مواضيع للرجال للنساء

صور الظلم

صور الظلم 20160820 4667 1
صور الظلم 20160820 4667
صور الظلم 20160820 4668

صور الظلم

لا شك ان الظلم له صور كثيرة، وسنقتصر على ذكر بعضها حتى نكون منها على
حذر، وهذه الصور منها:
اولا: ظلم العبد نفسه
1- اعظمه الشرك بالله:
قال تعالى: ان الشرك لظلم عظيم [لقمان:13].
قال ابن تيمية: (ومما ينبغي ان يعلم ان كثيرا من الناس لا يعلمون كون الشرك
من الظلم، وانه لا ظلم الا ظلم الحكام او ظلم العبد نفسه، وان علموا ذلك
من جهة الاتباع، والتقليد للكتاب، والسنة، والاجماع، لم يفهموا وجه ذلك، ولذلك لم يسبق ذلك
الى فهم جماعة من الصحابة لما سمعوا قوله: الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم [الانعام:82]،
كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود انهم قالوا: اينا لم يظلم نفسه؟!
فقال رسول الله: ((الم تسمعوا الى قول العبد الصالح: ان الشرك لظلم عظيم [لقمان:13]؟)). وذلك
انهم ظنوا ان الظلم- كما حده طائفة من المتكلمين- هو اضرار غير مستحق، ولا يرون
الظلم الا ما فيه اضرار بالمظلوم، ان كان المراد انهم لن يضروا دين الله وعباده
المؤمنين، فان ضرر دين الله وضرر المؤمنين بالشرك والمعاصي ابلغ وابلغ) (1) .
2- التعدي على حدود الله:
تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون [البقرة:229].
قال ابن جرير: (تلك معالم فصوله، بين ما احل لكم، وما حرم عليكم ايها الناس،
قلا تعتدوا ما احل لكم من الامور التي بينها وفصلها لكم من الحلال، الى ما
حرم عليكم، فتجاوزوا طاعته الى معصيته، وانما عنى تعالى ذكره بقوله: تلك حدود الله فلا
تعتدوها، هذه الاشياء التي بينت لكم في هذه الايات التي مضت: من نكاح المشركات الوثنيات،
وانكاح المشركين المسلمات، واتيان النساء في المحيض، وما قد بين في الايات الماضية قبل قوله:
تلك حدود الله، مما احل لعباده وحرم عليهم، وما امر ونهى) (2) .
3- الصد عن مساجد الله ان يذكر فيها اسمه:
ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ما
كان لهم ان يدخلوها الا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم
[البقرة: 114].
قال ابن جرير: (واي امرئ اشد تعديا وجراءة على الله وخلافا لامره، من امرئ منع
مساجد الله ان يعبد الله فيها) (3) .
4- كتم الشهادة:
قال تعالى: ام تقولون ان ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط كانوا هودا او نصارى قل
اانتم اعلم ام الله ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل
عما تعملون [البقرة: 140].
قال السعدي: (فهي شهادة عندهم، مودعة من الله، لا من الخلق، فيقتضي الاهتمام باقامتها، فكتموها،
واظهروا ضدها، جمعوا بين كتم الحق، وعدم النطق به، واظهار الباطل، والدعوة اليه، اليس هذا
اعظم الظلم؟ بلى والله، وسيعاقبهم عليه اشد العقوبة) (4) .
5- الاعراض عن ايات الله بتعطيل احكامها:
ومن اظلم ممن ذكر بايات ربه فاعرض عنها ونسي ما قدمت يداه انا جعلنا على
قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم وقرا وان تدعهم الى الهدى فلن يهتدوا اذا ابدا
[الكهف: 57].
قال ابن كثير: (يقول تعالى: واي عباد الله اظلم ممن ذكر بايات الله فاعرض عنها،
اي: تناساها واعرض عنها، ولم يصغ لها، ولا القى اليها بالا) (5) .
6- الكذب على الله:
قال تعالى: فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ان الله
لا يهدي القوم الظالمين [الانعام: 144].
قال ابن جرير في تفسير هذه الاية: (يقول: فمن اشد ظلما لنفسه، وابعد عن الحق
