ابو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي (40 – 95 ه = 660 – 714 م)،
قائد اموي، داهية، سفاك، خطيب. ولد ونشا في الطائف وانتقل الى الشام فلحق بروح بن
زنباع نائب عبد الملك بن مروان فكان في عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى
قلده عبد الملك امر عسكره.
امره عبد الملك بقتال عبد الله بن الزبير، فزحف الى الحجاز بجيش كبير وقتل عبد
الله وفرق جموعه، فولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف، ثم اضاف اليها العراق والثورة قائمة
فيه، فانصرف الى الكوفة في ثمانية او تسعة رجال على النجائب، فقمع الثورة وثبتت له
الامارة عشرين سنة.
بنى مدينة واسط. ومات بها، واجري على قبره الماء، فاندرس. وكان سفاكا سفاحا مرعبا باتفاق
معظم المؤرخين. عرف بالمبير اي المبيد.[1]
ختم الحجاج بن يوسف الثقفي
محتويات [اخف] 1 نسبه
2 نشاته
3 حرب مكة
4 ولاية الحجاج على الحجاز
5 ولاية الحجاج على العراق
6 حروب الخوارج
7 ثورة ابن الاشعث
8 ولاية الوليد
9 وفاة الحجاج
10 اراء فيه
11 ميراث الحجاج
12 مذهبه في الحكم
13 الحجاج واهل العراق والشام
14 وصف تاريخي
15 الحجاج في الذاكرة
16 انظر ايضا
17 المصادر
18 المراجع
نسبه[عدل] هو ابو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن ابي عقيل بن مسعود بن
عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف،
السفياني الثقفي.[2] نشاته[عدل] ولد في منازل ثقيف بمدينة الطائف، في عام الجماعة 41 ه. وكان
اسمه كليب ثم ابدله بالحجاج. وامه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي الصحابي
الشهيد. نشا في الطائف، وتعلم القران والحديث والفصاحة، ثم عمل في مطلع شبابه معلم صبيان
مع ابيه، يعلم الفتية القران والحديث، ويفقههم في الدين، لكنه لم يكن راضيا بعمله هذا،
على الرغم من تاثيره الكبير عليه، فقد اشتهر بتعظيمه للقران.
كانت الطائف تلك الايام بين ولاية عبد الله بن الزبير، وبين ولاية الامويين، لكن اصحاب
عبد الله بن الزبير تجبروا على اهل الطائف، فقرر الحجاج الانطلاق الى الشام، حاضرة الخلافة
الاموية المتعثرة، التي تركها مروان بن الحكم نهبا بين المتحاربين.
قد تختلف الاسباب التي دفعت الحجاج الى اختيار الشام مكانا ليبدا طموحه السياسي منه رغم
بعد المسافة بينها وبين الطائف، وقرب مكة اليه، لكن يعتقد ان السبب الاكبر كراهته لولاية
عبد الله بن الزبير.
في الشام، التحق بشرطة الامارة التي كانت تعاني من مشاكل جمة، منها سوء التنظيم، واستخفاف
افراد الشرطة بالنظام، وقلة المجندين. فابدى حماسة وانضباطا، وسارع الى تنبيه اولياء الامر لكل خطا
او خلل، واخذ نفسه بالشدة، فقربه روح بن زنباع قائد الشرطة اليه، ورفع مكانته، ورقاه
فوق اصحابه، فاخذهم بالشدة، وعاقبهم لادنى خلل، فضبطهم، وسير امورهم بالطاعة المطلقة لاولياء الامر.
راى فيه روح بن زنباع العزيمة والقوة الماضية، فقدمه الى الخليفة عبد الملك بن مروان،
وكان داهية مقداما، جمع الدولة الاموية وحماها من السقوط، فاسسها من جديد.
