في عتمة الليل اختبئ وحدي تحت لحافي لعله يسترني ولا يفضح امر مشاعري ودموعي، احتمي
تحته علني اشعر بالامان، رضيت بتقصير زوجي حتى لا اعود الى منزل عائلتي مطلقة ..لا
احد يعرف او يمكن ان يتخيل كيف لزوجة تعيش بالحلال مع زوجها ان لا تحصل
على اي حق شرعي حتى لو كان طفلا ترعاه …فربما كانت الزوجة الثانية لعبة يرفه
بها الرجال عن انفسهم الى حين زوال مشاكلهم مع الزوجة الاولى.
هذه حكاية “مريم ” وهذا ليس اسمها الحقيقي الذي نحتفظ به لحساسية موضوع التقرير “الزواج
الثاني سرا”، منه زواج شرعي واخر عرفي وكلاهما المراة فيه “صاحبة الحقوق المنقوصة “، فمريم
رضيت في الزواج سرا بعد رحلة حب اوقعتنا بالمحظور ودفعت كلانا الى التفكير باعادتها الى
المجرى الصحيح ..والزواج على سنة الله ورسوله ..والخوف من الحرام .
قبلت اعذارا متعددة “لا اريد ان اغضب امي ..اهلي لن يوافقو ..اهلي لا يرون وجود
مشكلة مع زوجتي الاولى ..اخاف على اولادي ..هددتني زوجتي في حال زواجي من اخرى ان
تترك المنزل ..” ومع هذا رضيت حتى تحملت كلامه الجارح وتفضيل الزوجة الاولى علي ..
كثيرا ما طرحت سؤالا عليه: طالما انك تعيش حياة هانئة مع زوجتك الاولى فعد لها
وعش حياتك كما تريد معها ..طلقني ..فلم اعد احتمل ..لا استطيع البوح بهذه المشاكل لعائلتي
فهم يعلمون باننا نعيش حياة سعيدة وهانئة لكن على حساب نفسي وحياتي ..
وتواصل مريم “لا اعيش حياة هانئة، فانا الزوجة الثانية وعلي ان اتحمل تبعات هذا الزواج،
فعبارة تعلمين اني متزوج ولدي اطفال الذي درجت عادة في كل خلاف ينشب بيننا على
التحجج بها كفيلة في ان اكره نفسي واصر على طلب الطلاق الا انه بارع في
منحي حق بسيط سرعان ما يتلاشى ..
فلا حق لي في الانجاب فهذا شرط رئيس فرضه بعد الزواج، تقصير واهمال وحالة ضياع
لا اعرف ان كنت متزوجة ام غير متزوجة ..ارغب بانجاب الاطفال الا انه يقف الزواج
حائلا بيننا، فالامر هذا متاح للزوجة الاولى فقط .
وتواصل مريم “يعيش معي كانه الملك شهريار لبيك سيدي وقبل ان يتفوه يكون طلبه امام
عينه فهذا شئ لا يخفيه حتى في حديث الى اصدقائه باني زوجة رائعة واقدر بذهب
لكن اين حقي كزوجة في الزواج الثاني والى متى سيبقى سرا ..سياتي يوم وينكشف ..لست
امراة سيئة لكنني استطيع التفاهم مع الزوجة الاولى الا ان “الحاج متولي” لا يتقبل هذه
الفكرة ويريد اخفاء هذا الزواج ..لكني على امل بان لا حق يضيع عند الله عز
وجل .
اما نوال فحكايتها مختلفة فقد تعرفت على زوجها بعد طلاقها بعدة اشهر وربطتهما علاقة حب
ولكونه غير اردني ويعيش خارج الاردن كانت تعيش حياتها بشكل طبيعي، فزوجته الاولى وكما تقول
هي احدى قريباته اجبر على الزواج منها بسبب العادات والتقاليد .
وتقول نوال “كنت اعرف ان زوجي سيتزوج قريبته .. وفي يوم عرسه ارتفع ضغطي ونقلوني
الى المستشفى ..ومع هذا رضيت بالامر ووافقت عليه ..انجبت طفلة منه كما انجبت ايضا زوجته
الثانية طفلة الا انني اشعر انه لا يميز بين بناته ..والمضحك ان فرق عدة ايام
بين موعد ولادة طفلته في الاردن وولادة طفلته في بلده” ..
