابل كانت
هناك فترات ينقطع فيها الوحي عن الرسول لمدة طويلة ، فيكون الرسول فيها حزينا ومشتاقا
لزيارة جبريل له ، لان زيارته تحمل مزيدا جديدا من القران اليه ، والذي فيه
شفاء للروح .
ويسال الكثيرون عن الحكمة التي دعت بان لا يتنزل القران دفعة واحدة ، بل منجما
ومفرقا ومجزءا على مدار ثلاثة وعشرين عاما فكان الجواب بان الحكمة من وراء هذا الامر
هو دوام الاتصال مع السماء ، وتسهيل حفظ القران وربطه مع الاحداث بحيث يسهل فهمه
وحفظه وتدبره وفهم احكامه ومعانيه ، بعد ان يتم ربطه بالمناسبات التي قيلت فيها الايات
في زمن الرسول .
وقد تميزت الايات والسور المكية بقصرها وسهولة معانيها ومواضيعها ، في حين امتازت الايات والسور
المدنية بطولها وتشعب مواضيعها .
ثلاثة وعشرين عام استمر فيها نزول الوحي بالقران الكريم ، وعندما توفي الرسول بكى الصحابة
قائلين : اليوم انقطع عنا اخبار السماء .