اذ ان الشرطة كانت في حالة سيئة، وقد استهون جند الامارة عملهم فتهاونوا، فاهم امرهم
عبد الملك بن مروان، وعندها اشار عليه روح بن زنباع بتعيين الحجاج عليهم، فلما عينه،
اسرف في عقوبة المخالفين، وضبط امور الشرطة، فما عاد منهم تراخ، ولا لهو. الا جماعة
روح بن زنباع، فجاء الحجاج يوما على رؤوسهم وهم ياكلون، فنهاهم عن ذلك في عملهم،
لكنهم لم ينتهوا، ودعوه معهم الى طعامهم، فامر بهم، فحبسوا، واحرقت سرادقهم. فشكاه روح بن
زنباع الى الخليفة، فدعا الحجاج وساله عما حمله على فعله هذا، فقال انما انت من
فعل يا امير المؤمنين، فانا يدك وسوطك، واشار عليه بتعويض روح بن زنباع دون كسر
امره.
وكان عبد الملك بن مروان قد قرر تسيير الجيوش لمحاربة الخارجين على الدولة، فضم الحجاج
الى الجيش الذي قاده بنفسه لحرب مصعب بن الزبير.
ولم يكن اهل الشام يخرجون في الجيوش، فطلب الحجاج من الخليفة ان يسلطه عليهم، ففعل.
فاعلن الحجاج ان ايما رجل قدر على حمل السلاح ولم يخرج معه، امهله ثلاثا، ثم
قتله، واحرق داره، وانتهب ماله، ثم طاف بالبيوت باحثا عن المتخلفين. وبدا الحجاج بقتل احد
المعترضين عليه، فاطاعه الجميع، وخرجوا معه، بالجبر لا الاختيار.
حرب مكة[عدل] في 73 ه قرر عبد الملك بن مروان التخلص من عبد الله بن
الزبير، فجهز جيشا ضخما لمنازلة ابن الزبير في مكة، وامر عليه الحجاج بن يوسف، فخرج
بجيشه الى الطائف، وانتظر الخليفة ليزوده بمزيد من الجيوش، فتوالت الجيوش اليه حتى تقوى تماما،
فسار الى مكة وحاصر ابن الزبير فيها، وهنا يزعم البعض بان الحجاج قد ضرب الكعبة
بالمنجنيق حتى هدمها، وعلى هذا رد عليها ابن تيمية، فيقول في الجواب الصحيح (5|264): «والحجاج
بن يوسف كان معظما للكعبة لم يرمها بمنجنيق». ويقول في الرد على المنطقيين (1|502): «والحجاج
بن يوسف لم يكن عدوا لها ولا اراد هدمها ولا اذاها بوجه من الوجوه ولا
رماها بمنجنيق اصلا». اما حكاية المنجنيق فبها شك من اصلها. فالحجاج قد تقدم جيشه واحتل
الاخشبين (جبل ابي قبيس الذي عليه القصر الملكي اليوم، وجبل قعيقعان)، وهما مطلان على المسجد
الحرام من المشرق والمغرب وقريبين اليه جدا. فما الحاجة للمنجنيق؟ والمسجد الحرام من طابق واحد
غير مرتفع، ومن السهل بمكان على جيش من الاف ان يعلوه ويدخله، وهو ليس مبني
اصلا ليكون حصنا. وهدمه لا يحتاج اكثر من بضعة ايام. فلم طال الحصار الى عدة
شهور؟ وان دل هذا على شيء، فيدل على حرص الحجاج على الكعبة المشرفة…
اعلن الحجاج الامان لمن سلم من اصحاب ابن الزبير، وامنه هو نفسه، غير ان عبد
الله بن الزبير لم يقبل امان الحجاج، وقاتل رغم تفرق اصحابه عنه الذين طمعوا في
امان الحجاج[بحاجة لمصدر] فقتل. وكان لابن الزبير اثنتان وسبعون سنة، وولايته تنوف عن ثماني سنين،
وللحجاج اثنتان وثلاثون سنة.[3] ولاية الحجاج على الحجاز[عدل] قتل الحجاج ابن الزبير وصلبه، وارسل الى
امه ان تاتيه، فابت، فارسل اليها لتاتين او لابعثن من يسحبك بقرونك، فارسلت اليه: والله
لا اتيك حتى تبعث الي من يسحبني بقروني. فلما راى ذلك اتى اليها فقال: كيف
رايتني صنعت بعبد الله؟ قالت: رايتك افسدت عليه دنياه، وافسد عليك اخرتك، وقد بلغني انك
كنت تعيره بابن ذات النطاقين، فقد كان لي نطاق اغطي به طعام رسول الله صلى
الله عليه وسلم من النمل ونطاق لا بد للنساء منه فانصرف ولم يراجعها. وقيل دخل
الحجاج عليها فقال: ان ابنك الحد في هذا البيت، وان الله اذاقه من عذاب اليم.
