بعد أن تم بناء مسجد قبة الصخرة في القدس في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن
مروان ، قام الخليفة ببناء الباب الرئيسي للمسجد ، وقام بعض الولاة والأمراء ببناء بقية
الأبواب حتى يفوزوا بهذا الشرف ، وكان الباب الذي بناه الحجاج بن يوسف الثقفي أمير
العراق يقع بجانب باب الخليفة .
وذات يوم عاصف ممطر كثير الصواعق من أيام الشتاء ، نزلت صاعقة من السماء فأحرقت
باب الخليفة عبدالملك ولم تصب باب الحجاج رغم قربه منه ، فاغتم الخليفة وتشائم من
ذلك ، وعندما بلغت الحادثة الحجاج في العراق ، أخذ رقعة وكتب عليها كلمات ثم
ختمها وبعث بها مع رسول إلى الخليفة في الحال ، وعندما فتحها الخليفة وإذ بها
:
بعد السلام ، بلغني أن صاعقة نزلت من السماء فأحرقت باب أمير المؤمنين ولم تحرق
باب الحجاج ، وما أنا وأنت يا أمير المؤمنين إلا كإبني آدم { إذ قربا
قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر } !
فتبسم الخليفة وقد سري عنه بعد هذه الكلمات …
– 2 –
السهم النافذ ؟
جاء في المنتظم لابن الجوزي في حوادث سنة 262 ه :
قال أبو عون الفرائضي : خرجت إلى مجلس أحمد بن منصور الزيادي سنة 262 ه
، فلما صرت بطاق الحراني رأيت رجلا قد أمر بالقبض على امراة ، وأمر بجرها
فقالت له : اتق الله ، فأمر أن تجر ، فلم تزل تناشده الله وهو
يأمر بجرها إلى باب القنطرة ، فلما يئست من نفسها رفعت رأسها إلى السماء ثم
قالت : { قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك
فيما كانوا فيه يختلفون } إن كان هذا الرجل يظلمني فخذه .
قال الفرائضي : فوقع الرجل على ظهره ميتا وأنا أراه ، فحمل على جنازة وانصرفت
المرأة !
– 3 –
مروءة أبي دلف ؟
ذكروا أن جارا لأبي دلف ببغداد لزمه كبير دين فادح ، حتى احتاج إلى بيع
داره ، فسألهم ألفي دينار ، فقالوا له : إن دارك تساوي خمسمائة فقط !
فقال : وجواري من أبي دلف بألف وخمسمائة !
فبلغ أبا دلف ذلك ، فأمر بقضاء دينه ، وقال : لا تبع دارك ولا
تنتقل من جوارنا .
وأبو دلف هذا هو القاسم بن عيسى العجلي ، كان قائدا عباسيا في زمن المأمون
، وهو الذي قيلت به القصيدة المشهورة ذاد ورد الغي والتي قالها الشاعر علي بن
جبله الملقب بالعكوك ، وتسببت في مقتله على ما ذكر أهل التاريخ ومنها :
إنما الدنيا أبو دلف .. بين مبداه ومحتضره
فإذا ولا أبو دلف .. ولت الدنيا على أثره
كل من في الأرض من عرب .. بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمة .. يكتسبها يوم مفتخره
– 4 –
غرور الجرمي وعلم الأصمعي
قال أبو عمر الجرمي يوما في مجلس الأصمعي : أنا أعلم الناس بالنحو !
فسكت عنه الأصمعي ساعة ثم قال : يا أبا عمر ، كيف تنشد :
قد كن يكنن الوجوه تسترا .. فالآن حين بدين للنظار
كيف تقول : بدين أو بدأن ؟
قال أبو عمر : بدأن .
فقال الأصمعي : يا أبا عمر أنت أعلم الناس بالنحو – يمازحه – وإنما هو
بدون ، لأنه من بدا يبدو ، أي يظهرن .
– 5 –
ابن شميل وأهل البصرة ؟
لما ضاقت معيشة النضر بن شميل بالبصرة خرج يريد خراسان ، فشيعه من أهلها نحو
ثلاثة آلاف رجل ، مافيهم إلا محدث أو نحوي أو عروضي أو إخباري أو لغوي
، فلما صار بالملبد إلتفت إليهم وقال : ( يا أهل البصرة يعز علي أن
أفارقكم ، ووالله لو وجدت كل يوم باقلاء ما فارقتكم ) ، فلم يكن فيهم
من تكفل له بذلك !