مواضيع للرجال للنساء

قصة ياجوج وماجوج

بالصور قصة ياجوج وماجوج

بالصور قصة ياجوج وماجوج

لقد اورد كثير من المؤرخين والمفسرين اخبارا عجيبة وروايات غريبة عن ياجوج وماجوج، ذكروا في
هذه الروايات والاخبار اصلهم، ونسبهم، واشكالهم، والوانهم، ومكانهم!!

وهذه الاخبار والروايات لا تعدو ان تكون مجرد خرافات واوهام وخيالات واساطير، لانها اخذت من
الاسرائيليات.

اخذت من غير المصادر اليقينية اي القران والسنة النبوية الصحيحة، فلا يجوز لاحد بحال ان
يتكلم في مثل هذه الامور الغيبية الا بالدليل الصريح من القران او بالدليل الصحيح من
سنة النبي عليه الصلاة والسلام.

فلسنا في حاجة على الاطلاق لان نلهث وراء الاسرائيليات والاخبار العجيبة والموضوعة لنتكلم عن ياجوج
وماجوج او عن ذي القرنين ،وانما يجب علينا جميعا ان نقف عند النص اليقيني في
كتاب ربنا وفي سنة الحبيب نبينا ففيه الغنى.

ياجوج وماجوج امتان من البشر من ذرية ادم عليه السلام يتميزان عن بقية البشر بالاجتياح
المروع والكثرة الكاثرة في العدد والتخريب والافساد في الارض بصورة لم يسبق لها مثيل.

وقال المحققون من اهل اللغة نقلا عن ابن منظور في لسان العرب وغيره قالوا :

ياجوج وماجوج اسمان اعجميان مشتقان من اجيج النار اي من التهابها ومن الماء الاجاج وهو
الشديد الملوحة والحرارة .

فشبهوهم بالنار المضطرمة المتاججة وبالمياه الحارة المحرقة المتموجة لكثرة تقلبهم، واضطرابهم، وتخريبهم، وافسادهم في الارض
.

هذا هو التاصيل اللغوي الذي لابد منه بداية حتى لا نطلق لخيالنا العنان لنلهث وراء
الخرافات والاساطير والاوهام .

لذا اخبرنا المصطفى ان ياجوج وماجوج هم بعث النار يوم القيامة وهذا هو عنصرنا الثاني
من عناصر اللقاء:

ثانيا: بعث النار:

ففي الصحيحين من حديث ابى سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي قال: ((يقول الله
يوم القيامة: يا ادم فيقول ادم: لبيك وسعديك والخير في يديك فيقول الله جل وعلا:
اخرج بعث النار فيقول ادم عليه السلام: وما بعث النار يا رب؟، فيقول الملك: من
كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون الى جهنم، وواحد الى الجنة)) فشق ذلك على اصحاب النبي
المختار، وفي رواية ((فيئس القوم حتى ما ابدوا بضاحكة))، وفي رواية ((فبكى اصحاب الرسول وقالوا:
يا رسول الله واينا ذلك الواحد))؟ فقال المصطفى (ابشروا! ابشروا! فمن ياجوج وماجوج تسعمائة وتسعة
وتسعون ومنكم واحد)) ثم قال المصطفى : ((والذي نفسي بيده اني لارجو ان تكونوا ربع
اهل الجنة)) فكبرنا. قال: ((والذي نفسي بيده اني لارجو ان تكونوا ثلث اهل الجنة)) فكبرنا
. فقال المصطفى في الثالثة: ((والله لارجو ان تكونوا نصف اهل الجنة)).

امة النبي امة مرحومة.. امة النبي امة ميمونة .

و كدت باخمصي اطا الثريا

ومما زادني فخرا وتيها

وان ارسلت احمد لي نبيا

دخولي تحت قولك يا عبادي

اسجد له شكرا انك من امة الحبيب محمد ، فامة المصطفى امة مرحومة اثنى عليها
ربها واثنى عليها نبيها .

قال الله لها: كنتم خير امة اخرجت للناس .

قال الله لها: وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا
[البقرة: 143] .