قالت: كذبت، كان برا بوالديه، صواما قواما، ولكن قد اخبرنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم انه سيخرج من ثقيف كذابان، الاخر منهما شر من الاول، وهو مبير. اسناده قوي
وهذا درس في الصدع بقول الحق امام الجبابرة، لا يقدر عليه الا من اوتي قوة
وشجاعة دين وتوكل.
بعد ان انتصر الحجاج في حربه، اقره عبد الملك بن مروان على ولاية مكة واهل
مكة.وكان واياهم واهل المدينة على خلاف كبير ، وفي 75 ه قدم عبد الملك بن
مروان المدينة ، وخطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، فعزل الحجاج عن الحجاز
لكثرة الشكايات فيه، واقره على العراق.
ولاية الحجاج على العراق[عدل]
درهم عربي ساساني نقش فيه اسم الحجاج باللغة الفهلوية
اسم الحجاج بن يوسف منقوش على العملة باللغة العربية في عام 695 م
دامت ولاية الحجاج على العراق عشرين عاما، وفيها مات. وكانت العراق عراقين، عراق العرب وعراق
العجم، فنزل الحجاج بالكوفة، وكان قد ارسل من امر الناس بالاجتماع في المسجد، ثم دخل
المسجد ملثما بعمامة حمراء، واعتلى المنبر فجلس واصبعه على فمه ناظرا الى المجتمعين في المسجد
فلما ضجوا من سكوته خلع عمامته فجاة وقال خطبته المشهورة التي بداها بقول:
انا ابن جلا وطلاع الثنايا متى اضع العمامة تعرفوني
ومنها:
الحجاج بن يوسف الثقفي
اما والله فاني لاحمل الشر بثقله واحذوه بنعله واجزيه بمثله، والله يا اهل العراق اني
لارى رؤوسا قد اينعت وحان قطافها، واني لصاحبها، والله لكاني انظر الى الدماء بين العمائم
واللحى. ثم قال: والله يا اهل العراق، ان امير المؤمنين عبد الملك نثل كنانة بين
يديه، فعجم عيدانها عودا عودا، فوجدني امرها عودا، واشدها مكسرا، فوجهني اليكم، ورماكم بي. يا
اهل العراق، يا اهل النفاق والشقاق ومساوئ الاخلاق، انكم طالما اوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في
مناخ الضلال، وسننتم سنن الغي، وايم الله لالحونكم لحو العود، ولاقرعنكم قرع المروة، ولاعصبنكم عصب
السلمة ولاضربنكم ضرب غرائب الابل، اني والله لا احلق الا فريت، ولا اعد الا وفيت،
اياي وهذه الزرافات، وقال وما يقول، وكان وما يكون، وما انتم وذاك؟. يا اهل العراق!
انما انتم اهل قرية كانت امنة مطمئنة ياتيها رزقها رغدا من كل مكان، فكفرتم بانعم
الله، فاتاها وعيد القرى من ربها، فاستوسقوا واعتدلوا، ولا تميلوا، واسمعوا واطيعوا، وشايعوا وبايعوا، واعلموا
انه ليس مني الاكثار والابذار والاهذار، ولا مع ذلك النفار والفرار، انما هو انتضاء هذا
السيف، ثم لا يغمد في الشتاء والصيف، حتى يذل الله لامير المؤمنين صعبكم، ويقيم له
اودكم، وصغركم، ثم اني وجدت الصدق من البر، ووجدت البر في الجنة، ووجدت الكذب من
الفجور، ووجدت الفجور في النار، وان امير المؤمنين امرني باعطائكم اعطياتكم واشخاصكم لمجاهدة عدوكم وعدو
امير المؤمنين، وقد امرت لكم بذلك، واجلتكم ثلاثة ايام، واعطيت الله عهدا يؤاخذني به، ويستوفيه
مني، لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه احد لاضربن عنقه. ولينهبن ماله. ثم التفت الى
اهل الشام فقال: يا اهل الشام! انتم البطانة والعشيرة، والله لريحكم اطيب من ريح المسك
الازفر، وانما انتم كما قال الله: “ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت
وفرعها في السماء” والتفت الى اهل العراق فقال: لريحكم انتن من ريح الابخر، وانما انتم
كما قال الله: “ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار”.
