حكاية فتاة اسمها ساره…….. فيها عبره لكل فتاة مغروره
يقولون انني انتمي الى اسرة كل بناتها من الجميلات.. ذلك الجمال العربي المميز.. بالاضافة الى
الذكاء المميز للعائلة، فكنت متفوقة جدا في دراستي.. بل كنت اكثر اخوتي واخواتي تفوقا. فازداد
اعتزاز ابي بي وتدليله لي.. فكان دائما يردد مدى افتخاره بابنته (سارة) الجميلة الذكية وبنظرة
الاب وعطفه هو يرى دائما مميزات ابنته ولا يحاول ان يرى عيوبها مع ان احدا
لا يخلو من العيوب.
في الجامعة كان غروري بالغا.. وكنت اشعر انني استحق الزواج من رجل مميز شكلا وموضوعا..
فانا انسانة مميزة فلم لا احظى برجل تغبطني عليه كل الفتيات وهن اقل مني جمالا
وذكاء؟
كان ابي يرفض كثيرين تقدموا لخطبيتي ولا يراهم جديرين بي، وكان احيانا يخبرني بامرهم وكثيرا
ما يرفضهم دون ان يخبرني، بينما اسخر انا من هؤلاء «المتواضعين» الذين فكروا ولو لحظة
في الزواج مني.. انا سارة المتميزة شكلا وموضوعا..
كنت انتظر رجلا صنع له خيالي صورة مشرقة.. ذلك الرجل الوسيم الذي تنطق ملامحه واخلاقه
بالرجولة.. الكريم الذي يراني اغلى من اموال الكون.. الذي يشغل منصبا رفيعا ولديه من الجاه
ما يجعلني فخورة بانتسابي اليه زوجة امام عائلتي ومجتمعي، لكن من تقدموا لخطبتي كانوا مختلفين
تماما عن ذوقي في اختيار الرجل المناسب.. فهذا رجل لا يجيد التعامل مع المراة فيبدو
جافا متجهما.. وهذا رجل لا يجيد استخدام الشوكة والسكين بل ياكل حتى «المانجو» بيده.. وهذا
بخيل لم يقدم الهدايا اللائقة.. وهذا منصبه اقل من احلامي بكثير.. وهذا رجل من عائلة
ريفية وانا من بنات المدينة.. وهذا يعيش مع امه في مسكن متواضع وانا احلم «بفيلا»
راقية في حي راق.. حسنا سانتظر الرجل الذي
تطابق صورته احلامي ولن اتعجل.. فسياتي هذا الرجل ان شاء الله الجدير بحبي وقلبي.
انهيت دراستي الجامعية بتفوق ولم يات الرجل المناسب لاحلامي وبدات الاعداد للماجستير ولازال لدي امل
في ان يتقدم لخطبتي رجل الاحلام وفارس القلب المنتظر.. في هذه الفترة اهداني والدي شقة
فاخرة تقديرا لتفوقي فكانت سعادتي لا توصف.. وفجاة توفي ابي الرجل الحنون الذي كم حلمت
ان يرزقني الله بزوج في مثل صفاته الرائعة.. واصابني الحزن العميق الذي وصل للاكتئاب الشديد
ولا سيما ان اخوتي جميعا واخواتي تزوجوا وتركوا البيت وبقيت وحدي مع امي.. وبينما كان
ابي فخورا بي كانت امي حزينة لاني اقترب من الثلاثين دون زواج.. لكني كنت اؤكد
لامي اني مثل الجوهرة تزداد قيمتها مع الزمن.. وان فارس الاحلام سياتي وسيسعى الي سعيا.