وعرفت ان زوجي اصطحب ابنتي لتراها زوجته الثانية، وعندما حضرت ابلغتني انها شاهدت شقيقتها وان
والدها ابلغها انها اختها الصغرى ..الغريب في الموضوع اننا كزوجتين نعرف عن هذا الزواج لكن
لا تعرف عائلة زوجي عن زواجه من امراة مطلقة ولديها اطفال من طليقها كما انها
ليست من جنسية زوجها.
وعلى حد قول نوال ” تربطني بضرتي علاقة جيدة فكلانا يتنافس على تقديم الافضل لزوجنا،
واحيانا اشعر بالحزن عليه عندما يريد ان يرضي كلتينا، لا استطيع القول بانه مقصر معي،
فهناك اوقات تمر على المراة ومواقف تواججها تحتاج وجود زوجها بجانبها وهذا ما لا يدركه
الزوج في اختياره الزواج السري الا انني تعلمت تجاوز هذا الامر ومضى على زواجنا 6
سنوات وانا وضرتي نتنافس من ستفوز بقلبه وحبه ..
وتقول ” زوجته الثانية اصغر مني كما انها جامعية وتعمل وهذا ما لا املكه فانا
اكبر منه، ورضيت بالزواج به لاني احبه واريد ان اعيش بالحلال، الا اني لا اعيش
حياة كاملة كاي زوجة ..جربت الزواج مرتين ووجدت ان هذا الزواج افضل بكثير فالمراة تحتاج
احيانا الى ابتعاد زوجها عنها واحساسها بالاشتياق له وحتى احاسيسها تكون غير، فلا مشاكل مستمرة
ولا صمت زوجي يتخلله فقط مشاهدة التلفزيون، فالايام التي نمضيها سويا تاخذنا الاحاديث والزيارات بعيدا
عن حياة الروتين في العلاقة قكما لهذا الزواج مضار له ايضا فوائد وبالنهاية تقبل المراة
الزواج بالسر افضل من ان ارتكب اثما اندم عليه ” .
وهذه حكاية من ورائها عبرة وهي امنة المتزوجة منذ 15 خمسة عشر عاما وكانت تصرف
على المنزل والاطفال من مرتبها الشهري ولم يكن الزوج يعير كسوة اطفاله في العيد او
المدارس او احتياجاتهم الخاصة اي اهتمام بحجة ان الظروف الاقتصادية صعبة وان زوجها لا يدخل
عليه ما يفيض عن حاجته الخاصة لكثرة الديون المترتبة عليه ؛ومع غياب الزوج عن المنزل
اكثر من المعتاد وتغير تصرفاته بدات تساورها الشكوك الى ان اخبرها احد اقربه انه متزوج
عليها باخرى ؛فذهبت للمحكمة لتتاكد من ذلك وفعلا كان زوجها قد تزوج عليها منذ ستة
اشهر وقد ابرز للمحكمة انه ميسور الحال وان دخله يزيد عن 300 ثلاثمائة ديناروعندما واجهته
غاب عن المنزل ليولي الزوجة الجديدة اهتماماته ؛ فقامت برفع قضية نفقة صغار وعندما حضر
امام القاضي ادعى فقره وعجزه عن دفع نفقة الصغار . وهذا مثال عن التضحية المادية
من قبل الزوجة ناهيك عن الكثير من الامثلة التي تضحي به الزوجة بحياتها وشبابها وصحتها
التي لا تقدر بثمن الى ان تصل لخريف العمر يقوم زوجها بالتزوج عليها.
وهناك من يتحدى عائلته من اجل الفوز بقلب حبيبته بعد سنوات من ضياع كلاهما وانصياعهما
لاوامر عائلاتهما التي منعت زواجهما في في الصغر ليعيدا الحياة من جديد لحب عاش في
قلوبهما نائما واستفاق بعد سنوات ..ويتزوج زواج ثاني من امراة عرفها وعلش شبابه يحيا في
حبها متوجا هذا الحب بعلانيته بزواجه من ثانية .
