افضل طريقة لاستغلال الوقت
إن استغلال الوقت يشكل إحدى العلامات الفارقة والحيوية بين الأمم السباقة والأمم المتأخرة، وإن الكثير
من النصوص القرآنية والنبوية تشير بوضوح إلى عظم قيمة الوقت، وإلا فما معنى أن يقسم
الله في العديد من سور القرآن بأزمنة وأوقات مختلفة كالليل والنهار والضحى..، والمعروف أن القسم
هو لتعظيم المقسم به، وفي الأحاديث النبوية حث وحض على اغتنام الوقت: “اغتنم خمسا قبل
خمس” وذكر منها: “وفراغك قبل شغلك”[رواه الحاكم في مستدركه وصححه]، و: “لا تزول قدما عبد
يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه”[رواه الترمذي,وصححه].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعد الوقت من النعم العظيمة التي يغفل أكثر
الناس عن الانتفاع بها، والاستفادة منها: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ”[رواه البخاري].
وكانت حياته صلى الله عليه وسلم نموذجا رائعا في الحرص على الوقت، والاستفادة منه بالنهار
والليل، وكان أصحابه رضي الله عنه يقتدون به، لذا فإن أمة الإسلام في أيام إقبالها
وازدهارها ضربت أروع الأمثلة في المحافظة على الوقت، والعناية به، وحسن الاستفادة منه، حتى إن
الحسن البصري كان يقول: “أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم”.
ومن هنا، فإن المرأة الواعية الذكية التي تطمح إلى النجاح والتميز سواء في علاقتها الزوجية،
أو في إدارة بيتها، أو غير ذلك من العلاقات أو الشؤون- لابد وأن تتحلى بفضيلة
الحرص على حسن استغلال وقتها، واستثماره فيما يجدي، خاصة وأنه يعد إحدى العلامات الفارقة بين
امرأة متميزة تخطو باتجاه الارتقاء والتحسن، وأخرى عادية- وربما أقل- لا تكاد تصلح لأداء مهامها،
فضلا عن أن يكون لها طاقة ووقت للتحسين، أو تقديم النفع والخير للآخرين.
لماذا نكره تنظيم الوقت؟
ينفر الكثيرون من تنظيم أوقاتهم، لأنهم يشعرون بأنهم مقيدون أكثر مما يحتملون، والبعض يرى أن
في تنظيم الوقت توفيرا له، وبالتالي المزيد من الأعباء أو الالتزامات الجديدة عليه.
ولا ننكر أن تنظيم العمل يتيح فرصا أكبر من العطاء والإنجاز، لكننا نؤكد أيضا أن
تنظيم الوقت لا يعني تواصل العمل إلى ما لا نهاية، وإنما يهدف إلى إدارة جيدة
للوقت تفعل الأداء، وتحسن الإنجاز، وتسمح بإيجاد الوقت الكافي أيضا لممارسة الكثير من الأنشطة الممتعة
أو المفيدة.
من أسباب ضياع الأوقات:
1- التكاسل: ويعني ذلك أن تعرف المرأة أن لديها مهاما يجب إنجازها، ومع ذلك فهي
تستمر في النوم، أو تبقى على فراشها لا ترغب بالنهوض هربا من تلك المهام واجبة
الإنجاز، وكأن هذا الكسل أو التكاسل يحل المشكلة، أو يخلصها من عناء العمل، والعقل يقول:
إن الكسل يراكم الأعمال ولا ينقصها.
2- انعدام الهدف: فأي إنسان ليس له هدف يصبح الكلام معه عن تنظيم الوقت ضربا
من العبث؛ بل إن صاحب الطموح المحدود لا يهتم أن يحقق ما يريد ولو بعد
عشرات السنين، بينما صاحب الهدف الواضح المحدد يخضع هدفه لمعايير ومراحل زمنية، ويحدد وقتا للإنجاز،
ويلتزم التزاما صارما بذلك.
3 – غياب خطة الإنجاز: فالهدف بلا خطة واضحة لبلوغه يتحول إلى حلم أو أمنية
تداعب خيالنا، والخطة تعني صنع قائمة بالنشاطات التي تنقل صاحبها من حيث يقف إلى حيث
يريد بعد حين، وإذا لم تكن الخطة مكتوبة أو محفورة بالذهن، وتستند على تسلسل منطقي،
فإن وقتا كبيرا سيضيع قبل دخولها حيز التنفيذ.
