فرقة ” عبدة الشيطان ” ، منهجها ، واعتقادها ، وكيفية انقاذ من وقع في
براثنها
لقد فاجئني تصرفات لفتاة بالمرحلة المتوسطة ، من رسومات وشم ، وطريقة التزين ، وعبارات
بذيئة ، وادعاء بترك الصلاة ، رغم ذلك كان النصح غير مباشر من خلال الحصص
، وجلسات الذكر ، ولكن كانت صدمتي حينما سمعت من افواه الطالبات انها من ”
عبدة الشيطان ” ! ، اني في حيرة شديدة بمعالجة الامر ؛ لان ذلك عقيدة
، ارجو الدعاء ، وكيف اتصرف ؟
الجواب:
الحمد لله
اولا:
فرقة ” عبدة الشيطان ” من الفرق ، والجماعات الخطيرة ، والتي انتشرت مؤخرا في
كثير من البلاد , وهذه الجماعة تمثل احد مظاهر الانتكاسة ، والبعد عن الفطرة التي
فطر الله الناس عليها ، اذ توجهت جماعات ، واقوام الى عبادة الشيطان ، وتقديسه
من دون الله .
النشاة :
ظهرت فكرة عبادة الشيطان وتقديسه في عدد من الديانات القديمة ، وكان عند بعضها الهة
عديدة تمثل الشر .
ا. ففي الحضارة المصرية القديمة وجد الاله ” سيت ” ، او ” سيث ”
، وهو يقترب من كلمة satan اي : شيطان ، الذي يمثل قوة الشر ،
وقد قدم المصريون له القرابين اتقاء لشره .
ب. وفي الحضارة الهندية : كان للشيطان دور كبير في حياتهم الدينية ، عبروا عنه
باسم ” الراكشا ” .
ج. وعند الاغريق : كان اسمه ” دي ات بولس ” ( D it-Boles )
، اي : المعترض .
د. وفي ارض فارس : بدات عبادة الشر ، والشيطان ، على تخوم الصحراء الاسيوية
، وكانوا يعبدون شياطين الليل ، التي تطورت للتعبير عن الشر بالظلمة ، والخير بالنور
، وبما يعرف باسم ” الثنوية ” .
ه. وفي القرون الوسطى : ظهرت في اوروبا عدة جماعات تتخذ من الشيطان الها ،
ومعبودا ، منها جماعة ” فرسان الهيكل ” التي ظهرت في فرنسا ، وكان لها
اجتماعات ليلية مغلقة تبتهل فيها للشيطان ، وتزعم انه يزورها بصورة امراة ، وتقوم هذه
الجماعة بسب المسيح ، وامه ، وحوارييه ، وتدعو اتباعها الى تدنيس كل ما هو
مقدس ، وكان فرسان الهيكل يتميزون بلبس قميص اسود يسمونه ” الكميسية ” ، وقد
انتشرت هذه الجماعة في فرنسا ، وانجلترا ، والنمسا ، ثم اكتشفتها الكنيسة ، وقامت
بحرق مجموعة من اتباعها ، وقتلت زعيمها ما بين عامي 1310 – 1335م ، وقد
قالت احدى عضوات هذه المجموعة قبل حرقها : ” ان الله ملك السماء ، والشيطان
ملك الارض ، وهما ندان متساويان ، ويتساجلان النصر ، والهزيمة ، ويتفرد الشيطان بالنصر
في العصر الحاضر ” ! .
ثم ظهرت عدة جماعات مشابهة بعد ذلك ، اخذ بعضها يمارس تعذيب الاطفال وقتلهم ،
وقد خطف لهذا الغرض مئات الاطفال بين عامي 1432 – 1440 م ، واخذ بعضهم
يقوم بتسميم الابار والينابيع ، مثل ” جمعية الصليب الوردي ” ، وفي القرن السابع
عشر ظهرت جمعية تسمى ” ياكين ” تمارس الطقوس نفسها ، وقد اعدم منها فوق
الثلاثين فردا ، ثم ظهرت جمعيات اخرى مثل : ” الشعلة البافارية ” ، ”
الشعلة الفرنسية ” ، و ” اخوة اسيا ” .
ثم اختفت هذه الافكار ، لتعاود الظهور في منتصف الاربعينيات من القرن العشرين .
