مواضيع للرجال للنساء

تفسير سورة البروج

تفسير سورة البروج 20160819 563 1

 

تفسير سورة البروج 20160819 563

 
القول في تاويل قوله تعالى جل ثناؤه وتقدست اسماؤه : ( والسماء ذات البروج (
1 ) واليوم الموعود ( 2 ) وشاهد ومشهود ( 3 ) قتل اصحاب الاخدود
( 4 ) النار ذات الوقود ( 5 ) ) .

قال ابو جعفر رحمه الله : قوله : ( والسماء ذات البروج ) اقسم الله
جل ثناؤه بالسماء ذات البروج .

واختلف اهل التاويل في معنى البروج في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عني بذلك
: والسماء ذات القصور . قالوا : والبروج : القصور .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني ابي ، قال : ثني عمي ،
قال : ثني ابي ، عن ابيه ، عن ابن عباس ( والسماء ذات البروج
) قال ابن عباس : قصور في السماء ، قال غيره : بل هي الكواكب
.

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت ابا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال
: سمعت الضحاك يقول في قوله : ( البروج ) يزعمون انها قصور في السماء
، ويقال : هي الكواكب .

وقال اخرون : عني بذلك : والسماء ذات النجوم ، وقالوا : نجومها : بروجها
.

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسى
، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ،
عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : ( ذات البروج )
قال : البروج : النجوم . [ ص: 332 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن ابي
نجيح ( والسماء ذات البروج ) قال : النجوم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة
، قوله : ( والسماء ذات البروج ) وبروجها : نجومها .

وقال اخرون : بل معنى ذلك : والسماء ذات الرمل والماء .

ذكر من قال ذلك :

حدثني الحسن بن قزعة ، قال : ثنا حصين بن نمير ، عن سفيان بن
حسين ، في قوله : ( والسماء ذات البروج ) قال : ذات الرمل والماء
.

واولى الاقوال في ذلك بالصواب ان يقال : معنى ذلك : والسماء ذات منازل الشمس
والقمر ، وذلك ان البروج جمع برج ، وهي منازل تتخذ عالية عن الارض مرتفعة
، ومن ذلك قول الله : ( ولو كنتم في بروج مشيدة ) هي منازل
مرتفعة عالية في السماء ، وهي اثنا عشر برجا ، فمسير القمر في كل برج
منها يومان وثلث ، فذلك ثمانية وعشرون منزلا ثم يستسر ليلتين ، ومسير الشمس في
كل برج منها شهر .

وقوله : ( واليوم الموعود ) يقول تعالى ذكره : واقسم باليوم الذي وعدته عبادي
لفصل القضاء بينهم ، وذلك يوم القيامة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال اهل التاويل ، وجاء الخبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابو كريب ، قال : ثنا ابن نمير واسحاق الرازي ، عن موسى بن
عبيدة ، عن ايوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن ابي
هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اليوم الموعود
: يوم القيامة ” .

قال : ثنا وكيع ، عن موسى بن عبيدة ، عن ايوب بن خالد ،
عن عبد الله بن رافع ، عن ابي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم ، مثله .

حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا يونس ، قال
: انباني عمار ، قال : قال ابو هريرة : “اليوم الموعود : يوم القيامة”
. قال يونس ، وكذلك الحسن . [ ص: 333 ]

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة
( واليوم الموعود ) يعني : يوم القيامة .

حدثنا ابن عبد الاعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( واليوم الموعود ) قال : القيامة .

حدثني يونس ، قال : اخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد :
( اليوم الموعود ) يوم القيامة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن يونس بن
عبيد ، عن عمار بن ابي عمار ، مولى بني هاشم ، عن ابي هريرة
( واليوم الموعود ) يوم القيامة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن موسى بن عبيدة ، عن
ايوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن ابي هريرة ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم : ” اليوم الموعود : يوم القيامة ” .

حدثنا محمد بن عوف ، قال : ثنا محمد بن اسماعيل بن عياش ، قال
: ثني ابي ، قال : ثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد
، عن ابي مالك الاشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ” ( اليوم الموعود ) يوم القيامة” .

