مواضيع للرجال للنساء

لماذا خلقنا الله

بالصور لماذا خلقنا الله

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الامين, اللهم لا علم
لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا,
وزدنا علما, وارنا الحق حقا, وارزقنا اتباعه, وارنا الباطل باطلا, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون
القول فيتبعون احسنه, وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين

اسئلة تدور في فلك الانسان:

1- لماذا خلقنا الله عز وجل ؟

بالصور لماذا خلقنا الله
وصلنا في موضوع العقائد الى ان هناك اسئلة ثلاثة لو تمكن الانسان من الاجابة عنها
اجابة صحيحة لحل لنا كل مشاكله ولسعد في الدنيا والاخرة.
السؤال الاول: لماذا خلقنا الله عز وجل ؟ هذا اكبر سؤال لانه ما من انسان
عاقل على وجه الارض يعمل عملا من دون هدف، فما هو الهدف الكبير الذي خلقنا
الله من اجله؟ اذا ارسلك ابوك الى بلد اجنبي من اجل ان تدرس، واذا عرفت
الهدف من ارساله اليك والتفت الى الدراسة حققت الهدف من هذه البعثة فرضيت وارضيت, واذا
ارسلك ابوك الى بلد اجنبي من اجل الدراسة فظننت انه ارسلك من اجل اللهو فقد
شقيت واشقيت، ومعرفة الهدف الكبير من خلق الانسان شيء مهم جدا، لان الناس يسعون في
متاهات ويمشون في طرق مسدودة، فما الطرق المسدودة ؟ اي طريق ينتهي بالموت، طريق المال
و الشهرة والعلو في الارض وطريق الشهوات كلها تنتهي بالموت، وهذه الطرق كلها مسدودة: ”
عش ما شئت فانك ميت، واحبب من شئت فانك مفارقه، واعمل ما شئت فانك مجزي
به “.

2- ما هو الهدف من الخلق ؟

السؤال الثاني: قد خلقنا على وجه هذه الارض فما اثمن شيء فيها ؟ هذا السؤال
له علاقة بالسؤال الاول، اذا عرفت الهدف الذي خلقت من اجله تعرف ما اثمن شيء
على وجه الارض اي سؤالين لسؤال واحد، واذا عرفت لاي شيء خلقت، وما اثمن شيء
تفعله في الدنيا لاشك انك تعرف الى اين المصير.
بالصور لماذا خلقنا الله
الله سبحانه وتعالى الذات الكاملة، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ” كان الله
ولم يكن معه شيء ” هذه كان تامة وليست ناقصة فهي لا تعني بانه كان
في الماضي بل انه وجد ولا يزال، ” اتق الله حيثما كنت ” بمعنى حيثما
وجدت كان الله ولم يكن معه شيء، والكون كله حادث, وبمشيئة الله سبحانه وتعالى اقتضى
خلق الكون, فلماذا خلق الله هذا الكون ؟ لو تاملت في ملكوت السموات والارض لعرفت
لهذا الكون الها عظيما

بالصور لماذا خلقنا اللهالكون بمجراته دليل على عظمة الخالق

فالكون ينبئك ان وراء خلقه هدفا عظيما، و ان الله سبحانه وتعالى لا تدركه الابصار،
ولا يرى بالحواس ولكن كل هذا الكون مجراته التي يقدرها العلماء الان بمليون مليون وكل
مجرة يقدر العلماء ان فيها مليون مليون نجم على حد تقريبي, وان من النجوم ما
يزيد عن حجم شمسنا بملايين المرات، وان نجم قلب العقرب يتسع للشمس والارض مع المسافة
بينهما، وان مجرتنا التي نحن فيها يزيد طولها عن 150 الف سنة ضوئية، وان بيننا
وبين القمر ثانية ضوئية واحدة، هذا الكون يجسد قدرة الله، وعلمه، وخبرته وغناه عز وجل،
هذا الكون دليل على وجود خالق عظيم له اسماء حسنى فما يليق بجلال الله ان
يتركنا من دون هدف من وجودنا, فما هو الهدف ؟ الهدف هو العبادة ان تعرفه
فتطيعه, فتسعد بقربه, العبادة هي الهدف من خلق الكون او من خلق الانسان والجن قال
الله تعالى:

﴿ الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لاملان جهنم من الجنة والناس
اجمعين﴾

( سورة هود الاية: 119)

فالانسان مخلوق للسعادة، اذا عرفت انك خلقت من اجل ان يسعدك الله عز وجل، شعرت
بالراحة، والروح، والتفاؤل، و بانك مكرم، وان الله عز وجل تفضل عليك بايجادك.

ما الحكمة من وجود المصائب في الارض ؟

بالصور لماذا خلقنا الله
قد يقول قائل: الناس كلهم معذبون، فهناك مجاعات، وزلازل، وفيضانات و شح، وقهر و حروب،
و براكين، وصواعق، فما بال الناس اشقياء ؟ اي على مستوى المادة الفقراء والمعذبون هم
الاكثرون، الجواب ان السيارة لماذا صنعت ؟ من اجل ان تسير, فما بال الشركة الصانعة
قد زودتها بالمكابح اليست هذه تتناقض مع حركتها ؟ ان استعمال المكابح ضروري لسلامتها، صنعت
لتسير والمكبح يوقفها ولكنه يوقفها في الوقت المناسب من اجل ان لا تدمر صاحبها، فكما
ان الله سبحانه وتعالى خلقنا ليسعدنا من اجل هذه السعادة بالذات خلق الله عز وجل
المصائب، لمهمة ثانية تاه الانسان عنها وضل و تلهى بالدنيا فتاتي المصائب لتذكره بالمهمة الكبرى
التي خلق من اجلها، اذا هذا ملخص كل مصيبة تقع على وجه الارض:

﴿يا ايها الذين امنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى
الارض ارضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة الا قليل *
الا تنفروا يعذبكم عذابا اليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء
قدير﴾

(سورة التوبة الاية: 38-39 )

اما ان تنفروا واما ان تعذبوا، وانت اما ان تحقق الهدف الذي خلقت من اجله
واما ان يضيق الله عليك حبا بك، يجب ان نتيقن يقينا قطعيا لاشك فيه ان
نعمة الايجاد نعمة كبرى، لانه اوجدك كي يسعدك.

العبث في الكون لايتناسب مع جلال الله وقوته:

فما قولك في هدف يليق بجلال الله عز وجل هل خلقنا ليعذبنا ؟ امحتاج هو
ان يعذبنا ؟ اذا عذبنا ماذا يستفيد ؟

“عن ابي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى
انه قال: يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا
عبادي كلكم ضال الا من هديته فاستهدوني اهدكم يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته
فاستطعموني اطعمكم يا عبادي كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني اكسكم يا عبادي انكم تخطئون
بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري
فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على
اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو ان
اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي
شيئا يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسالوني فاعطيت
كل انسان مسالته ما نقص ذلك مما عندي الا كما ينقص المخيط اذا ادخل البحر

( ورد في الاثر )

وهل يليق به ان يخلقنا عبثا بلا هدف ؟ ايفعلها انسان عاقل ؟ هل يليق
به ان يخلق سموات وارضين، ومجرات وكواكب، وشمسا، وقمرا، ونجوما، وليلا ونهارا، ثم تكون حياتنا
قصيرة لا تزيد عن ستين سنة نصفها في الاعداد لها الى ان يستطيع الانسان الزواج
والسكنى في بيت مستقل وتامين حاجاته في الثلاثينات او في الاربعينات، الان اصبح في الخامسة
والخمسين فحصل له ازمة قلبية، ايعقل ان يكون كل هذا الكون لاجل سنوات معدودة ايقبله
عاقل ؟ لماذا خلقنا الله عز وجل ؟ لابد من هدف يتناسب مع كماله، ولابد
من هدف يتناسب مع جلاله، ولابد من هدف يتناسب مع قوته هو القوي، ولذلك فربنا
عز وجل اجاب عن هذا السؤال في ايتين واضحتين وفي ايات كثيرة.