وفي الاطار القانوني للزواج الثاني توضحه المحامية مرام المغالسة من اتحاد المراة الاردنية
لقد نصت المادة السادسة من قانون الاحوال الشخصية الاردني لعام 2001 والساري المفعول حالياعلى ما
يلي :
ا . يتوجب على القاضي قبل اجراء عقد الزواج المكرر التحقق مما يلي:
1 – قدرة الزوج المالية على المهر والنفقة.
2 – اخبار الزوجة الثانية بان الزوج متزوج باخرى.
ب . على المحكمة اعلام الزوجة الاولى بعقد الزواج المكرر بعد اجراء عقد الزواج.
لقد اعطى قانون الاحوال الشخصية الزوج حق الزواج من زوجة اخرى ، وقد اعتبرا اعلام
الزوجة الاولى بعد انعقاد الزواج الثاني اجراءا متمما لاجراء العقد الثاني وليس شرطا لانعقاد العقد
؛اي ان للزوج ابرام عقد الزواج الثاني دون اي تدخل من الزوجة الاولى او اعتراض
فيقع زواجه من الزوجة الثانية صحيحا مرتبا لاثاره ولا يشوبه عيبا قانونيا.
بعض الاحيان يتم التحايل على القانون عند تبليغ الزوجة الاولى من قبل الزوج فقد لا
يقوم بتزويد المحكمة بالعنوان الصحيح لتبليغ الزوجة الاولى ،فان كان العنوان خاطئا فهنا تقرر المحكمة
اعادة التبليغ بالطرق القانونية ؛ولا يوجد عقوبة رادعة لمثل هذا التحايل والذي يعتبر انكار لحق
الزوجة الاولى بالعلم كحد ادنى وتضليلا للعدالة .وان كانت الزوجة الاولى خارج الاردن يتم تبليغها
على العنوان المذكور بالطرق الدبلوماسية او بالنشر في الجريدة الرسمية ان كان اخر مكان اقامة
لها في الاردن غير متوافر ومجهولة مكان الاقامة حاليا . اما بالنسبة للزواج خارج الاردن
فتحكمه القوانين هناك ويسهل على الزوج اختلاق عنوان للتبليغ ان لم يكن يتمتع بالكياسة ومخافة
الله.
يتوج ب انونياعلى القاضي في محكمة المعاملات الشرعية التحقق من يسار الزوج ليتمكن من الزواج
باخرى ، الا انه صدرت الموافقات القضائية لمجرد اثبات ان الدخل الشهري للزوج (300) ثلاثمائة
دينارا اردنيا ؛رغم ان هذا المبلغ يعتبر خط الفقر في الاردن وفق المعلن عنه في
احصائيات رسمية محلية . كما ان التحقق من يسار الزوج لا يعني تحقق من انه
ينفق من سعته بالمعروف ؛فقد يلجا الزوج للزواج باخرى نتيجة رفع الزوجة الاولى بمواجهته قضية
نفقة لعدم انفاقه عليها وهذا يحصل فعلا في الواقع المعاش .
لقد تجاهل القانون شرطا شرعيا ذكر في القران الكريم وهو العدل بين الزوجات ؛ كما
انه لا يتم التحقق من الاسباب الموجبة للزواج باخرى قبل انعقاد العقد،ان اتحاد المراة يطالب
بتحويل طلبات الزواج الثاني الى لجان مختصة تتحقق من الاسباب الموجبة للزواج المكرر ومن مدى
اهلية الزوج للعدل ان امكن قبل صدور موافقة القاضي لابرام اعقد الزواج الثاني ..ومع ان
الزواج المكرر يؤثر مباشرة على الحقوق الشرعية للزوجة الاولى الا ان القانون جاء خلوا من
منح الزوجة حق التظلم بعد الزواج الثاني اواعتبارها متضررة حكما ومنحها حق طلب التفريق لوقوع
الضرر خلال سنة واحدة مثلا من اقدام زوجها على الزواج باخرى .
