كثيرا ما نسمع عن عبارات من قبيل: غزو الآخر… التأثير في الآخرين…. الذكاء الاجتماعي…. وهى
كلها مرادفات لإمكانية التواصل بفعالية ونجاح مع الآخرين من أجل إقامة جسور الحوار والتفاهم معهم
أو إقناعهم بفكرة جديدة، أو حتى تقديم أنفسنا لهم لو كنا نقابلهم للمرة الأولى.
ومن أجل هذا فهذا المقال يوضح أهم النقاط التي تساعد من اجل أن تتواصل بنجاح
وتأثير مع الآخرين أو أن تغزوهم… ولكن بحب وذكاء.
ما هو الاتصال? الاتصال هو التواصل مع الآخر أو بلغة أخرى هو البحث عن أرضية
مشتركة بين طرفين أو شخصين، وإيجاد هذه الأرضية المشتركة هو هدف أي اتصال فعال وناجح
يسير في الاتجاهين معا من مرسل الرسالة أو المتحدث إلى مستقبل الرسالة والعكس بأسلوب متفاعل
ومتبادل وهو ما يعنى الأخذ والعطاء في نفس الوقت، وعدم الحديث طوال الوقت، والاعتقاد أن
هذا اتصال ناجح وفعال مع الآخرين، في حين أن هذا غير صحيح لأنه اتصال من
اتجاه واحد يفتقد التفاعل والمشاركة من الطرف الآخر.
وكي يتحقق هدف الاتصال الفعال والناجح وهو الإقناع وإيجاد أرضية مشتركة بين من تتواصل معه
فهناك أربعة مراحل يمر بها الاتصال هي: – الانتباه – التحضير – الفهم – استيعاب الرسالة – الرد –
تأكيد الفهم – التصرف- مرحلة التحدث أو رد الفعل .
وسوف يأتي تفصيل المراحل الأربع في السطور القادمة.
3 عناصر أساسية وقبل تفصيل هذه الخطوات السابق الإشارة إليها يجب أن تعلم- عزيزي القارئ-
أنك بحاجة إلى بعض العناصر الأساسية التي تمكنك من القيام بالاتصال الفعال والمؤثر من أجل
الإقناع وهذه العناصر هي المعرفة النظرية ونعنى بها المعلومات والمعارف التي تساعدك على إتمام الاتصال
الشخصي بنجاح وتأثير إيجابي كما تريد كأن تكون ملما مثلا بمراحل الاتصال الأربعة السابقة والتي
سيلي تفصيلها فيما بعد، والعنصر الثاني الواجب توافره هو الخبرة العملية من خلال الممارسة الفعلية
للاتصال ومراحله وطريقته الناجحة كما عرفت من خلال المعلومات النظرية، والعنصر الثالث هو الاستعداد المسبق
بمعنى أن يكون لديك الرغبة المسبقة من أجل القيام باتصال فعال وناجح وأن يكون لديك
الرغبة والإصرار على تعلم كيفية القيام بالخطوات المؤهلة لهذا بنجاح.
وعندما تتوافر لك هذه العناصر الثلاث يمكنك وقتها أن تتحول في كل علاقاتك الاجتماعية لشخص
مؤثر في الآخرين ولديك قدرة كبيرة على ما يسمىغزو الآخر أو اقتحام الآخر لأن الاتصال
الفعال والممتاز أصبح عادة لديك مما يسهل عليك الوصول للآخر بسلاسة.
أساطير خاطئة قبل أن تبدا الاتصال بالآخرين عليك أن تنتبه لوجود بعض المقولات الخاطئة الشائعة
التي تقال حول علاقاتنا بالآخرين والاتصال الشخصي المباشر بهم، فما هي إلا أوهام في عقولنا
وعلينا التخلص منها هي:
* كلنا نعام كيف نتحدث وكيف نتكلم فطريا : فهذا غير صحيح فالحديث الناضج المؤثر
في الآخرين له قواعد وأساسيات لابد من معرفتها وممارستها والتدرب عليها من أجل التواصل الناجح
والمؤثر.
* الاستماع هو ببساطة عبارة عن الجلوس في صمت وإنصات: لان الاستماع يعنى أن تنتبه
بكل حواسك وليس بأذنيك فقط وان تلحظ ما يقوله الشخص بغير لسانه فهناك اتصال غير
منطوق يقوم به الشخص من خلال طريقة الوقوف أو تعبيرات الوجه وكلها أنواع من الاتصال.