وفى الحديث الذي رواه الترمذي واحمد وابن ماجه بسند حسن قال المصطفى : ((انتم موفون
سبعون امة انتم خيرها واكرمها على الله جل وعلا))([2]).

انتم خير الامم.. انتم اكرم الامم على الله جل وعلا .

بل وفي صحيح البخاري من حديث ابى سعيد الخدري ان الحبيب النبي قال: ((يدعى نوح
يوم القيامة فيقال له: يا نوح هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم يا رب. فيدعى قومه
ويقال لهم: هل بلغكم نوح؟ فيقول قوم نوح: لا ما اتانا من نذير، وما اتانا
من احد، فيقول الحق جل وعلا: وهو اعلم، من يشهد لك يا نوح؟ فيقول نوح:
يشهد لي محمد وامته، يقول المصطفى: فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم ادعى فاشهد عليكم ))([3]).

وذلك قول الله جل وعلا : وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون
الرسول عليكم شهيدا .

بل ومن الاحاديث الممتعة التي تبين فضل السابقين واللاحقين من امة سيد النبيين ما رواه
البخاري ومسلم من حديث ابى هريرة ان النبي اتى المقبرة يوما فقال: ((السلام عليكم دار
قوم مؤمنين انتم السابقون وانا ان شاء الله بكم لاحقون)) ثم قال الحبيب 0: ((وددت
انا قد راينا اخواننا)) فقال الصحابة: او لسنا اخوانك يا رسول الله؟ قال : ((انتم
اصحابي، واخواننا قوم لم ياتوا بعد)) فقال الصحابة: فكيف تعرف من لم يات بعد من
امتك يا رسول الله؟ فقال المصطفى : ((ارايت لو ان رجلا له خيل غر محجلة
بين ظهري خيل دهم بهم (اي سود) الا يعرف خيله))؟ قالوا: بلى يا رسول الله،
فقال المصطفى : ((فانهم ياتون غرا محجلين من الوضوء ))([4]).

احبتي في الله:

اقف الان وحضراتكم مع هذا الحوار الجميل بين ذي القرنين وقوم تعرضوا للفساد والايذاء على
ايدي ياجوج وماجوج وهذا هو عنصرنا الثالث بايجاز .

ثالثا: ذو القرنين وياجوج وماجوج:

لقد حكى الله قصة ذي القرنين في سورة واحدة من سور القران الا وهي سورة
الكهف قال الله تعالى: ويسالونك عن ذي القرنين قل ساتلو عليكم منه ذكرا انا مكنا
له في الارض وءاتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا حتى اذا بلغ مغرب الشمس
وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين اما ان تعذب واما
ان تتخذ فيهم حسنا قال اما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه
عذابا نكرا واما من ءامن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من امرنا يسرا
ثم اتبع سببا حتى اذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم
من دونها سترا كذلك وقد احطنا بما لديه خبرا ثم اتبع سببا حتى اذا بلغ
بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قالوا ياذا القرنين ان ياجوج
وماجوج مفسدون في الارض فهل نجعل لك خرجا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا قال
ما مكني فيه ربي خير فاعينوني بقوة اجعل بينكم وبينهم ردما ءاتوني زبر الحديد حتى
اذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى اذا جعله نارا قال ءاتوني افرغ عليه قطرا
فما اسطاعوا ان يظهروه وما استطاعوا له نقبا قال هذا رحمة من ربي فاذا جاء
وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا [الكهف:83-98].

هذه هي قصة ذي القرنين مع ياجوج وماجوج واقول لك ان قصة ذي القرنين هي
الاخرى قد نسج حولها من الاساطير والخرافات والخيالات والاوهام ما يندى له جبين التحقيق خجلا
وحياء.

لا يجوز لاحد يحترم علمه وعقله ان يتجاوز النص القراني في قصة ذي القرنين فما
ذكره الله في القران عن ذي القرنين فيه الغنى وفيه الكفاية، ولسنا في حاجة لان
نلهث وراء الاسرائيليات لننسج حول شخصية ذى القرنين الاساطير والخرافات والاوهام .