4- الافتقار إلى حسن التنظيم: فالأعمال في كثير من الأحيان تتراكم على المرء، وإن لم
يستطع رؤية ما ينبغي تقديمه منها وتأخيره، فسيجد أن أغلب وقته يضيع في التوافه، وتبقى
الأعمال الأهم دون إنجاز، كما وسيكتشف أن بعض الأعمال الأقل أهمية كان يمكن تفويضها لآخرين
للقيام بها.
5- التطفل والفوضى: وهو ما تقع فيه كثير من النساء، أو يقعن في فخاخه، ونعني
بالتطفل إما رغبة المرأة في معرفة تفاصيل أمر لا يؤثر على حياتها، ولا تفيدها معرفته،
وإما رغبة الأخريات في أن تحكي أنت لهن ما تعرفينه عن أمر ما، سواء بزيارة
خاصة، أو مكالمة هاتفية طويلة، وربما تجرين إلى ارتكاب محظورات شرعية.
وأما الفوضى، فهو أن يضاف إلى ما سبق ألا يكون لمثل هذه الزيارات، أو المكالمات
أي ضابط أو نظام، بحيث يكون من السهل القيام بها وتكرارها دون اكتراث بأوقات الآخرين،
أو ما تسمح به ظروفهم.
إدارة الأوقات..جني للثمرات:
إن الهدف من إدارة الوقت ليس أن نعمل أكثر، أو بجهد أكبر، وإنما أن نعمل
بذكاء أكبر، فمقياس نجاحك في إدارة الوقت هو الثمار التي تجنيها من وراء ذلك.
وبناء على ذلك، علينا لاستغلال وقتنا الاستغلال الأمثل الاستفادة من النقاط التالية:
1 تجنب إضاعة الوقت فيما لا يفيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”احرص علي
ما ينفعك”[رواه مسلم].
ولا سيما الأوقات التي تضيع في النوم الزائد عن الحد الطبيعي، أو أمام المسلسلات والأفلام،
أو المكالمات الهاتفية الطويلة دون فائدة، أو كثرة الكلام فيما لا يفيد.
2 الاستيقاظ المبكر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم بارك لأمتي في بكورها”[
رواه ابن ماجة]؛ فالاستيقاظ المتأخر مدعاة للكسل والتراخي بقية اليوم، بينما التبكير يمنح إحساسا بالنشاط
والبركة في الوقت، ويحقق جملة من الفوائد مثل:
أ تأدية صلاة الفجر في وقتها، ثم أذكار الصباح.
ب إنجاز كل أو أغلب أعمالها المنزلية قبل استيقاظ الزوج والأبناء.
ج تمكنها من تهيئة نفسها وما يلزم زوجها قبل خروجه إلى العمل، وتوديعه بابتسامة مشرقة.
د تجد متسعا من الوقت لأية أعمال ترغب أو يطلب إليها إنجازها.
3 التخلص من الرتابة: ويعني هنا أن تكرار وقت الفراغ في أوقات بعينها يمكن الاستفادة
منه، بأن تخصص المرأة جزءا منها للقراءة، أو اكتساب مهارة مفيدة، أو ممارسة رياضة، ما
يعني استخدام جزء من الوقت الضائع
يوميا في أشياء نافعة مفيدة، فمثلا الالتزام بساعة يوميا لمدة سنة، تمنحك 360 ساعة سنويا،
وهي مدة كافية لعمل أشياء جميلة، مثل:
أ حفظ عشرة أجزاء من القرآن أو أكثر.
ب تعلم أساليب القراءة السريعة.
ج اكتساب حرفة أو مهارة جديدة.
د تعليم مجموعة من الأميين مهارتي القراءة والكتابة…إلخ.
4 التركيز وعدم التشتت؛ لأن كثيرا من الوقت يضيع في تجزئة العمل وتشتيته، والأفضل أن
تركز المرأة اهتمامها في أهم عمل بين يديها، ولا تلتفت لغيره حتى تنتهي منه، لا
أن تبدا عملا ثم يلوح لها آخر، فتقفز إليه قبل إتمام ما بدأته.
5 اجتهدي أن تتصرفي بذكاء مع زائراتك المفاجئات، فلا تدعينهن يمنعنك من إنجاز مهامك الملحة،
وإنما يمكنك بلباقة أن تجعلينهن يساعدنك، أو على الأقل يقدرن انشغالك عنهن.