يعتبر الكلام او الحديث اثناء النوم (Somniloquy)احد اضطرابات النوم المعروفة، وهو شائع نسبيا؛ حيث ان 5 في المئة من الكبار و50
في المئة من الاطفال قد يتحدثون احيانا خلال النوم. وقد وجدنا في بحث سابق (نشر
هذا العام في مجلة حوليات الطب السعودي) ان 6 في المئة من الاطفال السعوديين من
سن 6 الى 12 سنة يتكلمون بصورة شبه يومية خلال نومهم. والكلام اثناء النوم قد
يكون اضطرابا قائما بذاته ويعتبر في هذه الحالة اضطرابا حميدا لا يحتاج الى العلاج، وقد
يصاحب اضطرابات اخرى ويكون احد مظاهرها مثل اضطراب رعب النوم (sleep terror)او الاضطراب السلوكي المصاحب للاحلام (REM sleep behavior disorder) وتوقف التنفس اثناء النوم. والنوم يقسم الى خمس مراحل، اربع منها تعتبر المراحل التي
لا تحدث فيها الاحلام ومنها النوم العميق (المرحلتان الثالثة والرابعة) ومن ثم تبدا مرحلة الاحلام
التي تعتبر المرحلة الخامسة من النوم. ويمر الانسان الطبيعي باربع الى ست دورات خلال النوم،
ويمر خلال كل دورة بكل مرحلة من مراحل النوم. والكلام اثناء النوم الذي لا يكون
مصحوبا باضطرابات اخرى يمكن ان يحدث في اي مرحلة من مراحل النوم ولكنه عادة يكون
اكثر في المراحل التي لا تحدث فيها الاحلام. ويبدو ان العامل الوراثي مهم في هذا
الاضطراب، حيث ان المشكلة قد تكون اكثر حدوثا في عوائل معينة. وفي الاضطراب القائم بذاته
والذي لا يصاحب اضطرابات نوم اخرى يكون الكلام عادة غير مفهوم ولا يصاحبه اي تعابير
في الوجه، كما لا تصاحبه اي حركات في الجسم، وقد يزداد الحديث في حالات اصابة
الشخص بالحمى، وفي العادة لا يتذكر المصاب انه تحدث خلال النوم. اما الكلام اثناء النوم
المصاحب لرعب النوم فانه يكون مصحوبا بخوف شديد وصراخ، وفي هذا الحالة كسابقتها لا يتذكر
المريض عادة احاديثه. والكلام المصاحب للاضطراب السلوكي المصاحب لمرحلة الاحلام فان الصوت يكون مرتفعا ويعبر
عن احاسيس انفعالية، وقد يصاحبه حركات في الجسم ويكون مصحوبا بحلم قد يتذكره المريض. وقد
يصاحب الكلام اثناء النوم المصابين بتوقف التنفس بسبب انسداد مجرى الهواء العلوي اثناء النوم. ويحدث
الكلام بين نوبات توقف التنفس وربما لا يتذكره المريض. وحديثنا هنا سيتركز على مشكلة الكلام
اثناء النوم التي لا تصاحبها اضطرابات اخرى. فالمصاب لا يشعر بالمشكلة حتى ينبهه الاخرون او
يسجلون حديثه اثناء النوم. لذلك يكون اكثر الذين يحضرون الى العيادة من الكبار، فقد ينبهون
اليها في احدى الرحلات او اثناء السفر حين ينام اكثر من شخص في مكان واحد.
كما ان البعض يتنبه لهذه المشكلة بعد الزواج حيث ينبهه شريك حياته الى المشكلة. والمشكلة
كما ذكرنا سابقا حميدة ولا تحتاج الى علاج في اكثر الحالات، وتاتي الشكوى عادة من
شريك المصاب كالزوج او الزوجة او زميل او اخ المصاب الذي يشاركه الغرفة. وننصح المصاب
بمراجعة المختصين اذا كانت نبرة الكلام حادة وتعبر عن احاسيس انفعالية او ان يكون الكلام
مصحوبا بكثرة الحركة او نوبات من الخوف بعد الاستيقاظ او شخير وتوقف في التنفس اثناء
النوم. ويحتاج الطبيب الى ان يحصل على وصف دقيق للحالة من الشخص الذي يشارك المصاب
غرفة النوم لان المريض في كثير من الحالات لا يدرك ما يحدث خلال النوم. وفي
حال الاشتباه بوجود احد اضطرابات النوم السابقة الذكر فان الطبيب قد يجري اختبارا للنوم للتاكد
من الحالة؛ حيث يتم مراقبة النوم والتنفس ويضع ميكروفونا لمراقبة الصوت وتسجيله لتحديد وقت حدوثه.
فالكلام الذي يحدث خلال النوم في اكثر الحالات لا يكون مصحوبا باي اضطراب، ويمكن ان
يحدث في اي مرحلة من مراحل النوم. اما الكلام المصاحب لرعب النوم فيحدث عادة خلال
مراحل النوم العميق (المرحلتين الثالثة والرابعة من النوم). وعند المصابين بالاضطراب السلوكي المصاحب للاحلام فان
الكلام يحدث في مرحلة الاحلام ويصاحبه في العادة بحركات كثيرة. وعند المصابين بالشخير وتوقف التنفس
فان الكلام يحدث عادة بعد زوال نوبة توقف التنفس؛ حيث قد يستيقظ مخ المريض لعدد
من الثواني ويتكلم بكلام لا يتذكره. وعلاج الاضطراب المصاحب للكلام يؤدي في العادة الى زوال
مشكلة الكلام اثناء النوم. اما بالنسبة الى الذين لا يوجد لديهم اضطراب اخر مصاحب للكلام
فانهم في الغالب لا يحتاجون الى علاج.
- أسباب الكلام والصياح و الحركة عند النوم