ممن تخرص على الله قيل الكذب، واضاف اليه تحريم ما لم يحرم، وتحليل ما لم
يحلل) (6) .
ثانيا: ظلم العباد بعضهم لبعض
وظلم العباد بعضهم لبعض انواع، وهو اشهر انواع الظلم واكثرها.قال سفيان الثوري: (ان لقيت الله
تعالى بسبعين ذنبا فيما بينك وبين الله تعالى؛ اهون عليك من ان تلقاه بذنب واحد
فيما بينك وبين العباد) (7) ويمكن تقسيمه الى ظلم قولي، وظلم فعلي:
من صور الظلم القولي:
التعرض الى الناس بالغيبة، والنميمة، والسباب والشتم، والاحتقار، والتنابز بالالقاب، والسخرية، والاستهزاء، والقذف،…ونحو ذلك.
من صور الظلم الفعلي:
1- القتل بغير حق:
قال تعالى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا
لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا [الاسراء: 33].
قال السعدي في تفسير قوله تعالىولا تقتلوا النفس التي حرم الله. (وهي: النفس المسلمة، من
ذكر وانثى، صغير وكبير، بر وفاجر، والكافرة التي قد عصمت بالعهد والميثاق. الا بالحق كالزاني
المحصن، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة… ومن قتل مظلوما اي: بغير حق فقد جعلنا
لوليه وهو اقرب عصباته وورثته اليه سلطانا اي: حجة ظاهرة على القصاص من القاتل) (8)
.
2- الظلم الواقع على المسلمين بسبب تمسكهم بدينهم.
3- اخذ ارض الغير او شيء منها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من اخذ شبرا من الارض ظلما؛ فانه يطوقه يوم القيامة
من سبع ارضين)) (9) .
وفي هذا الحديث (التحذير الشديد من السطو على ارض الغير واخذ شيء منها ظلما، والوعيد
الشديد لمن فعل ذلك بالخسف به يوم القيامة) (10)
4- الظلم الواقع في الاسر:
ومنه:
– ظلم الاولاد لوالديهما بعقوقهما.
– ظلم الازواج لزوجاتهم في حقهن سواء كان صداقا، او نفقة، او كسوة.
– ظلم الزوجات لازواجهن بتقصيرهن في حقهم، وتنكر فضلهم.
– ظلم البنات بعضلهن عن الزواج. قال تعالى: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن [النساء:
19].
(العضل : التضييق، والمنع، والشدة … والمعنى: لا يحل لكم ارث النساء، ولا عضلهن، اي
ولا التضييق عليهن، لاجل ان تذهبوا ببعض ما اتيتموهن، اي اعطيتموهن من ميراث، او صداق،
او غير ذلك. والخطاب لمجموع المؤمنين لتكافلهم فيصدق بما اعطوه للنساء من ميراث، ومهر زواج،
وغير ذلك، وجعله بعضهم للازواج، وبعضهم للورثة، وكل منهم كان يعضل النساء) (11) .
– الدعاء على الاولاد، والقسوة في التعامل معهم.
– تفضيل بعض الاولاد على بعض:
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: ((سالت امي ابي بعض الموهبة لي من
ماله، ثم بدا له فوهبها لي، فقالت: لا ارضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه
وسلم، فاخذ بيدي وانا غلام، فاتى بي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ان امه
بنت رواحة سالتني بعض الموهبة لهذا، قال: الك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فاراه قال:
لا تشهدني على جور)) (12) .
5- ظلم اصحاب الولايات والمناصب:
ومنه:
– نبذ كتاب الله وتحكيم القوانين الوضعية.
– عدم اعطاء الرعية حقوقهم.
– تقديم شخص في وظيفة ما وهناك من هو اكفا منه واقدر على العمل.
6- ظلم العمال:
ومنه:
– ان يعمل له عمل ولا يعطيه اجره:
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ثلاثة
انا خصمهم يوم القيامة: رجل اعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فاكل ثمنه، ورجل
استاجر اجيرا فاستوفى منه ولم يعطه اجره)) (13) .
– ان يبخسه حقوقه او ان يؤخرها عن وقتها.
– تكليفه بامور غير ما اتفق عليها معه، او بامور لم تجر العادة تكليفه بها:

قال صلى الله عليه وسلم: ((اخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت ايديكم، فمن كان اخوه تحت
يده، فليطعمه مما ياكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فان كلفتموهم فاعينوهم)) (14)
.
7- اكل مال الغير بغير حق:
وهو انواع ومنه:
ا- اكل اموال الناس بالباطل:
قال تعالى: يا ايها الذين امنوا لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة
عن تراض منكم ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا
وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا [النساء: 29-30] (ينادي الله تعالى عباده
المؤمنين بعنوان الايمان فيقول: يا ايها الذين امنوا. وينهاهم عن اكل اموالهم بينهم بالباطل بالسرقة
او الغش او القمار او الربا وما الى ذلك من وجوه التحريم العديدة فيقول: لا
تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل، اي: بغير عوض مباح، او طيب نفس، ثم يستثني ما كان
حاصلا عن تجارة قائمة على مبدا التراضي بين البيعين لحديث: ((انما البيع عن تراض)) و((البيعان
بالخيار ما لم يتفرقا)) فقال تعالى: الا ان تكون تجارة عن تراض منكم. فلا باس
باكله فانه حلال لكم. هذا ما تضمنته الاية كما قد تضمنت حرمة قتل المؤمنين لبعضهم
بعضا، فقال تعالى: ولا تقتلوا انفسكم. والنهي شامل لقتل الانسان نفسه وقتله اخاه المسلم؛ لان
المسلمين كجسم واحد، فالذي يقتل مسلما منهم كانما قتل نفسه. وعلل تعالى هذا التحريم لنا
فقال: ان الله كان بكم رحيما، فلذا حرم عليكم قتل بعضكم بعضا.
هذا ما تضمنته الاية الاولى، اما الاية الثانية فقد تضمنت وعيدا شديدا بالاصلاء بالنار والاحراق
فيها كل من يقتل مؤمنا عدوانا وظلما، اي: بالعمد والاصرار والظلم المحض، فقال تعالى: ومن
يفعل ذلك اي: القتل عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك اي: الاصلاء والاحراق في
النار على الله يسيرا لكمال قدرته بهذا العذاب اذا لا يستطيع ان يدفع ذلك عن
نفسه بحال من الاحوال) (15) .
ب- اكل اموال الضعفاء كاليتامى:
قال تعالى: ان الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما انما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا
[النساء: 10].
يقول الفخر الرازي: (اعلم انه تعالى اكد الوعيد في اكل مال اليتيم ظلما، وقد كثر
الوعيد في هذه الايات مرة بعد اخرى على من يفعل ذلك، كقوله: ولا تتبدلوا الخبيث
بالطيب ولا تاكلوا اموالهم الى اموالكم انه كان حوبا كبيرا [النساء: 2]. وليخش الذين لو
تركوا من خلفهم ذرية ضعافا [النساء: 9] ثم ذكر بعدها هذه الاية مفردة في وعيد
من ياكل اموالهم، وذلك كله رحمة من الله تعالى باليتامى؛ لانهم لكمال ضعفهم وعجزهم استحقوا
من الله مزيد العناية والكرامة، وما اشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته وكثرة عفوه
وفضله؛ لان اليتامى لما بلغوا في الضعف الى الغاية القصوى بلغت عناية الله بهم الى
الغاية القصوى) (16) .
ج- الربا:
قال تعالى: فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله
كثيرا واخذهم الربا وقد نهوا عنه واكلهم اموال الناس بالباطل واعتدنا للكافرين منهم عذابا اليما
[النساء: 160-161].
(ما زال السياق في اليهود من اهل الكتاب يبين جرائمهم ويكشف الستار عن عظائم ذنوبهم،
ففي الاية الاولى سجل عليهم الظلم العظيم والذي به استوجبوا عقاب الله تعالى حيث حرم
عليهم طيبات كثيرة كانت حلالا لهم، كما سجل عليهم اقبح الجرائم، وهي صدهم انفسهم وصد
غيرهم عن سبيل الله تعالى، وذلك بجحودهم الحق وتحريفهم كلام الله، وقبولهم الرشوة في ابطال
الاحكام الشرعية. هذا ما تضمنته الاية الاولى، اما الثانية فقد تضمنت تسجيل جرائم اخرى على
اليهود وهي اولا استباحتهم للربا وهو حرام، وقد نهوا عنه، وثانيا اكلهم اموال الناس بالباطل؛
كالرشوة والفتاوى الباطلة التي كانوا ياكلون بها. واما قوله تعالى في ختام الاية: واعتدنا للكافرين
منهم عذابا اليما فهو زيادة على عقابهم به في الدنيا اعد لمن كفر منهم ومات
على كفره عذابا اليما موجعا يعذبون به يوم القيامة) (17) .
د- الرشوة:
قال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الراشي والمرتشي)) (18) .
يقول المناوي: (الرشوة على تبديل احكام الله انما هي خصلة نشات من اليهود المستحقين اللعنة،
فاذا سرت الخصلتان الى اهل الاسلام استحقوا من اللعن ما استحقه اليهود) (19) .
ه- الغش في المعاملات:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من غشنا فليس منا)) (20) .
قال المناوي معلقا على هذا الحديث: (اي ليس على منهاجنا؛ لان وصف المصطفى صلى الله
عليه واله وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها، وعدم الشره والطمع الباعثين علي الغش)
(21) .
ويقول ابن حجر الهيتمي: (ليتامل الغشاش بخصوصه قوله صلى الله عليه وسلم: ((من غشنا فليس
منا)) يعلم ان امر الغش عظيم، وان عاقبته وخيمة جدا فانه ربما ادت الى الخروج
عن الاسلام والعياذ بالله تعالى، فان الغالب انه صلى الله عليه وسلم لا يقول ليس
منا الا في شيء قبيح جدا يؤدي بصاحبه الى امر خطير ويخشى منه الكفر، فان
لمن يعرض دينه الى زوال ويسمع قوله صلى الله عليه وسلم: ((من غش فليس منا))،
ولا ينتهي عن الغش ايثارا لمحبة الدنيا على الدين ورضا بسلوك سبيل الضالين) (22) .