اقرا كتاب امير المؤمنين يا غلام: فقال القارئ: ، من عبد الله عبد الملك امير
المؤمنين الى من بالعراق من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فاني احمد اليكم الله، فسكتوا فقال
الحجاج من فوق المنبر: “اسكت يا غلام”، فسكت، فقال:” يا اهل الشقاق، ويا اهل النفاق
ومساوئ الاخلاق. يسلم عليكم امير المؤمنين فلا تردون السلام؟ هذا ادب ابن ابيه؟ والله لئن
بقيت لكم لاؤدبنكم ادبا سوى ادب ابن ابيه، ولتستقيمن لي او لاجعلن لكل امرئ منكم
في جسده وفي نفسه شغلا، اقرا كتاب امير المؤمنين يا غلام”، فقال: فلما بلغ الى
موضع السلام صاحوا وعلى امير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته، فانهاه ودخل قصر الامارة.” .
الحجاج بن يوسف الثقفي
—الحجاج بن يوسف[4] وبين في خطبته سياسته الشديدة، وبين فيها شخصيته، كما القى بها الرعب
في قلوب اهل العراق. ومن العراق حكم الحجاج الجزيرة العربية، فكانت اليمن والبحرين والحجاز، وكذلك
خراسان من المشرق تتبعه، فقاتل الخوارج، والثائرين على الدولة الاموية في معارك كثيرة، فكانت له
الغلبة عليهم في كل الحروب، وبنى واسط، فجعلها عاصمته.
حروب الخوارج[عدل] في عام 76 ه وجه الحجاج زائدة بن قدامة الثقفي لقتال شبيب الشيباني
البكري الوائلي، فكانت الغلبة لشبيب. وفي السنة التي تلتها بعث الحجاج لحرب شبيب: عتاب بن
ورقاء الرباحي، الحارث بن معاوية الثقفي، ابو الورد البصري، طهمان مولى عثمان. فاقتتلوا مع شبيب
في سواد الكوفة، فقتلوا جميعا، وعندها قرر الحجاج الخروج بنفسه، فاقتتل مع شبيب اشد القتال،
وتكاثروا على شبيب فانهزم وقتلت زوجته غزالة الحرورية وكانت تقود النساء الخارجيات ويروى انها نذرت
ان تصلي ركعتين في مسجد الكوفة والحجاج بها تقرا فيهما سورتي البقرة وال عمران ووفت
بنذرها في حماية 70 من جند الخوارج ولم يستطع الحجاج منعها وقيل في ذلك الكثير
من ابيات الشعر ومن اشهرها: “وفت غزالة نذرها رب لا تغفر لها”، فهرب شبيب الى
الاهواز، وتقوى فيها، غير ان فرسه تعثر به في الماء وعليه الدروع الثقيلة فغرق. وقضى
الحجاج على من بقي من اصحابه.
في 79 ه او 80 ه قتل قطري بن الفجاءة راس الخوارج، واتي الحجاج براسه،
بعد حرب طويلة.
