فاقد الشيء لا يعطيه..مثال او حكمة او سموها ما تريدون…سمعناها كثيرا وصدقناها دون اي شك
بانها قابلة للتشكيك والتكذيب..
اسمحو لي ان احدثكم , ان اروي لكم حقيقة..واقعا..يكذب هذا المثل..ويشكك بمصداقيته..لان فاقد الشيء يعطيه..
خلقت في جو اسرة..يملؤها النشاط والحيوية..مدلل لاقصى درجة..منذ ان فتحت عيني وانا طلباتي اوامر..كل ما
اريده يتحقق في رمشة عين..
حياة رفاهية..دلال..مع اسرة بعيدة كل البعد عن المشاكل..ام واب تعودو ان يمنحو لابنهم كل ما
يرغب به..بل كل ما يطلبه…لكن نسو بانني احتاج للحنان والحب ..
ولم يحققوه لي لانني لم اطلبه يوما..لم يعلمو بانني لكي احس بالفعل بانه حب وحنان
حقيقي لست محتاجا لكي اطلبه..بل يجب ان يمنح باحساس خالي من تلبية اي طلب..لكي احس
بقيمته ومصداقيته وقوته..لكنني لم اجده يوما..
لم يفكرو يوما بان هذا الطفل..سيكبر يوما..وسيصبح رجلا..وسيمر في مرحلة مراهقة وسيجتازها..وسيمر في مرحلة النضوج
الفكري والعقلي..وسينتهي به الامر بالاستقرار والزواج و تحمل المسؤولية على اكمل وجه..وسيحس بالاستقلال الذاتي والروحي
يوما ما..
بل في واقع الامر فكروا ! لكنهم تناسو بانه لكي يحقق هذه الامور يحتاج للحنان..لكي
يستطيع ان يمنحه للاخرين..ان انطلقنا من مبدا فاقد الشيء لا يعطيه!!.
اتذكر عندما كنت صغير بل في مرحلة المراهقة كل ما اريده يتحقق..لكن كنت دائما اعتمد
على نفسي..واتصرف بمسؤولية قبل سني..لانني علمت بان عائلتي مصدر مالي ترفيهي فقط لا غير..ولكي احقق
السعادة فيجب ان احس بتلك المشاعر بنفسي..دون اعتماد للاخرين !
ولكي احس بمشاعر الحب والحنان فهو حلم لاطالما سعيت لكي احققه..فكلما التقي بشخص ارى في
عينيه الكثير من الحديث والكلام..ارى فيه قلبا مكسورا محتاجا للحنان..احس به لاقصى الدرجات…فاطبطب عليه واتقرب
اليه..فيروي لي قصته التعيسة..التي يغيب فيها كل احساس..فاحضنه واحدثه وامسك بيده وانا انظر في عينه…رغم
انني افتقدت لتلك الاحاسيس..لكنني صنعتها بنفسي لكي امنحها للاخرين..لانني اقدرهم واتفهمهم واعرف معنى ان تعيش
بدون حضن يساعدك على الحياة..ودون ان تجد شخصا يمسح الدمعة حينما تسقط…حلم يسعى اليه الكثيرون..فقط
ان يجد شخصا امامه يفهمه..ويعطيه اهمية ووقتا..ويمنحه حبا وحنانا..
تعودت على الحب البعيد..تعودت على الحواجز بين الابن ووالديه في مرحلة الطفولة و البلوغ و
النضوج..في ضل التقاليد والعادات..
لكننا نظل ننتمي لفصيلة الانسان..الذي يسعى ويحيا هدفه ان يحقق السعادة..فنجعل من ماضينا عبرة وخبرة
وتجربة…ونرفض ان نعيش في نفس النظام..
الذي يغيب فيه كل ما هو روحي ويحضر فيه كل ما هو مادي..فنعترض ونصرخ ..ونركض
بعيدا..نحو غد مشرق..نحو اعالي السماء…نمنح ما لم يمنح لنا يوما..
لاننا شعرنا به واحتجنا اليه وخلقناه بانفسنا انطلاقا من ذاتنا ..لاننا علمنا ان له قيمة..وان
في كل انسان قوي ذو شخصية قيادية..قلب ان كسر .. سقط الفارس من على جواده..جريحا
محتاج لاحد يداويه..بدواء الحب والحنان..
فلسفتي الغريبة تفرض علي ان ارفض بعض الحكم والامثال..واصرخ قائلا فاقد الشيء يعطيه..كيف لا وانا
اعطيت ما لم يمنح لي يوما !
لا يعني هذا بان الوالدين قد قصرو في التربية..بل منحو ما استطاعو ان يمنح…الا ان
تربيتهم التقليدية في طفولتهم التي تمركزت بين حواجز الاب وابنه..اضطرتهم للتعامل مع اولادهم بنفس الطريقة..
لا الومهم..كيف الومهم وانا تعلمت من تجربة طفولتي ومراهقتي ما كان يمكن ان لا اتعلمه
طيلة حياتي… وقد حققت الحنان واحسست بالحب..ومنحته..لكنني سعيت لكي احققه وصنعته بنفسي..فتحية شكر وتقدير لكل
اب وام في هذا الكون…ولنعلم بان ليس هنالك تربية بدون تعثرات .. وليس هنالك حياة
خالية من الفخاخ..
ولنحمد الله بانه مدنا بنعمة العقل…وجعلنا نفكر و نحلل ونقرر..نقرر بان نغير ما نرفضه…وان نتحدى
انفسنا ونحقق هدفا..كان مجرد حلما في يوم من الايام ..لكنه تحول الى هدف ثم الى
واقع..بارادة وعزم وهدف وامل
فلنصرخ جميعا..سنصل..يوما ما..الى ما نحلم به ..وسنسعى لتحقيقه..طالما لدينا المستقبل..ولدينا الحلم والعزم والقوة..طالما هنالك امل..فسنصل..الى
اعالي السماء..مبتسمين وفرحين .مصرحين : .نعم حققنا الحلم لاننا عزمنا وكان لدينا الامل..ولنحذف كلمة المستحيل
من قاموسنا..فلا مستحيل بوجود الغد والامل..