هنا في هذه الاية، يعد الله الشهداء الذين قتلوا في سبيله بالنعيم الابدي في الجنة،
وانهم احياء غير شاعرين بالموت، وفزعه، وبعذابه، بل هم فرحين بما هم فيه من نعمة،
وبشر في الجنة، فروح الشهيد تكون كالطائر فوق شجر الجنة، ويسرحون فيها كيف ما يشاؤن،
حتى يبعث الله بارواحهم فيبعثون، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما احد يدخل الجنة
يحب ان يرجع الى الدنيا وان له ما على الارض من شيء غير الشهيد فانه
يتمنى ان يرجع فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة)، ويكفيهم انهم في اكبر نعمة،
وهي نعيم لامجال له لايتخيله انسان، ولايتصوره انه نعيم رضا رب العالمين، وان الله لا
يضيع اجر المحسنين .
وهذه الاية وان دلت على شيء، فانها تدل على نعيم من يقتل في سبيل الله،
ونزلت لعدة فوائد منها :
الترغيب في الشهادة في سبيل الله .
تجعل اهل الشهيد يصبرون، ويحتسبون اكثر عند الله قتلاهم .
تبين ان من قتل لاعلاء كلمة الله ونصرة دين الاسلام، كان له اعلى مرتبة في
الجنة مع الانبياء والصديقين .
تعريف المسلمين بنعيم البرزخ، واثباته لهم، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (الشهداء على
بارق، نهر بباب الجنة في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا) .
وهذه الاية نزلت من باب المواساة لاهل الميت كما قلت من قبل، حيث ان الرسول
-صلى الله عليه وسلم- نظر في وجه جابر بن عبد الله، وكان والده قد استشهد
حديثا، فقال له : (مالي اراك مهتما ؟) ، قلت: يا رسول الله، قتل ابي
وترك دينا وعيالا ، فقال: (الا اخبرك ما كلم الله احدا قط الا من وراء
حجاب، وانه كلم اباك كفاحا) ، فقال: (يا عبدي سلني اعطك) ، قال : اسئلك
ان تردني الى الدنيا فاقتل فيك ثانية ، فقال : (انه قد سبق مني انهم
اليها لا يرجعون) ، قال : يا رب، فابلغ من ورائي . فنزلت الاية لتخبر
عن النعم التي فيها الشهيد .
تؤكد الاية استمرارية حياة الشهيد ورزقه ونعيمه، فهو في الحياة الخالدة، ولمن المعروف ان الشهداء
يكونون في اعلى مراتب الجنة في شغل فاكهون، ولهم من الحور حتى يتزوجون، وتذهب اليهم
زوجاتهم من الدنيا، لتصبح اذا كانت مؤمنة صابرة وفية سيدة الحور العين له، وحياة الشهيد
لا تكون في قبره، بل عند رب العالمين في الجنة تسرح كيف ما تشاء .
واخيرا اللهم ارزقنا شهادة في سبيلك يارب العالمين، واخر قولي الحمد لله رب العالمين .
- صورة ولا تحسبن الذين يقتلون في سبيل الله
- لاتحسبن الذين قتلو