ثورة ابن الاشعث[عدل] في 80 ه ولى الحجاج عبد الرحمن بن الاشعث على سجستان، وجهز
له جيشا عظيما للجهاد. فلما استقر ابن الاشعث بها خلع الحجاج، وخرج عليه، وكان ذلك
ابتداء حرب طويلة بينهما. وفي 81 ه قام مع الاشعث اهل البصرة، وقاتلوا الحجاج يوم
عيد الاضحى، وانهزم الحجاج، فقيل كانت اربع وثمانون وقعة في مائة يوم، ثلاث وثمانون على
الحجاج والباقية له. وفي 82 ه استعرت الحرب بين الحجاج وابن الاشعث، وبلغ جيش ابن
الاشعث مبلغا كبيرا من القوة والكثرة، ثم جاءت سنة 83 ه وفيها وقعة دير الجماجم
بين الحجاج وابن الاشعث.كانت من اكثر الوقائع هولا في تاريخ بني امية، وفيها كان له
النصر على الثوار من اصحاب ابن الاشعث. وقتل خلق كثير فيها، وغنم الحجاج شيئا كثيرا.
وكانت تلك معركة الفصل بين الثقفي والكندي. فيها ظفر الحجاج بكل اصحاب ابن الاشعث، بين
قتيل واسير، الا ابن الاشعث، فقد قرر الالتجاء الى رتبيل الا ان الحجاج هدد رتبيل،
بغزو بلاده ان لم يسلمه ابن الاشعث، ووافق رتبيل شريطة الا تغزى بلاده عشر سنين،
وان يؤدي بعد هذه السنين العشر مئة الف درهم في كل سنة. ادرك ابن الاشعث
انه سيسلم الى عمارة بن تميم اللخمي قائد جيش الحجاج، فتحين غفلة من الحرس والقى
بنفسه من فوق القصر فمات واحتز جند رتبيل راسه وارسلوه الى الحجاج سنة 85 ه،
وانتهت بموته ثورة كانت من اقسى الازمات التي واجهتها الدولة الاموية.
ولاية الوليد[عدل] ثم مات عبد الملك بن مروان في 86 ه، وتولى ابنه الوليد بعده،
فاقر الحجاج على كل ما اقره عليه ابوه، وقربه منه اكثر، فاعتمد عليه. كان ذلك
على كره من اخيه وولي عهده سليمان بن عبد الملك، وابن عمه عمر بن عبد
العزيز. وفي ولاية الوليد هدد سليمان بن عبد الملك الحجاج اذا ما تولى الحكم بعد
اخيه، فرد عليه الحجاج مستخفا مما زاد في كره سليمان له ولمظالمه، واذ ذاك كان
قتيبة بن مسلم يواصل فتوحه في المشرق، ففتح بلادا كثيرة في تركستان الشرقية وتركستان الغربية
واشتبكت جيوشه مع جيوش الصين وكان الحجاج من سيره الى تلك البلاد. وفي نفس الوقت
قام ابن اخ الحجاج بفتح بلاد السند (باكستان اليوم).
وفاة الحجاج[عدل] اصيب الحجاج في اخر عمره بما يظهر انه سرطان المعدة. وتوفي بمدينة واسط
في العشر الاخير من رمضان 95 ه (714 م)، قال محمد بن المنكدر: كان عمر
بن عبد العزيز يبغض الحجاج فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت: «اللهم اغفر لي فانهم
زعموا انك لا تفعل». وروى الغساني (لم اعرفه) عن عمر بن عبد العزيز انه قال:
«ما حسدت الحجاج عدو الله على شيء حسدي اياه على: حبه القران واعطائه اهله عليه،
وقوله حين حضرته الوفاة: “اللهم اغفر لي فان الناس يزعمون انك لا تفعل”». وقال الاصمعي:
لما حضرت الحجاج الوفاة انشا يقول:
يا رب قد حلف الاعداء واجتهدوا بانني رجل من ساكني النار
ايحلفون على عمياء؟ ويحهم ما علمهم بكريم العفو غفار؟
ترك الحجاج وصيته، وفيها قال: ، هذا ما اوصى به الحجاج بن يوسف: اوصى بانه
يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمدا عبده ورسوله، وانه
لا يعرف الا طاعة الوليد بن عبد الملك، عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث.. الخ.[5]
ويروى انه قيل له قبل وفاته: الا تتوب؟ فقال: ان كنت مسيئا فليست هذه ساعة
التوبة، وان كنت محسنا فليست ساعة الفزع.[6] وقد ورد ايضا انه دعا فقال: اللهم اغفر
لي فان الناس يزعمون انك لا تفعل.[7][8] دفن في قبر غير معروف المحلة في واسط،
فتفجع عليه الوليد، وجاء اليه الناس من كل الامصار يعزونه في موته، وكان يقول: كان
ابي يقول ان الحجاج جلدة ما بين عينيه، اما انا فاقول انه جلدة وجهي كله.