﴿افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون﴾

)سورة المؤمنون الاية: 115(

بالصور لماذا خلقنا اللهافحسبتم انما خلقناكم عبثا

تعالى الله ان يخلق الناس عبثا من دون هدف، اي دولة تبني بناء يكلفها ثلاثة
عشر مليارا ويستغرق البناء عشرين سنة وبالاخير تاتي الاجهزة الحديثة فتهدمه وتخربه بلا سبب لماذا
بنيتم هذا البناء ؟ لا لشيء، اتفعلها دولة على وجه الارض ؟ ” افحسبتم انما
خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون “.
نفى الله ايضا ما يتوهمه بعض الناس من ان الله عز وجل خلق الكون وهو
يلعب:

﴿ وما خلقنا السماء والارض وما بينهما لاعبين﴾

( سورة الانبياء الاية: 16)

﴿وما خلقنا السماء والارض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من
النار﴾

( سورة ص الاية: 26)

هذا ظن الكفار وحدهم، ايعقل ان يخلق الانسان ولا يسال عن اعماله ؟ فالضعيف ضعيف،
والقوي قوي، والغني غني، والصحيح صحيح، والمريض مريض وهكذا، هذا عمر خمسا وثمانين سنة، وثان
عاش ثماني عشرة سنة، وثالث بقي ثلاثين سنة، واخر مات بحادث ولم يتزوج, ولم يسكن
في بيت, ولم يهنا بحياته ولم ير شيئا، فلماذا هذا يولد ابن غني وكل شيء
متوفر لديه ؟ وهذا لا يحصل قوت يومه ؟ قال تعالى:

﴿ ايحسب الانسان ان يترك سدى﴾

(سورة القيامة الاية: 36)

ربنا عز وجل نفى ان يخلق السموات والارض الا بالحق، وان يخلقها عبثا، وان يكون
بخلقها لاعبا، وان يخلقها سدى، و ان يهمل الانسان، هذا كله نفاه الله عز وجل
واثبت قوله تعالى:

﴿وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون﴾

(سورة الداريات الاية: 56)

عرض الامانة على الانسان منذ الازل:

Imageخلق ربنا الخلائق كلها دفعة واحدة

ربنا عز وجل خلق الخلائق كلها دفعة واحدة، ما من شيء تقع عليه عينك الا
وقد خلقه الله عز وجل مع غيره في وقت واحد سماه العلماء عالم الازل، والله
سبحانه وتعالى في هذا العالم عرض عليهم عطاء غير محدود ولكن هذا العطاء غير المحدود
الذي لا نهاية له والابدي السرمدي الذي لا يوصف له ثمن، يعني اما ان تقبل
منصبا ليس له دخل محدود يعطى هذا المنصب صاحبه كالقضاة في بريطانيا شيكا مفتوحا اي
رقم تكتبه تقبضه مهما كبر هذا الرقم تاخذه، ولكن هذا المنصب الرفيع يحتاج الى دراسة
طويلة، واما ان ترضى بقوت يومك من دون ان تكون مسؤولا او مكرما، فربنا عز
وجل عرض على الخلائق كلها عرضا مغريا:

﴿انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه
كان ظلوما جهولا﴾

( سورة الاحزاب الاية: 72)

لقد جرى العرض على الخلائق، خيرها الله عز وجل بين ان تكون مخلوقات تسعد بالله
سعادة محدودة، لماذا هي محدودة ؟ مثل اخر: لو فرضنا ان احدهم ابوه غني و
هذا الاب يمكنه ان يطعم ابنه اطيب الاكل ويزوجه اجمل امراة، وسيارة خاصة وينتهي هنا
عطاء الاب، لكن متعة العلم هذه تعطى ام تؤخذ ؟ هذه تؤخذ، فربنا عز وجل
يعطي عطاء يتناسب مع طاقة احتمال هذا المعطى.
اردت من هذا الكلام ان اوضح لكم ان الله سبحانه وتعالى عرض على الخلائق في
علم الازل عرضا مغريا جدا، عرض ان يسعدوا سعادة ابدية سرمدية ليس له حدود مقابل
ان ياتوا الى الدنيا، وفي الدنيا يجب ان يبذلوا من اجل ان يعطيهم عطاء غير
محدود، لابد من ان ياتي هذا المخلوق الى مكان وهذا المخلوق مزود بشهوات يزوده الله
بشهوة المال و العلو و الجنس، ويامره ان ينفذ منها ما يتوافق مع شرع الله
عز وجل:

﴿ فاما من اعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى ﴾

( سورة الليل الاية: 5-7)

﴿واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40) فان الجنة هي الماوى ﴾

( سورة النازعات الاية: 40-41)

من مستلزمات الامانة:

1- تزويد الانسان بالعقل والشهوة:

الله زود الانسان بالشهوة
من مستلزمات الامانة ان يكون هذا المخلوق مزودا بشهوات، وان يكون هناك كون يجسد اسماء
الله الحسنى، وان يكون هناك فكر يستطيع ان يستدل على الله عز وجل من خلال
الكون، و ان يكون الانسان حرا في اختيار ما يريد، فحرية الاختيار مع الفكر، والكون
و الشهوات, اربع عوامل تجعل من هذا الانسان اكرم مخلوق على وجه الارض، فكر موجود
وشهوات قال الله تعالى:

﴿زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام
والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الماب﴾

( سورة ال عمران الاية: 14)

2- لن تقبل على الله الا اذا اثرت رضاه على شهوتك:

يرضى الله عنك ان اثرت جانبه في كل شيء
ما الذي يحدث ؟ الله عز وجل تسعد به اذا اقبلت عليه، ولن تستطيع ان
تقبل عليه الا اذا كان لك ثقة انه راض عنك، وكيف يرضى عنك ؟ اذا
اثرت جانبه في كل شيء، اعطاك شهوة النساء فغضت بصرك عن امراة لا تحل لك
وارتقيت الى الله عز وجل، واذا تزوجت امراة وفق ما شرع لك ارتقيت الى الله
عز وجل، وزودك بحب المال فاذا كسبته بطريق مشروع ارتقيت الى الله عز وجل، واذا
تركت المال الحرام ارتقيت الى الله عز وجل، فلولا هذه الشهوات لن تستطيع ان تقبل
على الله ابدا بترك ما حرم الله عليك واخذ ما احل لك بالترك والاخذ ترقى.

انت في دنيا هدفها الاكبر والاول ان تعمل اعمالا تستطيع ان تقبل بها على الله
الى الابد في الجنة، اي اذا اثرت جنب الله عز وجل كان لك عمل تلقى
الله به، واذا استقمت في بيعك وشرائك، ونصحت المسلمين، وكنت محسنا، واثرت ما يبقى على
ما يفنى، هذا العمل الذي تفعله باختيارك وبمحض ارادتك من دون اجبار او اغراء او
اكراه، هذا العمل الصالح يؤهلك ان تقبل على الله في الجنة الى الابد، ان الله
عز وجل غني عنا ولكن بعثنا الى الدنيا واعطانا المال وقال: هل تستطيع ان تنفق
المال من اجلي؟ وسازودك بشهوات هل تستطيع ان تغض بصرك من اجلي ؟ وهل تختار
هذه المراة الصالحة ذات الجمال المتوسط على امراة جميلة جدا ولكنها فاسقة ايهما تختار ؟
وهل تختار هذا الدخل المشروع على دخل كبير من طريق غير مشروع ؟

كيف تسعد وتقبل عليه ؟

اريد ان اوضح لكم سر الحياة، الله جاء بك الى الدنيا وزودك بالشهوات وقال: اقرضني
من مالك، وساعد اخاك، واضبط شهواتك من اجلي، وابذل في سبيلي، اذا فعلت واستقمت وكنت
ورعا تشعر انه راض عنك، بهذا الشعور تقبل عليه، فاذا اقبلت عليه سعدت الى الابد
في قربه، هذا هو الهدف من مجيئك الى الدنيا، فكيف تسعد به ؟ باقبالك عليه:

﴿قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجوا لقاء
ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا﴾

( سورة الكهف الاية: 110)

ان الله سبحانه خلقنا ليسعدنا، وجاء بنا الى الدنيا كي نتاهل لهذه السعادة، اذا ما
الاهلية فيها ؟ ان تبذل مما اعطاك الله، لذلك فان الرسول صلى الله عليه وسلم
كان يدعو ويقول:عندما تسعى لمعرفة الله ترقى

” اللهم انا نسالك موجبات رحمتك ”

( ورد في الاثر )

فنحن في حياتنا فرصة لسعادة ابدية هذه الفرصة نملكها ويكفي ان نغض بصرنا، و ان
ننفق من مالنا، وان يمضي وقتنا في طاعة الله، فهذه الجلسة تعرض عليكم يوم القيامة
شريطا مسجلا.
وانت في هذا اليوم اصدقاؤك ذهبوا الى دور السينما للهو وامضوا وقتهم في اللعب بالنرد,
وفي المزاح الرخيص وفي الحديث عن النساء وانت حضرت الى المسجد كي تعرف الله عز
وجل هذا الذي يرقى بك، انت في الدنيا من اجل البذل:

﴿والعصر * ان الانسان لفي خسر * الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا
بالصبر ﴾

( سورة العصر الاية: 1-3)

زواجك لله، وانجاب الاولاد و عملك وخدمتك و نومك وان تجلس مع اولادك وان تؤنس
زوجتك كله لله، انت جئت للدنيا من اجل ان تفعل شيئا يرضى الله به عنك،
و من اجل ان تقبل عليه في الدار الاخرة بعمل صالح يصلح للعرض عليه.

كيف تتعرف على الله ؟

كيف تعرفه ؟ بالتفكر بالكون فاذا فكرت بنفسك، وبجسمك، كيف كنت من ماء مهين ؟
وكيف اصبحت انسانا سويا وفكرت بطعامك، وشرابك، وثيابك، وزوجتك، واولادك، وفكرت بالجبل والشمس، والقمر، والنجوم،
والكواكب، والامطار، والرياح، والشجر والثلوج، والوديان، والسهول، والصحاري، والبحار، والاسماك، والاطيار، فلابد من ان تعرف
الله عز وجل، اذا عرفته عرفت عظمته، واذا عرفت عظمته تولد في نفسك خشية منه
وهذه الخشية تحملك على ان تستقيم على امره، فاذا استقمت على امره واقبلت عليه سعدت
بهذا القرب وعملت الصالحات لمزيد من هذا القرب.
خلقك ليسعدك سعادة ابدية سرمدية لا متناهية, لكن هذه السعادة لها ثمن اذ جاء بك
الى الدنيا من اجل ان تستعد لها، وذلك بان تفكر في الايات الكونية من اجل
ان تعرفه، وان تستقيم على امره، وان تعمل الصالحات تقربا له وان تقبل عليه هذا
هو التاهيل، لذلك اذا خلت حياتنا من علم وعمل ودعوة وصبر فلا جدوى منها ”
والعصر ان الانسان لفي خسر “.

﴿ الهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر ﴾

( سورة التكاثر الاية: 1-2)

الهاكم التكاثر انحرف بكم عن هدفكم.