والان ادعوك لنتجول سويا لنتعرف على قصة ذي القرنين مع ياجوج وماجوج بالنص القراني والتفسير
اليسير.

ذو القرنين عبد صالح اختلف اهل التفسير في نبوته لكن لا يستطيع احد ان يجزم
بذلك.

والقصة تبدا بسؤال المشركين للنبي المصطفى وياتي الجواب من الله جل وعلا: “قل” يا محمد،
وكلمة “قل” يسميها علماء التفسير وعلماء اللغة قل التلقينيه اي القصة ليست من عند رسول
الله بل هي وحي من عند الله جل وعلا: قل ساتلو عليكم منه ذكرا :
كلمة ” منه ” التبعيضية: اي ساتلوا عليكم بعض الشيء من قصة ذي القرنين ولو
علم الله في الزيادة عن النص القراني خيرا لذكرها لنا فلنقف عند ما ورد في
القران وما ثبت في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: انا مكنا له في الارض :
تدبر … فمن الذي مكن لذي القرنين؟

فالتمكين ان نقبت عنه في القران سترى انه في كل مرة وردت لفظة التمكين تنسب
الى الله رب العالمين، وهذه القاعدة البلاغية تؤصل في القلوب قاعدة ايمانية .

فالذي يمكن للدول والامم والشعوب هو الله، فيجب علينا جميعا ان نعلق قلوبنا بالملك الذي
يفعل كل شيء، مع الاخذ بالاسباب فهذا من حقيقة التوكل على الله .

لا تسود امة الا باذن الله ولا تزول امة الا باذن الله .

قال تعالى: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز
من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير [ال عمران:26].

انا مكنا له في الارض وءاتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا . اخذ بهذه
الاسباب والوسائل للتمكين والنصر والفتح والظهور .

الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله
عاقبة الامور [الحج:41].

فهناك من الامم من يمكن الله لها فتاخذ باسباب التمكين فيزيدها الله ثباتا وتمكينا فان
فرطت اذهب الله عنها التمكين. وهناك من الناس من اذا مكن الله له اخذ بوسائل
التمكين فزاده الله رفعة ونصرا فان فرط في هذه الاسباب والوسائل امر الله عز وجل
بزاوله وهلاكه .

وءاتيناه من كل شيء سببا . اعطاه من الاسباب ما يستطيع ان يفتح وان ينتصر
وان يجوب البلاد شرقا وغربا .

يبدا ذو القرنين الرحلة الجهادية الاولى في سبيل الله نحو المغرب .

حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما .

ومن المعلوم انه ليس للشمس مشرقا واحدا ولا مغربا واحدا بل لها عدة مشارق ومغارب
.

قال الله تعالى: فلا اقسم برب المشارق والمغارب انا لقادرون [المعارج:40].

فالشمس لها مشارق ومغارب بحسب فصول السنة وايامها وشهورها، لها مشارق ومغارب بحسب المكان، لها
مشارق ومغارب بحسب رؤية الرائي الى قرص الشمس اثناء الشروق او الغروب .

قلنا يا ذا القرنين اما ان تعذب واما ان تتخذ فيهم حسنا .

فبين ذو القرنين منهجه العادل ودستوره الحكيم، فقال كما ذكر في كتاب ربنا: قال اما
من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا واما من ءامن وعمل
صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من امرنا يسرا .

واما من ظلم نفسه بالشرك وعدم اتباعي فسوف اعذبه وله عند الله العذاب العظيم، اما
من اتبعني وامن بما جئت به ووحد الله واستقام على منهج الله فله الحسنى وهى
الجنة، اما من ناحيتي فسنقول له يسرا .

ثم انطلق نحو المشرق في رحلة ثانية :

حتى اذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا
. لا يحمى هؤلاء الناس والقوم شيء على الاطلاق، لا يحول بينهم وبين الشمس شيء.

كذلك وقد احطنا بما لديه خبرا : اي علم الله عز وجل كل ما يدور
في قلبه وفي نفسه.

وتبدا الرحلة الثالثة التي هي محل الشاهد في موضوعنا:

حتى اذا بلغ بين السدين والسدين: الجبلين العظيمين .

وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا .

لا يعرفون لغة ذي القرنين او لا يستطيعون ان ينفتحوا على غيرهم من الامم، فهم
قوم منعزلون على انفسهم، تعرضوا الى اشد الهجمات واعنف الضربات على يدي ياجوج وماجوج، فلما
راوا ذا القرنين الملك الفاتح العادل توسلوا اليه وانطلقوا وقوفا بين يديه وقالوا: يا ذا
القرنين ان ياجوج وماجوج مفسدون في الارض فهل نجعل لك خرجا على ان تجعل بيننا
وبينهم سدا .

هؤلاء القوم يقولون لذي القرنين هل نبذل لك من اموالنا ما تشاء وما تريد على
ان تبنى لنا سدا منيعا يحمينا من ياجوج وماجوج .

فرد عليهم بزهد وورع وقال: قال ما مكني فيه ربي خير .

لقد اعطاني الله عز وجل من وسائل التمكين ما اغنانى به عن مالكم ولكنه لمح
فيهم الكسل، فاراد ان يشركهم في هذا المشروع العظيم وفي هذا العمل الضخم، فقال لهم
ولكن!

فاعينوني بقوة اجعل بينكم وبينهم ردما . اي قال بلغة العصر: التخطيط الهندسي والمعماري والانفاق
المادي لبناء هذا السد ولاقامة هذا المشروع، سنتكفل نحن بذلك، ولكننا في حاجة الى العمال،
في حاجة الى عمالة يحملون ويبنون ويقيمون هذا العمل: فاعينوني بقوة اجعل بينكم وبينهم ردما
.

وبدا ذو القرنين المهندس البارع الذي سبق علماء الهندسة المعاصرين بعدة قرون .

امر بالبدء في المرحلة الاولى من مراحل هذا المشروع .

ءاتوني زبر الحديد : اي اجمعوا لي قطع الحديد الضخمة وامرهم بوضع هذه القطع في
مكان ضيق بين هذين السدين، فلما وضعت قطع الحديد حتى ساوت قمة الجبلين قال: انفخوا
النار المشتعلة التي تصهر هذا الحديد، ولك ان تتصور حجم هذه النيران التي اشتعلت لتصهر
اطنانا من الحديد لا يعلم وزنها الا العزيز الحميد، اشتعلت النيران تحت هذا الحديد بين
السدين في مكان ضيق، يريد ان يسد على ياجوج وماجوج الطريق الذي ينفذون منه الى
هذه الامم المسكينة المغلوبة على امرها .

فاشعل النيران حتى انصهر الحديد وذاب بين السدين اي بين الجبلين، فامر ذو القرنين ان
يدخلوا في المرحلة الثانية من مراحل البناء، الا وهي ان يذيبوا النحاس حتى ينصهر .

فلما انصهر النحاس امرهم بصب النحاس على الحديد فتخلل النحاس الحديد فاصبح النحاس والحديد معدنا
واحدا ليزداد صلابة وقوة فلا تستطع يدى ياجوج وماجوج ان تتسلقه او ان تنقبه .

وبذلك يكون ذو القرنين قد سبق العلم المعاصر في تقوية الحديد بالنحاس فلما ساوى بين
الصدفين بهذا الحديد وبهذا النحاس ليبين لنا سمات القيادة الفذة الناجحة التي تستطيع ان تجمع
بين الخيوط والخطوط .

التي تستطيع ان تجمع بين المواهب والطاقات والقدرات والامكانيات لتستغل الموارد والطاقات اعظم استغلال.

ذو القرنين يبين لنا سمات القيادة الناجحة، وما احوج الامة الى هذه القيادة الفذة، فلما
نظر الى هذا السد العظيم لم تسكره نشوة القوة والعلم، لم يقل فن الادارة!!