اراء فيه[عدل] قال الذهبي فيه:
الحجاج بن يوسف الثقفي كان ظلوما، جبارا خبيثا سفاكا للدماء وكان ذا شجاعة واقدام ومكر
ودهاء، وفصاحة وبلاغة، وتعظيم للقران… الى ان قال: فلا نسبه ولا نحبه، بل نبغضه في
الله، فان ذلك من اوثق عرى الايمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وامره الى
الله وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة الامراء الحجاج بن يوسف الثقفي
.[9] قال ابن كثير فيه:
الحجاج بن يوسف الثقفي كان فيه شهامة عظيمة وفي سيفه رهق (الهلاك والظلم)، وكان يغضب
غضب الملوك…وقال ايضا: وكان جبارا عنيدا مقداما على سفك الدماء بادنى شبهة، وقد روي عنه
الفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر، فان كان قد تاب منها واقلع عنها، والا فهو باق
في عهدتها ولكن يخشى انها رويت عنه بنوع من زيادة عليه…،وكان يكثر تلاوه القران ويتجنب
المحارم، ولم يشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج، وان كان متسرعا في سفك الدماء. فلا
نكفر الحجاج، ولا نمدحه، ولا نسبه ونبغضه في الله بسبب تعديه على بعض حدود الله
واحكامه، وامره الى الله الحجاج بن يوسف الثقفي
.[9] كما ان ابن كثير تحدث عن بعض من عينهم الحجاج وكانوا ذوي سمعة طيبة
مثل عروة بن المغيرة بن شعبة حيث ولي امرة الكوفة.
ملاحظة : الحجاج بن يوسف اول من سال عن عدد حروف القران
ميراث الحجاج[عدل] بنى الحجاج واسط، وسير الفتوح لفتح المشرق ، خطط الدولة، وحفظ اركان الدولة
قامعا كل الفتن.
غير ان الحجاج خلف ايضا ميراثا من الظلم وسفك الدماء لم يسبق له مثيل.
كما خلف في قلوب الناس، حتى الامويين، كرها له وحقدا عليه لافعاله، ومنها حرب ابن
الزبير وقتله اياه في مكة، وما فعله في وقعة دير الجماجم.
وحقد عليه الخوارج لعظيم فعله بهم، والشيعة لعدم احترامه ال البيت، وقالوا فيه الكثير حتى
لبسوا سيرته بالخوارق، والامور المغلوطة، وامعنوا في تقبيحه، والنيل منه، حتى صوروه شيطانا.
بقي ميراث الحجاج حيا الى الان، فلا يزال موضع حرب وتطاحن بين المختلفين، ولا تزال
الاخبار المختلقة تخالط سيرته، ولا زال يلعن، ويسب. ويراه الباحثون في التاريخ السياسي نموذجا للطاغية
الظالم سفاك الدماء.
مذهبه في الحكم[عدل] كان الحجاج يرى بتكفير الخارج على السلطان وطرده من الملة، لذلك كان
يرى ما يفعله تقربا لله يرجو به الاجر. وهذا تناقضا في فعل الحجاج في قتل
المتقين من الناس من امثال سعيد بن جبير وبين اعمال الخير التي قام بها كالفتوحات
وتعظيم القران وتنظيم امور المسلمين.
قيل بعد موته ان رجلا رفض الصلاة خلف امام من الخوارج، فقال له احد ائمة
البصرة: انما تصلي لله ليس له، وانما كنا نصلي خلف الحروري الازرقي. قال: ومن ذاك؟
قال: الحجاج بن يوسف، فانك ان خالفته سماك كافرا واخرجك من الملة، فذاك مذهب الحرورية
الازارقة.