﴿كلا سوف تعلمون﴾

( سورة التكاثر الاية: 3)

انكم خلقتم لغير جمع المال:

﴿ كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون* كلا لو تعلمون علم اليقين *
لترون الجحيم﴾

( سورة التكاثر الاية: 3- 6)

ينبغي على الانسان ان لا ينسى الهدف الذي خلق من اجله:

ملك اليابان ارسل سبعة طلاب في بداية النهضة اليابانية الى اوروبا وامريكا للدراسة، هؤلاء كانوا
في بلد متخلف, ” اليابان كان متخلفا ” فلما وجدوا في بلاد ومدن كبرى فيها
مفاتن واشياء جميلة واشياء رخيصة فانغمسوا في الملذات الرخيصة وقصروا في تحصيل العلم ولم ينجحوا,
وعادوا الى اليابان فاعدمهم الملك لانه ارسلهم لمهمة محددة فنسوها وانغمسوا في شيء اخر وحينما
عادوا اعدمهم، والانسان ارسل الى الدنيا لمهمة محددة فاذا عرفها ونفذها وكان في مستواها سعد
في الدنيا والاخرة، واذا تغافل عنها او جهلها او عمل عملا يتناقض معها حينما يموت
يصيح صيحة لو سمعها اهل الارض لصعقوا قال تعالى:

﴿ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى
ليتني لم اتخذ فلانا خليلا * لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان
للانسان خذولا ﴾

( سورة الفرقان الاية: 27-29)

هذا الكلام خطير, يضعك امام مسؤولياتك ويقول لك انك مخلوق في هذه الدنيا من اجل
ان تهيئ نفسك لسعادة ابدية فان لم تفعل فلك الشقاء الابدي، لقد خلقت للسعادة وجئت
الى الدنيا من اجل ان تؤهل نفسك من اجل سعادة الابد في جنة عرضها السموات
والارض.
انت ممن قبلت حمل الامانة, وقلت: انا لها يا رب، جاء بك الى الدنيا من
اجل هدف واحد، ان تؤهل نفسك لهذه السعادة الابدية، فواحد منا يتلهى بالمال والاخر بمشكلات
الحياة، وهذا الاخر لتحقيق اهداف ارضية محدودة، وهذا تلهى بالسخف، وهذا يقضي حياته بالخصومات وباشياء
لا قيمة لها قال الله تعالى:

﴿والليل اذا يغشى * والنهار اذا تجلى * وما خلق الذكر والانثى * ان سعيكم
لشتى﴾

( سورة الليل الاية: 1-4)

يوجد سعي واحد صحيح ان يكون سعيكم لمعرفة الله عز وجل ” اصل الدين معرفته
“، انت في الدنيا من اجل مهمة خطيرة جدا فالمؤمن صار كله متعلقا بهذه المهمة،
زواجه فهو يحب ان يتزوج امراة صالحة لانه مخلوق للاستقامة والعمل الصالح، فاذا اختار امراة
سيئة فاسقة لا ترضي الله يكون الزواج معولا لهدم سعادته الروحية، فاي عمل يمتص وقتك
كله ترفضه, لان لكل انسان مهمة كبيرة جدا.

نموذج من الصحابة صدقوا في طلب الحقيقة فتوصلوا لها فانظر الى مالهم ؟

في خطبة الجمعة ذكرت ان النبي عليه الصلاة والسلام تفقد اصحابه بعد ان انتهت معركة
احد فقال: ما فعل سعد ابن الربيع ؟ فلم يجبه احد فقال لاصحابه: ابحثوا عنه
افي الاحياء هو ام في الاموات ؟ فاحد الاصحاب الكرام وكان انصاريا توجه نحو ساحة
المعركة ليتفقده بين القتلى اذ هو يراه وفيه رمق اخير فقال له: يا سعد, ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم امرني ان ابحث عنك افي الاحياء انت ام في
الاموات ؟ تصور رجلا يموت بجرح بليغ ينزف دما وسيفارق الدنيا فيقول الجريح المحتضر سعد
ابلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اني في الاموات واقرئه السلام وقل له: جزاك
الله عنا خير ما جزى نبيا عن امته واقرئ قومي السلام وقل لهم: لا عذر
لكم عند الله اذا اخلص الى نبيكم وفيكم عين تطرف, ولم يزل هذا الصحابي الذي
ندبه النبي واقفا حتى فارق سور الحياة وعاد الى النبي فاخبره بالخبر فبكى حتى اخضلت
لحيته بالدموع.
هذا انسان جريح وعلى وشك الموت وهو شاب ما هذه السعادة التي غمرت قلبه ؟
لانه حقق الهدف الذي من اجله خلق، امن بالنبي واطاع الله عز وجل، وبذل اثمن
ما يملك وهي نفسه، فاذا كان احدنا يعرف مهمته ويكون بمستواها والله الذي لا اله
الا هو لا يحزنه شيء, قرات عن الصديق كلمة لا زالت ترن في اذني وصفه
الواصفون وقالوا: ” ما ندم عن شيء فاته من الدنيا قط ” فالمؤمن حينما يعرف
مهمته في الدنيا وهو في مستواها وهو في طريقها يسعد سعادة الدنيا كلها لا ترضيه
اذا اقبلت ولا تسخطه اذا ادبرت.