وقوله : ( وشاهد ومشهود ) اختلف اهل التاويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم
: معنى ذلك : واقسم بشاهد ، قالوا : وهو يوم الجمعة ، ومشهود قالوا
: وهو يوم عرفة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب قال : اخبرنا ابن علية ، قال : اخبرنا يونس ، قال :
انباني عمار ، قال : قال ابو هريرة : الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود
: يوم عرفة; قال يونس ، وكذلك قال الحسن .

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة
، عن ابي اسحاق ، قال : سمعت حارثة بن مضرب ، يحدث عن علي
رضي الله عنه انه قال في هذه الاية ( وشاهد ومشهود ) قال : يوم
الجمعة ، ويوم عرفة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني ابي ، قال : ثني عمي ،
قال : ثني ابي ، عن ابيه ، عن ابن عباس ( وشاهد ومشهود )
قال : الشاهد يوم الجمعة ، [ ص: 334 ] والمشهود : يوم عرفة; ويقال
: الشاهد : الانسان ، والمشهود : يوم القيامة .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة
( وشاهد ومشهود ) : يومان عظيمان من ايام الدنيا ، كنا نحدث ان الشاهد
يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة .

حدثنا ابن عبد الاعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن
قتادة ( وشاهد ومشهود ) قال : الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم
عرفة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابي اسحاق
، عن الحارث ، عن علي رضي الله عنه : ( وشاهد ومشهود ) قال
: الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة .

حدثني يونس ، قال : اخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ،
في قوله : ( وشاهد ) يوم الجمعة ، ( ومشهود ) : يوم عرفة
.

حدثنا ابو كريب ، قال ثنا وكيع ، عن موسى بن عبيدة ، عن ايوب
بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن ابي هريرة ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” وشاهد : يوم الجمعة ، ومشهود
: يوم عرفة ” .

حدثنا ابو كريب ، قال : ثنا ابن نمير واسحاق الرازي ، عن موسى بن
عبيدة ، عن ايوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن ابي
هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المشهود :
يوم عرفة ، والشاهد : يوم الجمعة ” .

حدثنا سهل بن موسى ، قال : ثنا ابن ابي فديك ، عن ابن حرملة
، عن سعيد انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ان
سيد الايام يوم الجمعة ، وهو الشاهد ، والمشهود : يوم عرفة ” .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن موسى بن عبيد ، عن
ايوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع عن ابي هريرة ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : ” المشهود : يوم عرفة ، والشاهد : يوم
الجمعة ، فيه ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير الا استجاب له ، ولا
يستعيذه من شر الا اعاذه ” .

حدثني محمد بن عوف ، قال : ثنا محمد بن اسماعيل ، قال : ثني
ابي ، قال : ثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن
ابي مالك الاشعري ، قال : قال [ ص: 335 ] رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ” ان الشاهد يوم الجمعة ، وان المشهود يوم عرفة ، فيوم
الجمعة خيرة الله لنا” .

حدثني سعيد بن الربيع الرازي ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن
حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : سيد الايام يوم الجمعة ، وهو
شاهد .

وقال اخرون : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن شعبة ، عن علي بن
زيد ، عن يوسف المكي ، عن ابن عباس قال : الشاهد : محمد ،
والمشهود : يوم القيامة ، ثم قرا ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم
مشهود ) .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن شباك ،
قال : سال رجل الحسن بن علي ، عن ( وشاهد ومشهود ) قال :
سالت احدا قبلي؟ قال : نعم ، سالت ابن عمر وابن الزبير ، فقالا يوم
الذبح ويوم الجمعة; قال : لا ولكن الشاهد : محمد ، ثم قرا : (
فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) والمشهود :
يوم القيامة ، ثم قرا : ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود
) .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ،
عن ابي الضحى ، عن الحسن بن علي ، قال : الشاهد : محمد ،
والمشهود : يوم القيامة .

حدثني سعيد بن الربيع ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن حرملة
، عن سعيد بن المسيب : ( ومشهود ) : يوم القيامة .

