مواضيع للرجال للنساء

زوجة مفروسة

زوجة مفروسة 20160817 5589 1

زوجة مفروسة 20160817 5589

يشكو الرجل من ان زوجته نكدية. وان بيته قطعة من الجحيم. يعود الى بيته فتداهمه
الكابة، اذ يطالعه وجه زوجته الغاضبة الحاد النافر المتجاهل الصامت. بيت خال من الضحك والسرور
ويغيب عنه التفاؤل مثلما تغيب الشمس عن بيته فتلتهمه الامراض. يقول في بيتي مرض اسمه
النكد. ويرجع السبب كله الى زوجته ويدعي انه لا يفهم لماذا هي نكدية لماذا تختفي
الابتسامة من وجهها معظم الوقت ويحل محلها الغضب والوعيد؟ ولماذا هي لا تتكلم ؟ لماذا
لا ترد ؟ والحقيقة ان هذا الزوج لا يعرف ان زوجته بصمتها الغاضب انما هي
تدعوه للكلام. انها تصدر اليه رسالة حقيقية انها رسالة سلبية ولكن هذه طريقتها لانهما لم
يتعودا معا – الزوج والزوجة – على طريقة اكثر ايجابية في التفاهم. ويقلق الزوج. يكتئب
هو ايضا . ثم يغلي في داخله . ثم ينفجر . وتشتعل النيران وبذلك تكون
الزوجة قد نجحت فقد استفزته الى حد الخروج عن توازنه . لانها ضغطت على اهم
شيء يوجع رجولته وهو التجاهل . اي عدم الاعتراف بوجوده . اي اللامبالاة . ولكن
هذه ليست حقيقة مشاعرها فهي تغلي ايضا لانها غاضبة . غاضبة من شيء ما .
ولكنها لا تستطيع ان تتكلم فهذا هو طبعها وربما يمنعها كبرياؤها فهذا الزوج يخطئ في
حقها وهو لا يدري انه يخطئ وان اخطاءه ربما تكون غير انسانية . ربما يتجاهلها
عاطفيا ، ربما يتجاهلها فراشيا . ربما بخله يزداد . ربما بقاؤه خارج البيت يزداد
من دون داع حقيقي . ربما اصبح سلوكه مريبا .. ربما وربما وربما وهناك عشرات
الاحتمالات. ولكنه هو لا يدري او هو غافل . او يعرف ويتجاهل . وهو لا
يدري انها تتالم . اي انه فقد حساسيته. ولكنها لا تتكلم.
لا تفصح عن مشاعرها الغاضبة. وربما لانها امور حساسة ودقيقة. ربما لان ذلك يوجع كرامتها
. ربما لانهما لم يعتادا ان يتكلما. ولهذا فهي لا تملك الا هذه الوسيلة السلبية
للتعبير. وهي في الوقت نفسه وسيلة لعقاب التجاهل. واذا بادل الزوج زوجته صمتا بصمت وتجاهلا
بتجاهل فان ذلك يزيد من حدة غضبها وربما تصل لمرحلة الثورة والانفجار فتنتهز فرصة اي
موقف وان كان بعيدا عن القضية الاساسية لتثير زوبعة. لقد استمر في الضغط عليها حتى
دفعها للانفجار.
ضغط علها بصمته وتجاهله ردا على صمتها وتجاهلها وتلك اسوا النهايات او اسوا السيناريوهات فهي
– اي الزوجة – تصمت وتتجاهل لتثير وتحرق اعصابه وتهز كيانه وتزلزل احساسه بذاته ليسقط
ثائرا هائجا وربما محطما. وهنا تهدا الزوجة داخليا ويسعدها سقوطه الثائر ، حتى وان زادت
الامور اشتعالا وشجارا تتطاير فيه الاطباق وترتفع فيه الاصوات وهذا هو شان التخزين الانفعالي للغضب
. وتتراكم تدريجيا مشاعر الغضب حتى يفيض الكيل وتتشقق الارض قاذفة بالحمم واللهب فتعم الحرائق.

قد يستمر هذا الاسلوب في التعامل والتفاعل سنوات وسنوات وهذا يؤدي الى تاكل الاحاسيس الطيبة
ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة ويزيد من الرصيد السلبي المر. ويعتادان على حياة خالية
من التفاهم وخالية من السرور ويصبح البيت فعلا قطعة من جحيم فتنطوي الزوجة على نفسها
ويهرب الزوج من البيت. وتتسع الهوة كان من الممكن الا توجد لو كان هناك اسلوب
ايجابي للتفاهم.
وتشخيصا للموقف نستطيع ان نقول : اننا امام زوج لا يعرف ما يضير ويضايق ويؤلم
زوجته ، وهذا الزوج يتمادى في غيه مع الوقت ، وهو ايضا قد فقد حساسيته
تجاه زوجته.