ظهورها الحديث :
في عام 1948م الف البريطاني ” الستر كراولي ” الذي تخرج من جامعة ” كامبردج
” كتابا اسماه ” الشيطان الابيض ” دافع فيه عن الاثارة ، والشهوات الجنسية ،
والقى محاضرات مطولة عن الجنس في بريطانيا ، واصبح بعد ذلك هو المعلم الاول لجماعة
” عبدة الشيطان ” ، التي اخذت تنتشر ايضا في الولايات المتحدة ، ليتزعمها بعد
ذلك يهودي امريكي هو ” انطوان شذليفي ” Antone chethleivy ، الملقب ب ” البابا
الاسود ” .
وقد ترعرع ” ليفي ” في كاليفورنيا ، وفي سنة 1966 م اعلن عن فرقته
، واسس في سنة 1969 م معبدا يدعى بكنيسة الشيطان ” cos ” ، كما
الف عددا من الكتب الفلسفية ؛ لترويج الفكر الشيطاني ، منها كتاب ” الشيطان يقول
” ، ويحتوي على عبارات الشيطان التسع ، واحكام الارض الاحدى عشر ، وكتاب ”
الانجيل الاسود ” ، وهدف الى تحقير طقوس المسيحية ، وشعائرها ، والى بيان كيفية
ممارسة العبادة ، ويعتبر مرجعا اساسيا لتوجيه الاتباع .
انتقالها الى المجتمعات الاسلامية :
ظلت المجتمعات الاسلامية محصنة فترة من الوقت من هذه ” الديانة الابليسية ” الا ان
بعض العوامل ادت الى دخولها الى بعض الدول الاسلامية ، اهمها :
1. تطور وسائل الاتصالات ، خاصة وان شبكة الانترنت هي الوسيلة الاهم لنشر افكارهم ،
والتواصل بين الاتباع ، ولهم على هذه الشبكة اكثر من ثمانية الاف عنوان .
2. تسارع وتيرة التطبيع بين الدولة اليهودية والعديد من الدول العربية والاسلامية ، الامر الذي
ادى الى ازدياد الخلطة بين مواطني هذه الدول وبين اليهود , ولا يخفى هنا حرص
اليهود على افساد المسلمين ، وصرفهم عن دينهم ، ونشر الافكار المنحرفة بينهم ، ومنها
افكار عبادة الشيطان ، لا سيما ان الشيطان حسب العقيدة اليهودية : رمز من رموز
القوة المطلقة التي تضاهي قوة الله سبحانه ، كما انهم لا يحملون الشيطان وزر اغواء
ادم واخراجه من الجنة .
3. ترويج الكتاب اليساريين للافكار المنحرفة في المجتمعات الاسلامية .
4. تسخير كافة وسائل الاعلام ، والثقافة ، والفن ، لنشر افكار عبادة الشيطان ،
وجعلها مستساغة عند المسلمين ، ومن ذلك : نشر وسائل الاعلام الغربية لافلام تتحدث عن
مصاصي الدماء ، واشخاص ذوي قدرات سحرية ، ليغروا الشباب بامتلاكها ان وجدت , وللاسف
تساهم كثير من الفضائيات العربية في نشر مثل تلك الاعمال .
افكارهم وطقوسهم وممارساتهم :
1. اعتقادهم بان الشيطان ظلم من قبل الله – معاذ الله – عندما طرده من
الجنة لما رفض السجود لادم ، لذلك فانهم يعتبرون ان الشيطان يستحق التقدير ، وهو
رمز القوة والاصرار ، كما يعتبرون الشيطان القوة العظمى التي تحرك الحياة والبشر .
2. اطلاق العنان لممارسة الجنس ، والشهوات ، وتعاطي المخدرات ، والخمور ، اذ جاء
في بعض وصاياهم : ” اطلق العنان لاهوائك ، وانغمس في اللذة ، واتبع الشيطان
فهو لن يامرك الا بما يؤكد ذاتك ، ويجعل وجودك وجودا حيويا ” ، وكان
” تراولي ” – الذي سبق ذكره – يقول لاتباعه : ” خذ من الجنس
ما شئت ، وكيف تشاء ، ومع من تشاء ، وعلى الاخر ان يسلم لك
” ! .
3. من طقوسهم : ارتداء الثياب السوداء ، واطالة الشعور ، ورسم وشم الصليب المعقوف
، على صدورهم ، واذرعهم ، او النجمة السداسية ، ولبس قلادة سوداء عبارة عن
نجمة خماسية يتوسطها راس شيطان بقرنين ملتويين الى الخلف .
4. يفضلون الاجتماع لاداء طقوسهم في اماكن مهجورة ، او نائية ، احيانا ، ويرسمون
على جدرانها اشكالا مخيفة ، كالافاعي ، والجماجم ، او اشكالا غريبة ، تدمج فيها
اكثر من حيوان ، او هيئة .