وقال اخرون : الشاهد : الانسان ، والمشهود : يوم القيامة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : ثنا اسباط ، عن عبد الملك ،
عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( وشاهد ومشهود )
قال : الشاهد : ابن ادم ، والمشهود : يوم القيامة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسى
، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وشاهد ومشهود )
قال : الانسان ، وقوله : [ ص: 336 ] ( ومشهود ) قال :
يوم القيامة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن ابي
نجيح ، قال : الشاهد : الانسان ، والمشهود : يوم القيامة .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة
، في قوله : ( وشاهد ومشهود ) قال : شاهد : ابن ادم ،
ومشهود : يوم القيامة .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت ابا معاذ يقول : اخبرنا عبيد ، قال
: سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وشاهد ) يعني : الانسان ( ومشهود
) يوم القيامة ، قال الله : ( وذلك يوم مشهود ) .

وقال اخرون : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم الجمعة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسين
، عن يزيد ، عن عكرمة ، في قوله : ( وشاهد ومشهود ) قال
: الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم الجمعة ، فذلك قوله : ( فكيف
اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) .

وقال اخرون : الشاهد : الله ، والمشهود : يوم القيامة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا ابو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن
علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( وشاهد ) يقول : الله
( ومشهود ) يقول : يوم القيامة .

وقال اخرون : الشاهد : يوم الاضحى ، والمشهود : يوم الجمعة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن شباك ،
قال : سال رجل الحسن بن علي ، عن ( شاهد ومشهود ) قال :
سالت احدا قبلي؟ قال : نعم ، سالت ابن عمر وابن الزبير ، فقالا :
يوم الذبح ، ويوم الجمعة .

وقال اخرون : الشاهد : يوم الاضحى ، والمشهود : يوم عرفة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن ابي
نجيح ، عن [ ص: 337 ] مجاهد ، عن ابن عباس : ( وشاهد
ومشهود ) قال : الشاهد : يوم عرفة ، والمشهود : يوم القيامة .

وقال اخرون : المشهود : يوم الجمعة ، ورووا ذلك عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم .

ذكر الرواية بذلك :

حدثنا احمد بن عبد الرحمن ، قال : ثني عمي عبد الله بن وهب ،
قال : اخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن ابي هلال ، عن زيد
بن ايمن ، عن عبادة بن نسي ، عن ابي الدرداء ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اكثروا علي الصلاة يوم الجمعة ، فانه يوم
مشهود تشهده الملائكة” .

والصواب من القول في ذلك عندنا : ان يقال : ان الله اقسم بشاهد شهد
، ومشهود شهد ، ولم يخبرنا مع اقسامه بذلك اي شاهد واي مشهود اراد ،
وكل الذي ذكرنا ان العلماء قالوا : هو المعني مما يستحق ان يقال له :
( شاهد ومشهود ) .

وقوله : ( قتل اصحاب الاخدود ) يقول : لعن اصحاب الاخدود . وكان بعضهم
يقول : معنى قوله : ( قتل اصحاب الاخدود ) خبر من الله عن النار
انها قتلتهم .