الموت بداية لحياة جديدة:

عن ابن عمر قال: اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال يا
عبد الله ” كن في الدنيا كانك غريب او عابر سبيل واعدد نفسك في الموتى

( ورد في الاثر )

الموت ليس نهاية بل هو بداية الحياة الابدية
تصور انسانا بلغ الاوج في المال في ثانية واحدة يصبح من اهل الاخرة، وكان يقول
البناء الضخم كله لي فاذا كان قلبك يدق فهو لك وان توقف فهو ليس لك،
اذا لم يعرف احدنا مهمته في الدنيا فالقضية خطيرة جدا، وطريق المال مسدود ينتهي بالموت
فهو اقرب الى احدنا من ظله وكذلك طريق العلو في الارض

” من عد غدا من اجله فقط اساء صحبة الموت ”

( ورد في الاثر )

والموت ليس نهاية وهنا الخطورة فانه البداية، الموت بداية الحياة الابدية يصيح الميت صيحة لو
سمعها اهل الارض لصعقوا.

﴿ يقول يا ليتني قدمت لحياتي ﴾

( سورة الفجر الاية: 24)

اذا ان الله خلقك ليسعدك اعلى سعادة:

﴿ ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير
ممن خلقنا تفضيلا﴾

( سورة الاسراء الاية: 70)

المؤمن الذي عرف الله لا يضيع اخرته بدنياه:

ايها الاخوة, اذا عرض عليك عمل في الشهر مئة الف ليرة سورية شرط الدوام 18
ساعة وليس لك الا 6 ساعات نوم من 10- 4 صباحا، وعمل ثان دخله 1500
ليرة سورية لكن الدوام 8 ساعات هل تستطيع ان تحضر مجلس علم ؟ او هل
تصلي الصبح حاضرا، او تقرا القران، او تفكر، او تدعو الى الله ؟ جميع الناس
يقولون لك ان ترضى بهذا العمل الذي دخله 100000 الف ليرة, اما المؤمنون فيقولون خذ
الدخل الصغير ذا العمل القليل 1500ليرة لانك خلقت لهدف كبير غير هذا الهدف، في الحقيقة
هذا الدخل الكبير هو خسارة لان الانسان ياتي يوم القيامة مفلسا اما الحياة بعد الموت
بالنسبة للمؤمنين فقد قال صلى الله عليه وسلم حديثا قدسيا:

” عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الله: اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على
قلب بشر ”

( ورد في الاثر )

الانتقال من ضيق الدنيا لسعة الاخرة كالطفل يخرج من رحم امه
ان المؤمن ينتقل من ضيق الدنيا الى سعة الاخرة كما ينتقل الطفل من ضيق الرحم
الى سعة الدنيا.