و- الميسر:
قال تعالى: يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان
فاجتنبوه لعلكم تفلحون 90 انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر
ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون [المائدة:90-91].
(هذه الاهداف التي يريدها الشيطان امور واقعة يستطيع المسلمون ان يروها في عالم الواقع بعد
تصديقها من خلال القول الالهي الصادق بذاته. فما يحتاج الانسان الى طول بحث حتى يرى
ان الشيطان يوقع العداوة والبغضاء- في الخمر والميسر- بين الناس. فالخمر بما تفقد من الوعي
وبما تثير من عرامة اللحم والدم، وبما تهيج من نزوات ودفعات. والميسر الذي يصاحبها وتصاحبه
بما يتركه في النفوس من خسارات واحقاد اذ المقمور لا بد ان يحقد على قامره
الذي يستولي على ماله امام عينيه، ويذهب به غانما وصاحبه مقمور مقهور.. ان من طبيعة
هذه الامور ان تثير العداوة والبغضاء، مهما جمعت بين القرناء في مجالات من العربدة والانطلاق
اللذين يخيل للنظرة السطحية انهما انس وسعادة! واما الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فلا
يحتاجان الى نظر.. فالخمر تنسي، والميسر يلهي، وغيبوبة الميسر لا تقل عن غيبوبة الخمر عند
المقامرين، وعالم المقامر كعالم السكير لا يتعدى الموائد والاقداح والقداح) (23) .
ز- الغلول:
قال تعالى: ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت
وهم لا يظلمون [ال عمران: 161].
(الغلول هو: الكتمان من الغنيمة، والخيانة في كل مال يتولاه الانسان وهو محرم اجماعا، بل
هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الاية الكريمة وغيرها من النصوص، فاخبر الله تعالى
انه ما ينبغي ولا يليق بنبي ان يغل، لان الغلول -كما علمت- من اعظم الذنوب
واشر العيوب….ثم ذكر الوعيد على من غل، فقال: ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة
اي: يات به حامله على ظهره، حيوانا كان او متاعا، او غير ذلك، ليعذب به
يوم القيامة، ثم توفى كل نفس ما كسبت الغال وغيره، كل يوفى اجره ووزره على
مقدار كسبه، وهم لا يظلمون اي: لا يزاد في سيئاتهم، ولا يهضمون شيئا من حسناتهم.)
(24) .
ح- الهدايا التي تهدى للموظف بسبب وظيفته:
عن ابي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: ((استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم
رجلا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذا
هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت ابيك وامك حتى
تاتيك هديتك ان كنت صادقا. ثم خطبنا فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: اما بعد،
فاني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فياتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية
اهديت لي، افلا جلس في بيت ابيه وامه حتى تاتيه هديته، والله لا ياخذ احدا
منكم شيئا بغير حقه، الا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلاعرفن احدا منكم لقي الله
يحمل بعيرا له رغاء، او بقرة لها خوار، او شاة تيعر (25) . ثم رفع
يده حتى رئي بياض ابطه يقول: اللهم! هل بلغت، بصر عيني وسمع اذني)) (26) .