وقد اختلف اهل العلم في اصحاب الاخدود ; من هم؟ فقال بعضهم : قوم كانوا
اهل كتاب من بقايا المجوس .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، عن جعفر عن ابن ابزى
، قال : لما رجع المهاجرون من بعض غزواتهم ، بلغهم نعي عمر بن الخطاب
رضي الله عنه ، فقال بعضهم لبعض : اي الاحكام تجري في المجوس ، وانهم
ليسوا باهل كتاب ، وليسوا من مشركي العرب ، فقال علي بن ابي طالب رضي
الله عنه : قد كانوا اهل كتاب ، وقد كانت الخمر احلت لهم ، فشربها
ملك من ملوكهم حتى ثمل منها ، فتناول اخته فوقع عليها ، فلما ذهب عنه
السكر قال لها : ويحك ، فما المخرج مما ابتليت به؟ فقالت : اخطب الناس
، فقل : يايها الناس ان الله قد احل نكاح الاخوات ، فقام خطيبا ،
فقال : يايها الناس ان الله قد احل نكاح الاخوات ، فقال الناس : انا
نبرا [ ص: 338 ] الى الله من هذا القول ، ما اتانا به نبي
، ولا وجدناه في كتاب الله ، فرجع اليها نادما ، فقال لها : ويحك
، ان الناس قد ابوا علي ان يقروا بذلك ، فقالت : ابسط عليهم السياط
، ففعل ، فبسط عليهم السياط ، فابوا ان يقروا ، فرجع اليها نادما ،
فقال : انهم ابوا ان يقروا ، فقالت : اخطبهم ، فان ابوا فجرد فيهم
السيف ، ففعل ، فابى عليه الناس ، فقال لها : قد ابى علي الناس
، فقالت : خد لهم الاخدود ، ثم اعرض عليها اهل مملكتك ، فمن اقر
والا فاقذفه في النار ، ففعل ، ثم عرض عليها اهل مملكته ، فمن لم
يقر منهم قذفه في النار ، فانزل الله فيهم : ( قتل اصحاب الاخدود النار
ذات الوقود ) الى ( ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والارض
والله على كل شيء شهيد ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ) حرقوهم ( ثم لم
يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) فلم يزالوا منذ ذلك يستحلون نكاح الاخوات
والبنات والامهات .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة
، قوله : ( قتل اصحاب الاخدود ) قال : حدثنا ان علي بن ابي
طالب رضي الله عنه كان يقول : هم ناس بمزارع اليمن ، اقتتل مؤمنوها وكفارها
، فظهر مؤمنوها على كفارها ، ثم اقتتلوا الثانية ، فظهر مؤمنوها على كفارها ثم
اخذ بعضهم على بعض عهدا ومواثيق ان لا يغدر بعضهم ببعض ، فغدر بهم الكفار
فاخذوهم اخذا ، ثم ان رجلا من المؤمنين قال لهم : هل لكم الى خير
، توقدون نارا ثم تعرضوننا عليها ، فمن تابعكم على دينكم فذلك الذي تشتهون ،
ومن لا اقتحم النار ، فاسترحتم منه ، قال : فاججوا نارا وعرضوا عليها ،
فجعلوا يقتحمونها صناديدهم ، ثم بقيت منهم عجوز كانها نكصت ، فقال لها طفل في
حجرها : يا اماه امضي ولا تنافقي . قص الله عليكم نباهم وحديثهم .

حدثنا ابن عبد الاعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( قتل اصحاب الاخدود ) قال : يعني القاتلين الذين
قتلوهم يوم قتلوا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني ابي ، قال : ثني عمي ،
قال : ثني ابي ، عن ابيه ، عن ابن عباس : ( قتل اصحاب
الاخدود النار ذات الوقود ) قال : هم ناس من بني اسرائيل خدوا اخدودا في
الارض ، ثم اوقدوا فيها نارا ، ثم اقاموا على ذلك الاخدود رجالا ونساء ،
فعرضوا عليها ، وزعموا انه دانيال واصحابه .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسى;
وحدثني [ ص: 339 ] الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء
جميعا ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( قتل اصحاب
الاخدود ) قال : كان شقوق في الارض بنجران كانوا يعذبون فيها الناس .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت ابا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال
: سمعت الضحاك يقول في قوله : ( قتل اصحاب الاخدود ) يزعمون ان اصحاب
الاخدود من بني اسرائيل ، اخذوا رجالا ونساء ، فخدوا لهم اخدودا ، ثم اوقدوا
فيها النيران ، فاقاموا المؤمنين عليها ، فقالوا : تكفرون او نقذفكم في النار .