5. يرافقهم في هذه الجلسات الموسيقى الصاخبة ، ويرددون بعض الكلمات على شكل اغان ينشد
فيها الموت والانتحار ، اضافة الى تعاطي المخدرات ، والمسكرات ، بشكل مبالغ فيه ،
وفي مثل هذه الحالات قد يلعقون دماء بعض ، او يمزقون قطة ، او كلبا
، او ديكا ، ويختارون اللون الاسود من الحيوانات ، ويمزقونه وهو حي ، ويعبثون
بدمائه .
6. اقدام بعضهم على الانتحار ؛ لان هذا من الحرية التي يزعمونها ، اذ يقولون
ان للانسان الحرية ان ياكل ما يشاء ، ويلبس ما يشاء ، ويموت متى يشاء
! والانتحار عندهم انتقال الى عالم السعادة الحقيقية ، واشبه بمحطة من محطات كثيرة يتدرج
فيها الانسان .
7. نبش القبور ، واخراج جثث الموتى ، ويتراقص كبيرهم فوق الجثة التي يعثرون عليها
، ويقولون : انهم يفعلون ذلك لتقسية قلوبهم ، ولمعاينة العدم والشعور به محسوسا ،
والتدريب على ممارسة القتل دون ان تطرف لهم عين .
8. اعتبارهم ان الاخلاق تكرس الضعف ، وحماية الضعفاء ، وهم انما يريدون ان تقوم
العلاقات بين الناس وفق اللذة ، والمنفعة ، ويعتبرون الاخلاق عنصر تعويق ، لا عامل
دفع وترقية .
الوصايا التسع :
وهي مجموعة من الوصايا ، والمبادئ ، والتي تعتبر من ثوابتهم :
1. اطلق العنان لاهوائك وانغمس في اللذة .
2. اتبع الشيطان ، فهو لن يامرك الا بما يؤكد ذاتك ، ويجعل وجودك وجودا
حيويا .
3. الشيطان يمثل الحكمة ، والحيوية غير المشوهة ، وغير الملوثة ، فلا تخدع نفسك
بافكار زائفة ، سرابية الهدف .
4. افكار الشيطان محسوسة ، ملموسة ، ومشاهدة ، ولها مذاق ، وتفعل بالنفس والجسم
فعل الترياق ، والعمل بها فيه الشفاء لكل امراض النفس .
5. لا ينبغي ان تتورط في الحب ، فالحب ضعف ، وتخاذل ، وتهافت .
6. الشيطان يمثل الشفقة لمن يستحقونها، بدلا من مضيعة الحب للاخرين وجاحدي الجميل .
7. انتزع حقوقك من الاخرين ، ومن يضربك على خدك : فاضربه بجميع يديك على
جسمه كله .
8. لا تحب جارك ، وانما عامله كاحد الناس العاديين .
9. لا تتزوج ، ولا تنجب ، فتتخلص من ان تكون وسيلة بيولوجية للحياة ،
وللاستمرار فيها ، وتكون لنفسك فقط .
ثانيا :
اما بخصوص تلك الفتاة المسئول عنها : فاذا كانت لك عليها ولاية ، او وصاية
: فلا بد من الاهتمام بها ، والتعامل معها بحزم ، وجد , وقبل ان
يتطور الامر ، ويخرج الامر عن السيطرة – لا قدر الله – ، والمسلم مسئول
عن رعيته من اهله ، كما قال تعالى : ( يا ايها الذين امنوا قوا
انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد ) التحريم/ من الاية 6
.
قال ابن كثير – رحمه الله – :
اي : مروهم بالمعروف ، وانهوهم عن المنكر ، ولا تدعوهم هملا فتاكلهم النار يوم
القيامة .
” تفسير ابن كثير ” ( 5 / 240 ) .
وفي الحديث عن عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : ( كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته ، الامام راع ومسئول
عن رعيته ، والرجل راع فى اهله وهو مسئول عن رعيته ، … ) .
رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
واما اذا لم يكن لك عليها ولاية : فلا بد من عدم التواني في اخبار
والديها ، او اقرب الناس اليها , وايقافهم على حقيقة اعتقادها ، ومنهجها ، وحملهم
على التعامل معها بحزم .
فضياع الاولاد اكبر اسبابه : اهمال الوالدين في توجيههم ، وعدم متابعتهم في نموهم ,
وتركهم للمدرسة ، والاعلام ، والاصحاب ، ليربوهم لهم ! .