التحذير من دعوة المظلوم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((واتق دعوة المظلوم، فانه ليس بينها وبين الله حجاب)) (27)
.
(اي: مانع بل هي معروضة عليه تعالى. قال السيوطي: اي ليس لها ما يصرفها ولو
كان المظلوم فيه ما يقتضي انه لا يستجاب لمثله من كون مطعمه حراما او نحو
ذلك، حتى ورد في بعض طرقه (وان كان كافرا) رواه احمد من حديث انس. قال
ابن العربي: ليس بين الله وبين شيء حجاب عن قدرته، وعلمه، وارادته، وسمعه، وبصره، ولا
يخفى عليه شيء، واذا اخبر عن شيء ان بينه وبينه حجابا، فانما يريد منعه) (28)
.
ولربما تاخرت اجابة الدعوة، ولكن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، قال سبحانه: ولا تحسبن
الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا
يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هواء [ابراهيم:42-43].
وقال ميمون بن مهران: في قوله تبارك وتعالى: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون.
قال: (تعزية للمظلوم، ووعيد للظالم) (29) .
(وقيل: لما حبس بعض البرامكة وولده قال: يا ابت، بعد العز صرنا في القيد والحبس.

فقال: يا بني، دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها، ولم يغفل الله عز وجل عنها)
(30) .
(وكان يزيد بن حكيم يقول: ما هبت احدا قط هيبتي رجلا ظلمته، وانا اعلم انه
لا ناصر له الا الله، يقول لي: حسبي الله، الله بيني وبينك) (31) .
وقيل لابراهيم بن نصر الكرماني: (ان القرمطي دخل مكة، وقتل فيها، وفعل، وصنع، وقد كثر
الدعاء عليه، فلم يستجب للداعين؟ فقال: لان فيهم عشر خصال، فكيف يستجاب لهم؟ فقلت: وما
هن؟ قال: اولهن: اقروا بالله وتركوا امره، والثاني: قالوا: نحب الرسول، ولم يتبعوا سنته، والثالث:
قرؤوا القران ولم يعملوا به، والرابع: قالوا: نحب الجنة، وتركوا طريقها، والخامس: قالوا: نكره النار،
وزاحموا طريقها، والسادس: قالوا: ان ابليس عدونا، فوافقوه، والسابع: دفنوا امواتهم فلم يعتبروا، والثامن: اشتغلوا
بعيوب اخوانهم ونسوا عيوبهم، والتاسع: جمعوا المال ونسوا الحساب، والعاشر: نقضوا القبور وبنوا القصور) (32)
.

  • صور عن الظلم
  • صور الظلم
  • تحميل ولا تاكلو امالكم بينكم بالباطل في صورة
السابق
وصفه لتبيض الوجه سهله وسريعه
التالي
تردد قنوات الاخوان