كانت امي اكثر واقعية من ابي رحمه الله. فطلبت مني ان اتنازل عن شروط كثيرة
في فارس الاحلام.. وان ارضى برجل عادي وليس من الضروري ان يكون متميزا.. لكني
رفضت منطق امي.. وصممت ان انتظر حتى احظى بالفارس المنتظر. وفعلا.. تقدم لي الرجل الذي
كنت احلم به.. رجل وسيم من عائلة طيبة ذو منصب وجاه.. انيق جدا.. متحدث ذكي
وجذاب.. حرصت في ذلك اليوم الذي جاء اخي الاكبر لكي يلتقي به.. حرصت ان اكون
جميلة الجميلات.. ان ابدو في جمال فتاة الخامسة عشرة رغم اني بلغت الثلاثين.. في وجود
اخي جلست قبالة الرجل الذي جاء لخطبتي، بدا عليه الغرور.. بينما ظهرت علي اللهفة والانجذاب
اليه.. يبدو اني لم احظ باعجاب الرجل الذي واجهني بصراحة مؤلمة انه يعتذر عن الارتباط
بي.. لعدم التوافق.. فسالته وما معنى عدم التوافق؟ قال اني اتحدث كثيرا بما يشبه الثرثرة
وهو لا يحب المراة كثيرة الكلام.. وان كل اهتمامي بجمالي دون الاهتمام باعماقي وبان ارقى
بتلك الاعمال وجدانيا وثقافيا.. واضاف الرجل الصريح: اسف يا انسة سارة.. انا احب الجمال صحيح
ولكني احب جمال الشخصية اضعاف حبي لجمال الملامح..
وانسحب الرجل وترك في نفسي جرحا عميقا.. انه الرجل الوحيد الذي تمنيت من كل قلبي
ان يتزوجني.. فيرفضني وبهذه الصراحة.. تملكتني رغبة شديدة في البكاء.. كان حزني وامي شديدا..
قررت ان اخرج من هذه الازمة فعدت لاكمال دراسة الماجستير وتفوقت فيه.. ثم بدات الاعداد
للدكتوراة وفي هذه الفترة تقدم لخطبتي رجل يعمل استاذا بالجامعة.. قال انه معجب بجمالي لكنه
ما ان عرف اني تجاوزت الخامسة والثلاثين حتى اعتذر بصراحة شديدة انه يريد من هي
اصغر لتنجب في وقت مناسب وتربي ابناءه في وقت ملائم.
وبعد هذا بدا يتقدم لي اشخاص غير مناسبين مطلقا واصابتني الحسرة على احلامي القديمة.. انا
سارة دكتورة الجامعة يتقدم لخطبتها مثل هؤلاء، لا والف لا.. عدم الزواج والعنوسة افضل ثم
توفيت امي.. واضررت للانتقال الى بيت اخي الذي قال لي ان بيته صغير وان الافضل
ان ننتقل جميعا انا وهو وزوجته وابناؤه الى الشقة الفاخرة التي اهداني اياها ابي قبل
رحيله.. ومضطرة وافقت ان اعيش مع اخي واسرته في شقتي الجميلة.. وعانيت اشد المعاناة من
المنغصات في التعامل ومن شقاوة ابناء اخي ومن تلميحات زوجته عن عنوستي لدرجة وصولي سن
الاربعين، بينما هي تزوجت اخي وهي في «العشرين» وتضيف زوجة اخي في اختيال انه تقدم
لخطبتها الكثيرون قبل اخي، فالرجال يفضلون الزواج من الصغيرة وليس من «الدكتورة» التي قاربت الاربعين!
كنت اكظم غيظي فزوجة اخي تعيش في شقتي وتتطاول علي ولو شكوت لاخي لما حرك
ساكنا، فزوجته اهم بكثير من اخته ورغم ان اني قاربت الاربعين الا انني اكثر جمالا
من زوجة اخي بكثير.. لكن زواجها المبكر من اخي هو الذي جعلها تتفاخر امامي وتعيرني
بتاخير زواجي..
