فقصة يونس بن متى عليه وعلى نبينا ازكى الصلوات واتم التسليم ذكرها الله تعالى في
محكم كتابه بقوله: وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه فنادى في
الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين {الانبياء:87}، وفي قوله: وان
يونس لمن المرسلين * اذ ابق الى الفلك المشحون* فساهم فكان من المدحضين* فالتقمه الحوت
وهو مليم* فلولا انه كان من المسبحين* للبث في بطنه الى يوم يبعثون* فنبذناه بالعراء
وهو سقيم * وانبتنا عليه شجرة من يقطين* وارسلناه الى مئة الف او يزيدون* فامنوا
فمتعناهم الى حين {الصافات}، واشار اليها في قوله ايضا: فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب
الحوت اذ نادى وهو مكظوم {القلم:48}.
فهذه هي قصة يونس عليه السلام كما صورها القران، وفيما ذكر تحصل العبرة والبيان والتطلع
الى ما وراءه مما لا ينبغي من معرفة جميع تفاصيل القصة وجميع جزئياتها مما لا
يفيدنا في ديننا او دنيانا، فالاشتغال بما يفيد وتعلم ما ينفع اولى.
واما ما سالت عنه من مدة لبثه في بطن الحوت وطعامه وشرابه ونحو ذلك من
حركاته، فلم نقف على خبر من كتاب او سنة به فيما اطلعنا عليه غير ما
ذكره ابن كثير في تفسيره عن مدة لبثه في بطن الحوت عن سعيد بن ابي
الحسن البصري قال: مكث في بطن الحوت اربعين يوما. رواه ابن جرير، وقال البغوي في
تفسيره: فمكث فيه اربعين من بين يوم وليلة. وقال عطاء: سبعة ايام. وقيل: ثلاثة ايام.
وقال ابو السعود: قذفه الحوت الى الساحل بعد اربع ساعات كان فيها في بطنه وقيل
بعد ثلاثة ايام. وقال الالوسي: قذفه الى الساحل بعد ساعات. قال الشعبي: التقمه ضحى ولفظه
عشية. وعن قتادة انه بقي في بطنه ثلاثة ايام وهو الذي زعمته اليهود. وعن جعفر
الصادق رضي الله تعالى عنه انه بقي سبعة ايام. وهذه جملة من الاقوال مما ذكر
في مدة لبثه ولم نقف لها على دليل من كتاب او سنة فيما اطلعنا عليه
ولا على خبر بطعامه وشرابه، والاولى كما ذكرنا سابقا ان يعرض المرء عن مثل ذلك
ويشتغل بما ينفعه فيتفقه في دين الله ليكون ممن اراد الله بهم خيرا، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: من يرد الله به خيرا يفقهه
في الدين.
- قصة النبي ورد ذكره في القران الكريم