رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ۚ ربنا وتقبل دعاء
تفسير بن كثير
قال ابن جرير: يقول تعالى مخبرا عن إبراهيم خليله أنه قال: { ربنا إنك تعلم
ما نخفي وما نعلن} أي أنت تعلم قصدي في دعائي وما أردت بدعائي لأهل هذا
البلد، وإنما هو القصد إلى رضاك والإخلاص لك، فإنك تعلم الأشياء كلها ظاهرها وباطنها لا
يخفى عليك منها شيء في الأرض ولا في السماء، ثم حمد ربه عز وجل على
ما رزقه من الولد بعد الكبر فقال: { الحمد لله الذي وهب لي على الكبر
إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء} أي أنه يستجيب لمن دعاه، وقد استجاب لي فيما
سألته من الولد، ثم قال: { رب اجعلني مقيم الصلاة} أي محافظا عليها مقيما لحدودها
{ ومن ذريتي} أي واجعلهم كذلك مقيمين لها يعني بذريته: بني إسماعيل الذين تناسلت فيهم
عرب الحجاز. وقيل أيضا عرب اليمن، وذريته اثنا عشر رجلا وامرأة””، { ربنا وتقبل دعاء}
أي فيما سألتك فيه { ربنا اغفر لي ولوالدي} ، وكان هذا قبل أن يتبرا
من أبيه لما تبين عداوته لله عز وجل { وللمؤمنين} أي كلهم { يوم يقوم
الحساب} أي يوم تحاسب عبادك فتجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
تفسير الجلالين
{ رب اجعلني مقيم الصلاة و } اجعل { من ذريتي } ومن يقيمها وأتى
بمن لإعلام الله تعالى له أن منهم كفارا { ربنا وتقبل دعاء } المذكور .
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى : { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل
دعاء } يقول : رب اجعلني مؤديا ما ألزمتني من فريضتك التي فرضتها علي من
الصلاة . { ومن ذريتي } يقول : واجعل أيضا من ذريتي مقيمي الصلاة لك
. { ربنا وتقبل دعاء } يقول : ربنا وتقبل عملي الذي أعمله لك وعبادتي
إياك . وهذا نظير الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال : ” إن الدعاء هو العبادة ” ثم قرأ : { وقال ربكم ادعوني
أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } . القول في تأويل
قوله تعالى : { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء } يقول
: رب اجعلني مؤديا ما ألزمتني من فريضتك التي فرضتها علي من الصلاة . {
ومن ذريتي } يقول : واجعل أيضا من ذريتي مقيمي الصلاة لك . { ربنا
وتقبل دعاء } يقول : ربنا وتقبل عملي الذي أعمله لك وعبادتي إياك . وهذا
نظير الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ”
إن الدعاء هو العبادة ” ثم قرأ : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن
الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } .’
تفسير القرطبي
قوله تعالى { ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن} أي، ليس يخفى عليك شيء
من أحوالنا. وقال ابن عباس ومقاتل : تعلم جميع ما أخفيه وما أعلنه من الوجه
بإسماعيل وأمه حيث أسكنا بواد غير ذي زرع. { وما يخفي على الله من شيء
في الأرض ولا في السماء} قيل : هو من قول إبراهيم. وقيل : هو من
قول الله تعالى لما قال إبراهيم { ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن} قال
الله { وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء} . أي
على كبر سني وسن امرأتي؛ قال ابن عباس: ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين
سنة. وإسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة. وقال سعيد بن جبير: بشر إبراهيم بإسحاق
بعد عشر ومائة سنة. { إن ربي لسميع الدعاء} . قوله تعالى { رب
اجعلني مقيم الصلاة} أي من الثابتين على الإسلام والتزام أحكامه. { ومن ذريتي}
أي واجعل من ذريتي من يقيمها. { ربنا وتقبل دعاء} أي عبادتيكما قال
{ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]. وقال عليه السلام (الدعاء مخ العبادة) وقد
تقدم في { البقرة} . { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين} قيل: استغفر إبراهيم
لوالديه قبل أن يثبت عنده أنهما عدوان لله. قال القشيري: ولا يبعد أن تكون أمه
مسلمة لأن الله ذكر عذره في استغفاره لأبيه دون أمه. قلت: وعلى هذا قراءة سعيد
بن جبير، { رب اغفر لي ولوالدي} يعني. أباه. وقيل: استغفر لهما طمعا
في إيمانهما. وقيل: استغفر لهما بشرط أن يسلما. وقيل: أراد آدم وحواء. وقد روي أن
العبد إذا قال: اللهم اغفر لي ولوالدي وكان أبواه قد ماتا كافرين انصرفت المغفرة إلى
آدم وحواء لأنهما والدا الخلق أجمع. وقيل: إنه أراد ولديه إسماعيل وإسحاق. وكان إبراهيم النخعي
يقرأ { ولولدي} يعني ابنيه، وقيل: إنه أراد ولديه إسماعيل وإسحاق. وكان إبراهيم
{ وللمؤمنين} قال ابن عباس: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل
{ للمؤمنين} كلهم وهو أظهر. { يوم يقوم الحساب} أي يوم يقوم
الناس للحساب.
- ربنا وتقبل دعاء