ان تعديل القانون بما يتفق وتبليغ الزوجة الاولى قبل انعقاد العقد يعتبر عونا للعدالة للتحقق
من يسارالزوج ومن اهليته لاقامة العدل بين الزوجتين مما يدرء مخاطر التفكك الاسري والحرمان الاقتصادي.
ويجدر الذكر هنا ان المادة (19) من نفس القانون منح للزوجة اشتراط شرط عدم زواج
زوجها باخرى في عقد الزواج وهو شرط جائز شرعا وقانونا ولا يتنافى مع المقاصد الشرعية
للزواج .وهو شرط فاسخ للعقد يحفظ الزوجة لحقها بالمطالبة بحقوقها .
ولا يخفى علينا ما يرتبه الزواج الثاني من حرمان للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مما يؤدي للتفكك
الاسري وما ينتج عنه من ضغوط نفسية لكلا الزوجتين الاولى والثانية مما يؤثر سلبا على
عطائهما للاسرة وفقا للواقع المعاش.
وعن الزواج الثاني العرفي وتتحدث فيه المحامية المغالسة الزواج العرفي هو زواج مستوف للاركان الشرعية
الا انه يفتقر للتوثيق في المحاكم الرسمية ,وقد صدر بعض الفتاوى الشرعية في مصر بتحريم
الزواج العرفي في حال انتفاء المقصد الشرعي لتكوين النسل وتكوين الاسرة ولتحريمه لعدم استحالة الاشهار
والتوثيق الرسمي وفقا للظروف الحالية المحيطة من تطور الاتصالات وسبل التوثيق .
وتقول في الاردن يعتبر الزواج العرفي زواجا صحيحا ولكنه يفتقر للتوثيق الرسمي وبامكان احد الزوجين
رفع قضية اثبات الزواج لدى المحاكم الشرعية,وعدم تسجيل الزواج يشكل جرما يعاقب عليه القانون وفقا
لاحكام المادة 279من قانون العقوبات الاردني .
والزواج العرفي يكون في بعض الاحيان زواجا ثانيا وقد لا يكون كذلك ,والزواج الثاني قد
يكون عرفيا وقد لا يكون
وتم تنظيم احكام انعقاد الزواج في قانون الاحوال الشخصية حفاظا على حقوق الزوجة والاطفال وما
يرتبه ذلك من حفظ للنسل بما يتوافق وقد جرى العرف على تسجيل الزواج في المحاكم
الشرعية حفاظا على البنية الاسرية في المجتمع بما يتوافق واشهار الزواج لتعارف الاسر المتناسبة .
وترد استاذة الحديث بكلية الشريعة بالاردنية الدكتورة نماء البنا حول الزواج الثاني سرا وتعدد الزوجات:
في اباحة الاسلام للمسلم الزواج باكثر من واحدة اذا توفرت الشروط.
وتقول د البنا ان شرط من شروط الزواج الاشهار والاعلان وبالتالي لا ينبغي ان يكون
الزواج حتى لو كان مكتملا لشروط العقد الصحيح لا ينبغي ان يكون سرا لان من
نتائجه (مع غياب الوازع الديني في هذه الايام) عدم الاعتراف به،
كما توضح وايجاد شرخ بين العائلتين، فقدان ثقة كل من الزوجين بالاخر فمثل ما اقدم
كل منهما على هذه الخطوة مع الاخر سيبقى الشك يقتل كل منهما ان يقدم عليها
مرة اخرى، ثم اذا كان الزوج راغبا بالزوجة بالحق فلم السرية الا ان يكون هناك
نقص معين غالبا ما تدفع المتزوجة سرا هي ضريبته.
اما بالنسبة للزواج العرفي فالامر اشد وانكى لانه غالبا يرفض التوثيق وبالتالي لن يتحمل الزوج
ما يترتب على هذا الزواج ولا يلجا اليه من الشباب الا من كان لا يستطيع
تحمل المسؤلية، فكيف سيتحمل مسؤلية نتائج هذا الزواج، والواقع يثبت لنا الماسي التي تقع على
راس الفتاة وحدها عند الاقبال على هذا الزواج.
- التحايل علي اعلام الزوجة الاولى
- مخافة الله بالسر والعانية