رابعا:
في مثل هذه الحالات : لا بد من قطع السبل التي يفترض انها تتواصل بها
مع هذه الجماعة ، او من يؤثر عليها بفكرها ، كصديقة ، او دخول على
الانترنت ، او هاتف ، او مجلة ، او بريد ، او غير ذلك ،
ولعل تلك الافكار المسممة ان يكتب لها الزوال ان قطعت طرق وصولها لتلك الفتاة ،
واذا امكن الانتقال بالاقامة الى مكان اخر ، تتغير فيه الصحبة ، وظروف التواصل :
فلعله ان يكون خيرا ونافعا .
خامسا:
محاولة ازالة الشبهة التي ادت الى دخولها لهذه الجماعة ، او تقليدها لهم ، فكثير
من الناس يحب الاضداد ، والشيء المجهول ، بدافع الاستطلاع ، او لفت الانتباه ,
وربما يكون هذا الامر في البداية , ولكن ان لم يتدارك يصعب بعد ذلك تداركه
.
وربما يكون السبب : فقدان حنان ، وحب ، او اهتمام من قبل الاهل ،
او شعور بالنقص ، ومحاولة تعويض ذلك بمثل هذه الافكار ، وتلك الجماعات , والعلاج
يكون بالاهتمام الزائد من قبل الوالدين والاهل , ومحاولة غرس الثقة في نفس الفتاة ،
وتذكيرها بخلقتها ، وخالقها ، وفطرتها ، ومخاطبة عقلها بما يتناسب مع سنها لايقافها على
حقيقة ما تفعل ، وما يؤدي به الامر في نهايته .
سادسا:
هذه الفتاة ربما تجهل حقيقة افكار هذه الجماعة , وانها لا تزال معهم في اول
الطريق ، وهذا واقع كثير ممن ينحرف عن الاستقامة الى فكر منحرف , ولكن بالتدرج
وبمرور الوقت يصبح يتقبل الافكار رويدا رويدا , وهذا من خطوات الشيطان التي نهى الله
تعالى عن اتباعها ، فقال : ( يا ايها الذين امنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان
ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يامر بالفحشاء والمنكر ) النور/ 21 .
وعلى ذلك : فالطريقة الصحيحة لسلوكها معها : مصارحتها بفكر هذه الجماعة ، وخطورة ما
تحمله من افكار , وانها تستوجب ردة ، وخروجا عن الاسلام , ومحاولة ابراز النقاط
الخطيرة في فكر هذه الجماعة كتخلي الانسان عن اغلى شيء يملكه ، وهو دينه ،
وطاعة ربه , وكذلك التخلي عن اغلى ما تملكه الفتاة ، وهو شرفها ، وعفتها
، وكذلك دعوة هذه الجماعة افرادها للانتحار ، وتعاطي المخدرات ، والمحرمات ، الى غير
ذلك كم الاشياء المستبشعة عندهم .
سابعا:
مثل هذه الحالات ربما يكون السبب الرئيس لها : صحبة سيئة ، كصديقة – مثلا
– ؛ فلا بد من ان يكون للوالدين دور في اختيار الصحبة الصالحة , وقد
ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لاثر الرفقة والصحبة كما في الحديث عن ابى
موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل الجليس
الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك اما ان يحذيك ، واما ان
تبتاع منه ، واما ان تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير اما ان يحرق
ثيابك ، واما ان تجد ريحا خبيثة ) رواه البخاري ( 5214 ) ومسلم (
2628 ) .
ثامنا:
ابراز حقيقة عداوة الشيطان للانسان , وان مال اتباعه ومريديه الى النار ، كما قال
تعالى : ( ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب
السعير ) فاطر/ 6 ،
وابراز فضل طريق الاستقامة ، والالتزام ، والتمسك بتعاليم الاسلام , وما يترتب على ذلك
من راحة ، وطمانينة ، وسعادة في الدنيا والاخرة ، كما قال تعالى : (
من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن
ما كانوا يعملون ) النحل/ 97 ، وان من جاء بالضد ناله من الضيق ،
والسوء ، بقدره ، كما قال تعالى : ( ومن اعرض عن ذكري فان له
معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى ) طه/ 124 .
وعليك قبل ذلك كله ان تستعين بالله تعالى ، وتكثر الدعاء اليه ان يصلح حال
هذه الفتاة ، وغيرها ممن انحرف عن طريق الاستقامة .
والله اعلم
- الوصايا التسع لعبدة الشيطان
- بنات يعبدون الشيطان