﴿قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من
المكرمين ﴾

( سورة يس الاية: 26-27)

يقول بعض الناس ان هذا المسكين مات وبالواقع المسكين من يقال عنه مسكين وهو ضال
فان كان هذا الميت مؤمنا فقد حقق الهدف، والنبي الكريم شاهد جنازه فقال:
” عن ابي قتادة بن ربعي انه كان يحدث ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم مر عليه بجنازة فقال مستريح ومستراح منه قالوا يا رسول الله ما المستريح والمستراح
منه فقال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد ”

فعندما يتوضح الهدف والمهمة للانسان في الارض فعندئذ قد لا ينام الليل:

عن انس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما
سمعت مثلها قط قال: ” لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال: فغطى
اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين ” فقال رجل من ابي
قال فلان فنزلت هذه الاية ” لا تسالوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم ”
رواه النضر وروح بن عبادة عن شعبة ”

( ورد في الاثر )

اذا دخل احد الطلاب على الامتحان وحاول ان يضحك فانه لا يستطيع ان يضحك اذا
كانت هذه المادة صعبة، والتخرج متوقف عليها، وليس هو متاكدا من تحضيره ومقدرته، وان كان
الانسان يتحاكم فانه لا يضحك لان الموقف له هيبة وهول، قال صلى الله عليه وسلم:

عن ابي بكر ان عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: تحشرون حفاة عراة غرلا قالت عائشة: فقلت يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهن
الى بعض فقال: الامر اشد من ان يهمهم ذاك ”

( ورد في الاثر )

خلاصة الدرس:

اذا السؤال الاول خلقنا لنسعد، والثاني نحن الان في مهمة فاذا كنا معذبين فمعنى ذلك
اننا قد بعدنا عن الهدف الذي خلقنا الله من اجله, هذا هو التفكير الدقيق والبسيط
والواضح، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه، فاذا
كنت مسرورا فانك على الطريق الصحيح، وان كنت غير مسرور فمعنى ذلك انك ابتعدت عن
الهدف، فربنا عز وجل برحمته وحرصه سخر لك شيئا يجذب نظرك فالمصائب كلها هدفها ان
تعود الى جادة الصواب، هذا هو الضلال وهذا هو الهدى، واذا عرفت لماذا خلقت وما
اثمن ما في الدنيا هان عليك كل شيء عندئذ تقول كما قالت رابعة متمثلة بقول
ابي فراس الحمداني:

فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والانام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
اذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب

الصحابة عرفوا رحلتهم في الدنيا وحذروا من اي منزلق تحجبهم عن ربهم :

صغائر المؤمن كالجبال على كاهلة
صحابي جليل راى بابا مفتوحا وهو ماش بالطريق فحالت منه نظرة للداخل فاذا امراة في
البيت، كبر عليه ذنبه وعظمت عليه هذه المخالفة وخاف من ان يلقى النبي وينزل الله
فيه وحيا فهام على وجهه في الجبال، تفقده النبي صلى الله عليه وسلم حتى ندب
اناسا يبحثون عنه وندب سيدنا عليا لهذه المهمة، فالتقى به في احد شعاب مكة وهو
يبكي فخفف عنه وجاء به الى النبي، فقال الصحابي بشرط ان تاخذني اليه عقب صلاة
لان النبي صلى الله عليه وسلم يكون مسرورا جدا بعد الصلاة فجاء به عقب الصلاة
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما قصتك ؟ قال له: ذنبي عظيم، فقال
صلى الله عليه وسلم ااكبر من الجبال ؟ ام اكبر من الارض، ام اكبر من
السماء ؟ فقال له: اكبر من الجميع، فقال له صلى الله عليه وسلم ااكبر من
عفو الله ؟ فقال: لا ان عفو الله اكبر, وبهذه القصة ناخذ موعظة انه كم
كان الذنب يكبر عند الصحابة ؟ ان من علامات المنافق ان الذنب عنده كالذبابة فيقول:
ماذا فعلنا ؟ هل خربت الدنيا ؟ وهكذا المنافق ذنبه سهل عليه جدا، اما المؤمن
فيعظم الذنب عنده مهما صغر، حتى قال له ااكبر من عفو الله ؟ قال لا.

العبرة من القصة ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا المهمة وراوا ان
اي ذنب او مخالفة او معصية تعيق هذه المهمة تحجبهم عن مهمتهم.

والحمد لله رب العالمين
  • لماذا خلقنا الله سبحانه و تعالى
السابق
ملابس اعراس 2024
التالي
اقوال مضحكة عن الحياة