شجرة الرمان التي فكرت ان تمشي
في طرف من الحقل كانت شجرة الرمان واقفة لوحدها بشموخ. اكتست اوراقها بعد المطر خضرة
زاهية فاصبحت تجذب الانظار اليها من كل جانب. في المساء تاوي اليها عصافير الحقل لكي
تنام في اعشاشها التي بنتها على فروع الشجرة. وفي الصباح يصنع الاطفال من الحبال ارجوحة
ويربطونها باغلظ فروعها، ويقضون وقتهم في فرح وحبور.
اجتمعت الحيوانات في ظهيرة يوم صائف تحت ظل شجرة الرمان واخذت تتجاذب اطراف الحديث. كان
الكلب يتحدث عن مغامراته في الحقول البعيدة عندما لاحظ القط ان شجرة الرمان صامتة، وان
مسحة من الكابة بادية عليها. التفت اليها وسالها عما بها، فقالت بصوت حزين:
– اريد ان امشي مثلكم. مللت المكوث هنا في طرف الحقل! اريد ان انتقل من
مكان الى اخر كما تفعلون!
دهشت الحيوانات لرغبة شجرة الرمان، ولم تجد جوابا قبل ان تغادر ويعود كل الى مكانه.
عندما حل الليل، اخذت شجرة الرمان تفكر كثيرا وتتخيل بانها تمشي. كانت تقول لنفسها بانها
ستكون الاسرع، ولن يجاريها في مشيتها احد بسبب ساقها الطويلة. وبينما هي مستغرقة في التفكير
اتاها فار كبير يبدو انه شيخ الفئران. مشى بخفة على جذعها وكانه يريد ان يوقظها
وحدها دون الاخرين. فلما تنبهت اليه، حدثها قائلا:
– اني سمعت ما قلته اليوم لسائر الحيوانات. واني قادر على مساعدتك في تنفيذ رغبتك!
لم تصدق الشجرة قول الفار، وقالت مستفهمة:
– كيف لك ان تساعدني؟ انك ضئيل الحجم، ولا اظنك تقوى على مساعدتي!
لكن الفار اجابها بتفاخر:
– بل استطيع. ان ما يعيقك عن المشي هو ان جذورك ضاربة في الارض. ولو
استعنت بفئراني لحفرنا حول جذورك حتى تتمكني من المشي كما تشائين!
صمتت شجرة الرمان برهة ثم قالت للفار:
– ولو طلبت منك مساعدتي، هل لك ان تفعل؟
اجاب الفار بثقة:
– نعم، ولكن بشرط ان نحصل على كل الثمار التي تحملها اغصانك الان!
شعرت شجرة الرمان بانها قريبة من تحقيق حلمها، ووافقت على الفور. كما طلبت من الفار
ان يجعل الامر سرا حتى ينتهي من الحفر وتتمكن من المشي. وهكذا، نادى الفار باقي
الفئران وبدؤوا في الحفر حول جذع شجرة الرمان. يحفرون كل ليلة حتى قبل ان تطلع
الشمس بقليل ثم يتوقفون، لئلا يراهم صاحب الحقل او باقي الحيوانات. كانت شجرة الرمان تميل
رويدا رويدا، ولم يمض اسبوع حتى سقطت كاملة على جنبها. فاسرعت الفئران في التقاط ثمار
الرمان بجشع واخذها الى جحورهم. في تلك الاثناء كانت شجرة الرمان تحاول ان تمشي، لكنها
لم تستطع ان تتحرك خطوة واحدة. اخذت تنادي باسم الفار الكبير الذي كان مشغولا عنها
بجمع ثمارها. ازداد حزنها وصاحت كثيرا دون جدوى.
في الصباح كانت دهشة الجميع كبيرة عندما رؤوا شجرة الرمان تبكي وهي ساقطة على جنبها،
وليس على اغصانها ثمرة واحدة. بحثوا في الحقل كله عن اثر للفئران، ولكنهم لم يعثروا
على شيء، لان الفئران قد حفرت جحورا لها في مكان بعيد واخذت معها كل ثمار
الرمان!
- اجمل شجرة رمان
- شجرة رمان