الحجاج واهل العراق والشام[عدل] العلاقة بين الحجاج واهل العراق هي من اكثر العلاقات تعقيدا وطرافة،
ومن اكثرها ترويعا في التاريخ الاسلامي، فالحجاج ولي على العراق كارها لاهلها، وهم له كارهون،
واستمرت العلاقة بينهم بالاجبار.
كان الحجاج دائم السب لاهل العراق في خطبه، فكثيرة خطبه التي يذكر فيها اهل العراق
بشكل سيئ، والتي يرى فيها العراقيون اساءة الى اليوم.
فدائما كان يذكرهم:
“يا اهل العراق، يا اهل الشقاق والنفاق….” الى اخر خطبه، والتي يمعن فيها في ذكر
صفاتهم:
“فانكم قد اضجعتم في مراقد الضلالة…”، وغير ذلك من الخطب الكثيرة فيهم، كراهة منه لهم.
ومن ذلك انه لما اراد الحج استخلف ابنه محمد عليهم، وخطب فيهم انه اوصى ولده
بهم بغير وصية الرسول في الانصار، ان يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، فقد اوصاه
الا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم، وقال لهم: اعلم انكم تقولون مقالة لا
يمنعكم من اظهارها الا خوفكم لي، لا احسن الله لك الصحابة، وارد عليكم: لا احسن
الله عليكم الخلافة.
وانهم شمتوا به يوم فجع بولده محمد، واخيه محمد في نفس اليوم، فخطب فيهم متوعدا
اياهم.
ومن ذلك انه مرض فشاع بين الناس موته، فخرج اهل العراق محتفلين بموته، غير انه
قام من مرضه ليخطب فيهم خطبة قال فيها: “وهل ارجو الخير كله الا بعد الموت”
اما اهل الشام فكانوا اكثر الناس محبة للحجاج، واكثرهم نصرة له، وبكاء عليه بعد مماته،
وقيل انهم كانوا يقفون على قبره فيقولون رحم الله ابا محمد. وكان الحجاج محبا لهم،
دائم الاشادة بخصالهم، والرفع من مكانتهم، وكان كثير الاستنصار بهم، ومعظم جيشه كان منهم، وكان
رفيقا بهم.
وصف تاريخي[عدل] كان الحجاج بن يوسف بليغا فصيحا، محبا للشعر كثير الاستشهاد به، معظما للقران
الكريم واياته، كريما، شجاعا، وله مقحمات عظام واخبار مهولة.
الحجاج بن يوسف الثقفي ان الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بايديكم، ولكن عليكم
بالاستكانة والتضرع، فانه تعالى يقول ((ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون))، سورة المؤمنون
اية 76. الحجاج بن يوسف الثقفي
— الحسن البصري[10] الحجاج في الذاكرة[عدل] كان للحجاج الكثير من المواقف والحكم، والحكايات الشهيرة، والاقوال
الفصيحة، والرسائل، والخطب، والتوقيعات، وله مجموعة اشعار متفرقة. فقصص الحجاج واخباره كثيرة جدا، وموجودة في
كتب التاريخ، ما يدل على عظم نفوذه، ولا زالت اقواله باقية الى اليوم، ومذهبه في
الحكم باق الى اليوم. وقيلت فيه الكثير من الابيات بعد موته، والتي تذمه، كما قيل
في حياته.
كما دخل الحجاج في القصص الشعبي، والمخيلة الشعبية، فظهر جشعا طماعا خاطف نساء في حكايات
الف ليلة وليلة، كما صورته المخيلة الشعبية بصور بشعة التي كانت تكتب من قبل الشعوبيين
تلك الفترة وتسلط عليهم الحجاج لبدعهم وتحريفهم في الدين الاسلامي. روى المؤرخ ابن سعد في
كتابه الطبقات الكبير (6/66) ان الحجاج قال وصفا نفسه: “ما اعلم اليوم رجلا على ظهر
الارض هو اجرا على دم مني”
- قصةحجاج