* الأصم لا يسمع: وهذا خطا كبير نقع فيه، فالشخص الأصم يكون لديه قدرة كبيرة
على الاستماع من خلال حواسه الأخرى التي يقويها الله لديه من اجل أن يعوضه عن
الاستماع بالأذن.
* التحدث أهم من الاستماع: فكلنا أثناء أي حوار مع الآخرين غالبا ما نسعى إلى
الحديث باستمرار متخيلين أن أهم شيء في الاتصال هو التحدث في حين أن هذا غير
صحيح، فالإنصات الصحيح الواعي أهم من التحدث.
المرحلة الأولى: الانتباه وهى شديدة الارتباط بالاستماع للآخر والانتباه لكل ما يقول بشكل مباشر ومن
خلال لغة الحركة والجسد بشكل غير مباشر، ولهذا يجب الالتفات إلى العوائق المبدئية التي تتسبب
في تشتيت الانتباه:
– نحن أساسا لا نريد الاستماع: وهذا خطا لأن أي شخص يسعى لمحادثة من يستمع
له، فحين أترك لمن أمامي فرصة الحديث فهذا يعنى خطوة أولى ممتازة من أجل التأثير
فيه.
– التشويش الداخلي أو المداخلات الداخلية: بمعنى أن تفكر في مشكلاتك الشخصية وظروف حياتك أثناء
الحديث مع الآخرين، وكي تنجح في تحقيق الانتباه الكامل في كل شئون حياتك ضع القاعدة
التالية أمامك: أنت، وأنا، هنا والآن، أي لا تفكر سوى فيمن أمامك الآن وفى هذا
المكان فقط كي لا يحدث أي تشويش على الحديث أو الرسالة التي تسير بينكما.
– التشويش الخارجي أو المداخلات الخارجية: مثل ضوضاء مزعجة أو إضاءة غير مناسبة أو جو
غير ملائم مما يؤثر سليبا على الاستماع أولا ثم الفهم ثانيا، فحاول ترتيب ظروف اتصال
مواتية تساعد على إتمام العملية الاتصالية بنجاح.
– عدم وجود هدف من الاتصال من البداية : كأن تبدا الحوار مع شخص وأنت
لم تحدد الهدف من الحوار مما يثير حيرة لدى من تحادثه ويظل يسأل نفسه عن
سبب الحديث من البداية، فلا تبدا أي حديث بدون هدف واضح كي لا تكون مملا
في حديثك أو تدعو لحيرة من تحادثه.
ما بين السطور
وهناك أمور لابد من الانتباه إليها أثناء الاستماع أو الانتباه للآخر وهى لغة الجسد فهي
تعبر عنا وتوصل للآخرين معاني كثيرة عنا دون قصد وكلما سيطرت على حركات الجسد وتعبيراته
أمكنك القيام باتصال فعال ف93% مما نقوله يصل الآخرين من خلال أسلوب الحديث وليس المضمون
الذي يحتل 7% من تأثيرك على الآخرين، لذا اهتم كثيرا بالطريقة التي تقول بها الكلام
وشكلك وتعبيرات وجهك أثناء الحديث، كأن تبدو مرفوع الرأس، مفرود الظهر، واثق من نفسك من
خلال مشيتك، وطريقة وقوفك، واجعل حركة جسدك واتجاهه مواجهة لمن تحادثه لتعطى المعنى بالتفاعل والاهتمام
لمن تحادثه، كما يجب عليك أن تتخلى عن حركات الملامسة الذاتية للجسم مثل عقد الذراعين
أن ملامسة الوجه، كما عليك أيضا أن تستخدم عينيك جيدا من أجل التركيز مع من
تحادثه مع عدم التركيز طوال الوقت في عين محادثك ولكن اترك20% من الوقت تنظر فيها
على الجانبين، كما أن حركات الإيماء بالرأس لها تأثير مهم جدا لإعطاء من يحادثك الإحساس
انك منتبه له تماما وتحثه وتشجعه على مواصلة حديثه مما يجعل الحديث يسير بفعالية وايجابية.