حدثني محمد بن معمر ، قال : ثني حرمي بن عمارة ، قال : ثنا
حماد بن سلمة ، قال : ثنا ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن ابي
ليلى ، عن صهيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
“كان فيمن كان قبلكم ملك ، وكان له ساحر ، فاتى الساحر الملك فقال :
قد كبرت سني ، ودنا اجلي ، فادفع لي غلاما اعلمه السحر ” ، قال
: ” فدفع اليه غلاما يعلمه السحر ” ، قال : ” فكان الغلام يختلف
الى الساحر ، وكان بين الساحر وبين الملك راهب ” ، قال : ” فكان
الغلام اذا مر بالراهب قعد اليه فسمع من كلامه ، فاعجب بكلامه ، فكان الغلام
اذا اتى الساحر ضربه وقال : ما حبسك؟ واذا اتى اهله قعد عند الراهب يسمع
كلامه ، فاذا رجع الى اهله ضربوه وقالوا : ما حبسك؟ فشكا ذلك الى الراهب
فقال له الراهب : اذا قال لك الساحر : ما حبسك؟ قل حبسني اهلي ،
واذا قال اهلك : ما حبسك؟ فقل حبسني الساحر . فبينما هو كذلك اذ مر
في طريق واذا دابة عظيمة في الطريق قد حبست الناس لا تدعهم يجوزون ، فقال
الغلام : الان اعلم : امر الساحر ارضى عند الله ام امر الراهب؟ قال :
فاخذ حجرا ” ، قال : فقال : ” اللهم ان كان امر الراهب احب
اليك من امر الساحر ، فاني ارمي بحجري هذا فيقتله ويمر الناس ، قال :
فرماها فقتلها ، وجاز الناس; فبلغ ذلك الراهب ” ، قال : واتاه الغلام فقال
الراهب للغلام : انك خير مني ، وان ابتليت فلا تدلن علي ” ; قال
: ” وكان الغلام يبرئ الاكمه والابرص وسائر الادواء ، وكان للملك جليس ، قال
: فعمي ، قال : فقيل له : ان هاهنا غلاما يبرئ الاكمه والابرص وسائر
الادواء فلو اتيته؟ قال : ” فاتخذ له هدايا ” ; قال : ” ثم
اتاه فقال : يا غلام ، ان ابراتني فهذه الهدايا كلها لك ، فقال :
ما انا بطبيب يشفيك ، ولكن الله يشفي ، فاذا امنت دعوت الله ان يشفيك
” ، قال : ” فامن [ ص: 340 ] الاعمى ، فدعا الله فشفاه
، فقعد الاعمى الى الملك كما كان يقعد ، فقال له الملك : اليس كنت
اعمى؟ قال : نعم ، قال : فمن شفاك؟ قال : ربي ، قال :
ولك رب غيري؟ قال : نعم ربي وربك الله ” ، قال : ” فاخده
بالعذاب فقال : لتدلني على من علمك هذا ” ، قال : ” فدل على
الغلام ، فدعا الغلام فقال : ارجع عن دينك ” ، قال : ” فابى
الغلام ” ; قال : فاخذه بالعذاب ” ، قال : ” فدل على الراهب
، فاخذ الراهب فقال : ارجع عن دينك فابى ” ، قال : ” فوضع
المنشار على هامته فشقه حتى بلغ الارض ” ، قال : ” واخذ الاعمى فقال
: لترجعن او لاقتلنك ” ، قال : ” فابى الاعمى ، فوضع المنشار على
هامته فشقه حتى بلغ الارض ، ثم قال للغلام : لترجعن او لاقتلنك ” ،
قال : ” فابى ” ، قال : ” فقال : اذهبوا به حتى تبلغوا
به ذروة الجبل ، فان رجع عن دينه ، والا فدهدهوه ، فلما بلغوا به
ذروة الجبل فوقعوا فماتوا كلهم . وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك ، فقال
: اين اصحابك؟ قال : كفانيهم الله . قال : فاذهبوا به فاحملوه في قرقور
فتوسطوا به البحر ، فان رجع عن دينه والا فغرقوه ” قال : ” فذهبوا
به ، فلما توسطوا به البحر قال الغلام : اللهم اكفنيهم ، فانكفات بهم السفينة
. وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك ، فقال الملك : اين اصحابك؟ قال
: دعوت الله فكفانيهم ، قال : لاقتلنك ، قال : ما انت بقاتلي حتى
تصنع ما امرك ” ، قال : ” فقال الغلام للملك : اجمع الناس في
صعيد واحد ، ثم اصلبني ، ثم خذ سهما من كنانتي فارمني وقل : باسم
رب الغلام فانك ستقتلني ” ، قال : ” فجمع الناس في صعيد واحد ”
، قال : ” وصلبه واخذ سهما من كنانته فوضعه في كبد القوس ثم رمى
، فقال : باسم رب الغلام ، فوقع السهم في صدغ الغلام ، فوضع يده
هكذا على صدغه ومات الغلام ، فقال الناس : امنا برب الغلام ، فقالوا للملك
: ما صنعت ‍! الذي كنت تحذر قد وقع ، قد امن الناس ، فامر
بافواه السكك فاخذت ، وخد الاخدود وضرم فيه النيران ، واخذهم وقال : ان رجعوا
والا فالقوهم في النار ” ، قال : ” فكانوا يلقونهم في النار ” ،
قال : ” فجاءت امراة معها صبي لها ” ، قال : ” فلما ذهبت
تقتحم وجدت حر النار ، فنكصت ” ، قال : ” فقال [ ص: 341
] لها صبيها يا اماه امضي فانك على الحق ، فاقتحمت في النار” .