لم يقل: انما اوتيته على علم عندي!! وانما نسب الفضل لصاحب الفضل جل وعلا فقال:
قال هذا رحمة من ربي فاذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا

درس عظيم .. هذا رحمة من ربي ثم بين للحضور معتقده الصافي في الايمان بالبعث
والايمان بيوم القيامة فقال لهم ان الذي امر ببناء هذا السد هو الله، وان الذي
امر بحجز ياجوج وماجوج هو الله، وان الذي سياذن لهم بالخروج هو الله، وحتما سياتي
يوم على هذا السد المنيع ليجعله الله عز وجل دكاء اي ليسويه بالارض وذلك لا
يكون الا بين يدي الساعة كما سيسوى جبال الارض كلها بالارض .

فاذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا .

هكذا يبين ذو القرنين العقيدة الصافية في الايمان بالبعث، في الايمان بيوم القيامة وعلامته الكبرى
حين ياذن الحق تبارك وتعالى لياجوج وماجوج في الخروج حينئذ يستطيعون ان ينفذوا هذا السد
ويخرجوا وهذا هو عنصرنا الرابع من عناصر هذا اللقاء:

رابعا: خروجهم بين يدي الساعة:

في صحيح البخاري من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها: ان النبي دخل عليها
يوما فزعا وهو يقول: ((لا اله الا الله، لا اله الا الله ويل للعرب من
شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم ياجوج وماجوج مثل هذه)) وحلق باصبعه السبابة والابهام
فقالت زينب بنت جحش: يا رسول الله انهلك وفينا الصالحون فقال المصطفى(نعم اذا كثر الخبث))(4).

يهلك الصالح والطالح ويبعث الله الصالحين والطالحين على نياتهم .

وتدبر معي هذا الحديث: الذي رواه احمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم في المستدرك
وصحح الحاكم الحديث على شرط الشيخين واقر الحاكم الذهبي والالباني في السلسلة الصحيحة من حديث
ابي هريرة ان الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى قال: ((ان ياجوج وماجوج يحفرون
السد كل يوم، حتى اذا كادوا يرون شعاع الشمس قالوا: ارجعوا فستحفرونه غدا فيرجعون فيعيد
الله السد اشد مما كان، حتى اذا اراد الله ان يبعثهم خرجوا يحفرون السد فقال
الذي عليهم اذا ما راوا شعاع الشمس: ارجعوا وستحفروه غدا ان شاء الله تعالى فيعودون
فيرون السد كهيئته التي تركوه عليها فيحفرونه ويخرجون))(5)

وفي رواية مسلم في حديث النواس بن سمعان ((فيمرون على بحيرة طبرية فاذا مر اوائل
ياجوج وماجوج شربوا ماء البحيرة كله فاذا مر اخرهم قال: لقد كان في هذه البحيره
ماء)).

فيخرجون فيخاف الناس ويتحصنون منهم في الحصون، يتركون لهم الشوارع والطرقات لا قدرة لاحد بقتالهم
كما ساذكر في رواية النواس بن سمعان قال المصطفى : ((اوحى الله الى عيسى: يا
عيسى اني قد بعثت قوما (اي ياجوج وماجوج) لا يدان لاحد بقتالهم (اي لا طاقة
لاحد بقتالهم) فحرز عبادي الى الطور اي اجمع عبادي من المؤمنين الى جبل الطور في
سيناء)). ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيقول ياجوج وماجوج: لقد قتلنا اهل الارض تعالوا لنقتل
اهل السماء.

انظر الى الفجور!! وبهذه العبارة فقط تستطيع ان تتصور حجم الفساد في الارض اذ تجرا
هؤلاء وفكروا في ان يقاتلوا اهل السماء وبالفعل يوجهون النشاب (اي السهام) الى السماء فيريد
الملك ان يبتليهم فيرد الله عليهم نشابهم ملطخة دما فتنة من الله تعالى فيقولون قهرنا
اهل الارض وعلونا اهل السماء. في الوقت الذي تبتلى فيه الارض بهذه الفتنة تكون فتنة
اخرى عصفت باهل الارض عصفا الا وهى فتنة الدجال فينزل عيسى عليه السلام .
خامسا: عيسى بن مريم والدعاء المستجاب:

ينزل الله تعالى عيسى عليه السلام كما في حديث النواس بن سمعان الذي رواه مسلم
قال المصطفى: ((فبينما هو كذلك (اي الدجال) اذ انزل الله عز وجل عيسى بن مريم
عند المنارة البيضاء شرقى دمشق بين مهرودتين (اى ثوبين مصبوغين) واضعا كفيه على اجنحة ملكين
اذا طاطا راسه قطر واذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ)) اذا رفع نبي الله عيسى
راسه تقطر منها الماء كحبات اللؤلؤ الابيض .