المرحلة الثانية: الفهم وهى تحتاج منك إلى تركيز شديد، وأول ما يعوق هذه المرحلة هو
أن تكون انطباعات أو معارف مسبقة عما سيقوله الشخص الذي تحادثه، فلا تضع أي خلفيات
مسبقة كي لا تشوش على ما تستقبله وقت الاتصال وأعط صفحة بيضاء تماما لتفهم بترو
ما يريد الشخص أن يقوله ولا تطلق أحكاما مسبقة، ولا تفهم ما تريد أنت فهمه،
فهذا لا يفيدك بل يقلب الصورة التي تريد أن تفهمها من الآخر، وهنا نشير لأهمية
أن تستمع لما لا تقوله الكلمات، بمعنى أن تنصت للأسلوب الذي يقول به الشخص كلامه
فنعود بك لأهمية لغة الحركات فهي تدل على شعور الشخص أثناء حديثه، مما يساعدك على
قراءة ما بين السطور وحقيقة إحساس الشخص وما يخفيه وكلها أشياء تساعدك علىقراءة الآخرين بمهارة،
كما تساعدك على تكوين فكرة جيدة عمن تحادثه بدلا من مجرد الاستماع للحقائق الصماء المجردة
التي يقولها في حواره معك.
وأثناء قيامك بفهم ما يقوله الشخص لك لا تفكر أبدا في رد عليه فأنت فقط
تستمع في هذه اللحظة فقد تجهز ردا في حين قد يؤدى بك الحديث إلى مسار
آخر تماما لم تحضر أنت له بسبب تعجلك في تجهيز رد أثناء مرحلة فهمك للحديث
بل عليك أن تترو لأن الرد والتفاعل سيأتي دوره في اللحظة المناسبة بعد استيعابك الكامل
لكلام محادثك.
المرحلة الثالثة: الرد واجعل شعار هذه المرحلة اسمح بفترة من الصمت وفى هذه الثواني القليلة
تقوم بعملية استرجاع لأهم ما قيل لك وتراجع أهم الملاحظات التي لقطها عقلك، وخلال هذه
الثواني تعطى نفسك ومحدثك فترة راحة وجيزة جدا لمدة ثواني معدودة، ويمكنك القيام في هذه
المرحلة قبل الرد مباشرة بعملية التأكيد النهائي على الفهم بمعنى أن تؤكد على محدثك أهم
ما قاله كأن تقول:افهم من كلامك أن كذا وكذا.. … يمكننا القول كذا وكذا……وعبارات على
نفس هذا النهج، وهذا يعتبر ممهدا للحديث ورد الفعل من جانبك ولها أهمية كبيرة من
حيث إفهام محادثك أنك كنت مستمعا جيدا لكل ما قاله وبانتباه شديد كما أنها تساعدك
على إعادة فهم ما قد التبس عليك فهمه أثناء الحديث.
ولكن عليك في هذه المرحلة أن تتفادى التشكيك بكل أشكاله فلا تنقل إحساسك بأنك تشك
في كلام محادثك أبدا، ولا تستخدم كلمات توحي بعدم مصداقية ما قاله الآخر، لان هذا
يضر بمصلحة التفاعل والتواصل بينكما ويشعر الآخر بالضيق وقد يعوق استقباله أي رسالة أو أي
حوار موجه منك له.
المرحلة الرابعة: التصرف رد الفعل أو التحدث وهى مرحلة التفاعل مع كل ما قيل لك
وما سمعته وهناك صفات مميزة للمتحدث الرائع المؤثر في الآخرين نوضحها كالتالي: – الإشعاع بالحماس
والطاقة: بأن تكون على درجة عالية من الحماس والصدق أثناء حديثك وكأنك تستمتع بكل كلمة
تقولها وهذا كأنك تقول أن الحياة مهتمة بك وانك تبادلها نفس الاهتمام، وأن تتحدث بصدق
واهتمام.
الذكاء العاطفي – الذكاء الاجتماعي ويسمى أحيانا الذكاء العاطفي ويقصد به قدرة الفرد على فهم وإدراك
وملاحظة مشاعر الآخرين وحالاتهم المزاجية، واحتياجاتهم، وتنعكس هذه القدرة في مهارات تعامل الفرد مع الآخرين
وتحفيزهم، بمعنى أن تمتلك القدرة على معرفة احتياجات الآخرين العاطفية والنفسية والاجتماعية، وكي تمتلك هذه
الصفة المهمة للمتحدث الرائع المؤثر ننصحك ب
اتباع الآتي: – أن تبدى تعاطفا واهتماما بالآخرين. – ابد جذابا وكأنك مشهورا ولك شعبية. – عبر عن
مشاعرك وأفكارك واحتياجاتك. – انتبه لتغير الحالات المزاجية للآخرين. – شجع الآخرين وحفزهم ليقوموا بأفضل ما لديهم.
وعليك أن تهتم بدرجة كبيرة بصوتك أثناء الحديث وركز على خصائص الصوت التالية: السرعة والعلو
والنبرة والجودة.