واننا امام زوجة تكتم انفعالاتها وتخزن اشجانها. وتحترق بالغضب. وهذه الزوجة تلجا الى اسلوب سلبي
في الرد على زوجها وذلك باشاعة جو النكد في البيت لتحرم زوجها من نعمة الهدوء
والاستقرار والسلام ونعمة الاحساس بذاته.
وتظل الزوجة تستفز زوجها حتى يثور. ولكنهما لا يتعلمان ابدا بل يستمران في نفس اسلوب
الحياة الذي يهدد بعد ذلك وبعد سنوات امن واستقرار البيت ، واستمرار حالة الاستنفار معناه
تراجع المودة والرحمة.
وهنالك الف وسيلة تستطيع الزوجة عن طريقها استفزاز زوجها، وكذلك هناك اكثر من الف طريقة
يستطيع بها الزوج استفزاز زوجته اهمها كما قلنا الصمت والتجاهل والوجه الغاضب والكلمات اللاذعة الساخرة
والناقدة والجارحة او يتعمد اي منهما سلوكا يعرف انه يضايق الطرف الاخر. او قد يلجان
الى اسوا انواع الاستفزاز وهي اثارة الغيرة والشك.
والعناد هو نوع من انواع البغي والتمادي والتحدي . والتحدي هو اسوا سلوك زوجي والتحدي
يخلق عداوة والعداوة تؤدي الى العدوانية وبذلك يحدث تصلب وتخشب وتحجر وتفتقد المرونة وتضيع روح
التسامح والتواضع والتساهل والتنازل. واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج او معناه ان احدهما
يعاني الما نفسيا حقيقيا وان الطرف الثاني يتجاهل عن عمد او عن غير عمد هذا
الالم.
وهذا معناه اننا امام مشكلة زوجية تحتاج الى رعاية .. فكلاهما يعاني . وكلاهما غاضب.
وكلاهما خائف . وكل منهما يتهم الاخر ويحمله النصيب الاكبر من المسؤولية ويرى نفسه ضحية
. اي لا يوجد استبصار ولا يوجد بصيرة.
الخطا الاكبر الذي يقع فيه الزوجان ان يجعلا المشاكل تتراكم من دون مواجهة. بدون توضيح
بدون حوار بصوت عال هادئ بدون ان يواجه كل منهما الاخر باخطائه اولا باول .
بدون ان يعبر كل منهما عن قلقه ومخاوفه وتوقعاته والامه وهمومه .. يجب ان يرفع
كل منهما شكواه الى الاخر بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة ويجب الاستمرار والمثابرة والالحاح
في عرض الشكوى حتى تصل الى ضمير الطرف الاخر.
قد يكون تجاهل الزوج لمتاعب الزوجة ليس عن قصد او سوء نية او خبث. ولكن
لانه لا يعرف ، لا يعلم لانها لم تتحدث اليه لانها لم تعبر بشكل مباشر
. ربما لانها تعتقد بانه يجب ان يراعي مشاعرها دون ان تحتاج هي ان تشير
له الى ذلك. ربما تود ان يكون هو حساسا بالدرجة الكافية ربما تتمنى هي ان
يترفع هو عن افعال وسلوكيات تضايقها وتحرجها. وهذا جميل وحقيقي، جميل ان يكون لديها هذه
التصورات وهذه الامنيات المثالية ولكن الامر يحتاج ايضا الى تنبيه رقيق – اشارة مهذبة –
تلميح راق كلمات تشح ذوقا وحياء دون مباشرة. ولا مانع خاصة في الامور الهامة والحساسة
والدقيقة من المواجهة المباشرة والحوار الموضوعي . فهذا حق كل منهما على الاخر وهذا هو
واجب كل منهما تجاه الاخر وهذا هو اصل المعنى في المودة والرحمة . لان الزوجين
اللذين وصلا الى هذه المرحلة من الاستفزاز المتبادل يكون قد غاب عنهما تماما المعنى الحقيقي
للمودة والرحمة. والحقيقة ان اي انسان مقدم على الزواج – رجلا او امراة – يجب
ان يكون متفهما وبعمق وبقلبه وعقله وروحه المعاني الحقيقية لاعظم كلمتين : المودة والرحمة.

 

السابق
نصائح للحامل في الشهر الثامن
التالي
كتب تنمية بشرية