يقول المصطفى : ((فيطلب عيسى بن مريم الدجال حتى يدركه بباب لد (مدينة بفلسطين) )).
فيقتل عيسى بن مريم الدجال عليه لعنة الله: ((ثم ياتي عيسى بن مريم قوم قد
عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويبشرهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك اذ اوحى
الله: الى عيسى اني قد اخرجت عبادا لي لا يدان لاحد بقتالهم فحرز عبادي الى
الطور)) (اي لا طاقة ولا قدرة لاحد بقتالهم) يقول المصطفى : ((ويبعث الله ياجوج وماجوج،
وهم من كل حدب ينسلون)). ينتشرون، يغطون وجه الارض من فوق المرتفعات والجبال.

فيمر اوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر اخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة
ماء ويحصر نبي الله عيسى عليه السلام واصحابه فيرغب نبي الله عيسى واصحابه ان يتضرعوا
الى الله عز وجل ان يهلك ياجوج وماجوج فيستجيب الله دعاء عيسى واصحابه من امة
النبي محمد .

اسمع ماذا قال المصطفى : ((فيرسل الله على ياجوج وماجوج النغف)) النغف: هو الدود الصغير.

تدبر قدرة الملك وعظمة الملك، والله ما احوج الامة الى ان تمتلئ قلوبها يقينا بقدرة
الملك جل جلاله.

ما احوجنا الى ان نتعرف على عظمة الله وعلى جلال الله، وعلى قوة الله، وعلى
قدرة الله، فان امر الله بين الكاف والنون .

فيرسل الله عليهم النغف اى الدود الصغير في رقابهم فيهلكهم الحق جل وعلا فيقول المصطفى
: ((فيصبحون فرسى (اي قتلى) كموت نفس واحدة)) في رواية ((يطلب نبى الله عيسى واحدا
من هؤلاء المتحصنين الخائفين ان يخرج وان يبذل نفسه ليرى ماذا فعل ياجوج وماجوج في
الارض فيخرج وهو مستعد للقتل والهلاك فيرى هذه الكرامة والمعجزة والاية فيرجع لنبي الله عيسى
وينادي عليه وعلى اصحابه: ابشروا لقد اهلك الله ياجوج وماجوج )). يقول المصطفى : ((ثم
يهبط نبي الله عيسى مع اصحابه فلا يجدون موضع شبر الا ملاه زهمهم ونتنهم (الزهم:
الدهن والشحم) لا يقوى الناس على هذه الرائحة الكريهة النتنة. فيرغب نبي الله عيسى واصحابه
الى الله ان يطهر الارض من هذه النتن، فيرسل الله عز وجل طيرا كاعناق البخت
(اي كرقاب الابل) فتحملهم فتطرحهم حيثما شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه
بيت مدر ولا وبر فيغسل الارض حتى يتركها كالزلقة (اي تصبح الارض كالمراة في صفائها
ونقائها) وحينئذ يقال للارض انبتي ثمرتك وردى بركتك)). يقول المصطفى : ((فبينما هم كذلك اذ
بعث الله ريحا طيبة تاخذ الناس تحت اباطهم فتقبض هذه الريح روح كل مؤمن ومسلم
ويبقى شرار الناس يتهارجون في الارض تهارج الحمر (اي الحمير) وعليهم تقوم الساعة)).

وبذلك يكون قد انهيت الحديث عن ياجوج وماجوج من المصادر اليقينية من كتاب الله والسنة
الصحيحة، وانصح احبابي ان لا يقفوا بعد ذلك وراء الاساطير والاوهام والاسرائيليات التي وردت في
ذلك.

السابق
القطة فينوس
التالي
صباح الخير سيدي