انني لا شك سعيدة بعملي ومنصبي ومحبوبة من الجميع بل وتغبطني زوجة اخي على منصبي
العلمي.. لكني اعود فاقول ان الرجل مهم جدا للمراة بكونه زوجا.. وان العلم وان كان
قيمة عظمى في حياة المرء.. الا ان الرجل بكونه زوجا يحفظ للمراة كرامتها ويخفف عنها
وحدتها ويرعى امورها.. ان الزواج ضرورة للفتاة اضعاف العلم.. اوجه رسالتي لكل اب وام وابنة
ان لا يكون الجمال والذكاء وسيلتين لغرور المراة واسرتها حتى تضيع كل فرص الزواج من
بين يدي المراة.. على الاباء ان يتذكروا ويتذكروا بناتهم باهمية زواج الفتاة في عمر مناسب
وبان تتنازل الفتيات عن الصورة الخيالية لفارس الاحلام، حيث انها في كثير من الاحيان تظل
صورة خيالية لا تمت للواقع بصلة.
ان مجتمعاتنا لا تقبل مطلقا المراة التي تعيش وحدها ولو حصلت على اكثر من دكتوراه
فتضطر هذه المراة للحياة مع اخيها واسرته او عم او خال وتلاقي الكثير من العناء
في مثل هذه الحياة.. بينما تكون في بيت زوجها اكثر اكراما ورعاية، فهي تخدمه وترعى
شؤونه وهو يفعل الشيء نفسه يخدمها ويرعاها.. لقد اكتشفت خطا حياتي الجسيم وهو الغرور بالجمال
والعلم والعائلة وكيف ان ابي ايدني في هذا الغرور وكنت اتمنى لو نهرني واعادني لصوابي..
لكنه رحمه الله نظر لابنته نظرة الرضا والتاييد رغم ان لي عيوبي.. ان مصارحة الاباء
والامهات لبناتهن بالعيوب احيانا تفيد في اعادة الفتاة لصوابها ومقاومة غرورها وبحثها عن رجل بلا
عيوب.. وربما شعور الفتاة ان والديها على قيد الحياة يمنحانها كل الحب والعون والتدليل.. ربما
من هذا المنطلق تعتقد الفتاة (دوام) بقاء الوالدين لكنها تصدم صدمة مروعة مع رحيلهما تباعا
وتفاجا انها وحيدة ثم تفاجا انها كالضيف الثقيل، فهي عبء على من تعيش معهم.. والمشكلة
الاخرى ان الزوجات الاخريات يشعرن بالخوف من المراة الوحيدة خشية ان تزلزل امام بيوتهن وهكذا
يغلقن الابواب في وجهها، وهذا ما حدث مع اكثر صديقاتي.. تجنبن تماما استمرار علاقتهن بي
مادمت وحيدة.
كلمة اخيرة.. لا المال ولا الجمال ولا المنصب ولا العلم يغنيان المراة عند وجود رجل
(زوج) في حياتها.. واقول لكل زوجة حافظي على زوجك وتنازلي كثيرا لارضائه ولا تضيقي بخدمته،
فهذا افضل كثيرا من اضطرارك لخدمة اخرين مقابل حياتك في حمايتهم او كنفهم.
اني اعترف بالخطا الكبير اني كان من الافضل لو قبلت الزواج من رجل يرضى عنه
اهلي في دينه وخلقه كما اوصى الرسول صلى الله عليه وسلم.. لكن احلامي للاسف كانت
بعيدة جدا عن هذا الحديث النبوي الشريف.. فضاعت احلامي مثل ايامي، لكني من فضل ربي
لا احب الندم ولا البكاء على الماضي.. انني فقط اسجل تجربتي لتستفيد منها كل الفتيات
والاسر.. بقي ان اقول: اني والحمد لله مؤمنة بان الانسان يعيش قدره فعليه ان يرضى
به.. واحيانا اضيق بوحدتي فلا اجد ملجا الا الله ثم اتذكر نعم الله علي من
مال ومنصب وعلم وصحة.. فيطمئن قلبي ان حياتي مليئة بالنعم وهي تستحق الشكر لله عز
وجل في كل صلاة ..
- صور حلوة ومغرورة
- صور فتيات مغروره جدا تحب نفسه
- صورة بنت مغرورة
- صورفتات مغرورة