وقال اخرون : بل الذين احرقتهم النار هم الكفار الذين فتنوا المؤمنين .

ذكر من قال ذلك :

حدثت عن عمار ، عن عبد الله بن ابي جعفر ، عن ابيه ، عن
الربيع بن انس ، قال : كان اصحاب الاخدود قوما مؤمنين اعتزلوا الناس في الفترة
، وان جبارا من عبدة الاوثان ارسل اليهم ، فعرض عليهم الدخول في دينه ،
فابوا ، فخد اخدودا ، واوقد فيه نارا ، ثم خيرهم بين الدخول في دينه
، وبين القائهم في النار ، فاختاروا القاءهم في النار ، على الرجوع عن دينهم
، فالقوا في النار ، فنجى الله المؤمنين الذين القوا في النار من الحريق ،
بان قبض ارواحهم قبل ان تمسهم النار ، وخرجت النار الى من على شفير الاخدود
من الكفار فاحرقتهم ، فذلك قول الله : ( فلهم عذاب جهنم ) في الاخرة
( ولهم عذاب الحريق ) في الدنيا .

واختلف في موضع جواب القسم بقوله : ( والسماء ذات البروج ) فقال بعضهم :
جوابه : ( ان بطش ربك لشديد )

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة
، قال : وقع القسم هاهنا ( ان بطش ربك لشديد ) . وقال بعض
نحويي البصرة : موضع قسمها – والله اعلم – على ( قتل اصحاب الاخدود )
، اضمر اللام كما قال : ( والشمس وضحاها قد افلح من زكاها ) يريد
: ان شاء الله لقد افلح من زكاها ، فالقى اللام ، وان شئت قلت
على التقديم ، كانه قال : قتل اصحاب الاخدود ، والسماء ذات البروج .

وقال بعض نحويي الكوفة : يقال في التفسير : ان جواب القسم في قوله :
( قتل ) كما كان قسم ( والشمس وضحاها ) في قوله : ( قد
افلح ) هذا في التفسير ، قالوا : ولم نجد العرب تدع القسم بغير لام
يستقبل بها او “لا” او “ان” او “ما” ، فان يكن ذلك كذلك ، فكانه
مما ترك فيه الجواب ، ثم استؤنف موضع الجواب بالخبر ، كما قيل : ”
يايها الانسان ” في كثير من الكلام .

واولى الاقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : جواب القسم في ذلك متروك
، والخبر مستانف; لان علامة جواب القسم لا تحذفها العرب من الكلام اذا اجابته .
[ ص: 342 ]

واولى التاويلين بقوله : ( قتل اصحاب الاخدود ) : لعن اصحاب الاخدود الذين ‌‌‌‌القوا
المؤمنين والمؤمنات في الاخدود .

وانما قلت : ذلك اولى التاويلين بالصواب; للذي ذكرنا عن الربيع من العلة ، وهو
ان الله اخبر ان لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم ، ولو لم يكونوا احرقوا
في الدنيا ، لم يكن لقوله : ( ولهم عذاب الحريق ) معنى مفهوم ،
مع اخباره ان لهم عذاب جهنم; لان عذاب جهنم هو عذاب الحريق مع سائر انواع
عذابها في الاخرة ، والاخدود : الحفرة تحفر في الارض .

وقوله : ( النار ذات الوقود ) فقوله ( النار ) : رد على الاخدود
، ولذلك خفضت ، وانما جاز ردها عليه وهي غيره ، لانها كانت فيه ،
فكانها اذ كانت فيه هو ، فجرى الكلام عليه لمعرفة المخاطبين به بمعناه ، وكانه
قيل : قتل اصحاب النار ذات الوقود ، ويعني بقوله : : ( ذات الوقود
) ذات الحطب الجزل ، وذلك اذا فتحت الواو ، فاما الوقود بضم الواو ،
فهو الاتقاد .

  • سورة الانشقاق بالصور كاملة
  • سورة البروج مكتوبة
السابق
وصفة سريعة لتبييض الوجه
التالي
صور لبنات في قمة الجمال والنعومه 2024